وأد حرية التعبير: قواسم الديمقراطيات الغربية والكيان الصهيوني

حجم الخط
10

في فرنسا، التي يزعم معظم ساستها أنها بلد الجمهورية وأرض حقوق الإنسان ومهد الثورة الفرنسية والكومونة، لم يتأخر وزير الداخلية بالتضامن مع زميله وزير العدل في إصدار قرارات عاجلة معلنة، وأخرى اتخذت صيغة تعميمات داخلية، تمنع أي تظاهرة مؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني؛ بعد ساعات أعقبت ذيوع أخبار «طوفان الأقصى» وابتداء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد» المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة. وحين أفتى مجلس الدولة، بوصفه سلطة التحكيم الرسمية الأعلى في البلاد، بأنّ المنع لا يمكن أن يكون عاماً معمماً هكذا، ويتوجب النظر إلى طلبات التظاهر طبقاً لكلّ حالة على حدة؛ شهدت فرنسا حالات عجائبية (لأنها، أيضاً، مهد السوريالية) من حظر مظاهرة تأييد للفلسطينيين في العاصمة باريس، والسماح بأخرى للغرض ذاته في مرسيليا.
بريطانيا، بلد أوليفر كرومويل والـ«ماغنا كارتا» والدستور الأقدم منذ العصور الوسطى والحديثة، احتاجت إلى إقالة وزيرة الداخلية في حكومتها؛ كي تُرفع عن تظاهرات تأييد الفلسطينيين صفات «الكراهية» و«الشغب» و«الدهماء»، الأمر الذي لم يكبح جماح التأثيم وكمّ الأفواه وخنق حريات التعبير. زميلتها وزيرة الدولة للعلوم والابتكار والتكنولوجيا اتهمت اثنتين من أعضاء «معهد البحث والابتكار»، كيت سانغ من جامعة إدنبره وكامنا باتيل من جامعة لندن، بالإعراب عن «آراء متطرفة» بصدد الحرب في غزة؛ وأمهلت الهيئة يوماً واحداً لـ»تعديل» خططها، بما في ذلك «توقيف هذه المجموعة»؛ الأمر الذي تمّ بالفعل، واستتبع استقالة 7 من أعضاء المجموعة، والدخول في صدام مفتوح مع اتحاد الجامعات.

تنظيم حرّية التعبير في الغرب المعاصر يخضع غالباً لمعايير الكيل بمكيالين؛ بمعنى أنّ عملاً يطال الإسلام (إحراق المصاحف مثلاً) قد يلقى معاملة مختلفة عن عمل آخر يطال المسيحية أو اليهودية

في ألمانيا للمرء أن يحدّث بلا حرج، فالحال هناك ليست جديدة ولا تدور حول الحرب على غزّة لأنها إنما تبدأ من عقدة الذنب تجاه الهولوكوست، ولا تنتهي عند اليقظات المتعاقبة للتيارات النازية المتجددة. وأمّا في الولايات المتحدة فإنّ الحال أشدّ ابتذالاً من أن تُختصر على أيّ نحو توصيفي أو تمثيلي، خاصة حين يختلط وأد حريات التعبير بصدد القضية الفلسطينية، مع انفلات من كلّ عقال لخطابات العنصرية والتفوّق الأبيض والفاشية والشعبوبة. والحصيلة، على امتداد تسعة أعشار الديمقراطيات الغربية، قد تجعل المرء يترحم على انتهاك الحقوق المدنية وحريات التعبير داخل أنظمة الاستبداد والقمع، الأشرس والأقدم.
وكي لا تغيب دولة الاحتلال الإسرائيلي عن مشهد خنق الحريات هذا، بوصفها أيضاً «واحة الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط كما يتشدق أصدقاؤها هنا وهناك؛ لم ينقضِ زمن طويل على واقعة تأثيم رسام الكاريكاتير الإسرائيلي أفي كاتز، والذهاب إلى درجة اتهامه (وهو يهودي الديانة، كابراً عن كابر) بـ… العداء للسامية! الرسم نشرته مجلة «جيروزاليم ريبورت»، وكان يحاكي صورة فوتوغرافية التقطها مصوّر الأسوشيتد برس أوليفييه فيتوسي، تُظهر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وقد تحلّق حوله عدد من نوّاب الليكود، الذين تلهفوا على أخذ صورة «سيلفي» احتفاء بتمرير قانون «قومية الدولة» في الكنيست. كانت روح الكاريكاتور مكتملة العناصر في اللقطة»، كتب كاتز، و»كلّ ما فعلتُه هو تحويلها إلى رسم»… وأيّ رسم، والحقّ يُقال: مجموعة خنازير مجتمعة، مع عبارة مقتبسة حرفياً من «مزرعة الحيوان»، رواية جورج أورويل الشهيرة، تقول: «كلّ الحيوانات متساوية، لكنّ بعضها أكثر مساواة من آخرين».
إدارة المجلة خضعت للضغوط، وفصلت كاتز من عمله رغم أنه كان في عداد الأعلى شعبية بين كتّابها ومحرريها. كذلك التزمت الصمت حول أسباب الفصل، ثمّ ــ بعد انتقال الحكاية إلى وسائل الإعلام الدولية وانطلاق حملات متعددة للتضامن مع كاتز، واستقالة اثنين من كبار محرّري المجلة ــ خرجت أخيراً بالتبرير التالي: «الرسم تجاوز خطوط الخطاب المشروع. ذلك لأنّ صورة الخنزير تعيد إلى الأذهان تذكارات معادية للسامية استُخدمت ضدّ اليهود على مدار التاريخ. وقبل وقت قصير كان باحث مرتبط بحركة حماس قد أعلن أنّ الله حوّل اليهود إلى خنازير وقرود، ونحن كصحيفة صهيونية لا نستطيع قبول هذا التناظر التحقيري».
وإزاء وقائع كهذه، وسواها أخرى كثيرة ومتنوعة بالطبع، يتوجب على المرء أن يبدأ من التمسك التامّ بالحقّ في حرّية التعبير، خصوصاً حين يتصل الأمر بالأعمال الإبداعية، وأياً كانت المظانّ والطعون ضدّ العمل. وبالطبع، هذا يشمل أيضاً حقّ المرء في ممارسة مختلف أشكال الاحتجاج القانوني على هذا أو ذاك من الأعمال الفنّية، كأن يخرج المرء في تظاهرة سلمية أو حتى أن يرفع دعوى أمام القضاء… طبعاً في البلدان التي يكون القضاء فيها سيّداً ومستقلاً!
الجانب الثاني، والجدليّ، من المسألة هو أنّ تنظيم حرّية التعبير في الغرب المعاصر يخضع غالباً لمعايير الكيل بمكيالين؛ بمعنى أنّ عملاً يطال الإسلام (إحراق المصاحف مثلاً) قد يلقى معاملة مختلفة عن عمل آخر يطال المسيحية أو اليهودية، سواء من حيث حجم ونطاق الضجة الإعلامية، أو الإجراءات القانونية التي تتخذها الدولة. وعلى سبيل المثال، السابقة الأبرز لقمع الأعمال الفنية في التاريخ البريطاني المعاصر كانت توقيف مسرحية «الهلاك»، للمسرحي وكاتب السيناريو البريطاني المعروف جيم ألن، الذي يعدّ الشريك الإبداعي الأوّل للمخرج السينمائي الكبير كين لوش. والتوقيف جرى في لندن، ثمّ في دبلن، سنة 1987 لأنّ المسرحية تتناول التواطؤ بين الشخصية الصهيونية البارزة رودولف كاشتنر والضابط النازي الأشهر أدولف إيخمان. وكانت الصفقة تنطوي على تسهيل النازيين هجرة 2000 من اليهود الهنغار إلى فلسطين، مقابل سكوت المؤسسة الصهيونية عن سوق قرابة نصف مليون يهودي إلى معسكرات الاعتقال!
كذلك يصحّ الاستدراك بأنّ القوانين المعمول بها في بريطانيا اليوم حول قضايا التشهير ضدّ العقائد والأديان، وهي إجمالاً التشريع المعروف باسم قانون التجديف، تؤمّن الحماية للديانة المسيحية، وبالأحرى للمذهب الأنغليكاني وحده تقريباً. ولأنّ بريطانيا توجهت إلى تعديل ذلك القانون وسنّ تشريعات جديدة تتيح للأقليات الدينية الأخرى ضمانات أفضل أمام القانون، فقد شهد البلد ما يشبه «حروب تحسين المواقع»، إذا جاز القول؛ خاضتها وتخوضها بعض الأقليات الدينية النافذة لإسماع صوتها والتشديد على حقوقها، كي يخرج القانون ملبيّاً على نحو أفضل لهواجسها.
ولا بدّ أيضاً من وضع مختلف وقائع انحطاط حرّية التعبير في سياق تراجع الحرّيات العامّة في الغرب جرّاء القوانين التي صدرت بعد 11/9، والتي تتذرّع بمكافحة الإرهاب وحماية أمن الأوطان والمواطنين؛ ولكنها في الواقع تنتهك حرّية التعبير على نحو صارخ ومباشر، وتعيد إنتاج مكارثية جديدة في صلب الهيكلية القانونية في معظم الديمقراطيات الغربية. وليس عجيباً أن يلجأ كثيرون إلى مقارنة 7/11/2023 بـ11/9/2001، لأكثر من غاية؛ بينها العثور على ذرائع لتبرير وأد الحرّية في التفكير حول حرب الإبادة الإسرائيلية.
وهذا يردّ الملفّ إلى الإسرائيلي كاتز، الذي ساجل بأنّ معايير حرّية التعبير في دولة الاحتلال هي التي تغيّرت، أو بالأحرى انحطت، لأنّ ياكوف فركاش (زئيف)، أحد مخضرمي الكاريكاتور الإسرائيليين، كان ــ في سنة 1980، وفي صحيفة «هآرتس» ــ قد استخدم صورة الخنزير لتمثيل جميع وزراء حكومة مناحيم بيغين، وعلى رأسهم أرييل شارون، فلم يُفصل من العمل، ولم يُتهم بالعداء للسامية. فلا عجب، والحال هذه، أن تنحطّ حرّيات مماثلة في بلدان لا تسير خلف جيش الاحتلال في ارتكاب جريمة حرب تلو أخرى، فحسب؛ بل تمتدح همجيتها أيضاً، وتغسل ما يُراق فيها من دماء الأبرياء.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي صوفي:

    ليس غريباً على وزير الداخلية الفرنسي دارمانين أن يتضامن مع وزير العدل، لمنع أي تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في فرنسا. فدارمانين هو شخصياً الذي صادق على خروج – و ليس هروب – رفعت الأسد من مطار پاريس و أمام السلطات الفرنسية في أيلول الماضي، و رغم أنه محكوم بالسجن في محكمة فرنسية.
    في أميركا لا يزال قانون معاداة السامية قائماً. و لكن هذا القانون لم يمنع و لا يستطيع منع التظاهرات – أو التجمعات – تأييداً للفلسطينيين التي تقوم يومياً، و حتى من داخل أروقة الكونغرس. الخلاف في أميركا هو تحديداً ضد اي دعوة لإبادة اليهود، و لا أظن ان اي فلسطيني يعارض ذلك.
    السؤال الأهم: لماذا نعاتب الغرب على منعه التظاهرات تأييداً للفلسطينيين، إذا لم تقم اي مظاهرة دعماً لهم أمام مبنى برلمان اي بلد عربي؟ هذا إذا صدّقنا طبعاً أن هناك برلمانات عند الأنظمة العربية!

    1. يقول عاطف - فلسطين:

      صحيح.
      نلوم الغرب وحكومات العرب مغيبه في كل موفف.

    2. يقول Mujtahed:

      سيد سامي، نلوم الغرب لأنه يتشدق بحرية التعبير وحقوق الإنسان وحرية الكلمة والفكر والديموقراطية إلخ من هذه التدبيجات التي أصبحت مقرفة ومقيتة لما تحمله من نفاق. ليس دفاعاً عن الأنظمة العربية ولكن لا يوجد واحد في هذه الأنظمة يتشدق بما يتشدق به الغرب بل العكس وبالتالي نستنتج أن الأنظمة العربية على بؤسها أفضل من الغرب المنافق إلا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. في الدول العربية نعرف أنه لا يثسمح بحرية الكلمة فنلتزم بذلك لكن في دول الغرب يقولون أن حقوقكم مكفولة بالقانون وعندما يتظاهر البعض تضامنا مع الفلسطينيين مثلاً تقوم الدنيا في الغرب ولا تقعد والمشكلة تكمن في كبار المسؤولين الغربيين المفترض أنهم قائمين على تطبيق الدستور.

    3. يقول درغام السرجيني:

      لا اتفق مع سامي صوفي..
      بعد شهر ونصف من «سقطة» الكاتب المغربي الفرنكفوني الطاهر بن جلون، التي تهجّم فيها على عملية «طوفان الأقصى»، واعتباره أن القضية الفلسطينية «ماتت واغتيلت» يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ووصفه المقاومةَ بالهمجية وارتكاب أفعال «لا ترتكبها حتى الحيوانات»؛ جاء ليكفّر عن ذنبه تجاه فلسطين، الذي عبّر عنه في مقال في مجلة «لوبوان» اليمينية، متزلفًا إلى الصهاينة ومَن يدور في فلكهم.
      – عن الطاهر الطويل –

  2. يقول إبن آكسيل:

    غريب أمر ” حرية التعبير ” …..99 % من المعبرين في العالم ” يهذون ” و تعبيرهم لا يسمن و لا يغني من جوع و كان أولى بهم الصمت …..عملا بالحديث النبوي الصحيح ” العقيدة عشرة أجزاء تسعة منها الصمت ” ….و أقول أنا ” التعبير عشرة أجزاء تسعة منه الصمت ” ….فهل من متعض …؟ و يقول رئيس تونس الأستاذ قيس سعيد ” قبل حرية التعبير يجب حرية التفكير ” …..ما يجري في الإعلام العالمي خير دليل على ما أقول …..

  3. يقول العلمي:

    الديمقراطية ثقافة قبل أن تكون نظاما سياسيا.
    بازدواجية المعايير و تبريرها بحفظ الأمن و المصلحة العليا للوطن سيتسلل تضخم السلطة التنفيدية على حساب باقي السلطات، و ستحاول كل حكومة وضع عراقيل للأحزاب المنافسة و هكذا سيتم التضييق على اليسار و اليمين و الليبرالية و القومية و باقي التوجهات الحزبية لاحتكار السلطة و بالتالي السقوط في الإستبداد

  4. يقول صحفي استقصائي:

    اوروبا و خاصة المانيا المنحطة اخلاقيا تحارب حرية التعبير لان الحكومة الالمانية الساقطة تخضع لأوامر موظف صغير في سفارة الكيان الصهيوني في برلين حيث يوجه هذه الحكومة ومستشارها كيف ما يشاء .طزززززززز على المانيا التي لم تتحرر بعد من الاستعمار الصهيوني .

  5. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    شكرًا أخي صبحي حديدي، في البداية يجب أن نؤكد بدقة أن حرية التفكير لايمكن وأدها (وها أنا أطير بتفكيري خارج الحدود كما دومًا )، أو حتى الحد منها اللهم بتوافر إمكانية التواصل أي حرية التعبير! وهنا في اعتقادي بيت القصيد. لكن هو هل نحن ننتقد الغرب لأننا نريد العمل لإيجاد بديل أفضل أم نوع من “مواساة الذات” طالما أننا لانريد أو ربما لا نؤمن حتى بحرية التعبير بمعناها الواسع وأوضحها المقال. المطلوب هو التواصل بأوسع معانيه أي أن نكون قادرين على المناقشة والتبادل الفكري “بحرية” بين كافة اطياف المجتمع وعلى المستوى المحلي والعالمي. برأيي وسائل التواصل الإجتماعي طرقت هذا الباب (رغم بعض المعوقات التي تحد من ذلك)، لكن وهنا الأهم مازالت الصحافة والإعلام تتمسك بأساليبها التقليدية المعروفة، فهل لديك كاتبنا الكريم علاج ناجع أملًا بأن يقودنا إلى مستقبل أفضل نكون فيه مبدعين وليس فقط منتقدين، وكلنا أمل بالطبع ودومًا.

  6. يقول الدكتور جمال البدري:

    من زمان أقولها أنّ الغرب الذي يتغنون بديمقراطيته وهم…لقد زرت العديد من دوله عن كثب…الغرب نظام بوليسيّ يرتدي قفازات ناعمة المظهر؛ لا يختلف عن نظام مينمار…يعززون ذلك بفعاليّات إعلاميّة للجمهور.لكن الانبهار الكاذب
    طغى على الواقع السارب…تحت تأثير الصورة النمطيّة والذهنيّة في هوليوود؛ مقابل فقدان الاستقرار في بلاد الشرق؛
    ما جعل الرأي العامّ ينخدع ضلالًا بصورة المُنقذ؛ دون معرفة بطائنه هل من حرير إستبرق وسندس أم من أسلاك شائكة وأشواك وحسك القنفذ؟

  7. يقول قول الحق والحقيقة:

    قد تكون مصيبا.. غير أنه لا فرق مبدئيا بين التضليل والخداع، كما نوّه الأخ الناقد:
    ضلَّله 1 – صيَّره ضالًّا، أي جعله ينحرف عن الطريق القويم، أي خدَعه وتوَّهه وأفسده. ضلَّله أيضا 2 – نسبه إلى الضّلال، أي قال عنه إنّه ضالّ، أي أضاعه وضيّعه، كما جاء في القرآن: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ}.
    وحتى في عالم الإعلام الدعائي، فإن جوزيف ستالين كان قد أنشأ هذا المصطلح “التضليل” وأطلق عليه اسما فرنسيا لكي يوهم بأن له أصلا غربيا، إذ بدأ الاستخدام الروسي لهذا المصطلح عام 1923. وقد تم عندئذ تعريف المعلومات الخاطئة في الموسوعة السوفييتية الكبرى (1952) على أنها «معلومات مضللة بقصد خداع الرأي العام».

اشترك في قائمتنا البريدية