واشنطن ستعارض عملية هجومية إسرائيلية على إيران.. وبايدن لنتنياهو: تلقّيت نصراً فخُذه

وديع عواودة
حجم الخط
22

الناصرة- “القدس العربي”: ماذا ربحت وماذا خسرت إيران وإسرائيل من هذا التصعيد الجديد، وكيف سينعكس على الحرب على غزة، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام، غداً ومستقبلاً؟

 لم تنجل الصورة بعد، فالغبار ما زال في الجو ولم يهبط بعد، والحدث لم ينته، وهو مرشح للمزيد من التفاعل. مع ذلك يمكن القول، في هذه المرحلة، إن إسرائيل لم تتوقع حجم هذه “الصفعة”- الكمية من الصواريخ والمسيّرات، لكن الهجمة الإيرانية افتقدت لعامل المفاجأة، ما خفّف من وطأتها، مثلما وفّرت لها فرصة للقول إنها ثأرت لكرامتها بعد اغتيال عددٍ من المسؤولين والعلماء الإيرانيين، إضافة للجنرال مهداوي في دمشق، ولولا هذه الهجمة لبدت إيران بصورة سيئة تدفع بعض الجهات للسخرية والتندّر حيال مواصلة التهديد بالثأر في “المكان والزمان المناسبين”.

بدت إسرائيل بعيون أعدائها وأصدقائها ومواطنيها أنها محتاجة للاعتماد على “فزعة” من الخارج كي تحمي نفسها من إيران

لم تنجح إيران، وربما لم ترغب أيضاً، في إلحاق أذى بالغ في القواعد العسكرية المستهدفة في النقب والجولان وغيرهما، كونها غير راغبة بحرب تهدّد مشروعها النووي، بيد أنه يحسب لها تجرؤها على تحدي إسرائيل والنيّل من قوة ردعها، من خلال ضرب أهداف داخل مناطقها السيادية ومباشرة من الأراضي الإيرانية أيضاً، وبصواريخ جوالة وباليستية كثيرة لا مسيرات فحسب.

في المقابل صدّت إسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة ودول غربية وعربية، وحيّدت معظم الصواريخ والمسيرات، لكن الهجمة المباشرة عليها تنال من هيبتها وقوة ردعها، وبدت بعيون أعدائها وأصدقائها ومواطنيها أنها محتاجة للاعتماد على “فزعة” من الخارج كي تحمي نفسها من إيران، وحتى الأمس كان العالم يتساءل؛ كيف سترد إيران، واليوم بات يتساءل كيف سترد إسرائيل، علماً أن مثل هذه الهجمة هي بمثابة إعلان حرب عليها.

ومع ذلك، تستفيد إسرائيل الآن من فرصة استعادة صورة الضحية المعتدى عليها بعدما حوّلتها الحرب البربرية على غزة لدولة منبوذة في العالم، إضافة لولادة فرصة لتحريض العالم على إيران وشيطنتها واعتبارها مصدر الشرّ في المنطقة والعالم بدلاً من إسرائيل نفسها كدولة احتلال وانتهاكات.

ولذا فإن هناك من يرى أن هذه الهجمة تصبّ الماء على طاحونة إسرائيل، رغم نيلها من سيادتها وهيبتها، لأنها ترمم ما أفسدته الحرب على غزة. وتستذكر هنا مقولة الأديب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي حول “الفرج العربي”، “الفرج الإسلامي” هذه المرة بالنسبة لإسرائيل الطامعة بصرف الأنظار عن جرائمها في غزة، على سبيل المثال.

 وهل، وكيف، سينعكس هذا التصعيد على غزة وعلى الشعب الفلسطيني بشكل عام، اليوم وغداً، وهل ستقوم الولايات المتحدة بإقناع إسرائيل، على سبيل المثال، للذهاب لتحالف إستراتيجي مع دول عربية ضد محور المقاومة بقيادة إيران. سؤال مفتوح يرتبط بسؤال كيف سترد إسرائيل، وهل تكتفي برد تكتيكي يحفظ لها ماء الوجه والانتقام لكرامتها القومية، أم أنها ستصعّد طمعاً بهدف إستراتيجي لإضعاف إيران، كما تفيد تسريبات إسرائيلية، في الساعات الأخيرة، بأن الرد سيكون كبيراً وجوهرياً، علماً أن بعض الوزراء، أمثال بن غفير، يدعون لرد ساحق ماحق.

