هل انتهى زمن «الستة الكبار» في البريميرليغ؟ ولماذا؟

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: «الآن لم يعد هنالك ما يسمى بأفضل ستة فرق في الدوري الإنكليزي الممتاز، بل نتحدث عن أفضل سبعة أو ثمانية أو ربما عشرة فرق. من وجهة نظري هناك الكثير من الفرق القادرة على استهداف هذه المراكز (الأربعة الأولى)، وأود أن أضيف إلى هؤلاء فريقي أستون فيلا»، بهذه الكلمات الخالدة في دفاتر كاتب التاريخ، توقع المدرب الإسباني أوناي إيمري، انتهاء عصر هيمنة ما يُعرفون بـ«الستة الكبار» في البريميرليغ، وحدث ذلك بعد فترة قصيرة من وصوله إلى سُدّة الحكم في «الفيلا بارك»، وتحديدا في أبريل/ نيسان 2023، ليثبت بعد عام أنه كان محقا في توقعه الفريد من نوعه، بقيادة فريقه أستون فيلا لانتزاع المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا هذا الموسم، من أنياب الكبيرين اللندنيين توتنهام وتشلسي، أصحاب المركزين الخامس والسادس في موسم 2023-2024، في ما كانت أشبه بالمحاولة الناجحة من قبل الطامحين والمتمردين على «أسياد البريميرليغ» في العصر الحديث للموسم الثاني على التوالي، بعد إنجاز نيوكاسل يونايتد تحت قيادة المدرب إيدي هاو، بخطف المركز الرابع الذهبي على حساب عمالقة بحجم ليفربول يورغن كلوب، وتوتنهام أنطونيو كونتي، وتشلسي في موسمه الكارثي بعد الإطاحة بالمالك الروسي السابق رومان آبراموفيتش، والمثير للدهشة والاستغراب، استمرار هذه الظاهرة حتى وقت كتابة هذه الكلمات، (قبل ساعات من انطلاق معارك الأسبوع الرابع والعشرين)، متمثلة في الحصان الأسود الجديد لهذا الموسم، والإشارة إلى نوتنغهام فورست، بقيادة مدربه البرتغالي نونو اسبيريتو سانتو، بالتمسك بالمقعد الثالث خلف المتصدر ليفربول بتسع نقاط، وثلاث نقاط فقط عن الوصيف آرسنال، ومتقدما بثلاث نقاط عن حامل اللقب في آخر أربعة مواسم مانشستر سيتي، الذي استعاد توازنه بعد نتائجه الكارثية طوال فصل الخريف، ناهيك عن الصحوة المتأخرة للفيلانز وجيوش المدينة، التي أنعشت حظوظ الاثنين في المنافسة على مكان في دوري الأبطال الموسم المقبل، ونفس الأمر ينطبق على المفاجأة السارة الأخرى للبريميرليغ هذا الموسم، بورنموث الذي يقف على قدم المساواة مع تشلسي صاحب المركز السادس، الأمر الذي ساهم بشكل أو بآخر في ما نشاهده من «شتات» للستة الكبار، بما في ذلك تقهقر مانشستر يونايتد إلى المركز الثاني عشر، والتراجع المفزع لتوتنهام بتواجده في المركز الخامس عشر، والسؤال الذي سنحاول الإجابة عليه معا في موضوعا الأسبوعي: هل ما يحدث من تغيير في قواعد اللعبة والمراكز التي كانت مخصصة حكرا للأربعة ثم الستة الكبار في آخر عقدين؟ هي مؤشرات أو مقدمات لما أثار جدلا على نطاق واسع في وسائل الإعلام البريطانية والعالمية الأسبوع الماضي، حول انتهاء عصر الكبار في الدوري الإنكليزي الممتاز. هذا ما سنعرفه معا.

