الخرطوم- «القدس العربي»: رحبت وزارة الخارجية السودانية بإعلان الحكومة الأمريكية فرض عقوبات على زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” وسبع شركات تابعة لقواته مقرها دولة الإمارات، بينما نددت قوات الدعم السريع بالعقوبات واعتبرتها “سياسية”.
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية، الثلاثاء، أول عقوبات ضد “حميدتي” الذي تقاتل قواته والمجموعات المسلحة الموالية لها الجيش السوداني منذ منتصف أبريل/ نيسان من العام قبل الماضي.
واتهمت واشنطن الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية وأعمال تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى تجاهل قواته بشكل متعمد الالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة للعام 2023 والخاص بالالتزام بحماية المدنيين في السودان، ومدونة قواعد السلوك للعام 2024 التي أطلقتها مبادرة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، بابكر الصديق، إن الحكومة السودانية تتفق مع ما جاء في بيان وزير الخارجية الأمريكي، أن محمد حمدان دقلو مسؤول عن الفظائع الممنهجة ضد الشعب السوداني التي ترتكبها الميليشيات بما فيها الاغتصابات الجماعية، وأن الواجهات التجارية التي توظفها الدعم لتمويل حربها موجودة في الإمارات.
وأكد على ما خلصت إليه الحكومة الأمريكية، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع وحلفاءها ارتكبوا جرائم إبادة جماعية في السودان.
ولفت إلى إشارة بيان وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن الدعم السريع تستخدم حرمان المدنيين من الإغاثة كسلاح للحرب ضد الشعب السوداني، وأنها تنتهك بشكل منهجي القانون الدولي الإنساني، وإعلان جدة الموقع في مايو/ أيار 2024.
ودعت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، أمس الأربعاء، بقية الدول لاتخاذ خطوات مماثلة ضد قيادة الدعم السريع ورعاتها، مطالبة باتخاذ المجتمع الدولي موقفاً موحداً وصارماً في مواجهة القوات التي وصفتها بـ”الجماعة الإرهابية” لإجبارها على وقف الحرب. ودعت حركة جيش تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إلى قرارات أكثر شجاعة ضد قوات الدعم السريع والداعمين لها. واعتبر الناطق الرسمي باسم الحركة، الصادق علي النور، أن فرض عقوبات على “حميدتي” خطوة في الاتجاه الصحيح، مطالبًا بتصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية. وقال إنه “رغم السلبية التي تعاملت بها الحكومة الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الحرب في السودان وعدم اتخاذها قرارات حاسمة وشجاعة لإنقاذ حياة الشعب السوداني وحمايته من الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها الدعم السريع إلى أن قرارها بفرض عقوبات على قائد الدعم السريع يستحق الترحيب”. وأضاف: “إن القرار الذي ينتظره الشعب السوداني وكل أصحاب الضمائر الحية في العالم هو صدور قرار واضح تجاه الدعم السريع بوضعها في قائمة المنظمات الإرهابية وملاحقتها جنائياً من قبل محكمة العدل الدولية”.
واتهم الدعم السريع و”المرتزقة” الموالين لها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية وتطهير عرقي، مشيرًا إلى هجماتها على مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور غرب السودان وقرى “ود النورة” و”السريحة” التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى، فضلًا عن التهجير القسري وجرائم الاغتصاب والاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات. وأشار إلى الحصار الذي تفرضه الدعم السريع على عدد من المدن بغرض تجويع سكانها وقصف معسكرات النازحين بالمدفعية الثقيلة كما في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقال إن صدور مثل هذا القرار سيساهم كثيرًا في تقييد حركة قادتها على مستوى العالم، الأمر الذي سيحد من حركة تدفق الأموال والسلاح وقد يساهم في حماية العديد من الأرواح ومن “المجازر التي ترتكبها بشكل يومي وفي وضح النهار في ظل صمت دولي فاضح”. ودعا إلى “صحوة ضمائر قادة الدول والمنظمات واتخاذها قرارات واضحة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في السودان مثل بقية الدول التي تتعرض لأوضاع مماثلة، مستنكرًا سياسة الكيل بمكيالين. وأضاف: “من يموتون في السودان بشرٌ كذلك”.