حتى الأمس كان العالم يتساءل؛ كيف سترد إيران، واليوم بات يتساءل كيف سترد إسرائيل، علماً أن مثل هذه الهجمة هي بمثابة إعلان حرب عليها

في كل الأحوال، اتخذ مجلس الحرب الإسرائيلي قراراً بتخويل نتنياهو وغالانت وغانتس صلاحية اتخاذ قرار متى وكيف ترد إسرائيل على هذه الهجمة الإيرانية التاريخية، المشابهة لضربة عراقية خلال حرب الخليج الأولى، عام 1991، يوم أطلقت عشرات صواريخ “سكود” من العراق إلى تل أبيب وحيفا. وقتها، شاركت مصر وسوريا في تحالف غربي ضد العراق من أجل تحرير الكويت، وعملت أمريكا على منع إسرائيل من الرد على الصواريخ العراقية، بينما هل تتمكّن، في 2024، من منعها من الردّ على الردّ، بعدما شاركت في حمايتها من صواريخ إيرانية، سوية مع دول غربية أخرى، وعربية أيضاً؟

حسابات نتنياهو

 بيد أن المؤكد أن حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو تحاول استثمار التطورات وتوظيفها لاصطياد عدة عصافير بحجر واحد. فمن المرجح أن نتنياهو بدأ، منذ صباح اليوم، باستثمار التصعيد الذي نقل إيران وإسرائيل لمواجهة مباشرة، بعد سنوات طويلة من الحرب السرية أو الحرب بالوكالة، من أجل صرف أنظار العالم وأنظار الإسرائيليين عن غزة، عن الموجود والمفقود فيها، بعد ستة شهور من حرب متوحشة لم تحقق أهدافها المعلنة.

كما أن نتنياهو يسعى لرسم التصعيد كفشل إيراني ذريع وانتصار إسرائيلي لتعويض فشله في غزة، كما يتجلى في تغريدة نشرها صباح اليوم الأحد في تطبيق “أكس” قال فيها: “أحبطنا وتصدينا.. معاً ننتصر”.

كذلك يحلم نتنياهو باستعادة “الفزاعة” الإيرانية ليحوّل التراشق معها لمسلسل طويل يدفع الإسرائيليين للخوف من العدو الخارجي الخطير والاصطفاف خلفه بصفته “القائد القوي”، كما كان يفعل في الماضي، علاوة على استبعاده يوم الحساب العسير الذي ينتظره داخلياً.

تحفّظ أمريكي

وتفيد تسريبات أمريكية وإسرائيلية اليوم بأن الإدارة الأمريكية تخشى من حسابات غريبة لدى نتنياهو في التعامل مع إيران، كما فعل في الحرب على غزة وتفاعلاتها.

ونقلت شبكة “إن بي سي” الأمريكية عن مصادر في البيت الأبيض قولها إن بايدن قال لنتنياهو في مكالمتهما الهاتفية، ليلة أمس: “تلقّيت نصراً فخُذه”، وأوضح له أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمل هجومي ضد إيران.

كما نقلت الشبكة الأمريكية عن مصادرها في البيت الأبيض قولها إنها تخشى من ردّ إسرائيليّ متسرّع دون التفكير مليّاً بالنتائج.

وتوضح هذه المصادر أن مخاوف الإدارة الأمريكية تنبع أيضاً من طريقة إدارة الحرب على غزة، ومن عملية اغتيال زاهدي في دمشق، التي أدت لهذه الهجمة الإيرانية.

ونقلت شبكة “إن بي سي” عن ثلاثة مصادر أمريكية قولها إن بايدن قلق من احتمال قيام نتنياهو بجرّ الولايات المتحدة لصراع أعمق في الشرق الأوسط.

تستفيد إسرائيل الآن من فرصة استعادة صورة الضحية المعتدى عليها بعدما حوّلتها الحرب البربرية على غزة لدولة منبوذة في العالم

في المقابل؛ نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل ستنسّق ردّها على هجمة إيران مع حليفاتها.

 كما تُبدي أوساطٌ إعلامية إسرائيلية مخاوف مشابهة من قيام نتنياهو بخلط الحسابات لتحقيق مآرب فئوية مقابل إيران، كما فعل مع غزة، بل ذهب بعض المراقبين الإسرائيليين للتساؤل: لماذا قامت إسرائيل باغتيال الجنرال الإيراني في دمشق، وهل فكّرت بتبعات ذلك؟ من هؤلاء المحلل البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت”  شيمعون شيفر، الذي يقول، في مقال تنشره “يديعوت أحرونوت”، اليوم، متسائلاً هل أخذت القيادة الإسرئيلية بالحسبان نصيحة كونفوشيوس بالحسبان، والتي قال فيها للقيادات: عندما تخرج لمعركة انتقامية فمن المفضّل حفر قبرين، أولهما لعدوك والقبر الثاني لك، لأن الانتقام سيقود للانتقام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    عندما يكون الرد علي شكل مسرحية رديءة الاخراج.

