هل يموت الحب فينا؟

يحدث أن نواجه أنفسنا كثيرًا أمام المرآة ونخاطب ذواتنا عما إذا كان مظهرنا جميلًا يلفت الأنظار مناسبًا إلى اسمنا وثقافتنا ويروق كما يقولون بمكانتنا الاجتماعية، بدافع الهمينة والسيطرة على أعلى درجات السلم الاجتماعي، وهو أمر طبيعي جدًا نسعى ونطمح إليه دائمًا.
يشرح آدم سميث من خلال نظرية المشاعر الأخلاقية، أن كفاح الإنسان في هذه الحياة، من أجل الوصول للشهرة وإطراء الآخرين، هو أمر فطري ناتج عن طبيعتنا البشرية، ما يحثنا على الميل للمشاركة الوجدانية، أي مشاركة الآخرين شعورهم، سواء أكان سعيدًا أو تعيسًا بدرجة مقاربة أو مساوية لهم، إذ أنه يعتبر كأساس للفضيلة، وهو شيء لا ينفصل عن أفكارنا.
هذا الأمر لا يتنافى مع ما يبحث عنه الإنسان، فنحن نعتبر اهتمام الآخرين محورًا فيصليًا في حياتنا، حتى إن كان شخصًا واحدًا، فالأمر يشكل لنا ارتفاع مستوى الثقة لدينا، فبدون وجود هذا الحب، بغض النظر عن شخصياتنا وظروفنا وأفكارنا، قد نسقط بشكل غير مباشر في بئر انعدام الثقة والقيمة الذاتية، حينها نصبح أقل كفاءة ومواجهة لصعاب الحياة. فالكلمات والمواقف والجمل كلها كفيلة، بأن تُلهمنا وتعطينا طاقة إضافية، وتعيد تعريف بعض العلاقات والمفاهيم من مرحلة إلى أخرى، بنسب وقياسات مادية، قد يتصورها البعض، لكنها في حقيقة الأمر هي معنوية بصورة حساسة، ومغايرة تُنعش فينا مفهوم المكانة والمعزة، بعيدًا كل البعد عن الخلافات والنزاعات.
نحن لسنا في عالم مثالي بالتأكيد، فالمؤثرات والظروف الخارجية تلاحقنا أينما اتجهنا، ففي أحنك الأزمات، لن نسلم من رصد المجتمع عيوبنا وأخطاءنا، حتى تصل إلى الرؤى التي تتعارض معها، بالأخص في وقت العواقب الاقتصادية التي تطرق أبوابنا، حينها نتجه إلى العالم الأوسع الخاص بنا، لتذكير أنفسنا بجدارتنا وكلمات المجتمع الإيجابية نحونا، فتنشط ذاكرتنا الداخلية، مقابل مجاملة أو ابتسامة قديمة مرّت علينا.
كل ذلك يشكل في ذاوتنا الثقة الكامنة في تعزيز أفكارنا وآرائنا اتجاه كل شيء، ابتداءً من أتفه الأشياء غير المحسوبة بالنسبة لضخامة هذا العالم إلى أكبرها، ولكن يجب أن نعي أنه عندما نشتغل في تطوير أدواتنا الفكرية، ونعمل على تطوير مفاتحينا التعليمية، فإن كفة الثقة لدينا سترتفع مقابل ملاحظات وكلمات المجتمع اتجاهنا، فنظرات البؤس والحرمان التي قد يتحملها الكثيرون، بسبب فقرهم المادي والوظيفي لا تساوي شيئًا، مقابل أننا نلهث وراء تقدير يمنحه الآخرون لنا.
صحيح أن الأمر معقدٌ جدًا، نحن بلا شك مؤثرون ومتأثرون بدرجة عالية ببعضنا بعضا، وهذه حقيقة المجتمعات أينًا كانت ثقافتها ومستواها بلا تصنع، لكن لماذا لا نسأل أنفسنا، إلى متى ستؤثر نظرة الآخرين فينا؟ إلى متى ستكون الحافز الأكيد إلى خطواتنا المقبلة؟ الحياة لا تنتظر أحدًا، نحن قادرون لأننا خُلقنا مميزون، المهم أن نرفع منسوب الحب 100% في قلوبنا.

٭ كاتبة وإعلامية من البحرين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية