وثيقة: سوء العمل السياسي عرقل التنمية بالمغرب في الـ50 سنة الماضية

حجم الخط
0

وثيقة: سوء العمل السياسي عرقل التنمية بالمغرب في الـ50 سنة الماضية

طلبها الملك للذكري الخمسين للاستقلال وتطلعا لآفاق 2025وثيقة: سوء العمل السياسي عرقل التنمية بالمغرب في الـ50 سنة الماضيةالرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف: قالت وثيقة رسمية أن الانحرافات التي اعترت المسلسلات الانتخابية في المغرب، والطبيعة الظرفية وغير المستقرة للتحالفات الحزبية المحلية، وعدم تكافؤ تكوين المنتخبين وسوء التدبير، والتقطيع الترابي غير الموفق دائما، كلها عوامل من بين أخري عرقلت التنمية البشرية علي مدي خمسين عاما.وأوضحت الوثيقة التي تطرقت أيضا الي وجود ثقافة مقاومة للتغيير وممركزة وغير ميالة الي الثقة والتفويض، أنه باستثناء عدد من الادارات الرائدة في هذا المجال، فان اللاتمركز الاداري الذي لا مناص عنه للامركزية، ما زال بعيدا عن مرافقة ودعم هذه الأخيرة، بشكل قوي ومتين. وجاءت الوثيقة تلخيصا لتقرير طلب العاهل المغربي الملك محمد السادس اعداده بمناسبة الذكري الذهبية للاستقلال حول 50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة 2025. واعد التقرير لجنة سميت بلجنة ادارة تقرير الخمسينية برئاسة المستشار الملكي عبد العزيز مزيان بلفقيه. وتبين هذه الوثيقة تقع في حوالي خمسين صفحة أهم ما جاء في التقرير الذي انخرط في اعداده حوالي مئة من الكفاءات الجامعية والادارية وفعاليات المجتمع المدني.وتشير الوثيقة الموجزة الي أن الغاية الأولي للتقرير العام تتمثل في تغذية نقاش عمومي وفتحه علي أوسع نطاق حول السياسات التي يتعين تفعيلها مع استخلاص أهم الدروس من اخفاقات الماضي ونجاحاته. ولهذا الغرض فان التقرير يقترح قاعدة معرفية مدعمة بالدلائل والحجج لتغذية هذه النقاشات مستخلصا العبر والدروس من التجربة السابقة للبلاد ومقترحا بعض مسالك التفكير لاستشراف العقدين المقبلين.وتتمثل أهمية المواد المرفقة بالوثيقة الرئيسية في ما لا يقل عن 75 مساهمة فردية موقعة من طرف أصحابها وتم تجميعها في ثمانية مصنفات موضوعاتية من جهة، و16 تقريرا موضوعاتيا وأفقيا أعدها 13 فريق عمل من جهة أخري، تشهد علي غني هذه القاعدة من المعطيات المقدمة للمناقشة والدراسة.ويتمحور التقرير حول مفهوم الامكانات البشرية التي تعد في الوقت ذاته محرك التنمية البشرية وغايتها وفي ضوء ذلك تم تقويم ما حققته البلاد دولة ومجتمعا من تقدم وما اعتراها من نواقص وذلك من خلال خمسة محاور استرجاعية لمسار المغرب وهي: ـ تطور الامكان البشري للمغرب كشعب، ـ تحرير الامكان البشري بوصفه فاعلا سياسيا، ـ تثمين الامكان البشري باعتباره حياة وتجليات، ـ تعبئة الامكان البشري من حيث هو قوة عمل وانتاج للثروات، ـ الامكان المادي والطبيعي بوصفه موردا للتنمية البشرية.ويقترح التقرير وصفا مجملا لحالة المغرب خلال سنة 2005 مثيرا في سياق ذلك التساؤلات الكبري المطروحة عليه المعبر عنها في التقرير بـ عقد المستقبل .رؤيتان متقابلتانوبعد ذلك يعرض التقرير رؤيتين متقابلتين للبلاد في أفق سنة 2025 ويقدم بعض مسالك ومحاور التجاوز الممكنة التي تصب في أجندة 2025.واعتبر التقرير أن مسلسل استكمال الوحدة الترابية أسهم بشكل كبير في ترسيخ الشعور الوطني بالمغرب وأن الامكان البشري للبلاد ينبع بالأساس من وحدته المتراصة داخل تنوعه الكبير . وقال التقرير انه علي الرغم من التحولات العميقة التي شهدها المجتمع المغربي في عهد الحماية والتي تسارعت وتيرتها في ما بعد، فانه تمكن بشكل كبير من الحفاظ علي المقومات الأساسية لتراثه الوطني، واستطاع المجتمع المغربي بعث نهضة ثقافية وفنية متجاوزا بذلك فترات الانطواء بل والسبات .واشار المشرفون علي التقرير الي ان المغرب عرف في مجال التحولات الديمغرافية والاجتماعية نموا ديموغرافيا مرتفعا يميل حاليا نحو الاستقرار .وقال ان بلادنا توجد اليوم في وضعية انتقال ديمغرافي يتجسد في تباطؤ وتيرة تزايد عدد السكان وذلك بفعل الانخفاض المستمر لنسب الوفيات وتراجع معدل الانجاب مسجلا أن معدل الحياة انتقل من 47 سنة في 1962 الي 71 سنة في 2004 نتيجة انخفاض نسبة وفيات الأطفال وتحسين التأطير الطبي وتحسن شروط التزود بالماء الشروب وتعميم برامج التلقيح .وأشار التقرير الي تراجع الانجاب من 7 أطفال للمرأة الواحدة سنة 1962 الي 2.5 سنة 2004 ويرجع ذلك الي تأخر سن الزواج والي توسع التمدين وتأجيل الزواج المرتبط الي حد ما بمشكل السكن والتحرر الاقتصادي والاجتماعي للنساء . وأوضح أن هذا التحول شمل المدن التي يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة الا أن التطور الذي حصل خلال العشرين سنة الأخيرة كان مطبوعا باعادة الانتشار لحساب المدن المتوسطة والصغري سواء في ما يخص التوزيع الجغرافي أو ما يتعلق بوتيرة النمو .وتابع أنه مع توسع التمدن وتكريس التعاملات النقدية وتعميم اقتصاد السوق والتقدم النسبي في مجالي الصحة والتربية وولوج وسائل الاعلام العصرية والتفتح علي الأفكار والنماذج الجارية في أنحاء العالم اتجه المجتمع المغربي الي اعتماد وتطوير طرق جديدة للحياة والعمل والاستهلاك والسلوك.وبالمقابل أكد التقرير علي الوضعية الصعبة التي يعيشها العالم القروي بالنظر الي المسافة الكبيرة التي تفصله عن المدن سواء في ما يخص التنمية الاقتصادية أو التنمية البشرية أو التحولات الاجتماعية ذلك أن الفوارق بين المدن والقري تبدو صارخة وتستدعي أجوبة اقتصادية واجتماعية .وأشار الي أن البلاد تعرف انتقالا تتعايش ضمنه مرجعية تقليدية مع قيم ناشئة، ذلك أن العديد من المغاربة يعيشون ازدواجية أو التباسا حيث يغيرون القيم والمواقف والسلوكات المحافظة جدا أو علي العكس من ذلك الأكثر حداثية حسب السياقات والمواقع والمصالح وهناك من يري في هذه الظاهرة مهارة وقدرة علي التكيف تسير في اتجاه متلائم مع الحفاظ علي الهوية والانخراط الارادي في الحداثة في حين يري آخرون في هذه الظاهرة نوعا من الرجعية أو علي الأقل ترددا في الانخراط بجرأة في التيار الراهن للقيم الكونية .ويتوقع التقرير أن التشكل المستقبلي للمجتمع المغربي رهين بقدرته علي التخلي عن الماضوية المفرطة في المحافظة وعلي تحديث ذاته في العمق دون التضحية بالسمات المميزة لارثه وهويته .واوردت وكالة الانباء المغربية الرسمية ان تقرير 50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب وآفاق 2025 ابرز أن عهد الملك محمد السادس الذي يتولي الحكم منذ صيف 1999 أضفي وتيرة جديدة علي تحرير الامكان البشري للبلاد . وقال أن أسطع برهان علي ذلك يتجسد في مشروع المجتمع الديمقراطي والحداثي المعبر عنه بوضوح وتحديد مفهوم جديد للسلطة والتغيرات الهامة التي جاءت علي مستوي المسؤوليات السياسية والادارية المركزية والترابية .وكتجسيد لمسلسل الاصلاح المهم الذي تم القيام به اشار التقرير الي مدونة الاسرة الجديدة والاصلاحات التشريعية العديدة والأوراش التنموية الكبري واحداث مؤسسة محمد الخامس للتضامن والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وديوان المظالم والعمل الذي قامت به هيئة الانصاف والمصالحة والتوصيات التي أصدرتها تدعو الي العمل نهائيا علي طي صفحة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان والي تصالح المغاربة مع تاريخهم المعاصر والي ارساء حياة ديمقراطية فعلية بكيفية لا رجعة فيها.بوادر اصلاح وانفتاحويذكر التقرير بأن سنوات التسعينيات عرفت تسريعا لانفتاح الحقل السياسي بدعم من الملك الراحل الحسن الثاني ومساهمة الأحزاب السياسية الرئيسية، مشيرا في هذا الصدد الي المراجعتين الدستوريتين لسنتي 1992 و1996 والي احداث المجلس الاستشاري لحقوق الانسان سنة 1990 والعفو الملكي العام المسبوق بالكثير من قرارات العفو الجزئي، وتحسين شفافية الاستشارات الانتخابية، وولوج المعارضة السابقة وخاصة اليسارية منها للحكومة سنة 1998 واحداث هيئة مستقلة لتعويض ضحايا الانتهاكات الخطيرة السابقة لحقوق الانسان. ولاحظت أن المغرب انطلق منذ استقلاله علي درب التنمية المؤسساتية والسياسية الرامية الي بناء دولة عصرية باستبعاد خيار الحزب الوحيد والتزمت باحترام تنظيم وتعبير معارضة شرعية وصحافة تعددية بالرغم من الرقابة والقمع اللذين ظهرا في بعض الأوقات ، وعرف كيف يحافظ علي السلم المدني وعدم الوقوع في انحرافات كليانية متجنبة بذلك ما انجرت اليه بلدان مماثلة حديثة العهد بالاستقلال .وتضيف الوثيقة أن المغرب فتح بذلك امكانية تبلور ثقافة سياسية تعددية أتاحت له فيما بعد الدخول في مسار حقيقي ـ رغم اتسامه بنوع من البطء ـ للانتقال الديمقراطي .وتسجل الوثيقة أن السير نحو احداث دولة عصرية كان شاقا وعرف في بعض الأوقات بعض التقدم ولو اكتنفت ذلك في أوقات أخري بعض الصعوبات. وذكرت بأن الابقاء علي التوازن بين الاستقرار المؤسساتي ودينامية المعارضة، وبين الأمن والحرية، وبين تقاسم السلطة واستمرار الاختيارات الأساسية للدولة، تطلب جهودا كبيرة : تمركزات وطنية واسعة، مراجعات دستورية وتشريعية وتنظيمية، اعادة تنظيم أجهزة الدولة، ادماج نخب سياسية وادارية جديدة كما توالت فترات شهدت أحيانا مشاركة واسعة للاحزاب في الحكومة وعرفت احيانا اخري حالات تشنج لم تصل الي حد انقطاع الحوار بين الفرقاء السياسيين.ويلاحظ التقرير ان المغرب المستقل لم يشذ عن القاعدة التي تقول أن بناء أي نظام جديد يترافق بصفة عامة بصراع المواقع بين الفرقاء. ويأسف لكون هذا التنازع كان طويلا ومكلفا سواء علي المستوي الامني أو ادارة المراقبة أو تأجيل أولويات البلاد علي حساب المشاكل الاجتماعية لفئة عريضة من السكان، وهو ما أضر بصورة البلاد. ويسجل التقرير علي صعيد انفتاح الحقل السياسي أنه مع مرور السنين، ومع الانفتاح التدريجي الذي أتاحته الثقة ومتانة الدولة العصرية التي هي بصدد البناء، حدث هدوء في المناخ السياسي. وهو تطور يعزوه التقرير الي اجتماع المواطنين والقوي السياسية حول القضايا الوطنية والترابية للبلاد والي مرونة بعض المواقف الحزبية التي كانت متشددة من قبل بخصوص الاصلاحات الدستورية ونماذج التنمية.وأوضح التقرير أن الانحرافات التي اعترت المسلسلات الانتخابية، والطبيعة الظرفية وغير المستقرة للتحالفات الحزبية المحلية، ولاتكافؤ تكوين المنتخبين، وسوء التدبير، والتقطيع الترابي غير الموفق دائما، هي كلها عوامل من بين أخري عرقلت التنمية البشرية لعدد كبير من الجماعات القروية والحضرية بالاضافة الي وجود ثقافة مقاومة للتغيير وممركزة وغير ميالة الي الثقة والتفويض، وقال أنه باستثناء عدد من الادارات الرائدة في هذا المجال، فان اللاتمركز الاداري الذي لا مناص عنه للامركزية، لا زال بعيدا عن مرافقة ودعم هذه الأخيرة، بشكل قوي ومتين.وأفاد التقرير أن هناك انطباعا بوجود احتباس في دائرة مفرغة حيث تعطي تحولات اللامركزية والتدبير الجماعي مظهرا للشرعية للمقاومة الممركزة في اللحظة نفسها التي أضعف فيها عجز اللاتمركز امكانية حكامة ترابية فعالة وملائمة. فقر كبير رغم التطورات وحسب التقرير فان اللاتمركز كما هو معروف ومطبق لم يشجع شروط لا مركزية حقيقية، معتبرا أن الوصاية وشروط تطبيقها ساهمت علي الأرجح في ضعف ارادة لا مركزية حقيقية ومحررة.وأوضح التقرير أنه علي المستوي الاداري المركزي وعلي مستوي الهيئات الوطنية اللامركزية، والحكامة تم تسجيل فقر كبير رغم التطورات الظرفية والمحدودة معربا عن الأسف لوجود مشاكل تبذير المال العمومي والارتشاء والمحسوبية والزبونية التي لاتزال متفشية علي الرغم من التدابير والنوايا الحسنة التي ذكرت الوثيقة من بينها الاعلان عن ميثاق حسن التدبير، وتحسين شفافية ابرام الصفقات العمومية واعتماد قواعد عادلة ومحفزة في تدبير الموارد البشرية، واحداث المجالس الجهوية للحسابات، واللجوء المتكرر الي الافتحاصات الداخلية والخارجية.وأكد التقرير علي أنه بالاضافة الي الانحرافات والممارسات غير القانونية فانه يمكن تسجيل أشكال أخري من العجز من قبيل تفضيل هيمنة النظرة القطاعية الضيقة، والكفاءة غير المتساوية، وعدم استقرار موظفي الوزارات والمسؤولين الاداريين، وعدم الاعتبار الممنهج للاستحقاق، والتواجد المفارق لوزارات متضخمة الي جانب أخري محدودة الصلاحية، وغياب البين ـ وزارية ، والفواصل البيروقراطية، وتقلب الهياكل الادارية وتنازع اختصاصاتها .ولاحظت الوثيقة أن عددا من هذه النقائص لا يقتصر وجودها علي الادارة، اذ أنها تنسحب كذلك علي العديد من المقاولات، بل وحتي التنظيمات السياسية والمدنية هذا فضلا عن انتشار ظواهر من قبيل: التعالي المفرط لأشخاص ذاتيين علي الهياكل والمجموعات، والانفعالية في التسيير، وضعف الاستشارة والحوار، واعمال مبدأ التفاوض لفض التوترات والنزاعات .وحدد التقرير بؤر المستقبل وتتعلق بالعوائق وأنواع العجز البنيوية، التي تهم الابعاد المحورية للتنمية البشرية بالمغرب ويشير الي المعرفة (القصور في مجال انتاج المعرفة، وولوجها ونقلها ونشرها في كل أشكالها)، الاقتصاد (نتائج باهتة علي مدي خمسة عقود الفارطة)، الادماج (لم يتمكن المغرب دائما خلال الخمسين سنة الماضية من ادماج مختلف مكونات مجتمعه ومجالاته الترابية)، الصحة (بالرغم من التقدم الملحوظ الذي حققه النظام الوطني للصحة، فان ولوج الخدمات العلاجية مايزال غير عادل ومحدود).كما تحدث عن اشكالية الحكامة (بالمعني الذي يفيد أسلوب التدبير والقيادة التسيريين وممارسة السلطة)، المشاركة (غالبا ما كانت منعدمة أثناء تصميم وانجاز برامج ومشاريع التنمية) والتخطيط (العلاقة مع الزمن لم يكن متحكما فيها بالقدر الكافي). تتعلق هذه البؤر أيضا بمنظومة اتخاذ القرار (يلاحظ أن هذه المنظومة طالما عانت من الارتجال والتسرع، أو علي العكس من ذلك البطء والافتقار الي التصرف في الوقت المناسب، وضعف القدرة علي التوقع والاستباق)، بثقافة التقويم (هذه الثقافة لم تكن راسخة في تفكير وممارسة العديد من تنظيمات ومؤسسات البلاد) والمحاسبة (تقديم الحسابات وكذا تطبيق العقوبات الادارية أو السياسية أو القضائية أو الانتخابية لم تصبح بعد عملة متداولة في المغرب).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية