على قناة الجزائر الدولية التلفزيونية ظهر رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان، ليعبر عن تفاؤله بقدرة الفرنسيين والجزائريين على النجاح في وضع حد للأزمة الأخيرة بينهما. لقد قال في المقابلة التي بثت معه الأحد الماضي: «ما يمكنني قوله بحكم لقائي بالعديد من المسؤولين في فرنسا، سواء في الأوساط السياسية أو الاقتصادية، هو أن هناك ترقبا كبيرا وأملا في التوصل إلى حلول». مضيفا «وأنا أعلم أن كل طرف مستعد للقيام بدوره.. ونحن جميعا على استعداد للعمل على تجاوز الخلافات الحالية وإعادة فتح قنوات الحوار والتعاون». وبصرف النظر عما إذا كان مثل ذلك التفاؤل معقولا، أو زائدا عن الحد، فإن السؤال الآن هو هل يمكن لأي مسؤول جزائري حالي، أو سابق أن يظهر غدا على شاشة قناة تلفزيونية مغربية ليقول كلاما مماثلا عن الأزمة العميقة بين بلاده والرباط؟ وهل يمكن وبالمثل أيضا لأي مسؤول مغربي حالي أو سابق، أن يتحدث غدا على قناة تلفزيونية جزائرية مدليا بالتصريح نفسه حول العلاقات المغربية الجزائرية؟ بالطبع لا.
والسبب بسيط، فالقنوات التلفزيونية في البلدين لا تستضيف عادة إلا الأصوات المعارضة للنظامين، وهؤلاء يكتفون غالبا عند ظهورهم على تلك الشاشات بشن الهجمات على بعضهم بعضا، مستبعدين تماما أي احتمال لاتفاق أو تصالح بين النظامين.
لقد جرب المغاربة والجزائريون طويلا لوم بعضهم بعضا، وربما آن الأوان لهم أن يخوضوا تجربة جديدة وهي أن يستمع كل واحد منهم للآخر، وربما يبدو ذلك مثاليا
وكما يبدو فالأمر يتعلق في الجانبين بقضية وطنية بالنسبة لكل واحد منهما، لكن خارج ذلك ما الذي يطلب من أي كاتب أو صحافي مغاربي يخوض تجربة التطرق إلى معضلة من معضلات جيرانه الجزائريين والمغاربة؟ لا وجود لدليل عملي خاص، بما ينبغي فعله في تلك الحالة. لكن سيكون من الضروري طبعا على من يقدم على عمل مماثل، أن يملك معرفة واطلاعا جيدا على تفاصيل المشكلة، التي يكتب عنها، وأن يتوخى في كتاباته قدرا كبيرا من الحذر حتى لا يسقط في الانحياز إلى طرف دون الآخر. كما ينبغي عليه أن يعمل جاهدا على الالتزام بقواعد المهنية والموضوعية والحياد. لكن ما المقصود فعلا بكل ذلك بالضبط؟ هل معناه أن يحاول الكاتب، أو الصحافي أن يلف ويدور على المشاكل والأزمات والملفات العالقة بين الجانبين، ويغمض عينيه في كل مرة عن موطن الخلل، أو الداء جاعلا كل همه هو أن يمسك العصا من الوسط، ويسعى وبأي طريقة إلى ألا يغضب أي أحد؟ أم أنه ينبغي عليه ودون أن يحجب أو يطمس الحقائق أو يتغافل عنها، أو يستخدمها حجة لصالح طرف دون الآخر أن يضع في حسبانه دائما وأبدا أن تأكيد وتغليب منطق الحوار والتصالح والتقارب بين الجارتين، على أي منطق يمكن أن يدفع نحو التشاحن والتباغض بينهما، هو الخط الذي ينبغي له وتحت أي ظرف ألا يخرج عنه؟ إن واحدة من أوكد الأولويات التي ستطرح أمامه هي التفكير في الطريقة التي أهدرت بها ستة عقود كاملة منذ خروج الاستعمار الفرنسي من الشمال الافريقي في صراعات عبثية وعقيمة بين الجانبين الجزائري والمغربي. وهذا الأمر قد يكون مرات، حتى بوجود بعض المعطيات والوثائق نوعا من المتاهة.
ومع أن آراء المختصين قد تبدو في هذا الصدد مفيدة وضرورية، إلا أن تفاعل القراء وتعليقاتهم قد يكون ملهما وجديرا حقا بالاهتمام. وبالنسبة لي فإن الملاحظة التي لطالما لفتت انتباهي في هذا الجانب بالذات، هي أن قسما واسعا على الأقل من القراء، الذين يتابعون ما أكتبه أسبوعيا على هذه الصفحة، وفي علاقة بتلك المسألة بالتحديد كانوا دائما وأبدا ما يلحون عليّ، ومن خلال تعليقاتهم على مسألة يرونها جوهرية، وعلى درجة كبرى من الأهمية وهي، ضرورة توجيه أصبع الاتهام بشكل واضح ومباشر إلى طرف بعينه، واعتباره المتسبب الأصلي والوحيد في الوضع المتدهور والمزري الذي تعيشه العلاقات الجزائرية المغربية اليوم. وفي تلك الحالة كانت أحكامهم تبدو دائما ثابتة وقطعية. فبالنسبة لهم كان ذلك الطرف يتمثل، وفي كل الحالات في السلطات الجزائرية، إن كان المعلقون مغاربة، أو كان يختصر وعلى العكس في السلطات المغربية إن كان المعلقون جزائريين. ولطالما تساءلت في قرارة نفسي عن السبب الذي جعل هؤلاء يفكرون على ذلك النحو؟ وما الذي كانوا يبحثون عنه في نهاية الأمر من وراء تلك الرغبة المحمومة التي كانوا يظهرونها في حصر الاتهام في جهة دون الأخرى؟ هل كانوا يرغبون حقا ومن خلال نصب ما بدا وكأنه نوع من المحاكمات الشعبية، أو التاريخية لطرف من الأطراف في أن يسهموا في الدفع نحو إصلاح ذات البين وجمع شمل من وصفهما العاهل المغربي في إحدى خطبه بالشقيقين التوأمين؟
أم أن ما كانوا يتطلعون إليه وما كان يهمهم أكثر من غيره، هو أن يظهر كل واحد منهم بلده في ثوب الضحية، الذي يتعرض إلى مؤامرة شريرة وخبيثة من جانب جاره، ويجد نفسه مجبرا ومضطرا بالتالي للتصدي لما يراها تهديدات ومخاطر جدية تحدق به من جانب ذلك الجار المتهور والعدواني، الذي لم يراع أواصر الدم والقربى، ولم يحترم ما تفرضه وتقتضيه قواعد حسن الجوار؟ قطعا لن أدعي أني تابعت كل ما بث، أو نشر على امتداد العقود الستة الماضية في المنابر الإعلامية في البلدين، لكنني اطلعت على الأقل على قسم كبير منها. والشيء الذي يمكنني أن أجزم به هو أن وسائل الإعلام في الجانبين تحدثت في مرات قليلة ومعدودة ربما، عما يربطهما وعن القواسم المشتركة التي تجمعهما وعن مصيرهما الواحد. لكنها كانت وفي المقابل وفي معظم الفترات الأخرى تتجاهل عن عمد أي إشارة إلى ذلك، مركزة فقط على بعض المواقف، أو الاحداث أو التصريحات التي من شأنها أن تغذي الخلافات بينهما، وتجعل كل واحد منهما يبدو في نظر الآخر بمثابة عدو حقيقي وجار لا يؤتمن جانبه مطلقا. لكن ما النتيجة التي حصلت بعد ذلك؟ هل استطاعت كل تلك الاتهامات المتبادلة من الجانبين أن تدفع بهما ولو سنتمترا واحدا إلى الأمام؟ أم أنها كانت وما زالت تمثل عائقا صلبا أمامهما وتعيدهما باستمرار خطرات كبيرة إلى الوراء؟
من المؤكد أن الجميع يعرف الجواب، لكن لنتصور هنا فقط حال الأجيال التي ولدت في البلدين قبل ثلاثين عاما من الآن، أي منتصف تسعينيات القرن الماضي حين أغلقت الحدود البرية، فهل باستطاعتها أن تتمثل وتتصور بشكل مناسب وسليم نظيرتها في الجانب الآخر من الحدود؟ إن ما تعج به صفحات وسائل التواصل في البلدين من تبادل مخز للعبارات المليئة بكم هائل من الحقد والكراهية يغني عن أي تعليق. لقد جرب المغاربة والجزائريون طويلا لوم بعضهم بعضا. وربما آن الأوان لهم أن يخوضوا تجربة جديدة وهي أن يستمع كل واحد منهم للاخر. وربما يبدو ذلك مثاليا. لكن هل من حل غيره؟
كاتب وصحافي من تونس
يجب وضع الأصبع على الجرح…الصحراء الشرقية المقتطعة من المستعمر الفرنسي لصالح الجزائر الفرنسية آنذاك هو أصل المشكل…لذلك فمسألة الحدود الحقيقية هي مبعث كل الخلافات…و في نظري حتى لو تم التوصل إلى اتفاق لحلحلة هذا المشكل فلن يعدو أن يكون مرحليا، لأن الواقع سيفرضه القوي اقتصاديا و عسكريا، و هذا الأمر سيكون تارة هنا أو هناك، و هو في هذه المرحلة لا هنا و لا هناك!!
انت تطلب من الجزائرين خيانة عهد شهدائها . الرجال يموتون والاخرون يريدون بدون تعب.
هل تابعت يوما وسيلة اعلامية مغربية رسمية ،تتعرض للجزائر بسوء؟
هل سبق لأحد من مسؤوليتنا من أصغرهم درجة إلى أعلاهم قام بتصريح يسيء إلى الجزائر؟
بكل بساطة لان الأمر ممنوع عندنا من طرف الملك نفسه.
كل خطب الملك عندما يتعرض إلى الشقيقة الجزائر، يمد يده إلى السعي المشترك لبناء صرح مغربي قوي.
لماذا تصر الجزائر الشقيقة، المبالغة في مهاجمة المغرب شعبا وحكومة، بذريعة وقوفها مع البوليزاريو، وكان الأمر يتعلق بجزء من ترابها..فليكن للجزائر رأي مخالف، لكن لماذا لا تدع المؤسسات الدولية المسؤولة هي من يتولى الأمر.
حبذا لو بحثت في موضوع تدخل أطراف عديدة ،عربية ومليلية وحتى دولية للوساطة ورأب الصدع، وسترى موقف المغرب وموقف الجزائر ،