وداد قمري: شاهدة على مرحلة من النقاء الثوري

حجم الخط
2

بكل الحزن والألم نودع اليوم الأخت الغالية والصديقة الوفية ورفيقة الدرب النضالي الطويل والشاق المناضلة العريقة وداد قمري ابنة القدس وسنديانة تمتد جذورها في باطن الأرض المقدسة. مناضلة من الرعيل الأول لحركة القوميين العرب، اسمها يعلو فوق أسوار القدس وهضابها وفي حي المصرارة وباب العامود والشيخ جراح، وفي كل مدينة وقرية ومخيم في فلسطين.
تعرضت الرفيقة وداد للملاحقات الأمنية والاعتقال بسبب نشاطها السياسي في حركة القوميين العرب منذ ستينيات القرن الماضي وصدر بحقها قرار تعسفي من قبل الاحتلال الصهيوني بالإبعاد القسري وهي في ريعان شبابها، وعاشت في المنافي والشتات ولم تسلم من السجون العربية أيضا.

ناضلت بصمت وبكل تفان بعيدا عن وسائل الإعلام، لم تسع للمناصب والامتيازات، بل عاشت حياة متقشفة أكثر من بسيطة، وبعيدا عن الأضواء

كانت شاهدة على مرحلة من النقاء الثوري والعمل السري والإعداد للكفاح المسلح داخل الأرض المحتلة منذ بداية العمل الفدائي. الكلمات لا تفي هذه المناضلة الصلبة حقها لما كانت تتمتع به من أخلاق وقيم ثورية وتواضع وعزيمة لا تلين وغيمان عميق بعدالة القضية الفلسطينية وحقنا التاريخي في استعادة أرضنا ومقدساتنا، وإقامة دولتنا الحرة المستقلة وعاصمتها القدس. كان الحكيم جورج حبش يكن لها كل الاحترام والمحبة والتقدير، وكانت موضع ثقة القيادة وجميع الرفاق والرفيقات.. ناضلت بصمت وبكل تفان وإنكار للذات بعيدا عن وسائل الإعلام. لم تسع إلى المناصب والامتيازات يوما، بل عاشت حياة متقشفة أكثر من بسيطة، وبعيدا عن الأضواء. اعتمدت عليها قيادة الحركة بالكثير من المهمات السرية والصعبة وتبادل الرسائل بين التنظيم في داخل الأرض المحتلة والخارج. وكنا الحكيم وأنا نستقبلها بالترحاب في بيتنا، ويأتمنها على نقل الرسائل الشخصية عندما يكون بعيدا عنا. من أصعب المهمات التي شاركت فيها الرفيقة وداد وبتكليف من الدكتور وديع حداد وإشرافه هي عندما تم خطف الحكيم من سجن الشيخ حسن في دمشق عام 1969 في وضح النهار على يد مجموعة من أصلب وأشد الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهذه شهادة للتاريخ تسجل لها في مسيرتها النضالية المشرفة. الغالية وداد أول رفيقة في حركة القوميين العرب، كنت التقي بها في القدس في كل مرة أزور الأهل بعد زواجي من الحكيم، قادمة من بيروت. أذكر وداعنا في القدس كم كان مؤلما عندما تم إبعادي قسريا عن المدينة التي غادرتها في عام 1966 ولم أعد إليها حتى يومنا هذا تحية إكبار وإجلال إلى الروح المناضلة الصلبة الفقيدة وداد قمري والى روح الحكيم وجميع شهداء الثورة الفلسطينية الانقياء. أتقدم بأحر مشاعر العزاء والمواساة إلى الأخت العزيزة عائدة وجميع افراد العائلة وعموم آل قمري الكرام. رحم الله الفقيدة الغالية وداد، ستبقى في ذاكرة التاريخ وفي وجدان الشعب الفلسطيني.
رفيقة درب الحكيم جورج حبش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    نساء صنعنّ تاريخًا…كثيرات هنّ نساء الأمّة العربيّة اللواتي صنعنّ تاريخًا بطوليًا؛ ففي كلّ عصر ( تبزغ ) إحداهنّ كالقمر
    المنير لتحمل راية النضال ضد الظلم والعدوان بصمت الجبال.وغالبًا يبقى اسمها كجندي مجهول.رحم الله نساء الأمّة المناضلات…والمجد والخلود لأمّة الأنبياء؛ مهما تكالبت عليها تحديات الحياة؛ تبقى راسخة في الأعماق؛ جذور؛ ومشرأبة نحو الآفاق؛ نور على نور.

  2. يقول محمد دبش:

    الله يرحمها و يرحم حكيم الثوره رضي الله عنه و يرحم كل الشهداء الابرار الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل فلسطين

اشترك في قائمتنا البريدية