اللقاء بين ترامب ونتنياهو الإثنين الماضي، جرى بعد مكالمة هاتفية ثلاثية أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قام بزيارة خاصة إلى مصر، ومستضيفه السيسي، وعبد الله ملك الأردن.
في البيانات الرسمية التي صدرت عن مصر وفرنسا، جاء بأن المحادثات تركزت على الوضع في غزة، والحاجة إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل مستعجل ورفض خطة التهجير من غزة. ولكن بعد بضع ساعات، في محادثة مع المراسلين، قال ترامب إن “الحرب ستنتهي في وقت ما، ولن يكون هذا في المستقبل البعيد”. ربما سمع ترامب من محدثيه تفاصيل أخرى، جعلته يقول بأن ثمة استراتيجية لنتنياهو – التي تفيد باستمرار الحرب ما دامت الحاجة تقتضي ذلك. في النهاية، ليس نتنياهو من سيحددها. غداة المحادثة، جاء ماكرون والسيسي في زيارة مغطاة إعلامياً إلى مدينة العريش قرب معبر رفح. وهناك كررا التصريحات المعروفة المعارضة للتهجير. في الوقت نفسه، نشر بأن قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود المصرية تستعد على طول الحدود مع قطاع غزة، في إشارة إلى استعداد مصري عال ضد سيناريو يحاول فيه مئات آلاف الغزيين اجتياز الجدار. في السابق، نشرت قوات مصرية هناك. خوف مصر والأردن لم يتلاش. ويمكن التقدير بأن تقارير “هآرتس” حول نية تحويل رفح إلى جزء من المنطقة الفاصلة زادت الشعور بحالة الطوارئ، الشعور الذي يجعل مصر تسرّع بخطة بديلة، سواء لتحرير المخطوفين أو السيطرة في غزة.
في إطار هذه الجهود، جاءت إلى مصر السبت الماضي بعثة لكبار قادة م.ت، برئاسة جبريل الرجوب، أمين عام اللجنة المركزية في حركة فتح، ومحمد اشتية عضو اللجنة المركزية في “فتح” ورئيس الحكومة الفلسطينية السابق، وروحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والشخص الذي قد يكون القائم بأعمال محمود عباس إذا لم يعد قادراً على إشغال منصبه. حسب تقارير، ناقشوا مع وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، المضي بخطة تمكن السلطة الفلسطينية من تحمل المسؤولية عن إدارة القطاع.
يبدو أن هناك جولة محادثات أخرى، عديمة الفائدة، ونهايتها معروفة. ولكن خلافاً للجلسات السابقة التي طرحت فيها والمعروفة باسم “خطة مصر لإدارة القطاع”، الوثيقة التي تتكون من 90 صفحة ويتم فيها تفصيل بنية اللجنة وصلاحياتها وميزانيتها، التي يجب أن تستند إلى صندوق بمبلغ 53 مليار دولار، وتشكيل قوة شرطة وحماية فلسطينية- يبدو أن النقاش هذه المرة استهدف عملية جديدة وأشمل، تتعلق ببنية مستقبلية للسلطة الفلسطينية بشكل عام، وليس في القطاع فقط.
موقع “سكاي نيوز” العربية، نشر أن مبادرة خطة العمل كانت للطرف الفلسطيني، الذي جلب خطة مفصلة تستند إلى التعاون بين فتح وم.ت.ف وبين حماس. حسب الخطة، “ستتعهد حماس بتبني جميع قرارات الأمم المتحدة كمصدر صلاحية لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وستكون المقاومة الشعبية الشاملة هي الخيار الاستراتيجي”. ستكون المقاومة، كما أشير، بطرق سلمية وليس بـ “سفك الدماء”. على حماس أيضاً تبني قرارات م.ت.ف على الصعيد الوطني والدولي، أي تبني مبادئ أوسلو و”وحدة السلطة والسلاح”، التي يقوم تفسيرها على نزع سلاح المنظمة ووحدة مؤسسات السلطة “من رفح حتى جنين”. وسيتعين على حماس الإعلان عن إنهاء سيطرتها العسكرية والمدنية في قطاع غزة، والبدء في خطوات عملية لدمج الضفة والقطاع في وحدة واحدة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومصر. عند انتهاء النقاش، توجه الرجوب إلى مصر ودعا إلى ترتيب لقاء بين فتح وحماس لـ “توحيد الصف الفلسطيني والتوصل إلى وحدة وطنية بواسطة الانتخابات وليس السلاح”.
ليست هذه المرة الأولى التي تعرض فيها جهات رفيعة فكرة “توحيد الصفوف”. فقد حاولت مصر لسنوات إجراء المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، ولكن بدون نجاح. ولكن استئناف الحرب في غزة وخطة ترامب للتهجير، التي تمر الآن بعملية تجميد، وتوسيع الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، والخوف من اقتحام الحدود بين غزة ومصر، ووقف المساعدات الإنسانية كلياً، الذي أصبحت نتائجه القاسية ظاهرة على الأرض، كل ذلك يعيد قضية السيطرة في القطاع إلى رأس سلم الأولويات المصري والعربي. الهدف هو إقناع الإدارة الأمريكية بأنه لا مخرج آخر عدا حكم فلسطيني متفق عليه في القطاع. بكلمات أخرى، إيجاد رافعة ثقيلة تؤثر على ترامب بعد رفضه خطة العمل المصرية التي نالت تأييداً ودعماً عربياً وأبقاها ورقة عمل محفوظة.
شخصية فلسطينية رفيعة مطلعة على مضمون النقاشات في مصر، قالت للصحيفة إن “إشارة ترامب بشأن إنهاء الحرب قريباً تفسرها مصر أنها استعداد لفحص قنوات أخرى للحل. الأهم أن ترامب يوضح لإسرائيل للمرة الأولى بأنه لا يمكنها البقاء في القطاع للوقت الذي تريده، وأن للحرب موعد نهاية حتى لو لم يذكره. من يمكنه التأثير على ترامب، أكثر من إسرائيل ومصر، هي السعودية التي أصبحت رأس الحربة في جهود التوصل إلى إنهاء الحرب”.
هذه الأقوال قيلت بعد هبوط وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان في واشنطن استعداداً لزيارة ترامب للسعودية، المخطط لها في أيار. في الظروف العادية، كانت زيارة بن فرحان ستظهر غريبة قليلاً. السائد أن زيارة الرئيس يعدها مندوب من قبله، يأتي إلى السعودية وليس العكس. حتى الآن، لم يحدد موعد لزيارة ترامب، ولكنها ليست ظروف عادية. السبت، يتوقع عقد “لقاء كبير” لممثلي الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان. حتى الآن، تحلق فوق ذلك علامات استفهام حول وجود حوار مباشر بين الطرفين.
في الحقيقة، السعودية ليست وسيطة مباشرة، لكنها “مؤيدة للوساطة الناجعة والحيوية، التي ساهمت بدورها في تحقيق اللقاء. ويبدو أن ترامب سيرغب في تنظيم مؤتمر قمة دولية أثناء زيارته للسعودية، كما فعل في ولايته الأولى. حسب تقارير عربية، ربما يلتقي أيضاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
يمكن التقدير بأن ترامب سيرغب في القدوم إلى قمة عربية يشارك فيها كثيرون، في وقت يكون لديه خارطة طريق محددة لإنهاء الحرب في غزة. لن يأتي على ذكر، ولو من بعيد، مفهوم الهجرة القسرية أو الطوعية. هذه الخطة قد لا تلبي شرط السعودية الأساسي للتطبيع مع إسرائيل، لكنها تمكن بن سلمان من التوقيع على عدة اتفاقات سخية مع ترامب دون التعرض للانتقاد بسبب استثمار مئات مليارات الدولارات في دولة تسمح لإسرائيل بتدمير غزة. وثمة تقدير بأن ترامب إذا ما استنتج أن “طريق إسرائيل” لا تحقق نتائج، بل وتعرض مصالحه في المنطقة للخطر، فستتحرك معادلة الضغط نحو اتجاه جديد. هذه الآن مهمة السعودية.
تسفي برئيل
هآرتس 10/4/2025
بجب على ترامب أن يعلم المثل المعروف “الحق البوم بدلك عالخراب” ، فإذا ترامب لحق بنتنياهو وإذا بقي يسمح لنتنياهو المجرم وحكومته الفاشية المتطرفة باستمرار حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني ستكون مصالح أمريكا في خطر بل سيصبح العالم كله في خطر. مكان نتنياهو هو المحكمة الدولية وإلى مزبلة التاريخ وإن شاء الله.
السوءال الذي يجب ان يقدم إلى حكام المملكة العربية السعودية هو؛ لقد أهدرتم بلايين الدولارات لتمتين علاقتكم مع الولايات المتحدة الأمريكية ولكن ما هو تأثيركم على مواقف الادارة الأميركية الموءيدة لاسراءيل والرافضة لحقوق الشعب الفلسطيني بما في ذلك وقف حرب الابادة البشرية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني!؟