هروب مسؤول عراقي متهم بالفساد من مركز احتجازه في بغداد

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أثارت حادثة هرب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق، سعد حميد كمبش، المتهم بقضايا فساد والمحكوم بالسجن مدة أربع سنوات، من مركز احتجازه في “المنطقة الخضراء”، وسط العاصمة العراقية بغداد، بظروف غامضة، موجة من ردود الفعل بشأن التعامل مع المسؤولين المودعين في مراكز الاحتجاز، وتلقيهم معاملة خاصة “في أي بي” حسب قول بعض النواب.
وفي ساعة متأخرة من ليلية الثلاثاء/ الأربعاء، تحدثت أنباء عن هروب المسؤول السابق، والذي يعد من المقربين من حزب “تقدم”، بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، من مركز شرطة “كرادة مريم” في المنطقة الدولية، عبر سيارة مدنية كانت بانتظاره خلف السجن، وفراره إلى جهة مجهولة.
وألمحت الحكومة الاتحادية، برئاسة محمد شياع السوداني، إلى ضلوع شقيقة المسؤول أسماء حميد كمبش، التي تنتمي إلى حزب الحلبوسي أيضا، في حادثة تهريب شقيقها. اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، أفاد في بيان صحافي، بأن “(في 21 آذار/ مارس الماضي) من العام الجاري تم اعتقال المتهم سعد حميد كمبش رئيس ديوان الوقف السني السابق من قبل الفريق الساند على ذمة الهيئة العليا للنزاهة، (وفي 11 نيسان/ أبريل الجاري) أصدرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية حكمها بالحبس الشديد لمدة أربع سنوات على هذا المجرم وفق المادة 331 ق ع والموقوف في مركز شرطة كرادة مريم”. وأضاف: “(في 18 نيسان/ أبريل الجاري) وبعد زيارة النائبة أسماء حميد كمبش إلى مركز الشرطة وقت الإفطار ومغادرتها له، وعند الساعة 22:30 هرب المحكوم بمساعدة ثلاثة أشخاص من خلف المركز والوصول إلى عجلتين كانتا بانتظاره لتأمين هروبه إلى جهة مجهولة”.
وطبقا للبيان “قد باشرت الأجهزة المختصة بالتحقيق ووضعت يدها على الوثائق والأدلة وباشرت بكشفها وإلقاء القبض على كل من له علاقة بالهروب والأطراف التي سهلت ذلك، وقد أصدر قاضي التحقيق أمرا بتوقيف ضباط ومنتسبي المركز المسؤولين عن حماية الموقف”.

لجنة تحقيق

ووجه وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، بإيقاف ضباط مركز الصالحية، وتشكيل لجنة تحقيق للقبض على كمبش.
وذكر بيان لوزارة الداخلية، بأن الشمري، “وجه بإيداع ضابط قسم شرطة الصالحية وضابط مركز شرطة كرادة مريم وضابط خفر المركز التوقيف، على خلفية هروب المتهم سعد كمبش من المركز، وتشكيل لجنة تحقيقية وجهد استخباري لمتابعة هذا المتهم والقبض عليه”.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية رافضا الكشف عن اسمه، إنه تم توقيف ثمانية ضباط و18 شرطيا.
على الصعيد ذاته، ألقت شرطة كركوك أمس، القبض على زوجة وأولاد كمبش، الذين كانوا قادمين من بغداد بقصد الوصول إلى إقليم كردستان. مواقع إخبارية محلية أفادت بأن عملية الاعتقال جرت عند نقط تفتيش في كركوك، محاذية لحدود مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وتم تسليمهما لبغداد على الفور.
وفي مطلع آذار/ مارس 2022، قرر رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، إنهاء تكليف كمبش من مهام تسيير شؤون ديوان الوقف السني وإعادته إلى عمله السابق كوكيل لرئيس الديوان، كما قرر تكليف عبد الخالق مدحت العزاوي بمهامه.
واعتقلت قوة أمنية، كمبش في 21 آذار/ مارس الماضي، من منزله في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، على خلفية مذكرة قضائية بالقبض عليه بتهم فساد خلال توليه المنصب سابقا.

