هل تجهض إسرائيل قرار مجلس الأمن حول غزة؟

حجم الخط
15

أعلنت حركة «حماس» الفلسطينية، على لسان رئيس دائرتها السياسية سامي أبو زهري، قبولها لقرار مجلس الأمن «بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب وتبادل الأسرى» وأنها جاهزة «للتفاوض على التفاصيل» وسلّمت الحركة، وكذلك حركة «الجهاد الإسلامي» ردهما الرسمي إلى الوسيطين العربيين.
بدلا من إعلان موقفها من قرار مجلس الأمن، سارعت إسرائيل إلى محاولة إجهاض تعاطي «حماس» الإيجابي معه فأطلق مسؤول كبير فيها، لم يعلن عن اسمه، تصريحات لقناة «إي بي سي» الأمريكية تصدّرت مواقع القنوات والأخبار الإسرائيلية، يؤكد فيها أن الحركة «رفضت اقتراح إطلاق سراح الرهائن الذي قدّمه الرئيس الأمريكي جو بايدن» وأنها «غيرت كل المعايير الرئيسية والأكثر أهمية».
ردّت الحركة بتصريحات لقناة «الجزيرة» قالت فيها إن التعديلات تشمل التزام الاحتلال بالانسحاب من كامل القطاع، بما فيه معبر رفح ومحور فيلادلفيا، وجدول زمني جديد لوقف دائم لإطلاق النار مع إسرائيل.
من جهته، فإن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي بقي، حسب قناة «سي إن إن» مستيقظا حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء بانتظار رد الحركة، عقد مؤتمرا صحافيا مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أعلن فيه أن «حماس اقترحت تعديلات» وأن بلاده لا تريد «تغييرات أساسية على الصفقة المطروحة» ولكنها «ستواصل العمل مع الوسطاء لسدّ الفجوات».
التقط آل ثاني، في المؤتمر الصحافي المذكور، هذه النقطة المهمة التي تبدو أقرب لفكرة أن الاتفاق يتحقق بالضغط على «حماس» وليس على إسرائيل، من خلال تأكيده على تعويل بلاده «على الدور الأمريكي وكافة الشركاء للضغط على الأطراف لوقف الحرب» وهو ما يُفهم منه أن على واشنطن موازنة الجهد العربي لـ«جسر الهوة» مع «حماس» بجهد أمريكي لكبح جماح رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزرائه المتطرفين، الذين يعملون بجهد حثيث على إفشال الصفقة وقصرها، كما يُفهم من التصريح السريع الإسرائيلي، على كونها «صفقة تحرير الرهائن» ثم «استكمال أهداف الحرب للقضاء على حماس».
كرّر نتنياهو هذه التصريحات أكثر من مرة، في محاولة لحلّ المعادلات المتشابكة شبه المستحيلة التي أوصله إليها العدوان على القطاع، فهو يحاول ضمان استعادة الأسرى، والاستمرار في الحرب، وإبقاء حكومته على قيد الحياة، ومواجهة ضغوط العالم بأسره، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومحكمتا العدل والجنايات الدوليتان، والجبهات العسكرية المفتوحة من كل صوب، وبدء تفكك حكومته مع انسحاب الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي أيزنكوت.
من نافل القول إن هناك فائدة كبيرة للفلسطينيين من تنفيذ المراحل الثلاث من قرار مجلس الأمن، وأن مطالبات «حماس» ضرورية لمحاولة كبح إسرائيل من اختزال القرار في مسألة الرهائن ثم استئناف الحرب كما لو أن شيئا لم يتغيّر في العالم بعد هذه الحرب الهمجية المستمرة..
هناك ضرورة عربية في وقف مخاطر هذه الحرب، وهناك حاجة كبيرة لإدارة بايدن الأمريكية، وللعالم، بعد دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، وعمل المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه، وبعد المأزق السياسي والقانوني الكبير الذي تتعرض له الديمقراطيات العالمية، والضغوط التي يمارسها طلبة الجامعات والحركات اليسارية ومواطنوها المسلمون، وإمكانيات الصراع الإقليمي الخطيرة، وغير ذلك من تداعيات على النظم العربية، والحاجة في بلدان العالم كافة لوقف هذه الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
تبدو حكومة إسرائيل عالقة في إطار هذا المشهد القياميّ المخيف الذي تقوم بتنفيذه، وفي محاولات التلاعب البائس بالاستمرار في التصرّف كأنها ضحية، من جهة، وكأنها، من جهة أخرى، غول العالم الذي لا يكتفي من دماء الأطفال والنساء والرجال.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    معرفة المقابل نصف التعامل. وكما كنّا نقول أيام الدراسة: فهم السؤال نصف الجواب.إنّ مجلس الأمن هو امتداد لوعد بلفور…فالمجلس هيئة للدول العظمى التي تراعي مصالحها في العالم بتوازن القوى؛ وفق مقتضيات الظرف الراهن.فالمجلس حقًّا هو الخصم والحكم والميزان المائل نحو اللاتوازن؛ كي يستمرّ.فلو { أصلح الأمن في العالم } كما يدلّ اسمه المخادع ؛ لا نتفى وجوده القائم.فالصحة تنفي المرض؛ لكن لا تلغي الطبيب؛ رغم ذلك الأطباء لا يريدون صحة مطلقة للنّاس…واسمح لي أيّها المحرر الكريم الإشارة إلى موقف معي…منذ فترة فتوتي ولا أزال أهتمّ جدًا بنظافة وصحة أسناني؛ لهذا كنت أراجع طبيب أسنان بشكل منتظم كلّ أربعة أشهر للفحص العامّ والتنظيف.وأذكر
    قال لي الطبيب مرّة: لو كلّ النّاس مثلك يأتون إلى العيادة بانتظام للاهتمام بصحة ونظافة أسنانهم؛ لكسد عملنا ودخلنا في البطالة…فلو حلّ السّلأم والأمن في العالم لكسد مجلس الأمن؛ ولوجد أعضاءه أنفسهم في بطالة وكساد.لذلك الكيان الصهيونيّ ( يعرف ) حقيقة مجلس الأمن؛ فهو يتماهى معه وفق معادلة: لا تعلن عداوتي جهارًا؛ ومارس عدوانك ليلًا ونهارًا؛ ثمّ استغيث بنا كلامًا.

  2. يقول الغريب:

    ارى ان الحكومة المتطرفة الاسرائيلية تريد ان تجهض على هذا القرار الذي سيوقف الحرب مع غزة ويفرض عليها حينئذ التوجه لحزب الله الذي تخشاه وخاصة ان جيشها منهك لا يمكنه بدء مواجهة جديدة, فعلى المقاومة في غزة ان تستعد للمواجهة فترة اخرى حتى النصر الكامل

  3. يقول القرار لا يسمن و لا يغني من جوع👀👀:

    مازالت أتذكر عندما إحتل صدام حسين الكويت👀 كانت كل قرارات مجلس الأمن تفرض عقوبات على العراق من إجباره على الخروج من الكويت.👀
    و لكن مجلس الأمن لا يفرض على إسرائيل عقوبات إذا لم تخرج من غزة.👀
    إذن لماذا ستخرج إسرائيل من غزة. 👀

  4. يقول ابن الوليد. المانيا. ( و على تويتر ibn_al_walid_1@ ):

    نعرف للأسف الشديد أن قرارات مجلس الأمن لا تلزم اسرائيل في شيئ..
    .
    أرى أن القرار الأخير هو نوع من ضغط محتشم من أمريكا على نتانياهو.. فقط..
    .
    القرار ركز كثيرا على اطلاق صراح المحتجزين لذى حماس.. والخوف من أن يقرأ
    الغرب القرار بانتقائية.. بمعنى ان يركز على هذه النقطة .. وتحميل حماس مسؤولية
    عدم احترام قرار مجلس الامن.. أو ان يجعل الغرب من هذه النقطة .. نقطة الانطلاق
    لتفعيل قرار مجلس الأمن.. لتجريد المقاومة من أهم سلاح لذيها.. وهو المحتجزين..
    .
    لكن دولا أخرى مثل اسبانيا اصبح لذيها النصف الآخر من الكأس.. بمعنى أصبح لذيها
    بنود لقرار مجلس الأمن ستبني عليه شرعية تحركاتها.. وقد تفعل دول أخرى ايضا…

  5. يقول عماد غانم:

    في كتابه “حياتي مع طالبان” يورد الدبلوماسي والشاعر “عبد السلام ضعيف” حادثة السماد الإيراني الرخيص الذي أتلف مشروعات أفغانستان واغتيال دبلوماسيين إيرانيين أدى لتازم العلاقة بين البلدين إبان حكم طالبان 1996-2001، ارتفعت شعبية طالبان كمقاومة للاحتلال وعادت لتنخفض بعد عودتها للسلطة 2021
    في تقرير لنيويورك تايمز ، افضل من حكم مصر منذ ثورة يوليو ، العسكر ما بين تنحي مبارك وانتخاب مرسي، تهاني الجبالي تقدم استشارات قانونية وفايزة ابو النجا اممت استثمارات أوروبية وخليجية مشوهة بحجم 6 أضعاف قناة السويس؛ بلا عرقلة برلمان ونقابات بمحسوبيات وتسويات
    نهاية مايو المنصرم انخفضت شعبية حماس في غزة من 52% إلى 46% وارتفعت في الضفة من 64% إلى 71% عنها منذ 3 شهور/ مارس 2024
    امريكا سمت مشروعها ب”الإسرائيلي” ونال إجماع مجلس الأمن ، التحدي الذي تواجهه حماس في إدارة الحرب والمفاوضات: السلطة والمقاومة لا يعملان بنفس الاتجاه

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية