لندن ـ «القدس العربي»: هيمن وقفُ إطلاق النار في لبنان على اهتمام النشطاء ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وسرعان ما انتشرت حالة من التفاؤل بأن تنتهي الحرب في قطاع غزة أيضاً ويعود النازحون إلى المنازل المتبقية في القطاع أو إلى الأراضي التي تم تهجيرهم منها.
ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان اعتباراً من فجر الأربعاء الماضي، وذلك بعد عدة شهور من القتال الدموي بين حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي توغلت داخل الأراضي اللبنانية وارتكبت العديد من المجازر بحق المدنيين، وقامت بتدمير أعداد كبيرة من المنازل والمنشآت المدنية والحيوية.
وسرعان ما أصبح اسم «لبنان» هو الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً على مستوى العالم العربي بأكمله، وانخرط الكثيرون في وصف صمود المقاومة اللبنانية بأنها «انتصار كبير» ذلك أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أهدافها ولا ما كانت تتوعد به وهو تدمير حزب الله بشكل كامل، كما لم تنجح في البقاء داخل الأراضي اللبنانية وإنما تم الاتفاق على الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية.
وأطلق النشطاء العديد من الوسوم المتعلقة بانتهاء الحرب من بينها الهاشتاغ «#لبنان_ينتصر» و«#المقاومة_تنتصر» وغيرهما من الوسوم التي تصدرت التداول على شبكات التواصل خلال الأيام الماضية، وأصبحت من بين الأوسع انتشاراً.
وكتب الإعلامي والصحافي الفلسطيني ياسر الزعاترة مغرداً على شبكة «إكس» إن «ما يجب أن لا يُنسى هنا هو أن تفوّق العدو لم يبرز سوى في سطوة الطيران، بينما بقي عاجزا عن تحقيق شيء عملي على الأرض، وما قبوله باتفاقوقف إطلاق النار مع لبنان سوى دليل على خوفه من الاستنزاف، لا سيما أن جيشه قد عانى الأمرّين في قطاع غزة وما يزال، وهو ما طرح معضلة تجنيد الحريديم بقوة في الجدل الداخلي».
وأضاف الزعاترة متسائلاً: «أين الأنظمة العربية من ذلك كله؟ إنه السؤال المحوري، فهذا الوقوف في مقاعد المتفرجين بانتظار نتائج الصراع، لن يفضي إلى نتيجة إيجابية» ويتابع: «إننا واثقون من النجاح، بإذن الله، لأننا نعرف أمّتنا وتراثها العريق في التصدّي للغزاة من سائر الألوان».
وعلق محمد أبو صلاح قائلاً: «فرحة تاريخية في لبنان بعد إعلان وقت إطلاق النار.. يارب اكتب هذه اللحظات لغزة وأهلها في القريب العاجل، يارب احقن الدماء وبشرنا بما ننتظر».
أما مراسل قناة «الجزيرة» في غزة أنس الشريف فكتب معلقاً: «للأمانة سعيد لأهل لبنان والجنوب الحبيب بوقف حرب الإبادة، عسى الله أن يكتب لنا في غزة فرجًا قريبًا، كما كتب لهم، وأن يرحم شهداءنا وشهدائهم ويشفي جرحانا وجرحاهم ويرد غائبنا وغائبهم».
وكتب محمد عبد العزيز الرنتيسي، وهو ابن القيادي في حماس عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته إسرائيل قبل أكثر من 20 عاماً، كتب يقول: «هنيئاً لأهلنا في بلدنا الثاني لبنان.. لقد أثبتم أنكم أهل للرجولة والتضحية، رحم الله شهداءكم وشافى جرحاكم، ووالله لن يكون أحد أسعد منا بأخبار الاستقرار والأمن في كل ربوعنا العربية والإسلامية».
ونشر الناشط اللبناني حسين سرور مقطع فيديو يظهر فيه عملية إنزال للعلم الإسرائيلي، وكتب معلقاً: «تم إنزال علم العدو من على خزان عيتا الشعب الذي وصل اليه العدو والذي يبعد حوالي 700 متر فقط عن الحدود.. وتم رفع رايات الإمام الحسين والمقاومة».
وعلق ناشط لبناني آخر بالقول: «الإعلام العبري والمسؤولين الإسرائيليين معترفين النا بالنصر، وحاسين بالعار من الاتفاق.. جماعتهم عنا بالداخل مش قادرين يبلعوها.. يا جماعة، يا هوووو: عم تشتي كرامة ليه حاملين شماسي؟».
ونشر الناشط يونس عبد الله صوراً لرسائل تركها مقاتلو المقاومة اللبنانية في المنازل التي اضطروا لدخولها خلال القتال، وكتب معلقاً: «من يريد أن يتعلم الطهارة والنزاهة والتقوى فليتعلم من رجال حزب الله.. إقرأ رسائلهم لأهالي المنازل بعد أن أرغمتهم الحرب والمعارك أن يدخلوها».
