من يتابع الملاحقات القضائية والفضائح المالية والقضايا الكثيرة المرفوعة بحق مرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب قد يأخذ الانطباع أن الرجل كائن أسطوري يواجه لوحده الدولة العميقة في أمريكا بمؤسساتها العملاقة وشركاتها التريليونية وصناعاتها الرهيبة وبنوكها وأذرعها الإعلامية الشيطانية وربما سيهزمها، وقد يظن أيضاً أن ترامب يريد أن يترشح ويفوز بالرئاسة الأمريكية رغماً عن أنف المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية، لهذا هو يواجه العراقيل والفضائح والمحاكم والسجون لأنه يتحدى الدولة العميقة.
وهذا للأسف هو الانطباع الذي قد يراود البسطاء، فيظنون أن ترامب بطل خارق، بينما الحقيقة أن ترامب هو ابن الدولة الأمريكية وأحد منتوجاتها أو بالأحرى مجرد أداة صغيرة جداً من أدواتها، ولا يمكن أن يحلم مطلقاً بالترشح أو الوصول إلى البيت الأبيض لولا إرادة ورغبة الحكام الحقيقيين لأمريكا، وهم معروفون للقاصي والداني، وعلى رأسهم طبعاً مجمع الصناعات الحربية والسلاح، وشركات الأدوية العملاقة، وبقية الشركات الصناعية والتجارية التي تحكم العالم قبل أن تحكم أمريكا، بالإضافة إلى المؤسسات الإعلامية والبنوك، وتصل ميزانية أصغرها إلى مليارات الدولارات بما يفوق ميزانيات دول كبرى وصغرى.
وفقط للتذكير بأبجديات ما يسمى «الديمقراطية» في الغرب، يجب أن نعلم أن الديمقراطية ليست الدولة، بل هي مجرد أداة من أدوات الدولة للتحكم والسيطرة وإدارة الشعوب والبلدان. بعبارة أخرى، فإن كل الأحزاب والمرشحين المتنافسين على السلطة ليسوا سوى بيادق بأيدي الدولة، ولا شك أنكم تعلمون بأن هناك فرقاً كبيراً بين الدولة والسلطة، وهو أمر ربما بات الكثير من العرب لا يدركه لأن الدولة والسلطة في بلادنا التعيسة هما شيء واحد، بينما في الواقع، فإن السلطة هي مجرد ذراع من أذرع الدولة، وبالتالي فإن المتنافسين على الرئاسة في أمريكا أو قيادة الحكومات في أوروبا هم ليسوا الدولة بل من ممتلكاتها ومؤسساتها.
هل يستطيع الحزب الجمهوري أصلاً أن يرشح ترامب، أو أن يخوض الأخير حملات انتخابية إلا بضوء أخضر ومباركة من الدولة العميقة في أمريكا؟
وإذا أردتم أن تعرفوا ما هو محل الأحزاب المتنافسة على السلطة في الغرب من الإعراب في بنيان الدولة، فقط انظروا إلى التسميات التي تطلقها بعض الدول العظمى كبريطانيا مثلاً على أحزابها، فحزب المعارضة الذي يعتبر ملعوناً مطعوناً في الديكتاتوريات العربية وربما خائناً وعميلاً ورجساً من عمل الشيطان، ما هو سوى أحد ممتلكات الدولة البريطانية التي يمثلها التاج بشخص الملكة سابقاً والملك حالياً. لهذا مثلاً يسمون حزب المعارضة في بريطانيا بحزب جلالة الملك (المعارض). بعبارة أخرى، فإن حتى المعارضة مؤسسة من مؤسسات الدولة وليست معارضة لها أو من خارجها، كما هو الحال في الديكتاتوريات العربية. وبالتالي فإن الحاكم الفعلي في أية دولة ليس الحزب الفائز في الانتخابات كما يبدو للبعض، بل هو ذراع من أذرع الدولة، فمرة تحكم بالذراع اليساري، ومرة باليميني، ومرة بالليبرالي، ومرة بالوسط، وهلم جرا.
لا شك أنك ستكون مخطئاً جداً إذا ظننت أن الرئيس الفرنسي أو المستشار الألماني أو رئيس الوزراء البريطاني أو حتى الرئيس الأمريكي هو الحاكم الفعلي للبلاد، لا أبداً، فهؤلاء مجرد موظفين لدى الدولة برواتب هزيلة. هل تريدون أن تقولوا لي مثلاً إن هذا المستشار الألماني المسكين هو الذي يأمر شركات السيارات العملاقة وبقية الشركات الصناعية العملاقة في ألمانيا كمرسيديس وبي أم دبليو وفولسفاكن وأودي، أم إن تلك الشركات هي الحاكم والمتحكم الحقيقي بالدولة وإدارتها واختيار موظفيها الكبار كالمستشار وأمثاله؟ وما ينطبق على ألمانيا ينسحب على بقية الدول الأوروبية. أرجو أن لا تقولوا لي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الحاكم الفعلي لفرنسا، أو أن بايدن الخرف هو من يدير أمريكا. إن أكبر دليل على أن الرئيس الأمريكي مجرد عزقة أو عتلة صغيرة في أيدي الآلة الأمريكية الحاكمة أن بايدن مثلاً لم يعد يستطيع التمييز بين بوتين وزيلنسكي، وفي آخر مؤتمر صحافي كان يقول للصحافيين أنه سيفوز على نيكسون في الانتخابات الأمريكية القادمة. المسكين لم يعد يتذكر حتى اسم المرشح المنافس له، وهو غريمه اللدود ترامب. ولا ننسى أن الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان قد أصيب بمرض الخرف (الزهايمر) في آخر فترته الرئاسية، وظل يحكم وهو لا يعرف كوعه من بوعه بعد أن تحول كمثيله بايدن اليوم إلى مهزلة يضحك عليها العالم أجمع. إن إبقاء رئيس كبايدن على رأس السلطة أو السماح له بالترشح للرئاسة مرة أخرى بعد أن أصبح نكتة العالم أجمع أكبر دليل على أن منصب الرئاسة في أمريكا مجرد واجهة لا أكثر ولا أقل، وقد شاهدنا أكثر من مرة كيف أن هناك فريقاً داخل البيت الأبيض يلقن الرئيس معظم التصريحات، ويختار له حتى الكلمات والعبارات المطلوبة أحياناً. وقد يكون الفرق الوحيد بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا أنهما يتنافسان فقط على تنفيذ مشاريع الدولة الأمريكية بأشكال ووجوه مختلفة لا أكثر ولا أقل. لهذا من السخف أن نسمع البعض قبل أيام وهو يتحدث عن أن ترامب يهدد الدولة العميقة في أمريكا، لهذا تعرض لمحاولة اغتيال، وهو الآن في خطر. وهل يستطيع الحزب الجمهوري أصلاً أن يرشح ترامب، أو أن يخوض الأخير حملات انتخابية إلا بضوء أخضر ومباركة من الدولة العميقة في أمريكا؟ يجب أن نعلم أن ترامب وغيره أصغر بكثير من أن تفكر الدولة باغتياله، لا سيما وأنها هي التي اختارته أصلاً ليلعب الدور المطلوب. ليس هناك رئيس أو مسؤول في الغرب أكبر من الدولة أبداً، بل كلهم مجرد عزقات صغيرة في آلة عملاقة أكبر منهم بكثير، وهم يعرفون حجمهم تماماً.
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
نعم وبكل تأكيد 😎☝️
حكم حزب اليمين ثمان سنوات بالنرويج ,
لم نري أي إختلاف بحكمه عن اليسار !!
ولا خول ولا قوة الا بالله
كلهم متشابهون الغطرسة والعنصرية شعارهم إلى يوم الدين ✌️🇵🇸
تشرتشل قال ان الديمقراطية اسؤا الطرق للحكم
لكن مقارنة بطرق جربت قبلها للحكم فهي الافضل! الذين يصلون إلى الحكم ليسوا مخلدين ولا ملاءكة وبالتالي فهم كغيرهم من البشر معرضون للضغوط والنكسات، سميها ما شءت دولة عميقة او دولة على المكشوف فالمفاءجات قد تصل اي وقت لأيهم كانت تلقائية او موجهة
أخي الكريم فيصل
أنت محق بنصف ما كتبت وذلك بما يتعلق بدور الدولة العميقة والشركات الكبرى والإعلام والبنوك واللوبيات المختلفة ، ولكنك تتجاهل العملية الانتخابية التي بواسطتها يصل الرئيس إلى السلطة التي ، صحيح انها ليست السلطة المطلقة ، ولكن للرئيس صلاحيات واسعة.
العملية الانتخابية لو لم تكن مهمة ، كما تقول، لما تهافتت عليها اللوبيات المختلفة وما تم صرف الأموال الطائلة لحسمها.
بالنسبة للدولة والسلطة عندنا نحن العرب ، فنحن لا نعيش ب “دولة” ، بل تحكمنا سلطة ديكتاتورية قمعية فاسدة ، سلطة يتم تعينها من قبل الأجنبي المستعمر ، وما حكامها سوى كلاب صيد.
مقال جميل، وعميق.. الأوليغارشية هي من تحكم والشرعية الحقيقية اليوم هي المال والمصالح …للأسف
لم ألقَ أمتع من هذا المقال خلال الأيام المنصرمة لما فيه من معلومات يحتاجها القارىء العربي المسكين الذي لا يعلم سوى لغة الطبل والزمر للزعيم ..فالعالم بأسره تحركه الدولة العميقة بكل مفاصله وتحدد له تحركاته وحتى خطاباته ،، ولذلك نكتشف الحقائق ولو متأخرين ونحن من أبناء عصر الظلمات ،،لقد علمتنا التجارب أن ما يشاع ويذاع ويملأ الأسماع هو عكس ما يكون مخططاً له من قبل الدولة العميقة التي تقرر وتحضر وتدرس عن البشرية والقرار النهائي بين أيديها ولذلك بتنا نعرف كيف تختار تلك المنظومة الهائلة والمخيفة من آن إسم الزعيم وطبيعته وحتى مستواه العلمي والفكري ليكون الطالب النجيب في مدرستها التي تحدد مصير الأمم والشعوب ومعهم القادة والزعماء .
الدولة العميقة في النهاية عبارة عن أشخاص يختلفون فيما بينهم تارة ويتفقون تارة أخرى وتجمعهم غاية واحدة وهي الربح وفرض السيادة وفرض الأفكار على بقية الدول. وترامب له شخصية منفردة ترفض بعض الإملاءات وهذه الشخصية لقت كرها شديدا من بعض الأفراد في الدولة العميقة لدى وصلت بهم الجرءة لقتله. إغتياله في النهاية لا يغير شيئا في مادامت الدولة العميقة سالمة.
باختصار شديد طوفان الاقصي كشف الكثير من الحقائق ليس فقط عن اسرائيل و انظمتنا العربيه و انما في العالم كله فالبنسبه للديموقراطيه الغربيه فهم يعتقدون انها حكرا لهم و باقي شعوب الارض لا يستحقونها و الان بعد الازمات الاقتصاديه و زيادة المهاجرين و انخفاض الدخل القومي و صعود الاحزاب اليمينيه المتطرفه اصبح الاقتصاد بقبضه حفنه صغيره من الشركات الصهيونيه الكبري فاصبحت الديموقرطيه حكرا علي طبقه صغيره في هذه المجتمعات و الا كيف ان رفع علم فلسطين في المظاهرات ضد حرب اسرائيل علي غزه ممكن ان يؤدي للسجن (نظام الخسيسي في مصر ما سواها)
مشروع الدولة المشترك بين الحزبين الديمقراطي والجموري يتمثل في أمرين الأول إستمرار هيمنة أمريكا على العالم والثاني تدليل إسرائيل و إذلال العرب والاختلاف فيما بينهما يكون في التكتيكات والأدوات.
بسم الله الرحمن الرحيم. في حلبات المصارعة الأمريكية التمثيل هو الركن الأساس في اللعبة فالهدف هو المال يوجد برنامج على اليوتيوب يكشف نسبة التمثيل العالية فمرة قام حكم إحدى المباريات بإعطاء أحد اللاعبين كبسولة نايلون صغيرة فيها دم أو مادة لونها أحمر قام ( المصارع ) الممثل بوضعها وضغطها على جبهته بعد تلقيه (ضربه) من خصمه فظهرت ( شلالات) الدم وقد يكون ترامب قام بنفس المشهد وقد تكون الطلقات التي تعرض لها طلقات صوتية خلبيه خاليه من الذخيرة ضمن مسرحية مفبركة لخدمة الانتخابات وإعطاء إسرائيل استراحة قصيرة من لعنة الإعلام عليها منفذ العملية شاب مريض تم دفعه واستغلاله ثم تصفيته ما يحدث في حلبات المصارعة الأمريكية تمثيل سخيف المصارعة الحقيقية هي تلك التي فيها فنون القتال المختلطة كالتي لعبها البطل المسلم حبيب.. في العالم الإسلامي ليس من العقل أن ننتظر قدوم رئيس أمريكي يتمتع بعدل سيدنا عمر بن الخطاب. لن يخرج من مدرسة الضلال المبين