في المقابل، صدر بيان عن قوات الدعم السريع حول العقوبات الأمريكية على حميدتي، اعتبر أنها تزعزع “استقرار السودان” ويقوض “هدف الانتقال الديمقراطي”. ووصف البيان قرار وزارة الخارجية الأمريكية بأن الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في السودان بأنها “مؤسفة ومجحفة”، وأنها “قرارات سياسية محضة، تم اتخاذها دون تحقيق دقيق ومستقل”.
وأكد البيان أن قوات الدعم السريع “ثابتة على موقفها المعلن منذ بداية هذه الحرب، وهو إنهاء الظلم والهيمنة المركزية التاريخية في السودان”، مجددة “الدعوة إلى ضرورة إنهاء الحرب بمخاطبة أسبابها الجذرية، والمتمثلة في الاختلالات البنيوية في الدولة عبر حل سياسي شامل يحقق السلام العادل، ويؤدي إلى تحقيق العدالة القانونية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية”.
وحسب البيان الصادر عن مكتب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، ارتكبت عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها إبادة جماعية في السودان. وقال: “إن قرار فرض عقوبات على “حميدتي” أتى بعد مراجعة متأنية للوقائع وتحليل قانوني شامل، عطفًا على إعلان الوزير بلينكن في ديسمبر/ كانون الأول 2023 مسؤولية عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها عن ارتكاب أعمال تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية”.
وبناء على تحديد وقوع الإبادة، أعلنت الحكومة الأمريكية فرض عقوبات على سبع شركات تمتلكها قوات الدعم السريع وتقع مقراتها في الإمارات العربية المتحدة وعلى فرد مسؤول عن شراء أسلحة لقوات الدعم السريع. وقالت إن زعيم قوات الدعم السريع تجاهل بشكل متعمد الالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة للعام 2023 والخاص بالالتزام بحماية المدنيين في السودان، ومدونة قواعد السلوك للعام 2024 التي أطلقتها مبادرة “متحالفون” من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان. وأضاف: “ينبغي تحقيق المساءلة عن هذه الفظائع، لذا فرضت الولايات المتحدة إلى جانب تحديد وقوع الإبادة عقوبات على “حميدتي” لدوره المحوري في تأجيج الحرب في السودان”.
وأشار إلى إدراج “حميدتي” على قوائم العقوبات بموجب المادة 7031(ج) لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات اغتصاب جماعية لمدنيين على يد جنود قوات الدعم السريع تحت إمرته.
وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على زعيم الدعم السريع بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 الخاص بفرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي.
وبين أن فرض العقوبات يرجع إلى قيام قوات الدعم السريع بقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليون شخص والتسبب بمجاعة واسعة النطاق في مختلف أنحاء السودان.
وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية كذلك فرض عقوبات على سبع شركات مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة لارتباطها بدعم الدعم السريع بالأموال والمعدات العسكرية. وتشمل شركة (كابيتال تاب) القابضة ومقرها الإمارات العربية المتحدة وتدير 50 شركة في أكثر من عشر دول يملكها أبو ذر عبد النبي حبيب الله أحمد السوداني، الجنسية، والذي فرضت عليه عقوبات بناء على نشاطه بالخصوص. وأشارت إلى تصنيف “أبو ذر” بموجب الأمر التنفيذي 14098 لكونه شخصًا أجنبيًا أو كان قائدًا أو مسؤولًا أو مسؤولًا تنفيذيًا كبيرًا أو عضوًا في مجلس إدارة (كابيتال تاب)، حيث تم حظر ممتلكاته ومصالحه.
وتضمنت قائمة الشركات المحظورة أيضًا شركة كرييتيف بايثون المحدودة، شركة الزمرد والياقوت للذهب والمجوهرات، شركة الجيل القديم للتجارة العامة، شركة هورايزون أدفانس سوليوشنز للتجارة العامة، شركة تاب وهوريزون ادفانس سوليوشن.