    1. يقول يوسف الجزائري:

      وماذا عند العرب إلا الغدر والخيانة وتحالفهم مع الصهاينة

  2. يقول عربي:

    بايدن يسمي الجعجعة الفارسية نصراً للصهاينة وبهذا معه حق
    على النتن ياهو ان يفرح فقد تحولت الهزيمة التي ألحقها المجاهدين العرب السنة في غزة الى نصر ساحق للعدو الغاشم بعد أن أعادت له الجعجعة الفارسية الثقة بان العرب سيحميه من السقوط

  3. يقول ١:

    قوة إيران فقط على العرب لانها تعلم انهم لا يستطيعون ان يصنعوا رصاصة . لكن الخطأ ليس على إيران بل على العرب .

  4. يقول هدهد سليمان:

    ما بعد السابع من اكتوبر ليس كما قبله.
    التاريخ لن يعود إلى الوراء أبدا.
    الشكر كل الشكر لايران ولحزب الله وأهل اليمن الغر الميامين واللعنة كل اللعنة على أنظمة العهر والخيانة العميلة المتواطئة وأشياع وأدعياء هذه الأنظمة المنبطحين المنهزمين الأذناب فاقدي الكرامة الشخصية والوطنية،
    الهجمة الشرسة على الفلسطينيين ومن بناصرهم وهم قلة قليلة تشتد، ويقود راس الحربة الجواسيس من العربان وهو شيء ليس بالجديد حيث انه بدءا من قبل انشاء الكيان عندما باع الأجداد انفسهم بثمن بخس للاحتلال البريطاني.
    العالم وقف ضد ايران في حملة مسعورة لم يسبق لها مثيل إذ تجرءات ودكت الكيان بهجمات غير مسبوقة، حيث التفت ساق خونة الامة الكبار بساق الاعداء وستلتف نفس السيقان مع بعضها يوم الحساب باذن الله.
    تم تسخير تكنولوجيا الكون العسكرية الهاءلة لاسقاط الصواريخ الإيرانية وهو لم يحدث في أوكرانيا وقامت أنظمة العهر والخيانة بالسماح باسقاط الصواريخ فوق رءوس مواطنيها حتى لا يخدش صهيوني واحد، وسيطل من جحورهم اولي الاربة والقواعد من أشباه الرجال المعهودين من ادعياء الخيانة ليقولوا البلد اولا والأمن القومي للبلد قبل كل شيء كانّه يوجد قدر لغير غزة ولغير فلسطين.
    ألا خ…. على هيك بلد.

  5. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

    لمن ينتقد إسقاط بعض الصواريخ غي سماء بعض
    الدول العربية.. اقول له انه أمر مهم للغاية .. فإيران
    انتهكت سيادة هذه الدول .. بلا طلب.. على عينك
    با تاجر أمام العالم…
    .
    وقد يكون هذا هو الهدف اصلا من هذه المسرحية
    التي سلمت إيران إسرائيل سيناريو واخراجها مسبقا
    وحتى متى وكيف…
    .
    لم تربح إيران شيئا تجاه إسرائيل… بل حاولت ربح
    نقاط مهمة على حساب دول عربية .. باختراقها
    سيادتها .. وحاولت جعلهم حلفاء رغما عنهم في
    تدمير أنفسهم..
    .
    احيي عاليا ما قامت به الاردن مثلا… اسقطت بعض
    الصواريخ… يبقى الأمر رمزيا.. لكنه رسالة إلى إيران
    ان تحترم الدول العربية… وان هذه الأخيرة بمقدورها الرد …
    .
    ولا افهم عقلية من ينقدها ويصفها بالخيانة …
    خيانة تجاه من… تجاه من يريد بك شرا. . أليس
    هذا هو الانبطاح… والعهر السياسي وقمة تدمير
    الذات واحتقارها….
    .
    من أراد تدمير إسرائيل… لن يفلح اذا بدأ بتدبير نفسه… هزلت…
    .

    1. يقول مزاود النعمي:

      سيادة ووطن ومواطن وحدود وقرار سياسي ودبلوماسية ومراعاة عهود ومواثيق! كل هذه مهمة.

    2. يقول ahmad:

      ظاهرة التصهين المتصاعدة هي أحد الأزمات في العالم العربي

    3. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

      التصهين.. واحتقار الذات… وفراغ في الدماغ…
      .
      وعشق التبعية أيضا.. والعمى …

  6. يقول فصل الخطاب:

    إلى أحرار إيران العظيمة : حذار من غدر عصابة البانتاغون الأمريكي العفن النتن الذي يرسل أسلحته القذرة لقتل أطفال ونساء غزة العزة هذي شهور وشهور ✌️🇵🇸☹️☝️🚀🔥🚀🔥🚀

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية