ابتزاز سياسي بغطاء إنساني: بين التهجير وإخراج حماس

حجم الخط
13

ألقى يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، أول أمس الخميس، تصريحات خطيرة خلال مداخلة له في «القمة العالمية للحكومات» في دبي، قال فيها صراحة إن بلاده «لا ترى بديلا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة حتى الآن» واصفا إياها بأنها «صعبة» ولكن «لا وجود لخيارات أخرى».
خطة ترامب المقصودة تتمثّل طبعا بتصريحاته المتكررة حول ضرورة إفراغ غزة من سكانها الذين يقارب عددهم المليونين وأربعمئة ألف نسمة، وتهجيرهم إلى مصر والأردن المجاورتين، واستيلاء الولايات المتحدة الأمريكية على القطاع الذي سيعاد تطويره ليتحوّل إلى «ريفييرا» الشرق الأوسط!
كان لافتا، تعليق رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون (والمعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل)، في الفعالية نفسها التي حضرها العتيبة، والذي اقترح ساخرا «نقل سكان غزة الى مزرعة ترامب في فلوريدا» لأنها «مكان رائع جدا إذا كنت تريد توطين ملايين الأشخاص هناك».
في المقابل، ورغم الاحتفاء الإسرائيلي بتصريحات ترامب، فإن زعيم المعارضة، يائير لابيد، قال إنه لم يفهم تفاصيل ما سمّاه «قنبلة ترامب بشأن غزة» فيما أفاد رئيس الوزراء الأسبق، ايهود باراك، أنه لا يؤيد الحديث عن الأوهام، معتبرا التصريحات «محاولة لهز الحكام العرب لإجبارهم على طريقة عملية للتدخل فيما يحدث في غزة»
تعاطت الدول العربية بجدية مع هذه التهديدات فزار الملك الأردني عبد الله الثاني واشنطن والتقى ترامب، وبحث الزعيمان، حسب بيان «البيت الأبيض» «هدف الرئيس (ترامب) المتمثل في إعادة إعمار غزة بشكل جميل بعد انتهاء الصراع، وتوفير خيارات لسكان غزة تضمن لهم العيش بأمان وكرامة، بعيدا عن استبداد حماس» فيما أكد العاهل الأردني في تغريدات على موقع «إكس» أنه أوضح للرئيس الأمريكي «موقف بلاده الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية».
من جهة أخرى سرّبت مصادر أمنية مصرية أن الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي لن يسافر الى واشنطن إذا كان جدول الأعمال يشمل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وأكد السيسي وعبد الله الثاني، بعد ذلك توافق بلديهما على ضرورة «إعادة إعمار غزة بشكل فوري» مع التأكيد على التعاون مع أمريكا «لتحقيق السلام الدائم وفق حل الدولتين» فيما أكدت الخارجية المصرية (12 شباط/فبراير) التزام القاهرة بـ»بقاء الفلسطينيين في أراضيهم» مع تأكيد ضرورة «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ حل الدولتين».
حسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية فإن الرد المصريّ على «خطة ترامب» يؤكد على بقاء الغزيين في القطاع، وتشكيل «لجنة خبراء فنيين من مختلف أنحاء غزة» لإدارة القطاع، وتولي «قوات فلسطينية تدربها دول عربية مهمة حفظ الأمن» و«الحصول على مصادر تمويل عامة وخاصة وعقد مؤتمر للمانحين» و«اعتماد خطة لإعادة الإعمار تركز في مرحلتها الأولى على استعادة الخدمات الأساسية وتوفير المأوى للسكان».
وراء الواقع الموازي الذي تصدر عنه تصريحات ترامب، والتعبيرات الدبلوماسية العربية المواربة، الأكيد أن «مطابخ» السياسة، في أمريكا وإسرائيل والدول العربية، تحاول الهبوط من المطالب الجنونية لترامب، وتركز على التعاطي مع قضية وجود «حماس» وهو ما يمكن استشفافه من تصريح أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، الذي قال إنه «إذا كان من مصلحة الفلسطينيين أن تتنحى حماس فلتفعل ذلك» وهو ما لقي تأييدا من أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي محمد بن زايد، معتبرا أن على الحركة «تقديم مصلحة الشعب الفلسطيني على مصلحتها الخاصة» «خاصة في ظل الدعوات لتهجير الفلسطينيين».
الخيار، حسب قرقاش إذن (وهو مستشار لرئيس الإمارات)، هو بين «تهجير الفلسطينيين» أو «تنحّي حماس» أي أن التهديد بـ»ريفييرا الشرق الأوسط» مقصوده إخراج «حماس» من المعادلة، متجاهلا أن حماس وكوادرها فلسطينيون، وهذه أرضهم، أما فكرة المقاومة (سواء كانت تحت اسم حماس أو غيرها) فمن المرجح استمرارها طالما يوجد احتلال.
أما بالنسبة للعتيبة، الذي لا يرى بديلا عن حل ترامب الداعي للتطهير العرقي لأهالي غزة (وعلى الأغلب التطهير العرقي لأهالي الضفة الغربية لاحقا)، فنأمل أن يساهم بإيجاد هذا البديل الذي يتضمن إعادة الإعمار من دون طرد الغزيين من أرضهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

    واضح متذ البداية ان الهدف الرئيسي هو اخراج حماس
    بطريقة غربلة لعناصرها .. او ترك غزة لهم ليسهل
    اصطيادهم..
    .
    لأنه حتى ولو امطرت قنابل الدمار الشامل على مدار
    الساعة على غزة.. لن تختفي حماس مل دام هناك
    ناجون من الندمير.. وهذا صراحة ليست بطولة لحماس
    بقدر انها حدود العمليات الحربية..
    .
    ويبدو ككل مرة ان عناصر حماس لهم ملاجئ يختبؤون
    فيها.. بيد ان باقي الغزاويين لهم السماء..
    .
    الوضع على الارض هكذا..
    .
    ويبدو ان بعض الدول العربية توافق على اخراج حماس..
    لكنها لا توافق على تهجير الغزاويين.. وصراحة.. الى متى..
    .
    وها نحن نقرأ ما قاله العتيبة.. وما نسمعه في مصر
    بتوطين جزء من الفلسطينيبن في الحدود … جزء
    بجزء… كل واحد بعود بعد بناء منازله.. ولعلها مقاربات
    لاخراج حماس بدون تهجير الغزاويين… فالى متى..
    .
    هنا لابد لحماس ان تفعل شيئا… فهل ستفعل..
    .
    فالامر جلل..
    .
    انا اوافق العتيبة على انها معضلة.. لا اوافقه في الحل..

    1. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

      قرأت قبل قليل ان حماس اعلنت انها غير مهتمة بادارة غزة في الفترة المقبلة..
      .
      يبدو انها بدأت ترجع الى رشدها والى الامر الواقع..
      .
      رغم ان كلمة “مقبلة” قد تكون قنبلة موقوتة.. فماذا بعد “المقبلة”.. ومتى تنتهي هذه “المقبلة”.. ومن يقرر نهايتها..

  2. يقول رضا تونس:

    الدنيا مواقف و الرجال بتشبثهم بالمبادئ و الحق و أمثال العتيبة بعيدون كل البعد عن هذا
    فلسطين ليست للبيع أو المساومات في سوق النخاسة الإمبريالي و الصهيوني هي قضية أرض مغتصبة بالقوة الغاشمة و التأمر و القتل والتشريد و لا بد من تصفية هذا الكيان المجرم النازي وإعادة الحقوق الى أصحابها
    الشعب العربي من المحيط الى الخليج لن يقبل بغير ذلك ولا يمكنه القبول بالتخلي عن حقوقه في تحرير فلسطين كاملة بدون نقصان و لا مكان لأي مستعمر فوق أرض العرب

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية