رام الله – «القدس العربي»:
استشهد 10 فلسطينيين غلال أقل من يوم واحد في عمليات اقتحام لجيش الاحتلال الإسرائيلي في انحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة.
فقد استشهد 6 وأصيب آخرون برصاص قوات الاحتلال مساء أمس الثلاثاء، خلال اقتحامها قرية كفر دان غرب جنين، ومحاصرتها منزلا قبل أن تقصفه بقذائف “إنيرغا”.
واقتحمت هذه القوات القرية وحاصرت منزلا لعائلة عابد، قبل أن يدفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى القرية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات.
وكانت قوات خاصة إسرائيلية نفذت جريمة اغتيال بحق 4 شبان من أبناء قرية “كفر نعمة” شمال غربي مدينة رام الله، في ساعات مساء أمس الأول على مقربة من أحد منازل القرية ونفذت الاغتيال على مرحلتين.
هكذا أعدمت القوات الخاصة للاحتلال 4 شبان في «كفر نعمة»
ولم تنم قرية «كفر نعمة» التي تقع في الشمال الغربي من مدينة رام الله وتبعد عنها حوالي 13 كم الليلة قبل الماضية.
لقد عاشت وما زالت صدمة ارتكاب قوات خاصة إسرائيلية جريمة اغتيال بحق أربعة شبان من أبنائها.
فقد كمنت قوات خاصة إسرائيلية في ساعات المساء (أمس الأول) على مقربة من أحد منازل القرية ونفذت جريمة اغتيال على مرحلتين، في الأولى قتلت الشاب محمد رسلان عبدو، وفي الثانية قتلت ثلاثة شبان حاولوا تقديم يد المساعدة للشهيد الأول بعد تأخر سيارات الإسعاف عن الوصول، وهم: الشهيد محمد جابر عبدو، والشهيد رشدي سميح عطايا، والشهيد وسيم بسام أبو عادي.
ونعت حركة «حماس» أمس القياديين في «كتائب القسام» «محمد جابر عبده، الذي أمضى عشرين عاماً في سجون الاحتلال، والشهيد المجاهد القسامي محمد رسلان عبده، والشهيد المجاهد وسيم بسام زيدان أبو عادي، والشهيد المجاهد رشدي سميح عمر عطايه، الذين ارتقوا في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال بمنطقة كفر نعمة غرب رام الل».
رواية السكان المحليين
وحسب رأفت خليفة، رئيس مجلس قروي البلدة، فقد عاشت القرية الصغيرة (5000 نسمة) ليلة دامية حيث «لم تنم حتى هذه اللحظة» في ظل احتجاز قوات الاحتلال لجثامين الشهداء الأربعة.
وفي تفاصيل ما عاشته القرية المهددة بالنشاط الاستيطاني يقول خليفة إنه: «منذ يوم أمس (الأول)، ومع منذ ساعات الصباح الباكرة بعد ادعاءات إسرائيلية بحدوث حرائق في مناطق مصادرة منذ أربع سنوات، ويقطنها «فتيان وشبيبة التلال» الاستيطانية الإرهابية، تفاجأت القرية بدخول قوات عسكرية اقتحمت كافة المحال التجارية والمؤسسات التعليمية وبعض شقق المواطنين، وصادرت كافة تسجيلات كاميرات المراقبة».
وتابع: «استمر وجود قوات الاحتلال أربع ساعات، بعدها انسحب الجنود، لكنهم وجدوا على أطراف القرية في منطقة «جبل الريسان» وقرية «الشباب» من دون أي وجود داخل القرية».
وحوالي الساعة الثامنة مساء (أمس الأول)، فوجئ سكان القرية بصوت إطلاق نار كثيف في منطقة قريبة من الشارع الرئيس بين قريتي كفر نعمة وبلعين، ومن ثم توقف إطلاق النار ليعود بكثافة أكبر بعد 10 دقائق.
وتبع ذلك دخول عشرات الجيبات العسكرية الخاصة بالجيش حيث حاصرت المنطقة وفرضت مربعا أمنية على مكان إطلاق النار، فيما منع كافة المواطنين من الوصول الى المكان.
ولم تدرك القرية عمق وألم ما وقع، إلا بعد خروج الجنود وانسحابهم من المكان، ليكتشف المواطنون بشاعة ما جرى من مخلفات الدماء وبقايا أجسام الشهداء بفعل رصاص القوات الخاصة داخل السيارتين المستهدفتين.
ووثقت شهادات من مواطنين، وعائلة الشهيد الأول، أن الشهيد الذي اغتيل أولا هو محمد رسلان، وهو من تتهمه قوات الاحتلال بتنفيذ عملية إحراق لكرفان يستخدمه مستوطنون من «شبيبة التلال» الإرهابية كبؤرة استيطانية جديدة.
وقال خليفة: «خرج الشهيد رسلان من منزله بعد أن كان جالسا مع والديه، وبعد نحو 40 مترا تم إطلاق الرصاص عليه أمام أعين عائلته.. لقد كان بإمكانهم اعتقاله لكنهم فضلوا تصفيته مباشرة».
ويضيف: «كان الشهيد في حالة توقف تام بعد أن كان يسير على الشارع المعبد أمام منزله، وبعدها بعشرة دقائق تنبه شبان آخرون، بحكم قربهم من المنطقة، وذلك بعد اتصالهم بالإسعاف الفلسطيني وتأخر وصوله، وهو ما اضطرهم لركوب سيارتهم والتوجه الى منطقة الاطلاق الأولى حيث عاجلتهم القوات الخاصة بإطلاق الرصاص».
وأوضح: «حاول السائق الهرب من خلال طريق ترابي إلا أن القوة لاحقتهم مسافة 150 مترا وأطلقوا النار عليهم وصفوهم بشكل مباشر».
وعقّب على الرواية الإسرائيلية التي بررت بها عملية الاغتيال، فقال إن الاحتلال «يبحث عن تقديم رواية خاصة، وهي روايات كلها ادعاءات وافتراءات كاذبة، به حيث ذكر أنه استهدف مقاوما أو قياديا من حركة «حماس» كان أسيراً في سجون الاحتلال لمدة 20 عاما، وتزوج قبل نحو عام تقريبا».
وقدمت القرية شهيدا قبل نحو ثلاثة أشهر، فيما اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 80 مواطنا، وأصيب نحو 40 شابا خلال مواجهات مع قوات الاحتلال.
وختم خليفة بالقول: «منذ أن رأينا الفيديو الذي نشره الاحتلال عن عملية حرق الكرفان الخاص ببؤرة استيطانية، توقعنا نتيجة مماثلة للذي عاشته القرية، لقد خمنا وتوقعنا أن يكون هناك شيء قادم بحق القرية وناسها، وهو الأمر ذاته الذي حدث قبل نحو 3 أشهر، حيث رد المستوطنون على إحراق بؤرة استيطانية بمهاجمتهم منازل القرية وحرق منازلها إلى جانب سيارات مواطنين وقتل أكثر من 30 رأس غنم».
وإلى جانب الشهداء الأربعة أصيب 8 آخرون بجراح طفيفة حيث وصلوا إلى مستشفى رام الله الحكومي.
منع سيارات الإسعاف
وحسب روايات مواطنين فقد منعت قوات الاحتلال الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين، ما أدى إلى استشهادهم.
وذكرت مصادر حزبية من القرية أن الشهيد محمد جابر هو قيادي في كتائب «القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، وهو أسير محرر أمضى 20 عاماً في سجون الاحتلال.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في رام الله والبيرة الإضراب العام والشامل لكافة مناحي الحياة رفضاً لجريمة الاغتيال وارتقاء أربعة من الشهداء وإصابة عدد من الجرحى في كفر نعمة. وعمّ الإضراب الشامل، أمس الثلاثاء، محافظة رام الله والبيرة، حدادا على أرواح الشهداء، وتنديدا بجريمة الاحتلال، التي اسفرت عن استشهاد أربعة شبان في قرية كفر نعمة غرب رام الله .
وشمل الإضراب كافة مناحي الحياة التجارية والقطاعات العامة والخاصة.
وكانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، إقليم رام الله والبيرة، قد أعلنت الإضراب العام والشامل رفضا لجريمة الاحتلال في كفر نعمة مع الإبقاء على الفعالية الجماهيرية في ساحة مركز البيرة الثقافي نصرةً للمعتقلين وغزة.
وحسب بيان مشترك للناطق باسم الجيش الإسرائيلي والناطق باسم الشرطة والناطق باسم الشاباك: «فإن قوات الاحتلال قامت بإغلاق سريع للدائرة في أقل من 24 ساعة، قامت القوات الخاصة التابعة لفرقة الضفة بقيادة لواء أفرايم وبتوجيه من الشاباك بالقضاء على أحد المطلوبين الذين نفذوا الهجوم الليلة في منطقة مزرعة سدي أفرايم».
وجاء في البيان: «قامت قوات خاصة من شرطة حرس الحدود بالتعاون مع مقاتلي الجيش الإسرائيلي من لواء افرايم بالعمل الليلة بتوجيه استخباراتي دقيق من الشاباك في كفر نعمة في لواء افرايم الإقليمي باعتقال أحد المطلوبين من الخلية الذي جاء لتنفيذ هجوم ضد اليهود وإضرام النار في مقطورة الليلة في مزرعة سدي افرايم».وخلال العملية «أصيب أحد جنود وحدة المستعربين بجروح طفيفة «.
وكان جيش الاحتلال قد نشر فيديو من كاميرا مراقبة يظهر فيه شاب فلسطيني يقوم بإحراق «كرفان» قريبا من البؤرة في جبل الريسان.
وحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن سلطات الاحتلال احتجزت جثامين أربعة شهداء في البلدة ليرتفع عدد الشهداء المحتجزين لدى سلطات الاحتلال في مقابر الأرقام والثلاجات إلى 514 شهيدا.
يذكر أنه وقبل نحو ثلاثة أشهر نفذ أحد شبان القرية وهو الشهيد مجاهد بركات منصور عملية إطلاق نار استهدفت حافلة للمستوطنين في الطريق الرابط بين قريتي دير إبزيع وكُفر نعمة غربي رام الله، ثم اشتبك مع التعزيزات العسكرية إثر العملية، ونجح في الانسحاب إلى منطقة جبلية خالية من السكان.
وأسفرت العملية عن إصابة 7 جنود إسرائيليين، اثنان جراحهما خطيرة، في حين استمرت ملاحقة المنفذ لساعات، فشل جيش الاحتلال في الوصول إليه إلا بقصف بطائرة مروحية قتلته بصاروخ، وفق شهود ومقاطع فيديو متداولة.
وينشط جهد استيطاني كبير في منطقة «جبل الريسان» الذي يقع بين 3 قرى فلسطينية هي: رأس كركر، وخربثا بني حارث، وكفر نعمة غرب رام الله، وهو عبارة عن منطقة زراعية لفلسطينيين من القرى الثلاث، تزينه الآلاف من أشجار الزيتون واللوزيات، كما كان يعد ملاذ المزارعين الذين عملوا خلال السنوات الماضية على زراعته بالقمح والشعير، بالإضافة لكونه المتنفس السياحي الأكثر جمالًا في تلك المنطقة.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2018 فرضت قوات الاحتلال سيطرتها على الجبل معتبرة أراضيه «أراضي دولة»، وفي تموز / يوليو 2019 قررت حكومة الاحتلال تحويل قمة جبل الريسان إلى بؤرة استيطانية، لتصبح تلك المنطقة محرمة على سكان القرى الثلاثة، والدخول إليها صار حلمًا صعبًا بالنسبة للسكان الأصليين، الذين باتوا ينشدون حقهم.
وترجع أطماع الاحتلال في جبل الريسان إلى ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدًا إلى عام 1983 عندما سلبت سلطات الاحتلال أكثر من ألف دونم من أراضيه بذريعة أنها «أراضي دولة» .
مهما قتلتم و اجرمتم يسيتم كنسكم