قبل الستة الكبار

تخبرنا البدايات، أن أربعة من الستة الكبار في الوقت الراهن، وهم مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول وتوتنهام، بالإضافة إلى بعبع الثمانينات إيفرتون، كانوا من أكبر المساعدين في انطلاق الدوري الإنكليزي الممتاز باسمه ونظامه الجديدين موسم 1992-1993، ذاك اللقب الذي ظفر به الشياطين الحمر بقيادة الأسطورة سير أليكس فيرغسون، بفارق 10 نقاط عن أقرب مطارديه أستون فيلا، ثم من تبعهما في الترتيب النهائي لأندية الدوري في أول نسخة مختلفة عن النظام القديم، الذي استمر لأكثر من قرن من الزمن، وهم نوريتش سيتي، وبلاكبيرن روفرز وكوينز بارك رينجرز، هذا في الوقت الذي ختم فيه ليفربول الموسم في المركز السادس، وتوتنهام في المرتبة الثامنة، ثم مانشستر سيتي، وآرسنال وتشلسي من المركز التاسع إلى الحادي عشر، في ما عُرفت بعد ذلك بالانطلاقة الحقيقية لجيل «تلامذة» السير أليكس فيرغسون، الذين تحولوا إلى مجموعة من أعظم أساطير النادي في كل العصور، والحديث عن أسماء بحجم الفتى البني بول سكولز، والأيقونة ديفيد بيكهام على الرواق الأيمن، وأعجوبة مركز الجناح الأيسر في تسعينات القرن الماضي ريان غيغز، وباقي المجموعة التي توحشت بعد انضمام المثير للجدل إيريك كانتونا، وكانت سببا مباشرا في الشعبية الطاغية التي اكتسبها النادي في كل بقاع الأرض، باعتباره الزعيم المهيمن على النظام الجديد للدوري الإنكليزي الممتاز أربعة مرات في أول خمسة مواسم، باستثناء المفاجأة التي حققها فريق بلاكبيرن، الذي كان يموله رجل الأعمال جاك وكر في موسم 1994-1995، كثاني فريق مختلف يتذوق طعم الفوز بالبريميرليغ، لكن القوة المهيبة التي كان يبدو عليها أصحاب «أولد ترافورد»، لم تلمس ملامح التهديد إلا بعد وصول الأستاذ آرسين فينغر، لوضع حجر أساس ما تحول في ما بعد إلى الجيل الذهبي لمدفعجية آرسنال، لدرجة أنهما تبادلا الألقاب في الفترة بين عامي 1996 و2004، كبداية لما عُرف آنذاك بـ«الثنائي الكبير»، حيث كانت نسبة مشاهدة هذه المعركة الكروية التي تنبض بالكراهية والعداء المتبادل بين الفريقين، تلامس نسبة مشاهدة الكلاسيكو الأشهر عالميا في كل العصور ريال مدريد وبرشلونة. ومع بدء العد التنازلي لانتهاء حقبة ثنائية الشياطين الحمر ومدفعجية الشمال، كان المنافسون المحتملون كما يقول شون والش، محلل النسخة البريطانية لموقع «Goal» العالمي «يجمعون شتات أنفسهم»، بثورة ليفربول المجيدة التي استهلها الفرنسي جيرار هولييه، بقيادة الفريق إلى منصات التتويج مرة أخرى، من خلال التتويج بألقاب من نوعية كأس الاتحاد الأوروبي والكأس السوبر الأوروبية وألقاب أخرى محلية عام 2001، ذاك العام الذي شهد حصول الفتى الذهبي سابقا مايكل أوين، على جائزة «الكرة الذهبية»، كأفضل لاعب في العالم من قبل مجلة «فرانس فوتبول» ذائعة الصيت، قبل أن يصل مشروع العقد إلى ذروته تحت إشراف الإسباني رافا بينيتيز، عراّب كأس دوري أبطال أوروبا «الإعجازية» التي تحققت على حساب ميلان العظيم عام 2005، وحدث ذلك بالتزامن مع صعود نجم تشلسي رومان آبراموفيتش، بعودته إلى دوري الأبطال عام 2003، بدعم غير مسبوق آنذاك من قبل رجل الأعمال الروسي، الأمر الذي ساهم في توسيع القوس من اثنين إلى أربعة في مواجهات السبت والأحد في الدوري الإنكليزي الممتاز، وبالتبعية تسبب في رؤية نهائي للكأس ذات الأذنين بالصبغة الإنكليزية الخالصة بين اليونايتد وتشلسي عام 2008.

عصر الهيمنة

في تلك الفترة (عام 2008)، كانت مجموعة أبوظبي قد استحوذت على أسهم مانشستر سيتي، في ما كان أشبه بالنموذج أو النسخة الجديدة لتشلسي رومان آبراموفيتش، بسخاء يتماشى مع أحدث تضخم لأسعار وأجور اللاعبين، على غرار الرقم الفلكي الذي تم إنفاقه لإقناع البرازيلي روبينيو بمغادرة ريال مدريد لبدء مغامرة مجهولة مع المشروع الإنكليزي الحديث، الذي يطمح للوقوف على قدم المساواة مع الأربعة الكبار على المدى القريب، وكانت البداية الحقيقية بالحصول على تأشيرة اللعب في دوري أبطال أوروبا عام 2011، وبعدها بـ12 شهرا كان على موعد مع لحظة فارقة في التاريخ الحديث، حين انتزع لقب البريميرليغ للمرة الأولى بالمسمى الجديد، وللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود، وفي عالم مواز في تلك الفترة أيضا، كان توتنهام يعمل على خطة متوسطة الأجل، من أجل كسر نحسه مع المركز الخامس تحت قيادة المدرب الهولندي الأسبق مارتن يول، وذلك بعد تحقيق واحد من الأهداف الرئيسية بالنسبة للرئيس الواعد آنذاك دانيل ليفي، بمعانقة كأس الرابطة في العام 2008 (آخر بطولة دخلت خزائن السبيرز) تحت إشراف المدرب الإسباني الأسبق خوان راموس، ومع الوقت تحقق الهدف المنشود تحت قيادة المدرب الإنكليزي المخضرم هاري ريدناب، باقتناص المركز الرابع مع إطلاق صافرة نهاية موسم 2009-2010، بعد منافسة حامية الوطيس حتى الجولة قبل الأخيرة مع السكاي بلوز، في ما كانت أشبه بالإعلان الرسمي عن عصر هيمنة «الستة الكبار»، الذي استمر طوال الفترة بين عامي 2010 و2024، إلا في حالات نادرة، أشهرها على الإطلاق ما تُعرف إعلاميا بـ«معجزة ليستر سيتي»، حين فجر كبرى مفاجآت هذا القرن، بالانقضاض على لقب البريميرليغ وسط غفلة نادرا ما تسيطر على الكبار والعتاولة في موسم واحد (2015-2016)، علما أن الفجوة بين الستة الكبار وباقي ضيوف الشرف في البريميرليغ آنذاك، كانت قد بلغت ذروتها في الاتساع في فترة ما قبل وبعد معجزة ثعالب «كينغ باور»، وفي رواية أخرى أصبح الفارق مع بقية المشاركين في الدوري «هوة سحيقة»، حتى بعد تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف، لإبطاء وتيرة الإنفاق الهائل لتشلسي والسيتي على وجه التحديد، وتجلى ذلك في نجاح أغلب التوقعات بأن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه قبل معجزة ليستر سيتي، بتواجد تشلسي في المقدمة ثم توتنهام ومانشستر سيتي وليفربول وآرسنال ومانشستر يونايتد في المركز من الوصيف إلى المركز السادس، وفي الموسم التالي، أعاد سيتي بيب غوارديولا، صياغة التاريخ، كأول بطل يكسر حاجز الـ100 نقطة، قبل أن تمتد الهيمنة إلى نطاق أوسع، بسيطرة أندية البريميرليغ على نهائيات الدوريات الأوروبية عام 2019، بعد دربي تشلسي وآرسنال في نهائي اليوروبا ليغ، ونهائي ليفربول وتوتنهام في الكأس ذات الأذنين، وهذا التفوق الساحق، كان من أصل 3 سنوات لم يتقرب خلالها أي فريق من المطاردين من المراكز الستة الأولى في الدوري الأكثر تنافسية عالميا، في ما كانت أشبه بالبديهيات في ظل سيطرة هذه الأندية على صفوة مدربي الكرة في نهاية العقد الماضي، متمثلة في مملكة يورغن كلوب في «الآنفيلد»، وإمبراطورية البيب غوارديولا في الجزء السماوي لعاصمة الشمال، وكذا كان توتنهام يقبض على خبير البريميرليغ الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو، بالرغم من الإغراءات التي وصلته من أباطرة بحجم ريال مدريد ومانشستر يونايتد، وبالمثل تناوبت أسماء بوزن الذهب في عالم التدريب في القيادة الفنية لتشلسي واليونايتد، من نوعية كونتي ومواطنه ماوريتسيو ساري في «ستامفورد بريدج»، وجوزيه مورينيو وأولي غونار شولشاير في «مسرح الأحلام»، لكن كما تقول الأسطورة «دوام الحال من المحال»، بدأت الأندية الستة تواجه محنة حقيقية، وذلك من أجل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السنوات الخوالي، مع استمرار شتاتهم للموسم الثالث على التوالي.

تبعات المعجزة

صحيح كما أشرنا أعلاه، بأن ملوك البريميرليغ أعادوا ضبط أمورهم في المواسم الثلاثة التي تلت معجزة ليستر سيتي، لكنها كانت كافية لتشجيع البقية على تكرار ولو «شرف المحاولة»، مثل محاولة ليستر سيتي الجريئة في موسم جائحة كورونا، عندما احتل المركز الثالث خلف ليفربول ومانشستر سيتي، لكن بعد عودة استئناف الموسم مع حلول فصل الصيف في العام 2020، انهار فريق المدرب برندان رودجرز، وتكرر نفس الأمر في الموسم التالي، بوجود الثعالب ضمن الأربعة الكبار حتى الجولة قبل الأخيرة، في ما كانت بمثابة «علامة التحذير» أو «ناقوس خطر» للكبار على المدى القريب، وهذا الأمر كان واضحا في طمع مطارق وستهام يونايتد في أحد المراكز الأربعة المؤهلة للأبطال مع المدرب الاسكتلندي ديفيد مويز، وكان ذلك بالتزامن مع نجاح مشروع إيدي هاو في «سان جيمس بارك»، بتخليص فريق طيور الماغبايز من ليفربول في النزاع على المركز الرابع في نهاية موسم 2022-2023، كأول مرة يتأهل خلالها نيوكاسل يونايتد إلى بطولة كبار القارة العجوز منذ عقدين من الزمن، ما مهد الطريق لأستون فيلا ليتبعوه في الموسم الماضي، بعد معركة شعواء مع الديوك على المركز الرابع، ونفس الأمر بالنسبة لنوتنغهام فورست وبورنموث ونيوكاسل يونايتد، وأستون فيلا وبرايتون وباقي أصحاب الطموح المشروع في الحصول على مكان في بطولات أوروبا الموسم المقبل، مع زيادة فرص أندية البريميرليغ في الحصول على 5 مقاعد في دوري الأبطال الموسم المقبل، وبالنظر إلى الأسباب الجوهرية التي أدت إلى هذا التغير الكبير في شكل وترتيب أندية البريميرليغ حتى الآن، سنجد منها تحول الأقوال المأثورة بكل لغات العالم في السنوات القليلة الماضية إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع، على غرار المصطلح الذي نسمعه أسبوعيا على لسان المدربين في مقابلاتهم مع الصحافيين أنه «لم تعد هناك مباراة سهلة في عالم كرة القدم»، ناهيك عن الانتشار اللافت لظاهرة «التقليد» أو بعبارة أخرى أكثر لطفا «استنساخ» أفكار المدربين الكبار، وفي القلب منهم بيب غوارديولا، الذي يحاول الكثير من المدربين سواء من تلاميذه أو آخرين، السير على خطاه وتطبيق أفكاره مع فريقهم، ونفس الأمر بالنسبة لمدرسة منافس الأمس القريب يورغن كلوب، وأيضا مدرسة الألماني هانزي فليك الانتحارية مع برشلونة ومن قبله مع بايرن ميونيخ وإلخ، الأمر الذي جعل أندية مثل نوتنغهام فورست وبرينتفورد وبرنموث وبرايتون، تبدو داخل الملعب وكأنها على مسافة قريبة من نظرائهم العمالقة، على الأقل داخل المستطيل الأخضر، وذلك بالرغم من التفاوت الكبير على مستوى جودة الأفراد، هذا بخلاف التدهور أو التعثر الواضح بالنسبة للكبار، متمثلا في مأساة مانشستر يونايتد وتوتنهام في الوقت الراهن، بعد الخطأ الكبير الذي وقعته فيه إدارة اليونايتد، بتسليم ميزانية الميركاتو الصيفي الأخير للمدرب الهولندي المنبوذ إيريك تين هاغ، بعد نجاته من مقصلة الإقالة بشق الأنفس، بفضل تتويجه بكأس الاتحاد الإنكليزي على حساب جار المدينة مانشستر سيتي، فكانت النتيجة، الكارثة التي يحاول المدرب البرتغالي الشاب روبن أموريم، التقليل من حدتها قبل نهاية الموسم، وكذلك الأمر بالنسبة لتوتنهام، الذي يسير إلى الوراء بسرعة الصاروخ منذ الوصول إلى هرم القمة في موسم خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ليفربول، بسلسلة من القرارات الإدارية، التي حولت الديوك الطامحة في ملامسة لقب البريميرليغ، إلى شبح يعيش على أطلال الماضي في المركز الخامس عشر (غير البعيد عن مراكز الهبوط)، هذا ولم نتحدث عن انعكاس صفقات البث الفاحشة التي تعود على خزائن باقي الأندية، مقارنة بنصيب نظرائهم (الأندية المتوسطة في باقي الدوريات الأوروبية) من عائد البث، في ما تعرف بقواعد «الربح والاستدامة»، التي ساهمت في تقريب المسافات بين جُل أندية الدوري الإنكليزي الممتاز داخل المستطيل الأخضر، وقبل هذا وذاك، خبث ودعاء الأندية المتوسطة التي تفكر بذكاء خارج الصندوق، من أجل سد هذه الفجوة من الأغنياء والكبار، الذين يتفننون في إهدار مئات الملايين، كما لو أن النجاح يعتمد في المقام حرق الأموال، وأمور جعلت البريميرليغ في السنوات القليلة الماضية، وهذا الموسم بالتحديد، يبدو وكأنه غير متوقع، بما في ذلك إمكانية التكهن بأصحاب المركزين الثالث والرابع، بعد سنوات من الهيمنة المطلقة للستة الكبار، في مواسم عادة ما كانت تنتهي بما يتماشى مع أغلب التوقعات.

شعرة معاوية

على النقيض من الرواية الرائجة حول ظهور مؤشرات قوية لانتهاء عصر «الستة الكبار» في البريميرليغ، ترى شبكة «ذا أثلتيك» البريطانية، أنه ما زال من المبكر الحديث عن غلق هذه الصفحة، على الأقل في السنوات القليلة القادمة، وذلك لما وصفته بـ«الوحش الخفي تحت السرير»، والإشارة إلى الإرث الكبير، الذي تتمتع به هذه الأندية، أو ما وصفه رئيس إستراتيجية كرة القدم السابق في إيفرتون ريتشارد باتل بـ«الأداء المالي القوي لهذه الأندية»، مستشهدا بما حققه توتنهام وآرسنال من إيرادات في نهاية موسم 2021-2022، بحصيلة بلغت 523 مليون يورو، بعد احتلال السبيرز المركز الخامس والغانرز المركز السادس، في المقابل، جنى وستهام ما مجموعه 301 مليون بنفس العملة، وبفضل قوة موارد هذه الأندية، ظل السداسي الإنكليزي الكبير، ضمن العشرة الأعلى إيرادات في الدوريات الأوروبية الكبرى، في قائمة دوري ديلويت المالي الموسم الماضي، إلى جانب المتصدر ريال مدريد وكل من باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ وبرشلونة، وهذا جاء استكمالا للنمو المطرد في عائدات الستة الكبار على مدار العقد الماضي، حيث كانت آخر مرة يتسلل فيها ناد آخر من المطاردين إلى هذه القائمة، هو نيوكاسل يونايتد مع نهاية موسم 2007-2008، بعائدات بلغت آنذاك 125.6 مليون يورو، مقابل 104 مليون للمان سيتي قبل فترة قصيرة من وصول الإدارة الإماراتية إلى حكم السيتيزينز، مع توقعات بأن تستمر الفجوة في الاتساع بين الأندية الستة الكبيرة التي تربح حوالي 700 مليون، مقابل حوالي النصف لباقي القائمة الطامحة، منها حاجة أحد هؤلاء المطاردين أو الطامحين للحفاظ على مكانه بين الكبار لموسمين أو ثلاثة، منها ستتعاظم إيرادات هذا النادي بشكل تدريجي، وهذا سيحدث على حساب أحد العمالقة الغائبين عن الأبطال خلال هذه الفترة، وأكبر مثال على هذا الأمر، ما حدث مع آرسنال، الذي هبطت أرباحه إلى 366 مليون يورو و388 مليون بنفس العملة عامي 2021 و2022، نتيجة فشله في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا منذ نسخة 2016-2017، والآن توتنهام أنهى الموسم الماضي، بعائدات بلغت 615 مليون يورو مقابل 631 في الموسم الذي سبقه، وهذا بفضل مشاركته في دوري الأبطال، ومع استمرار تدهور أوضاعه، ستتراجع العائدات بشكل مطرد وهكذا، وبناء عليه، ارتأى بعض الخبراء الذين تحدثوا مع الشبكة البريطانية، أن تغيير أو انتهاء عصر «الستة الكبار» ما زال يتطلب «عاصفة» أو ثورة تغيير لمدة لا تقل بأي حال من الأحوال عن ثلاث سنوات، وحجر العثرة يكمن، في صعوبة حفاظ فريق بعينه على النجاح لثلاثة مواسم على التوالي، مثل ما حدث مع نيوكاسل في الموسم التالي لحصوله على المركز الرابع، والآن الصعوبة التي يواجهها الفيلانز للعودة إلى المركز الرابع، وذلك بصرف النظر عن نجاحه المدو قاريا، بحصوله على تأشيرة اللعب بشكل مباشر في مراحل خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا، والآن السؤال لك عزيزي القارئ: هل تعتقد أن عصر الستة الكبار في البريميرليغ قد ولى أو في طريقه للانتهاء؟ أم أن سلاح المال سيكون له رأي آخر كما يرى خبراء الرياضة والاقتصاد على الأقل في السنوات الثلاث القادمة حتى لو استمرت ظاهرة «شتات» العمالقة للموسم الثالث على التوالي؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية