في شهر أغسطس/ آب عام 2005 وبعد الجلسة الأخيرة للحكومة الإيرانية، وفي الفترة الانتقالية بين التسليم والتسلم مع محمود أحمدي نجاد، خرج الرئيس الأسبق محمد خاتمي ليعلن وقف إيران الالتزام بالاتفاق، الذي سبق أن وقعته في أكتوبر/تشرين الأول 2004 مع الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) المتعلق بتعليق تخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز.
إعلان خاتمي، حمل في حينها رسائل واضحة للداخل الإيراني والمجتمع الدولي على حد سواء. وهي، أن القرار في التفاوض والتوصل إلى اتفاق حول القضايا المصيرية، كان يمر حتما بقناة الحكومة التي كان يرأسها، وأنه على الرغم من كل الاتهامات التي تعرض لها بالضعف والخوف من التهديدات الغربية والأمريكية، فهو لا يتردد في اتخاذ القرارات الجريئة والمصيرية التي ترتبط بموقف النظام، حتى إن كان هذا الدور صوريا، ويأتي من الدوائر التي تمتلك القرار الاستراتيجي، إلا أنه لم يسمح بأن تخرج إلى العلن عن طريق غير السلطة التنفيذية المعنية بالعلاقة مع المجتمع الدولي ومؤسساته.
هذه المرحلة التي كان الرئيس الحالي حسن روحاني شريكا فيها، انطلاقا من موقعه سكرتيرا للمجلس الاعلى للأمن القومي، وكبير المفاوضين في الملف النووي ممثلا مرشد النظام، انتهت مع وصول الرئيس الخلف لخاتمي، أي محمود أحمدي نجاد، إذ ادرك النظام سريعا الدور المعرقل والمخرب الذي يقوم به في اللحظات التاريخية والمصيرية، التي كانت تشهد إمكانية الاتفاق مع المجتمع الدولي، عبر الاتحاد الأوروبي، التي كان يقودها في تلك المرحلة سكرتير مجلس الأمن القومي علي لاريجاني، مع ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. ودفعت هذه السياسات التخريبية بلاريجاني إلى الاستقالة من منصبه، مفجرا أزمة بين مراكز القرار في النظام حول حدود الأدوار وحجمها.
وفي اللقاء السريع الذي جمع بين وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مع نظيرها الإيراني منوتشهر متكي في شرم الشيخ المصرية على هامش اجتماع دول الجوار العراقي، وجهت إيران رسالة واضحة للطرف الأوروبي بانها قادرة على الذهاب إلى مصدر القرار الدولي، وقدرتها على حل أزماتها في التفاوض المباشر، ليس فقط حول البرنامج النووي، بل حول كل الملفات الإقليمية التي تشكل مناطق اشتباك مع واشنطن. وكشف اللقاء حينها أن القرارات الاستراتيجية هذه لا تمر عبر قناة الحكومة ورئيس الجمهورية، وجاءت ترجمته من خلال الشخصية الإيرانية الثانية، التي شاركت في اللقاء بين رايس ومتكي وكانت القريبة من المرشد والمقربة من لاريجاني.
في عام 2013، وبعد انتهاء رئاسة محمود أحمدي نجاد، وانتخاب حسن روحاني، كانت المفاوضات السرية بين واشنطن والنظام الإيراني قد قطعت شوطا كبيرا، مفاوضات لم يكن أحمدي نجاد يعلم عنها الكثير، ولم يكن قادرا على لعب دور تخريبي في مساراتها، كما فعل في رئاسته الاولى، وشهدت السنتان الاخيرتان من ولايته الثانية توجها غير معلن من مرشد النظام، بكف يده عن القرارات المصيرية الداخلية والخارجية، خصوصا تلك المتعلقة بالمفاوضات التي تجري سريا مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووي وملفات المنطقة. مع وصول روحاني إلى الرئاسة، كان النظام قد قطع شوطا كبيرا من التفاهم مع إدارة الرئيس باراك أوباما في المفاوضات، التي قادها عن الجانب الأمريكي وزير الخارجية جون كيري، وعن الجانب الايراني وبتكليف مباشر من مرشد النظام، كل من محمد جواد ظريف وعلي أكبر صالحي وزير خارجية أحمدي نجاد، وبالتالي فإن ما حصده روحاني من مفاوضات مباشرة مع دول مجموعة 5+1 في فيينا وجنيف لم يكن شريكا مباشرا فيه، وإن كان غير بعيد عن الإطار العام لما يجري من نقاشات ومفاوضات كغيره من القيادات الإيرانية، التي تقوم بدور استشاري في فلك مرشد النظام. روحاني الذي وصل إلى رئاسة الجمهورية حاملا رؤية الدور المحيطي القريب، كاستراتيجية لحكومته، وأعلن أن الخطوات الاولى التي سيقوم بها هي، إعادة ترتيب علاقات إيران مع دول الجوار العربي، لم يستطع الدفع بهذه الرؤية وتنفيذها. من هنا، قد يكون من المستغرب أن يعود روحاني للحديث عن صلاحيات رئيس الجمهورية في مواجهة صلاحيات المرشد الأعلى، أو ولاية الفقيه المطلقة، وهل أن تهميش دور رئاسة السلطة التنفيذية التي تمثل النظام الايراني أمام المجتمع الدولي، في اتخاذ أو المشاركة في القرارات المصيرية التي تعني إيران، هو أمر أو واقع جديد في هذا النظام، في وقت يدرك فيه أن القرار في المفاوضات التي قادها الفريق الإيراني مع الجانب الأمريكي لم تكن تمر من مكتبه، وإن هذا الفريق كان يلجأ إلى مرشد النظام أمام أي عقدة أساسية في المفاوضات، للحصول على الرأي النهائي. ولعل المؤشر الرئيس على هذا السياق ما حدث في المفاوضات، عندما أصر ممثلو الدول الاوروبية وامريكا في مجموعة 5+1، خصوصا الجانب الفرنسي، على طرح البرنامج الصاروخي على طاولة المفاوضات، الذي هدد في نسف المفاوضات، فما كان من المرشد في طهران إلا أن خرج في خطاب على الرأي العام الداخلي والدولي، يحدد فيه الموقف الايراني من موضوع البرنامج الصاروخي، وأنه من غير المسموح للفريق الإيراني تقديم أي تنازلات في هذا الموضوع، واعتبره من خطوط إيران الحمراء إلى جانب ملف دورها الإقليمي.
روحاني وصل إلى الرئاسة نتيجة لتسوية بين التيارين الإصلاحي والمعتدل ولم يحمل رؤية واضحة لقيادة مرحلة رئاسته
أن يخرج المرشد الايراني قبل أيام ليؤكد أمام العالم مخاطبا الحكومة الإيرانية والادارة الامريكية أن «لا مفاوضات» في ظل الشروط التي وضعتها واشنطن والعقوبات التي تفرضها على ايران، قد لا يكون جديدا، إن كان لجهة صلاحياته الدستورية ودوره النهائي في رسم السياسات الاستراتيجية للنظام، أو كان لجهة وضع حد لرؤية روحاني والحكومة في فتح حوار مع واشنطن، للخروج من الأزمة التي وصلت إليها الأمور بين الطرفين، بعد الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي. وأن يعمد خامنئي وبشكل مباشر وصريح إلى تحديد مهمة الرئيس والحكومة بالعمل على معالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية للدولة والمجتمع الايراني، يعني أنه حدد للرئيس وفريقه الإداري المهمة الموكلة إليهم في هذه المرحلة، وأن مهمة التصدي للأزمة مع واشنطن والمجتمع الدولي حول الملف النووي والعقوبات، والتصعيد الذي تشهده المنطقة، لا يدخل في دائرة صلاحياتها، بل سيبقى محصورا في الدائرة الضيقة التي تعمل على ترجمة سياسة المرشد، ومنها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي يعتبر عراب كل مسارات التفاوض مع الادارة الامريكية منذ عام 2000، وما فيها من قضايا تشمل أفغانستان والعراق والنووي والمنطقة.
روحاني الذي وصل إلى الرئاسة نتيجة لتسوية بين التيارين الاصلاحي والمعتدل وعدم معارضة من قيادة النظام، لم يحمل رؤية واضحة لقيادة مرحلة رئاسته، ما جعله بحاجة إلى دعم مستمر إن كان من جهة هذين التيارين، أو من جهة مرشد النظام، فهو يختلف عن خاتمي الذي جاء إلى الرئاسة بدعم شعبي كبير ومشروع سياسي إصلاحي واضح ومحدد المعالم، على العكس من رغبة النظام، استطاع أن يحفر لنفسه ولحكومته موقعا على خريطة القرار الايراني، وان يفرض نفسه شريكا إلى حد ما لا يمكن تجاوزه، على الرغم من كل العراقيل والتفشيل التي واجهته.
*كاتب لبناني
حل مشاكل إيران يتم بإعلان مرشد أعلى عدمية نظريات سلفه وتسليم سلطاته لرئيس الجمهورية لإلغاء دولة فوق الدولة تعادي شعوب إيران والعرب والمسلمين والعالم وإلغاء ما خلقته في 4 عقود بتبديل دستور مدني بدستور وقوانين شريرة وتفكيك أجهزة أمن تضطهد شعوب إيران وتفكيك مصانع أسلحة دمار شامل وصواريخ بالستية هدفها العدوان وإلغاء حرس ثوري وميليشيات مسلحة وخلايا إرهاب ومؤسسات جمع وغسيل أموال بدول عربية وإسلامية وبالعالم، وخفض موازنة حكومة وجيش للربع لإنقاذ اقتصادها وقصر إنفاق ثروات إيران على تحسين معيشة مواطنيها.