لندن ـ «القدس العربي»:

تسيطر تساؤلات مقلقة وسط القوات الجوية الأوروبية بسبب تقارير تفيد بأن القوات الأوكرانية قد لا تتمكن قريبًا من الاستخدام الجيد والمناسب للمقاتلات الأمريكية إف- 16 التي فوتتها لها بعض الدول الأوروبية، وتتخوف من أن يمتد القرار في حالة تطبيقه إلى المقاتلات من صنع أمريكي مثل إف- 35. وهذه الاستراتيجية تنهجها واشنطن ضد معظم دول العالم، ولاسيما العربية؛ حفاظاً على أمن الكيان الإسرائيلي.
في هذا الصدد، أوردت منابر أوروبية متعددة ومنها الموقع المتخصص في الأخبار العسكرية «غلاكسيا ميلتاري»، الإثنين الماضي، وكذلك جريدة إندبندنت البريطانية أنه بعد إيقاف البنتاغون إرسال العتاد الحربي إلى أوكرانيا ضمن الضغط على كييف لقبول مخطط السلام، تتداول تقارير حول قدرة البنتاغون، بأمر من الرئيس دونالد ترامب، على عرقلة استعمال المقاتلات إف- 16 التي منحتها دول مثل هولندا، إلى أوكرانيا. ويتم جعلها غير فعالة في القتال من خلال ما يسمى «زر الإيقاف»، وهو التحكم في البرامج الإلكترونية للطائرة مباشرة من الولايات المتحدة.
وعملياً، لا يمكن للولايات المتحدة سحب المقاتلات إف- 16 من أوكرانيا لأن دولاً أوروبية وهي هولندا والدنمارك، هي التي فوتتها لها، ولكن خبراء البنتاغون قادرون على تجميد تحديث معدات التشويش الإلكتروني أي إن/أي إل كيو-131 التي تستخدمها الطائرات لصد الدفاعات الجوية الروسية وتحديد الأهداف لضربها. وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من قوة طائرات إف-16 ويجعلها فريسة سهلة لأنظمة الدفاع الروسي وبدون جدوى في الهجوم.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، فرضت الولايات المتحدة قيوداً على استخدام طائراتها المقاتلة من قبل الدول التي تقتنيها، وذلك للتحكم في الحروب، وهو ما يثير قلقاً منذ عقود لدى الدول التي تقتني السلاح الأمريكي.
ويتساءل الأوروبيون بعد انتشار مثل هذه التقارير، عن التحكم الأمريكي في مختلف الطائرات التي تمتلكها القوات الجوية الأوروبية لاسيما مقاتلة إف 35 التي اشترتها 13 دولة أوروبية خلال السنوات الأخيرة وستقتني منها العشرات خلال السنوات المقبلة. في هذا الصدد، يبرز الموقع العسكري أنه على الرغم من عدم وجود أي دليل يشير إلى وجود «زر الإيقاف» فإن يواخيم شرانزوفر، رئيس قسم الاتصالات في شركة الأسلحة الألمانية هينسولدت، قال لصحيفة بيلد اليومية الأسبوع الماضي، إن الأمر «أكثر من مجرد شائعة»، مستطرداً أنه «سيكون من الأسهل بكثير على الولايات المتحدة تعطيل المقاتلات من صنع أمريكي بسبب التحكم في البرنامج الالكتروني للمقاتلة، وهو برنامج تحت سيطرة الولايات المتحدة».
ويعد هذا الموضوع مصدر قلق لدول مثل سويسرا وبلجيكا، وخاصة ألمانيا؛ لأن هذه الأخيرة وقعت صفقة تفوق ثمانية مليار يورو لشراء مقاتلات إف- 35. هذا القلق دفع بفولفغانغ إيشينجر، رئيس مؤسسة مؤتمر ميونيخ للأمن، للقول لصحيفة بيلد: «إذا كان علينا أن نخشى أن تفعل الولايات المتحدة مع طائرات إف-35 الألمانية في المستقبل ما تفعله حاليًا مع أوكرانيا، فيمكننا التفكير في إنهاء صفقة شراء هذه المقاتلة». في المقابل، لا تعاني دول مثل فرنسا من هذا الإشكال، لأنها تصنع مقاتلاتها بنفسها وهي رافال، كما أن إسبانيا تعتمد على المقاتلة الأوروبية «يوروفايتر». وبدأت ألمانيا تدرك حجم الخطأ الذي ارتكبته بسبب المماطلة في مشروع تطوير مقاتلة أوروبية رفقة فرنسا.
وينطلق هذا على جميع الطائرات التي باعتها الولايات المتحدة إلى غالبية دول العالم وبالأخص العالم العربي، حيث المقاتلات الأمريكية مبرمجة لكيلا تصوب صواريخها ضد إسرائيل، بل البنتاغون قادر على التحكم في هذه الطائرات عن بعد وتركها جامدة في مدرجات القواعد العسكرية في حالة دخول الدول العربية حرباً لا توافق عليها واشنطن.
وعلاقة بهذا، قال مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي السابق، في برنامج «شاهد على العصر» خلال ماي 2020 إنهم اكتشفوا أن الولايات المتحدة باعتهم طائرات «إف- 16» بدون الشفرات الأساسية وبدون البرمجة الكاملة التي تتيح لماليزيا الانتفاع بكافة قدرات الطائرة، بما فيها القتالية. وأضاف أنه «تبين لنا أنه لا بد من العودة للولايات المتحدة إذا أردنا استخدام الطائرات لغايات قتالية ضد أي دولة، وذلك حتى يبرمجها الخبراء الأمريكيون، ما يعني تكلفة إضافية على سعر الطائرة، كما أن قرار استخدامها قتالياً يظل مرهوناً بإرادة الأمريكيين». وفي تلك المقابلة، قال بسخرية إن مقاتلات إف- 16 التي لدى ماليزيا تصلح فقط للاستعراضات.