هيومن رايتس ووتش: في الذكرى الثالثة للحراك الجزائري.. القمع يشتد

حجم الخط
12

لندن ــ “القدس العربي”:

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن على السلطات الجزائرية الإفراج فورا عن المدافعين عن حقوق الإنسان، ونشطاء المجتمع المدني، ورموز المعارضة، والصحفيين، وجميع المسجونين تعسفا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم في التعبير والتجمع.

وأكدت المنظمة الحقوقية أنه بعد ثلاث سنوات من بدء “الحراك” مسيراته الأسبوعية السلمية الضخمة للمطالبة بالإصلاح السياسي، تحتجز السلطات 280 ناشطا على الأقل، يرتبط الكثير منهم بالحراك، (وهم) متهمون أو مدانون على أساس اتهامات غامضة. ويواجه البعض تهما بالإرهاب بناء على تعريف فضفاض لدرجة التعسف. وقد ارتفع هذا العدد خلال العام الماضي، في حين تحركت السلطات أيضا ضد الجمعيات والأحزاب السياسية التي تُعتبر موالية للحراك.

وقال إريك غولدستين، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “على السلطات الجزائرية الإفراج عن مئات المسجونين بسبب خطابهم السلمي أو نشاطهم المؤيد للحراك. كيْل تهم “الإرهاب” المريبة والاتهامات الغامضة، مثل “المس بالوحدة الوطنية”، لن يخفي حقيقة أن الأمر يتعلق بسحق الأصوات الناقدة في حركة إصلاحية سلمية”.

في 22 فبراير/شباط 2019، تظاهر ملايين الجزائريين في العاصمة ومدن أخرى لمعارضة ولاية خامسة لرئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة. سار المتظاهرون في الشوارع كل يوم جمعة بعد ذلك وأصبح نشاطهم يعرف بـ “الحراك”. أجبروا بوتفليقة على الاستقالة في أبريل/نيسان 2019. لكن عندما عارض الحراك لاحقا في ذلك العام خططا لإجراء انتخابات رئاسية قبل تنفيذ الإصلاحات، بدأت السلطات اعتقال القادة المفترضين للحركة غير الرسمية.

وتقول المنظمة إن القمع اشتد بعد انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا في ديسمبر/كانون الأول 2019، رغم توقف المسيرات في مارس/آذار 2020 بسبب تفشي فيروس “كورونا”. عشية الذكرى الثانية للحراك، في فبراير/شباط 2021، استؤنفت الاحتجاجات، لكنها فقدت زخمها بعد ثلاثة أشهر بسبب القمع وضمور الحركة.

وفقا لـ “اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين”، التي أنشأها نشطاء ومحامون في أغسطس/آب 2019 لمراقبة الاعتقالات والمحاكمات، يوجد حاليا 280 سجينا على الأقل بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم، يرتبط معظمهم بالحراك. وقدّرت “الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان” أن عدد المحتجزين كان 330 حتى 5 فبراير/شباط 2022.

وقالت “هيئة الدفاع عن سجناء الرأي”، وهي مجموعة محامين، إنه قبل ذكرى الحراك، بدأ 40 محتجزا على الأقل في سجن “الحراش” بالجزائر العاصمة إضرابا عن الطعام في 28 يناير/كانون الثاني، احتجاجا على ما اعتبروه احتجازا تعسفيا. معظم المضربين عن الطعام محبوسون احتياطيا وينتظرون المحاكمة منذ شهور.

وفقا للهيئة، نقلت السلطات أكثر من 20 مضربا عن الطعام من الحراش إلى سجن “سعيد عبيد” في البويرة شرق العاصمة، والبرواقية جنوب غرب العاصمة. وقال المحامي وعضو الهيئة عبد الغني بادي لصحيفة “الوطن” اليومية: “نعتبر أن نقل هؤلاء السجناء إلى سجون أخرى يهدف من ناحية إلى معاقبتهم ومن ناحية أخرى إلى قمع هذه الحركة”.

وقال محام لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد المضربين عن الطعام هو موكله حسن بوراس، وهو صحفي وعضو في رابطة حقوق الإنسان في مدينة البيض في غرب البلاد. وأشار المحامي إلى أن موكله اعتُقل في 6 سبتمبر/أيلول 2021، وأنه متهم بـ “المساس بالوحدة الوطنية”، و”إهانة هيئة نظامية”، و”نشر معلومات كاذبة”، بالإضافة إلى “الانتماء إلى منظمة إرهابية”، و”تمجيد الإرهاب”، و”التآمر ضد أمن الدولة”، من بين تهم أخرى متعلقة بمنشوراته على “فيسبوك”. ويواجه بوراس، الذي سُجن سابقا لانتقاده الحكومة الجزائرية، قضايا عدة أمام المحاكم.

وتشدد المنظمة على أنه في يونيو/حزيران 2021، عدّل الرئيس تبون “قانون العقوبات” بمرسوم رئاسي، موسِّعا التعريف الجزائري الفضفاض أصلا لـ “الإرهاب” في المادة 87 ليشمل “الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية… عن طريق أي عمل غرضه السعي بأي وسيلة، أو التحريض على ذلك، والمساس بأي وسيلة بالسلامة الترابية أو التحريض على ذلك”.

وتشير إلى أن السلطات استخدمت هذه المادة لملاحقة عدد متزايد من النشطاء، والصحفيين، والحقوقيين.

وقال عبد المؤمن زغيلش لـ “هيومن رايتس ووتش” إن شقيقه، عبد الكريم زغيلش، وهو ناشط يدير “راديو سارباكان” في قسنطينة، اعتُقل مؤخرا، في 24 يناير/كانون الثاني، ووُجهت إليه تهمة “تمجيد الإرهاب”، و”استخدام تقنيات المعلومات لنشر أفكار إرهابية”، و”نشر معلومات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية”، بسبب منشوراته على فيسبوك وخطابه في وسائل الإعلام. وسُجن عبد الكريم زغيلش سابقا بسبب آرائه أثناء الحراك.

وتؤكد المنظمة أن السلطات تستهدف أيضا الأحزاب السياسية المعارضة المؤيدة للحراك. ففي 20 يناير/كانون الثاني، أمر “مجلس الدولة”، أعلى محكمة إدارية في الجزائر، بتعليق أنشطة “حزب العمال الاشتراكي” مؤقتا وإغلاق مقره في العاصمة. جاء هذا القرار عقب شكوى ضد الحزب قدمتها وزارة الداخلية في 26 أبريل/نيسان 2021، بزعم عدم عقد مؤتمره السنوي كما هو مطلوب في لائحته الداخلية والقانون رقم 12-04 الخاص بالأحزاب السياسية.

قال الحزب “يتعلق [التجميد] بجعل حزبنا يدفع ثمن مواقفه السياسية وانخراطه في الحراك الشعبي، ونضاله ضد القمع إلى جانب الكفاحات الاجتماعية”. واعتُرف بالحزب قانونيا في 1989، عندما سمحت السلطات لأول مرة بنظام متعدد الأحزاب، لكنه كان موجودا قبل ذلك بشكل غير رسمي.

وقال المسؤول في الحزب سمير لارابي لـ هيومن رايتس ووتش إن أمر التعليق جاء رغم أن الحزب عقد مؤتمره في 24 أبريل/نيسان 2021، وسلّم المستندات المطلوبة إلى وزارة الداخلية.

في 20 يناير/كانون الثاني، رفض مجلس الدولة طلبا مماثلا من وزارة الداخلية بتعليق حزب معارض آخر، “الاتحاد من أجل التغيير والرقي”، بقيادة المحامية زبيدة عسول. مع ذلك، ما يزال الحزب ينتظر أن تحكم المحكمة في الالتماس الذي قدمته وزارة الداخلية لحله.

كما يخضع الحزبان العلمانيان المعارضان، “الحركة الديمقراطية الاجتماعية” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، لمراقبة السلطات. وقالت مسعودة شبالة لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 9 يناير/كانون الثاني 2021، حُكم على زوجها فتحي غراس (48 عاما)، منسق الحركة، بالسجن عامين وغرامة مالية قدرها 200 ألف دينار جزائري (1,420 دولارا أمريكيا)، بتهمة “إهانة هيئة نظامية”، و”تحريض على التجمهر”، و”عرض على الأنظار منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية”، بسبب تصريحاته السياسية على الإنترنت.

في 6 يناير/كانون الثاني، تلقى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إشعارا من وزارة الداخلية يتهمه فيه بعدم الامتثال للقانون رقم 12-04 المتعلق بالأحزاب السياسية، وذلك بتنظيم “نشاطات خارجة عن الأهداف المسطرة له في قانونه الأساسي”. جاء الإشعار بعد اجتماع في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 في مقر الحزب بالعاصمة حضره نشطاء عدة للدعوة إلى تشكيل جبهة ضد القمع ولدعم الحريات.

أما بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، فقد حلّت محكمة جمعية “تجمع – عمل – شبيبة” (راج) الموالية للحراك في 13 أكتوبر/تشرين الأول، عقب شكوى وزارة الداخلية بأن أنشطتها تتعارض مع الأهداف المنصوص عليها في القانون رقم 12-06 المتعلق بالجمعيات ولوائح الجمعية. راج منظمة بارزة تأسست عام 1992 لتعزيز الأنشطة الثقافية، وحقوق الإنسان، وقيم المواطنة.

بالإضافة إلى ذلك، أوقفت الجمعية الثقافية “إس أو إس باب الواد” في الجزائر العاصمة أنشطتها وأُغلقت مبانيها بعدما فتشت “المديرية العامة للأمن الوطني” مكتبها في أبريل/نيسان 2021 وصادرت موادها. حُكم على رئيس هذه الجمعية المحلية المعروفة، ناصر مغنين، في نوفمبر/تشرين الثاني بالسَّجن عاما بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية” و”المساس بالمصلحة الوطنية” من بين تهم أخرى تتعلق بأنشطة الجمعية.

جميع هذه الأحزاب والمنظمات شاركت بفاعلية في الحراك. هي عضوة في تحالف البديل الديمقراطي لقوى المعارضة، الذي نشأ في يونيو/حزيران 2019 أثناء حركة الاحتجاجات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    وماذا عن قمع دويلة الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي العنصري البغيض الذي يقتل أبناء فلسطين و يهدم مساكنهم بغير وجه حق،. هذا لا ترونه أم أنكم مصابون بعمى الألوان، والله يحرر فلسطين كل فلسطين

    1. يقول لماح:

      حرروا أنفسكم أولا من طغاتكم الذين جعلوا من مواطن دولته غنية بالغاز يصطف في الطوابير من أجل حليب او زيت، ثم تكلموا على تحرير فلسطين،

    2. يقول مجرد ملاحظة:

      يفهم من تعليقك أنك مع القمع و الظلم في الجزائر ما داموا لا يتكلمون على أسرائيل.

    3. يقول بن تاشفين:

      لولا وجود هذه الانظمة الاستبدادية لما ولد او بقي هذا الكيان الصهيوني. العبيد لا تحرر اوطانا بل الاحرار هم من يصنعون ذلك. بقاء الانظمة الاستبدادية مرهون ببقاء هذا الكيان اللقيط.

    4. يقول Ali:

      كلما أراد سخص ما يتكلم عن موضوع يهمه الا و بدأ بذكر فلسطين. حرروا و اغيثوا نفسكم قبل أن تركبوا على هذه الفلسطين التي اتعبتم و اقهرتم بعبثكم.و كان الله في عون فلسطين و الفلسطينيين.

  2. يقول عمار:

    كله كذب الشعب الجزاءري لايعير اي اهتمام الى هده المهاترات الصادرة عن هده المنظمة

  3. يقول أحلام:

    السياسات الاسرائيلية المنتهكة تشكل تشكل جريمتَي الفصل العنصري والاضطهاد، هذا ما قالته هيومن ووتش .كفا من تغطية الشمس بالغربال الجرائم والمجازر التي اقترفها النظام العسكري في حق شعبه لمدة عشرة سنوات لم تقترفها إسرائيل في حق الفلسطينيين .أما الآن فلم يجد النظام العسكري الجزائري إلا سياسة جوع كلبك يتبعك وسياسة القمع والاستبداد

  4. يقول DJAAFAR GHERAB:

    أين كانت هذه المنظمة في التسعينات

  5. يقول الشرقي:

    الحراك انتهى و لا عزاء للحاقدين الذين يريدون اشعال الفتنة ببلاد الشهداء

  6. يقول صالح/ الجزائر:

    1)- “هيومن رايتس ووتش” ، ومقرها نيويورك ، كانت تسمى ، في 1978 ، “لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكي” ، أي مراقبة مدى امتثال دول الكتلة الاشتراكية للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في الاتفاقية. المنظمة متهمة بتداخل سياساتها مع سياسات الولايات المتحدة ، بل الخضوع لها .
    لا ندري إن كانت “هيومن رايتس ووتش” تدرك ، أن السكان الأصليين والملونين المهجرين من إفريقيا ، في عقر دارها ، يعاملون الند للند مع المهاجرين من أوروبا .
    لا ندري إن كانت “هيومن رايتس ووتش” تعلم بوجود “معتقل غوانتانامو” ، الذي لم يتمكن حتى الرئيس الديموقراطي السابق ، من إغلاقه . “معتقل غوانتانامو” ، الذي يقع في خليج غوانتانامو في أقصى جنوب شرق كوبا، هو سجن سيء السمعة ، بدأت السلطات الأمريكية باستعماله منذ سنة 2002 ، ومازال مفتوحا إلى اليوم ، وذلك لسجن من “تشتبه!؟” في كونهم إرهابيين، ويتمتع بسلطة مطلقة ، لوجوده خارج الحدود الأمريكية ، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان ، إلى الحد الذي جعل “منظمة العفو الدولية” (Amnesty ) تقول عنه بأنه يمثل همجية هذا العصر ، وجعل مراقبين لحقوق الإنسان ، الحقيقية ، يعتبرون أن “معتقل غوانتانامو” تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق . الذي لم يتمكن الرئيس الديموقراطي السابق ، من إغلاقه .

  7. يقول صالح/ الجزائر:

    2)- لا ندري إن كانت “هيومن رايتس ووتش” اطلعت على تقرير “منظمة العفو الدولية” (Amnesty ) ، الذي صدر حديثا ، في أول فيفري 2022 ، ويتهم إسرائيل بارتكاب جريمة “الفصل العنصري” ضد الفلسطينيين ومعاملتهم على أنهم “مجموعة عرقية أدنى” . ويقول التقرير أيضا إن العفو الدولية وثقت أعمالا غير إنسانية قامت بها إسرائيل، من بينها التحويل القسري، هدم المنازل والاعتقال الإداري والتعذيب والقتل والإصابات الخطيرة بغير حق، والحرمان من الحريات الأساسية والقمع . هذه أعمال يقول التقرير ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين “بهدف الإبقاء على هذا النظام”، وأن ذلك يصل إلى درجة الجريمة ضد الإنسانية والتمييز العنصري، وفق الاتفاقية المتعلقة بالتمييز العنصري، وقانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

  8. يقول م/ب اولاد براهيم:

    اذا حضر سي صالح والسيدة ( للوقار) ميساء صفدت وجفت الاقلام … شكرا سي على تسهيل البحث عن المعلومة

اشترك في قائمتنا البريدية