سبب «ثورة كبيرة»

وتعليقا على هروب كمبش، أكد هشام الركابي المستشار الإعلامي للسوداني، أنه “سيكون سببا لثورة كبيرة”.
وقال في “تغريدة” له، إن “عملية هروب كمبش ستكون سببا للقيام بثورة كبيرة على الآليات الفاسدة المعتمدة في احتجاز كبار الفاسدين”. وأضاف: “سيتم اقتلاع الآليات الفاسدة التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين إلى فنادق 5 نجوم”.
فيما كتب مستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية، حازم وطن، في “تدوينة” له، أن “قرارات صارمة وإجراءات شديدة ستصدر قريبا بعد حادثة الهروب”.
وأوضح أن “العملية التي تمت بتواطؤ وإهمال واضح لن تمر دون عقاب لأي شخص كان، مهما كان موقعه، وسيتم تعقب المجرم الهارب لتقديمه إلى العدالة”.
في الموازاة، طالبت رئيسة كتلة “الجيل الجديد” النيابية، سروة عبدالواحد، أمس، بغلق جميع مراكز الشرطة التي وصفتها بـ”في أي بي” ومحاسبة القائمين عليها، لافتة إلى أنه “لا يوجد فرق بين حرامي وآخر”.
وقالت في “تغريدة” لها: “من العجائب أن مركز كرادة مريم ومركز شرطة الصالحية مخصصان للمسؤول الفاسد، في أي بي”، متسائلة في الوقت عينه: “لماذا المراكز الأخرى في السعدون والجعيفر وغيرها مكتظة ووسخة وقذرة، في حين أن مراكز كبار الفاسدين نظيفة ويتمتعون بحق الزيارات ويحتفظون بهواتفهم، وأخيرا يستطيعون الهروب”. وأضافت أن “لا فرق بين حرامي وآخر ولا بين من يخالف، ويجب أيضا ألا يوجد فرق بين مراكز الشرطة”، مطالبة بـ”غلق جميع المراكز الـ في أي بي ومحاسبة القائمين عليها”. كما علق النائب عن تحالف “الفتح”، محمد البلداوي، على حادثة هروب كمبش قائلا: “إقدام رئيس ديوان الوقف السني السابق سعد كمبش، أثبت على نفسه، وبالدليل القاطع فساده وعبثه وعمله غير الشرعي طيلة فترة إدارته لرئاسة الأوقاف”.
وأضاف في تصريح لمواقع إخبارية مقربة من “الإطار التنسيقي” الشيعي، أن “هروب سعد كمبش من السجن ضاعف جرمه وجعل ملاحقته من قبل القضاء العراقي أمرا حتميا لينال جزاءه العادل وفق القانون”، لافتا إلى أنه “من قبل على نفسه أن يرتشي في مؤسسة دينية أرتضى على نفسه الهروب”.
وبين أن “هناك نفوسا ضعيفة وأيادي خبيثة تعبث في المؤسسة الأمنية مهدت لهروب كمبش”، مشيرا إلى أنه “لابد من إبداء المساعدة في إصلاح المؤسسة الأمنية وتخليصها من الفاسدين”.
أما الخبير القانوني علي التميمي، فاستعرض العقوبات القانونية الخاصة بهروب السجناء على الأجهزة الرقابية. وذكر في بيان صحافي، إن “قانون العقوبات في المواد 267 إلى 273 منه عاقب بعقوبات مختلفة على الهروب من التوقيف والسجن والتهريب والمساعدة والإيواء تتراوح بين السجن عشر سنوات إلى الحبس المختلف وغرامات مختلفة وهي حالة متكررة في العراق منذ 2003 إلى الآن، فقد هرب سجناء من أبي غريب والتاجي وفي محافظات مختلفة سابقا، وهو مؤشر سلبي لأن هذه الأماكن يحتاج إلى أن تكون محصنة لتعلقها بهيبة الدولة والحق العام والعدالة المجتمعية”.
وأكد أن “الرقابة على المواقف تختلف منها على السجون حيث تخضع المواقف والتسفيرات إلى رقابة الإدعاء العام وقضاة التحقيق وأيضا الأجهزة الاستخبارية المختصة وفق قانون الأصول الجزائية وأيضا مفوضية حقوق الإنسان”.
أما السجون فتخضع لرقابة مفوضية حقوق الإنسان والادعاء العام والبرلمان، وفق التميمي، الذي زاد أنه “وفق قانون إدارة السجون الجديد، لا يمكن أن يبقى المحكوم في التسفيرات لهذه المدد الطويلة، مع وجود الأعداد الهائلة من المسفرين بحيث ينامون واقفين، وهذا يحتاج إلى مراجعه كبيرة بهذا الجانب”.
وأضاف: “أما إقالة المسؤولين فهو يكون من جهات مختلفة منها مجلس المحافظة والبرلمان ورئيس مجلس الوزراء وفق إجراءات مفصلة، والحل ليس في ذلك، بل بتفعيل الجهد الاستخباري وأيضا إنهاء قضايا الموقوفين وحسم موضوع التسفيرات”.
وأكد أن “التحقيق مع المتهمين في تهريب السجناء فهو يعتمد على كاميرات المراقبة وشهود الحادث، وأيضا سجلات الحراسة الليلية والشهود من بقية السجناء الموقوفين، واعتقد أن تحقيق المحكمة أكثر نجاحا من لجان التحقيق”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية