لندن ـ «القدس العربي»: بعد إنجاز اتفاق وقف إطلاق نار ـ هشّ ـ مع لبنان، بدا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عادت لتطلق ما يشبه مبادرة جديدة لتكثيف جهود وقف إطلاق النار في غزة.
الأمر لن يكون سهلًا، يؤكد مسؤول أمريكي سابق لـ«القدس العربي»، في الوقت الذي تبرز فيه تركيا لاعبًا محتملًا في المساعي المتجددّة لإنهاء الحرب.
فقد أعلن بايدن هذا الأسبوع أن إدارته ستبذل «جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب من دون وجود حماس في السلطة».
ومطلب إزالة «حماس» من «السلطة» في قطاع غزة، هو أحد أهداف الحرب المدمّرة التي تعلنها حكومة اليمين الإسرائيلي.
لكن طوال شهور وعلى مدى أكثر من عام، كان فيها الوسيطان القطري، والمصري، يعملان من أجل التوصل إلى اتفاق، ووقف معاناة سكان القطاع، كان الجميع يصطدم بالمواقف المتصلّبة والمناورَة لرئيس حكومة اليمين الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولم يكن نتنياهو ـ وهو بالكاد أخفى ذلك ـ مهتمًا بالتوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقيّ.
وقد عاد نتنياهو، بعد تصريحات بايدن الأخيرة، ليؤكد موقفه هذا. وقال الخميس إنه قد يوافق على وقف إطلاق النار، ولكن ليس على إنهاء الحرب، بعد أن خيّر في تصريح قبل ذلك سكان غزة جميعًا بين «الموت او الحياة».. حرفيًّا.
كما زعم أنه بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» يحيى السنوار، و«فصل الجبهات بين غزة ولبنان، تغيّرت شروط صفقة التبادل لمصلحة إسرائيل».
وتعتقد أوساط غربية بأن نتنياهو لا يبدو مهتما حقيقة بتقديم تنازلات تفضي إلى صيغ تشبه تلك التي جرى التفاوض عليها خلال الفترة السابقة، ولم تعد الخلافات السابقة، كمثل المطلب الفلسطيني بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وهو مطلب وطني فلسطيني ولا يقتصر على حركة «حماس» فحسب، هي الوحيدة العالقة.
وكشف الإعلام الإسرائيلي خلال الفترة الأخيرة، خططًا وتفاصيل تؤشر على نية إسرائيل البقاء طويلًا في قطاع غزة ـ إن لم يكن تكريس واقع الاحتلال الدائم كما يدعو بعض الوزراء في حكومته علنًا، وفي مقدمتهم الوزيران الأكثر تطرفًا إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ووزراء آخرون برز منهم أخيرًا يتسحاق غولدكنوف وزير الإسكان وزعيم حزب «التوراة الموحدة» ووزير التراث عميحاي بن إلياهو (حزب القوة اليهودية) ووزراء في «الليكود».
وفضلًا عن هذه المواقف، أشارت تقارير الإعلام الإسرائيلي إلى خطط إسرائيلية لاحتلال طويل المدى في غزة.
وتحدث تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عن نيّة إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة، من خلال خطط لتقسيم القطاع إلى 4 محاور منفصلة، وتهجير معظم سكان شمال غزة الذي يواجه اليوم حرب تهجير قسري لسكانه، وتقلّص عدد ساكنيه من نحو مليون كانوا يعيشون فيه إلى أقل من مئة ألف حاليا، وقدّرتهم وكالة «الأونروا» أخيرا بين 65 و75 ألفًا، وقالت إن ظروف بقائهم أحياء تتضاءل مع استمرار الهجوم الإسرائيلي على الشمال منذ نحو شهرين.
وعلى الرغم من نفي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، العائد حديثا إلى الائتلاف، نيّة إسرائيل السيطرة على القطاع بحسب تصريحاته من براغ الخميس، إلا أنه جدد التأكيد أن «إسرائيل ستنهي الحرب في غزة عند تحقيق أهدافها»، وتحدّث عن الحاجة إلى «شريك فلسطيني موثوق» كبديل عن حركة «حماس».
وهذا الشريك لا تزال حكومة نتنياهو ترفض أن يكون السلطة الفلسطينية، في حين تعبّر إدارة بايدن علنًا على الأقلّ، عن دعمها عودة السلطة، ووحدة قطاع غزة والضفة الغربية.
ويصطدم المسعى الأمريكي الجديد، للإدارة الراحلة قريبًا، بموقف مبدئي لحركة «حماس» يطالب بوقف العدوان «ضمن محددات توافقنا عليها وطنياً، وهي وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وانجاز صفقة تبادل للأسرى حقيقية وكاملة».
وتبدي «حماس» مرونة علنية في الرغبة بالتوصّل إلى اتفاق، مع استمرار الاتصالات بينها وبين الدول الفاعلة، وآخرها الجانب المصري.
لكن فشل مساعي إدارة بايدن في الدفع باتجاه التوصّل إلى اتفاق في المرحلة السابقة، حكمته عوامل عديدة لها علاقة بالسياسة الأمريكية-وليس بموقف نتنياهو وحكومته فحسب.
ومن بين هذه العوامل التي أثارت نقاشا في الأوساط الإعلامية والسياسية، الدعم غير المشروط لإسرائيل، ومدّها بما تحتاج إليه من السلاح، الذي أضعف نفوذها كطرف وسيط، ودفعها إلى استخدام حقّ النقض «الفيتو» مرات عدة ضد قرارات وقف إطلاق النار، وضد مقترحات تقدمت بها دول منتخبة في مجلس الأمن.
ويضاف إلى ذلك ما يؤخذ على الإدارة من عدم فاعلية لجهودها، وغياب النيّة الحقيقية في تغيير استراتيجية إسرائيل العسكرية، فضلا عن عوامل داخليّة ارتبطت بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأخرى إقليمية فرضتها عوامل الحرب على جبهة لبنان، والصراع في بقيّة «الجبهات» مع «محور المقاومة» وإيران.
وقد لا يكون المسعى الحالي لإدارة بايدن، أفضل حظًا من سابقه.
الحاجة إلى استراتيجية جديدة
يقول السفير الأمريكي السابق لينكولن بلومفيلد، لـ«القدس العربي»، إنه «لم يتبقَّ الكثير من الوقت في إدارة بايدن. ومع ذلك، لا يزال هناك رهائن أمريكيون وكذلك رهائن إسرائيليون لم يتم استردادهم من غزة. وعلى الرغم من أن إسرائيل تستخدم القوة العسكرية ضد حماس، التي هاجمتها واستمرت في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، هناك حاجة إلى نتيجة استراتيجية تكون مفيدة، بحيث يتمكّن الفلسطينيون في غزة من التعافي، وتكون إسرائيل آمنة، ويتمكن المواطنون الإسرائيليون من العودة إلى منازلهم في الجنوب بدون خوف».
وبرأي بلومفيلد، الذي شغل عددا من المناصب المهمة في خمس إدارات أمريكية من بينها منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ومستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأمريكي، فإن نجاح إدارة بايدن في هذا «يتطلب دبلوماسية وتسوية»، فـ»بعد اتفاق وقف إطلاق النار عبر التفاوض في لبنان، يبدو واضحًا أن الرئيس بايدن وفريقه حريصون على متابعة نهاية سياسية للوضع، وحلّ يسمح بتقديم الدعم الإنساني لسكان غزة، ويُنهي، إذا جاز التعبير، العملية العسكرية، وينتقل إلى خطّة تتضمن بعض التدابير الأمنية التي يمكن لإسرائيل الوثوق بها، وتستقر من خلالها الأوضاع».
ويقرّ بلومفيلد بأنّ «الأمر لن يكون سهلاً.»
لكن الدكتور مراد أصلان، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية، والباحث الرئيس في مركز «سيتا» التركي للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يرى أن سياسة بايدن كانت منذ البدء خاطئة في ملف التفاوض على وقف إطلاق نار في غزة.
ويقول أصلان لـ«القدس العربي»، إن الدولة الوسيطة يجب أن تكون محايدة، وأن تكون العلاقات متوازنة مع أي طرف في النزاع، و«هذا كان خطأ القيادة الأمريكية. إذ أرسلت أسلحة وذخائر إلى إسرائيل، وفي الوقت نفسه ضغطت على كلا الطرفين للقبول. فبصفتك وسيطًا، لن يكون ذلك مقبولاً، أو على الأقل لن يكون حلاً طويل الأمد».
مع ذلك، عبّرت إدارة بايدن في أكثر من مناسبة عن عدم اتفاقها مع سياسات نتنياهو، ولا سيما لجهة استمرار الحرب واحتلال غزة، وإن كانت دأبت على تحميل «حماس» وحدها تبعات كلّ فشل.
ويشير السفير بلومفيلد، في حواره مع «القدس العربي» إلى استمرار الخلاف بين الإدارة الحالية وسياسات الحكومة الإسرائيلية بشأن أهداف الحرب في غزة.
ويقول «حكومة إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو، قاومت الخطوات السياسية وحتى بعض التدابير الإنسانية. أعتقد أن هذه مهمة صعبة، لكن إدارة بايدن تدعم إنهاء الأزمة، واستعادة الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة».
ويرى الدبلوماسي الأمريكي السابق، أن هناك اختلافًا في السياسات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في موضوع الانسحاب، ويقول «لا أستطيع القول إنني متفائل، لكن من الضروري محاولة تحويل هذا العام المروع والمدمّر من العنف في إسرائيل وغزة، والذي بدأ بهجوم 7 أكتوبر، إلى وضع يؤدي إلى مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا لإسرائيل والفلسطينيين الذين يعيشون بجوارها مباشرة».
وعندما نسأل بلومفيلد عن أي حلّ تتحدث عنه إدارة بايدن في ظل موقف نتنياهو وحكومته الذي يصرّ على إبقاء الاحتلال، على الأقل لمدى غير منظور، فضلا عن رفض صيغ حكم لغزّة تستند إلى شرعية تمثيل السلطة الفلسطينية، يقول: «أعتقد بأنه من المفيد أن نتذكّر أن موقف حكومة رئيس الوزراء نتنياهو، بما في ذلك بعض وزرائه، يتعارض مع السياسة الأمريكية التي استمرت عبر ثمانية أو تسعة رؤساء سابقين، والتي كانت دائمًا تستند إلى قرار الأمم المتحدة 242 والتأكيدات التي قدمها الرؤساء الأمريكيون للأردن وآخرين بشأن تنفيذ قرار 242. أعضاء حكومة رئيس الوزراء نتنياهو لا يقبلون بهذا. بعضهم لديه رؤية متطرفة بأن سكان غزة الفلسطينيين لا ينبغي أن يعيشوا هناك».
ويرى بلومفيلد أن «هذا يختلف عن السياسة الأمريكية التي تعود إلى عدة عقود. إنه اختلاف كبير».
لكنه يشير إلى أن الرئيس بايدن «لا يريد خلق نزاع مفتوح مع الحكومة الإسرائيلية في وقت يتطلّب فيه أمن إسرائيل مساعدة. ولكن هناك اختلافا كبيرا. ومن الجانب الأمريكي، لا أعرف ما الذي ستفعله إدارة (دونالد) ترامب القادمة، ولكن أعتقد أن إدارة بايدن تؤيد الفكرة القائلة بأن أمن إسرائيل يتطلب تطبيع العلاقات مع جميع جيرانها العرب، ويشمل مسارًا سياسيًا يمضي قدمًا للفلسطينيين تحت قيادتهم الذاتية وحكومتهم الذاتية».
ويبدو الدبلوماسي الأمريكي السابق، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس الفخري لـ«مركز ستيمسون» بعيدًا عن الفكرة القائلة بان إدارة بايدن قد تتجه في ضغطها على إسرائيل أكثر، باتجاه خطوات إضافية قد لا تتبناها كما هو واضح إدارة ترامب المقبلة.
وكان بعض الإعلام الإسرائيلي قد أبدى تخوفا من خطوات تقدم عليها الإدارة الحالية لإحراج نتنياهو أو تحميل الإدارة المقبلة موقفا لا تتفق معه.
وهو ما أشار إليه مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، الذي كتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن بايدن «قد يدعو الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته، فقط ليحظى بفرصة (الضحكة الأخيرة) ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي».
تنسيق مع إدارة ترامب
ويبدو هذا مستبعدا حتى الآن، في ظل التزام إدارة بايدن بالتنسيق مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب فيما يخص الصراع في الشرق الأوسط، وهو ما ظهر من خلال اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ومباركة الرئيس المنتخب الورقة الإسرائيلية التي جرى التفاوض عليها، وقدّمها إليه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي المقرّب من نتنياهو، رون ديرمر خلال زيارته فلوريدا في وقت سابق من شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
وعن هذا التنسيق بين الإدارتين يقول بلومفيلد لـ«القدس العربي»: «لا أعرف مدى الحوار بين فريق بايدن وفريق ترامب. أتوقّع أن يكون الرئيس المنتخب ترامب مؤيدًا إذا تم حل هذه المشكلة قبل توليه المنصب. أتصوّر أنه مسرور بتحقيق وقف إطلاق النار في لبنان، وأتوقّع أن تكون إدارة ترامب مؤيّدة إذا تم التوصل إلى حل لإنهاء هذه الأزمة، واستعادة الرهائن قبل العشرين من كانون الثاني/يناير من العام المقبل».
وتتزامن هذه المعطيات مع تقارير عن زيارة وفد أمني مصري إلى إسرائيل الخميس، وآخر من «حماس» نهاية الأسبوع، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
لكن الجديد في الملف، ظهر مع تصريحات بايدن التي أشار فيها إلى تركيا كدولة يمكن العمل معها من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار.
وقد سبقت تصريحات بايدن ما ذكرته أيضا وسائل إعلام إسرائيلية عن أن رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» رونين بار، زار سرًّا تركيا قبل نحو عشرة أيام، والتقى رئيس وكالة الاستخبارات التركية إبراهيم كالين، ضمن الحديث عن مساعي اتفاق حول غزة.
وبعد تصريحات بايدن التي أشار فيها إلى تركيا، عاد مسؤول أمريكي كبير في إفادة للصحافيين، إلى الإيضاح أن إدارة بايدن لا تعتبر تركيا وسيطاً جديداً بين إسرائيل و«حماس»، وأن «ما قصده الرئيس هو أن هناك أفراداً وأطرافاً معينة تقضي وقتاً الآن في تركيا، ولهذا تم ذكر تركيا» في إشارة غير مباشرة إلى نشاط لقادة «حماس» في تركيا.
وعندما نسأل السفير بلومفيلد عن رؤيته لدور تركي في هذه المفاوضات بعد المواقف الأمريكية الأخيرة، يقول «هذا سؤال مثير جدًا للاهتمام. لأن تركيا، تحت قيادة الرئيس (رجب طيب) اردوغان، تتبع نهجًا يشبه (كل الاتجاهات)، حيث تحافظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، ولكن أيضًا مع روسيا وإيران وأطراف أخرى في المنطقة»، و«في بعض الأحيان، كانت تركيا قريبة من الرئيس (بشار) الأسد، وفي أوقات أخرى كانت عدائية جدًا. من الصعب تحديد ذلك. نحن بحاجة لمعرفة المزيد من التفاصيل حول ما تروج له الحكومة التركية وما إذا كانت هناك أي قضايا تتعلق بالسيناريو المفّضل لديهم. لا أملك هذه التفاصيل.»
ولا يتّفق الدكتور أصلان مع هذا التّوصيف بشأن الدور الذي يمكن لتركيا أن تلعبه. ويقول ردّا على سؤال «القدس العربي»، إن «أي دبلوماسي يجب أن يبتعد عن الانخراطات التقليدية، وأن يلتزم بمتطلبات العصر الحديث» في الدبلوماسية، ويتساءل «ما هي هذه المتطلبات؟ يمكنك التعاون والمنافسة في الوقت نفسه. يمكنك القتال والتحدث في الوقت نفسه. يمكنك التفاوض، وفي الوقت نفسه، يمكنك تعليق كل شيء، في مناطق معينة، بناءً على تجزئة المشكلات».
وقد نجحت تركيا، عبر علاقاتها مع روسيا، في التوصّل إلى اتفاقات بما يخصّ الحرب في أوكرانيا، سواء ما يتعلّق «بالممرات الإنسانية الآمنة (واتفاقية الحبوب)، أو تبادل الأسرى».
ويذكّر أصلان، بما حصل في الأسبوع الأول من الحرب في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. ويقول «كانت الحكومة التركية حذرة جدًا في صياغة الخطابات ومتوازنة جدًا في تعاملها مع أي طرف في المنطقة. من ناحية أخرى، إدارة بايدن، وتحديدًا وزير الخارجية (أنتوني) بلينكن، بدأ جولة دبلوماسية، (في بداية الحرب)، ولكنه لم يزر تركيا مطلقًا، ولم يتشاور مع وزير الخارجية التركي حقّان فيدان. وهذا يعني أنهم استبعدوا تركيا. لا أعرف لماذا. أعتقد أن تركيا كانت في مرحلة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وكان يمكن لتركيا أن تساهم بشكل أكبر».
ويتابع شارحا تطوّر الموقف التركي: «من ناحية أخرى، في التصريح الرابع أو الخامس لاردوغان، كان أكثر انتقادًا للإسرائيليين بسبب الزيادة في عدد الضحايا المدنيين والاستهداف العشوائي. بعد ذلك مباشرة، أصبح من المستحيل إدراج تركيا، لأن الجانب الأمريكي، أو الإسرائيلي، اعتبرا اردوغان شخصية تُظهر تعاطفًا مع القضية الفلسطينية، وليس دعمًا مباشرًا».
وكان الرئيس اردوغان، وبعد تصريحات بايدن الأخيرة،
قال الخميس، إن إعلان الرئيس الأمريكي مبادرة جديدة «خطوة متأخرة للغاية، ولكنها مهمة».
وأضاف أن تركيا «لن تتردد في بذل كل ما في وسعها لتحقيق الهدوء والسلام في غزة».
ويوافق أصلان، في حواره مع «القدس العربي»، على أن الوقت لم يفت بعد.
ويقول «اردوغان قادر على ممارسة الضغط على حماس على الأقل لقبول شيء ما. ويمكن للإسرائيليين أن يقدموا بعض التعهدات الأخرى، ويمكن بدء عملية سياسية موازية ومنسقة بشكل جيد تمثل كلا الجانبين مباشرة».
وبرأي أصلان «يمكن للولايات المتحدة أن تعمل نيابة عن الإسرائيليين، ويمكن لتركيا أن تمضي قدمًا نيابة عن الفلسطينيين».
ويعتقد أصلان أن مواقف اردوغان في المنطقة، وتحديدًا مما يجري في فلسطين، والداعمة للشعب الفلسطيني والمدينة للعدوان، يمكن أن تحفّز الطرف الفلسطيني، للتعامل بإيجابية مع ما يطلب منها.
ويقترح من وجهة نظره الشخصية، صيغة تكون فيها تركيا وقطر، وربما مصر، ومجموعة من الدول، إطارًا للتفاوض، لكنه غير متأكد من قبول الإدارة الأمريكية لمثل هذا الاقتراح، بسبب الضغوط الإسرائيلية في واشنطن، وإدارة ترامب المقبلة التي ستتّبع سياسات أكثر انحيازًا لإسرائيل، معبرًا عن تشاؤمه وتوقّعه تطورات سلبية فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
وعن التنسيق بين تركيا وقطر في هذا المجال، في ظلّ الدور المحوري للدوحة في الوساطة، يقول أصلان إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زار تركيا في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، وعكست تصريحات الزعيمين القطري والتركي هذا التنسيق علانية.
ويرى أصلان أن القطريين يشعرون ببعض الاستياء من مواقف المحافظين الأمريكيين الذين يتهمونها باستضافة مكتب «حماس» على الرغم من أن «الولايات المتحدة دفعت قطر لقبول مكتب لحماس في البلاد كقناة غير مباشرة».
وكانت قطر أكدت أن وظيفة مكتب «حماس» في الدوحة، هو المفاوضات.
ويقول أصلان «أعتقد أن الجهود كانت تستحق التقدير، وقطر قامت بهذا الدور بشكل جيد جدًا. كما أن إسرائيل هي من أوقفت كل شيء بعد كل مفاوضات لوقف إطلاق النار. أعتقد أن قطر أدت دورًا عظيمًا، في رأيي».
إذا كان الرئيس جو بايدن يريد الخروج من منصبه وقد اتخذ قراراً سياسياً مهماً فعليه الامتناع عن استعمال الفيتو ويسمح لمجلس الأمن للامم المتحدة بقبول دولة فلسطين كعضو كامل في الامم المتحدة.