يُحكى أن شاباً من إحدى القرى ذهب للدراسة في المدينة، وكان يجلب معه بين الحين والآخر إلى المدرسة عنقوداً من العنب، وكان يعطي قسماً منه لأحد زملائه في الصف، وكان زميله يسأله دائماً: هل فعلاً تقطف العنب من شجرة؟
فكان ابن القرية يؤكد له ذلك المرة تلو الأخرى بأن العناقيد تتدلى من دالية، لكن ابن المدينة كان يشكك دائماً، ولا يصدق أن مثل هذه الفاكهة الطيبة يمكن أن تكون ثمرة دالية، فقرر زميله أن يدعوه ذات يوم إلى القرية ليشاهد بأم عينيه كيف ينمو العنب، وفعلاً جاء الشاب إلى القرية ودخل مع صديقه إلى كرم عنب كبير، فشاهد مئات العناقيد المتدلية من الداليات، فسأل زميله ابن القرية، هل يمكن لي أن آكل عنقوداً، فقال له: بإمكانك أن تأكل ما تريد، لكن دعني أسأل أخي أولاً، فهو صاحب البستان، فاتصل بأخيه وقال له إن زميله ابن المدينة يريد أن يأكل العنب، فقال أخوه: دعه يأكل حتى يبدأ بالتقشير، فسأله وماذا تعني بالتقشير، فقال الأخ: دعه يتناول كمية كبيرة من العناقيد حتى يُصاب بالتخمة، ويضطر حينها إلى أن يتسلى بتقشير حبات العنب بعد أن يكون قد شبع تماماً.
تذكرت هذه الحكاية، خلال جولة في عدد من البلدان الغربية، حيث استمعت من أحد المهتمين بالحياة الأوروبية إلى قصص عجيبة غريبة حول ما أسماها بمرحلة «التقشير» التي وصلت إليها بعض المجتمعات هناك. لسنا هنا طبعاً بصدد تقشير العنب، بل بما أسماه صاحبنا عالم الأجنة الدكتور علاء الدين العلي بظاهرة (التقشير الحضاري). وقد لاحظ الدكتور العلي من خلال اختلاطه بالطبقات العلمية والطبية والاجتماعية في ألمانيا مثلاً أن تلك المجتمعات وصلت إلى ما يشبه مرحلة التخمة التي شعر بها ابن المدينة عندما زار زميله في القرية وتناول كميات كبيرة من العنب جعلته في النهاية يلجأ إلى التسلي بتقشير الحبات بعد أن وصل إلى ما يمكن تسميته ما بعد الشبع.
الذئاب في ألمانيا معرضة للانقراض والسلطات الألمانية تخصص سنوياً ميزانية هائلة للحفاظ على الذئاب؟
ويذكر الدكتور في هذا السياق أن أحد أصدقائه جاء إلى ألمانيا بهدف الاستثمار، فاشترى قطعة أرض كبيرة لينشأ فوقها عدة مبان، لكن عندما قدم طلباً للحصول على رخصة بناء من البلدية، جاءت لجنة لفحص الأرض، فوجدت فيها أوكاراً عدة للنمل، وهنا بدأت التعقيدات تتزايد في وجه المستثمر العربي، حيث أخبرته البلدية أن الأرض التي سيبني عليها بعض العمارات فيها أنواع مختلفة من النمل، وبالتالي لا بد من تأمين سلامة النمل الجسدية والنفسية قبل البدء بعمليات البناء، فظن المستثمر أنها نكتة، لكنه تأكد لاحقاً أن البلدية لم تكن تمزح معه، بل لديها الكثير من الاعتراضات قبل أن تمنحه الموافقة، وفعلاً أرسلت إلى الأرض خبيراً بعلم نفس النمل ليدرس كيف سيكون وضع النمل فيما لو بنى المستثمر بنايات على تلك القطعة، وكيف سيتأثر النمل بعد ذلك. هل سيتضرر نفسياً وجسدياً؟ وفعلاً طلبت البلدية من المستثمر أن يرسل لها بعض مواد البناء التي سيستخدمها كي تتأكد أنها لن تكون ضارة أو سامة لأوكار النمل في تلك القطعة من الأرض. وبعد انتظار طويل وأخذ ورد قرر المستثمر أن يتخلى عن المشروع بعد أن أزعجته البلدية بشروطها الكثيرة والقاسية للحفاظ على صحة النمل الجسدية والنفسية.
وفي حادثة أخرى، اشترت إحدى الجهات عمارة قديمة في ألمانيا لتحويلها إلى مستشفى، لكنها اكتشفت أن هناك عشرات الأعشاش لطير الخفاش، وأن عملية البناء ستؤثر كثيراً على حياة الخفافيش. وقد تدخل حزب الخضر بكامل قوته ليمنع المشروع بسبب أضراره الكثيرة على أعشاش الوطاويط.
لم يتوقف الألمان فقط عند تعطيل مشاريع عدة حفاظاً على حياة النمل والخفافيش، بل ذهبوا أبعد من ذلك بكثير في عملية (التقشير الحضاري). هل تعلمون مثلاً أن الذئاب في ألمانيا معرضة للانقراض وأن السلطات الألمانية تخصص سنوياً ميزانية هائلة للحفاظ على الذئاب؟ تصوروا أن لديها أسطولاً من الطائرات المروحية مهمته أن يطير بين الحين والآخر فوق مناطق الذئاب، ليرمي لها مئات الكيلوغرامات من اللحوم كي تبقى على قيد الحياة. وتبلغ تكلفة إقلاع كل طائرة آلاف اليوروهات، ناهيك عن تكلفة اللحوم والطيور التي تشحنها إلى الذئاب. والأغرب من ذلك أن هناك أطباء ومختصين وظيفتهم مراقبة عمليات التكاثر لدى قطعان الذئاب، وهم يعرفون عدد الذئبات الحاملات، ومتى ستكون عمليات الولادة لدى كل ذئبة حامل.
نعم إنه (التقشير الحضاري) فبعد أن وصلت تلك المجتمعات إلى حد التخمة الحضارية على كل الأصعدة تقريباً، صارت مثل صاحبنا الذي بدأ يقشر العنب بعد أن شبع تماماً. والسؤال يا ترى، كم نحتاج نحن العرب كي نشبع أولاً؟
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
والسؤال يا ترى، كم نحتاج نحن العرب كي نشبع أولاً؟
ليس الكثير فقط مسافة السكةالى المانيا
مع احترامي للدكتور فيصل الذي اتابع مقالاته دائما الا انني أعتقد أن التوصيف الحضاري لا ينطبق على ما ذكر فهو قريب من التقشير المادي البحت الذي تحقق بدون اي معطيات حضارية وانسانية واخلاقية والا كيف تبرر قيام هذا المجتمع بعمليات إبادة جماعية خلال القرن الماضي لاعراق مختلفة من اليهود والروس والغجر وغيرهم وكيف بالله عليك تبرر الدعم اللامتناهي لإسرائيل في عملية الابادة والحرق التي تقوم بها بحق الشعب الفلسطيني. الحضارة هي منظومة تضم كافة النشاطات الإنسانية التي تقوم بها المجتمعات من دساتير وقوانين ودين يدعو إلى مكارم الأخلاق والتعامل السامي مع كافة المجتمعات في العالم
ما وصلوا الى مرحلة التقشير الحضاري الا باستغلال ثروات الشعوب عبر القارات، ومنذ زمن بعيد،وبالتفوق الصناعي الاقتصادي والعسكري الذي جعلهم يتحكمون في باقي الامم ويقتاتون ويقشرون العنب على حسابهم.
ولو اكتفوا بما لديهم من ثروات ويد عاملة لما اشبعوا عيالهم،فضعفهم وهلعهم ظهر جليا في فترة انتشار وباء كورونا…….وفي ضغط الروس الآن عليهم، فهم يكابرون….
شخصيا لا أراها عملية ” تقشير حضاري ” بل ضرورة ملحة للبقاء والاستمرار في الحياة على هذا الكوكب الوحيد للحياة بيد الإنسان.
ما لا ندريه نحن في أوطان لا تزال تتحارب ضد الجوع والمرض هو أن هذه الكائنات لها ارتباط وثيق بحياة الإنسان, ذاك النمل الذي ترعاه ألمانيا هو غذاء للطيور, فإن غاب النمل غابت الطيور , هذه الطيور الصغيرة بدورها غذاء لطيور أكبر منها كالنسور مثلا . أما الخفاش فهو منظف لأنواع عديدة من الحشرات من بينها حشرات ضارة.
ليست ألمانا وحدها من تتصرف بهذه الطريقة , بل كل دولة وصل بها العلم والتقدم مرتبة فهم وتقدير حياة الحيوان والنبات ومدى تأثيرها على البشر أنفسهم, هو العلم , علم بيولوجيا الأحياء فقط.
ألف شكر لهم. هم يهدرون أوقاتهم في العلم النافع وبعضنا لا يزال يناقش بأي رجل سيدخل الحمام ؟
يدافعون عن حقوق الحشرات والحيوانات ويتحالفون على ابادة الانسان، في غزة وفلسطين، انه الكيل بمكيالين، واظهار الرقة واللطف واخفاء القسوة والوحشية !!!
ألمانيا و الولايات المتحدة و الدول الغربية عموما يهتمون لحياة النمل و الخفافيش والذئاب ولكنهم لا يهتمون لحياة أطفال غزة و أطفال سوريا و أطفال السودان الذين يمو تون بسبب الحروب و المجاعات
هذا دليل على تفاهة الغرب و ليس حضارتهم ودليل غلى الافلاس الديني والقيمي ومن صنع لهم هذة الهالة هم نحن العرب
لا أدري.. لما نلوم الآخرين.. وننتظر منهم الحنان والشفقة علينا.. والتدافع بين الأم هو قانون طبيعي
مثل إلجادبية.. ولولاه.. لفسدت الحياة فوق الأرض..
.
التدافع هو سنة كونية.. نجد الدرات تتدافع..
والمجرات.. ونجد أصناف الحيوانات تدافع.. وحتى
النباتات..
.
ها هو الأمر ملخص بالواضح من رب العالمين…
فهل هناك أبلغ.. وأوضح..
.
{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}
.
علينا نحن معشر العرب أن نجد لنا ماكنا في هذا الكون
بقوانينه كما هي.. وأن نرى أنه حين تدفعنا أمم..
فالأمر طبيعي.. وجب علينا أن ندفعهم فقط.. بدون
بكاء.. ولا مظلومية..
.
لكن.. كيف ندفعهم.. هنا الإشكال..
.
الأمر هنا ليس على المستوى الفردي.. بل على
مستوى الجماعة.. والمجتمع…
.
هنا أيضا قانون صارم مثل الجادبية.. وهو أن الأمر
بيد الجماعة.. وليس في يد دول أخرى.. والقانون
عادل بين الأمم.. والجماعة تتحمل مسؤولية
استخدامه سلبا .. أو ايحابا.. القانون هو:
.
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
.
يتبع رجاء 1
التغيير مضمون للجميع.. وهو بيد الجماعة.. فالآية
تخاطب الجمع وليس الفرد .. وها نحن رأينا عدالة
القانون عند أمم غيرت .. وهي مزدهرة.. ويحق لها
دفع الأمم الدين لم يغيروا.. وفق قانون الندافع..
ويحق لهم استكمال التغيير حتى بالاهتمام بالحجر
والنمل والحيوانات.. كل هذا مشروع .. وهنيئا لهم..
.
والعيب علينا نحن.. نحن وفقط..
.
وحينما دفعنا أمما أخرى في اسيا والاندلس.. لم
نهتم بفقراء الفيتنام.. بل كنا نعيش البضخ.. ونهتم
كذلك بقشور الأمور آنذاك.. وربما كان أقوام يتحدثون
عنا .. كيف نهتم بتربية أجود الخيول.. وهم ليس لهم ما يأكلون..
.
يا جماعة الأمور عادية.
.
بالمجرد.. ما يحدث الآن في الغرب فعلناه من قبل..
ما يعني اننا نستطيع.. وهذا واضح فالقانون أعلاه
عادل وفي يد الجماعة… أي جماعة..
.
ألم نهتم بحياة دودة القز في الأندلس.. بالله عليكم..
.
اللعبة مفتوحة.. وتلك الأيام نداولها ببن الناس..
.
ماعلينا سوى أن نعي هذا.. وأن مستقبلنا في أيدينا..
.
وان شاء الله ننهي اشكالية اليمنى أو اليسرى.. كي ندفع الآخرين..
.
آمين..
.
انتهى شكرا 2
هذه ليست أول مرة يكتب فيها (فيصل) مقال يتغزل فيه (بالغرب) الراقي و المتقدم و الحنون حتي علي الذءــــــاب في الغابة. لكن الذي رأي ليس كالذي سمع : الحياة في المانية ليست سهلة حتي للألمان أنفسهم و أغرب مايعيشه لإنسان في المانية هو حالة القنط علي الرغم من توفر كل الظروريات و حتي الكماليات .
أما عن موضوع البيـــءـــة فتطرف حزب الأخضر في هذا الموضوع وصل لدرجات متقدمة كتطرف حزب البديل في موضوع الهجرة.
بختصار الصورة ليست وردية و تبقي الحياة في الغرب مثيرة للفضول و تحتاج للمزيد من الدرس و البحث.
لكل شعب في العالم اهتماماته وميوله وعاداته وتقاليده وكل هذه لا تاتي من فراغ بل باسباب عديدة نتيجة تجارب وماسي واحزان وافراح والمهم التفريق بين مواقف الشعوب وبين مواقف حكوماتهم اتجاه مشاكل العالم والمانيا والغرب عموما لديهم مؤسسات علمية تهتم كل على حده بشؤونها واختصاصاتها ولا تخضع لاعتبارات سياسية ولكننا كشعوب بائسة نحاول تبرير عجزنا بانتقاد الاخرين وغزة فضحت عيوبنا فنحن كشعوب وحكوماتنا وقفنا نتفرج على ما يجري في غزة بينما شعوب العالم وجامعاتهم سبقونا بالوقوف مع الحق بسبب سبقهم الحضاري الذي يتندر عليه بعضنا