وعلق الناشط الكويتي المعروف الدكتور محمد الكندري: «يا رب كما عجّلت الفرج في لبنان، عجّل الفرج في غزة، ما زالوا على مدار الساعة يذوقون كل ألوان الموت.. يا رب فرّج عنهم».
ونشر أحد النشطاء على شبكة «إكس» صورة لسيدة لبنانية تعود إلى منزلها في الجنوب وهي ترفع راية حزب الله، وكتب معلقاً: «في الجنوب المزدحم بالعائدين، يعلو نداء واحد: لبيك يا نصر الله.. شعبك ما بدلوا تبديلا، يا سماحة السيد.. هم استحقاقك، وأنت استحقاقهم».
أما الناشط الخليجي أحمد الحدي فكتب معلقاً: «نعم يا شعب لبنان العظيم أنتم من انتصرتم، وصمودكم سيبقى شعلة عروبة في تاريخنا، أثبتم صلابتكم وصبركم وأثبتم أن المحن لا تقسم الشعوب بل تزيدها وحدة، أعلم أن مشواركم طويل وطريقكم سيبقى محفوفاً بالألم والمزيد من الصبر، لا تسمحوا بهدم طوبة جديدة في وطنكم أبداً».
وغرد فؤاد كوثر: «مبارك للبنان انتصاره وحريته واندحار المحتل الغاصب، والعاقبة لغزة التي تقاوم وستنتصر بإذن الله عاجلاً غير آجل، لا تحرير بدون قوة تساند الحق وتدعم الأحرار، وانتظار إذن السماء».
فيما غرد ناشط آخر بالقول: «ما أجمل الانتصار والفرحة في وجه اللبنانيين، موتوا بغيظكم يا صهاينة العرب.. حزب الله ينتصر، ولبنان ينتصر».
وقال أحد المعلقين: «للمرة الثالثة ننتصر على العدو، نحن شعب لبنان المقاوم القوي الذي لا يُهزم. ستبقى مقاومتنا درعنا وسلاحها حمايتنا واليد التي ستمتد اليه ستقطع.. حيادكم لا يعنينا، سننصر قضايا الحق وحيثُ يجب أن نكون سنكون».
وكتب معلق يُدعى «يماني غزاوي» قائلاً: «الصبر دائماً نتيجته الصبر، لقد انتصر لبنان بصمود أهله الأحرار الصابرين وبمقاومتهِ الحرة والباسلة. لقد قدمت المقاومة التضحيات الغالية جداً والكبيرة والمؤلمة لكل حر وشريف في العالم وليس في لبنان فحسب وكل تلك التضحيات من اجل هذه اللحظـة ولإعلاء كلمة الحق والكرامة».
يشار إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان أدى إلى استشهاد أكثر من 3500 شخص أغلبهم من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، كما تسبب العدوان بنزوح أكثر من مليون شخص اضطروا لمغادرة الجنوب بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، بينما أصيب الآلاف بجراح، ودمر طيران الاحتلال عشرات الآلاف من المنازل.
في المقابل هرب أكثر من 60 ألف إسرائيلي من مناطق الشمال المحاذية للحدود مع لبنان، وتحولت تلك المناطق إلى مدن أشباح بعد فرار سكانها إلى مناطق أكثر أماناً.
ويسود الاعتقاد داخل إسرائيل بأن حزب الله لم ينكسر أو ينهزم في هذه الحرب، حيث أفاد موقع «يديعوت أحرنوت» بأن اجتماعاً ساخناً ضم رئيس الوزراء الإسرائيلي مع رؤساء بلديات الشمال شهد مشادات كلامية، حيث عبّر بعض المسؤولين عن شعورهم بالإحباط من أن إسرائيل خففت الضغط عن أعدائها في لبنان دون أن تقدم خطة لإعادة المدنيين إلى منازلهم.
وفي استطلاع رأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية، أظهرت النتائج انقساماً شبه متساوٍ بين المؤيدين والمعارضين لوقف إطلاق النار، حيث يعتقد نصف المشاركين في الاستطلاع أن حزب الله لم يُهزم بعد، بينما يرى 30 في المئة منهم أن وقف إطلاق النار سيفشل.
وتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان بوساطة أمريكية قدمت فيها الولايات المتحدة مقترحاً ينص على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرت لأكثر من عام، في عملية سماها حزب الله «معركة أولي البأس» وسمتها إسرائيل «عملية السهام الشمالية».
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الاتفاق قائلاً إنه يهدف إلى وقف العمليات القتالية بشكل دائم. ووافق عليه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وكذا قيادة حزب الله، كما رحبت به حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي.