وزارة حسان في الأردن: كيف ستطلب الثقة؟

بسام البدارين
حجم الخط
1

الثلث المعطل إضافة كبيرة لمسيرة التحديث والإضافة الأكبر قد تمثلها سيناريوهات وجود حكومة ظل يقترحها التيار الإسلامي.

عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن معرفة الظروف والمناخات والاعتبارات التي تسبق أو ترافق مشروع الوزارة الجديدة في الأردن لتحصيل ثقة مجلس النواب الجديد أيضا. وما يزيد من تعقيدات التحليل هو قناعة كل أطراف اللعبة بصعوبة فهم ما الذي سيجري بصورة محددة إذا ما تقرر فعلا ترسيم فاصل زمني يعيق توقيت التفاعل بين السلطتين لـ 9 أسابيع على الأقل و15 أسبوعا على الأرجح إذا ما اعتمد سيناريو إرجاء وتأجيل الدورة العادية للبرلمان. ثمة اعتقاد وسط النخبة السياسية والبرلمانية بأن الطاقم الوزاري الذي اختاره الرئيس جعفر حسان مثير للمتاعب خصوصا في جزء منه مع جزء آخر لا يستهان به من نواب أحزاب الوسط. وثمة انطباع بالتوازي بان لوغاريتمات التشكيل الوزاري الحكومي الذي سيحظى بفترة سماح بدون مزاحمة النواب لأكثر من شهرين على الأقل ليست مفهومة ولا واضحة ومن الصعب تفكيكها أو تلغيزها، بمعنى أن التنسيق الذي اختاره رئيس الحكومة في اختيار طاقمه غير واضح وغير مفهوم. وما قاله في التحليل سياسي مشتبك مثل مروان الفاعوري هو إن المراقب لتشكيل الحكومة الطازجة بحث باخلاص عن مؤشرات تفاؤل، لكن عملية ترقيع الحقائب الوزارية أحبطت الجميع.

وما يبدو عليه الأمر أن رئيس الوزراء في اختياراته لم يخاطب بعد شعبنا البائس الحزين والحكومة بشكلها الحالي ومرموزها ليست عنوانا مؤثرا للتجسير لا بين أجنحة الدولة ولا حتى بين الدولة والجمهور خصوصا في المرحلة التي أعقبت انتخابات فيها معايير نزاهة لا يمكن إنكارها شكر الأردنيون جلالة الملك عليها.
قد تنطوي مثل هذه القراءة على بعض الإفراط، لكن انعكاسات سريعة لتشكيلة الفريق الوزاري أثارت جدلا مسبقا بين شريحة النواب الجدد، ما يعني أن خطابات ومداخلات حادة بصرف النظر عن نتائج التصويت ستواجه حكومة حسان عند بدء نقاشات الحصول على الثقة. وذلك يعني بالضرورة أن معركة الحصول على ثقة البرلمان ستكون شرسة وحادة حتى وان كانت مضمونة في النهاية خصوصا وقد دخل عنصر مثير ومهم مبكرا في هذه المواجهة عنوانه بيان حزب جبهة العمل الإسلامي صاحب الأغلبية الذي حجب الثقة مبكرا ومسبقا بوضوح عن الحكومة بذريعة انها استعانت بـ 14 وزيرا من الحكومة السابقة واحتفظت بوزراء تأزيم ولم تحتو أي مؤشر على تغيير في نهج اختيار الوزراء.
يعرف وزير التأزيم الذي يقصده الإسلاميون نفسه. طبعا لا يحدد الإسلاميون كالعادة النهج الذي يرونه أفضل وان كان غياب النسق واللغة مسألة من الصعب إنكارها خصوصا بعد بروز محاصصات في الحقائب الوزارية بدت عشوائية لأن الحكومة لجأت للمحاصصة والتمثيل في بعض المناطق والمحافظات وأغفلت مناطق أخرى لها نواب في البرلمان. بالعادة يفاجئ نواب مستقلون لا علاقة لهم في المعارضة الحكومات بحجب الثقة وحكومة حسان بهذا المعنى غير محصنة بعد.
ومن غير المعروف بعد الكيفية التي ستستفيد فيها هذه الحكومة من بقائها مسترخية بدون سلطة البرلمان لعدة أسابيع، بمعنى تجهيز أوراقها وملفاتها لمرحلة التعاطي مع برلمان حزبي إلى حجم كبير وبدأت تظهر فيه ملامح لبرنامج الثلث المعطل على الطريقة اللبنانية.
الثلث المعطل بمعناه الدستوري إضافة كبيرة لمسيرة التحديث والإضافة الأكبر قد تمثلها سيناريوهات وجود حكومة ظل التي يقترحها التيار الإسلامي لكن هشاشة التشكيل الوزاري في بعض المناطق قد لا تخدم مسار الحكومة في احتواء ما يمكن أن ينتج عن مفهومي الثلث المعطل ووزارة الظل.
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة افترض مبكرا وهو يتحدث مع «القدس العربي» بأن مسار التحديث ينبغي أن يصل إلى مثل هذه المناطق في إدارة العلاقة بين السلطتين، ومع أن القيادي الكبير في الحركة الإسلامية الشيخ زكي بني إرشيد طرح سؤالا مهما قبل أيام قليلة على ما أسماه بطاولة القرار في المكتب السياسي ومائدة المعارضة: هل سنشهد المزيد من براعم الربيع الأردني أم سيتم قصفها قبل أن تزهر؟
قد تزهر براعم بني إرشيد أو تقمع، لكن الرسائل التي تصل من كل الأزقة والقنوات الضيقة في مراكز قرار الدولة ترجح بأن مسار التحديث حتى مع صناعة المتاعب المحتملة بتوقيع طاقم الوزير حسان أصبح الإستراتيجية الوطنية المعتمدة لبناء المستقبل.
وهنا تبرز الإشكالية الأكثر تعقيدا، فالمهام الملقاة على عاتق حسان وحكومته في لعب دور الجسر بين الرؤية والمسار والناس ومؤسسات التشريع مهمة نبيلة بكل حال لكن لا يمكن الاطمئنان الى توفر طاقم حقيقي فاعل ومنتج في الوزارة سياسيا يمثل تلك الحاجة الملحة للتجسير.
لعل الاختبار الأهم لمهمة التجسير المعقدة سيتم التعبير عنه في ميكانيزمات عملية تقدم الحكومة لنيل ثقة البرلمان حتى بعد استرخائها، لأن المحور الأساسي في التحديث يمثله اختبار العبور وكيفيته في مسألة طلب ونيل الثقة خصوصا من برلمان عدد الحزبيين فيه 104 من أصل 137 نائبا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    المتغير بإنتخابات 2024 إتاحة مجال للأحزاب دخول مجلس النواب ونتج عن ذلك امتناع 68% ممن يحق لهم الإنتخاب (أي الثلثين) وبقائهم بمنازلهم بينما حضر 32% فقط وانتخب ثلثهم ممثلي حزب ديني موالي لتنظيم دولي حليف لمحور ولاية الفقيه الذي لا يخفي أهدافه بتدمير كل دول الإقليم واستعباد شعوبها ونهب ثرواتها، فحصل ذلك الحزب الديني 22% من مقاعد مجلس النواب بينما لم يتجاوز ناخبيه 11% من مجموع من يحق لهم الإنتخاب ولكنه يتصرف إعلاميا كأنه دولة فوق الدولة ويستمر بترويج أطروحات عدمية متطرفة وبمنهجية (إني أريكم ما أرى)

اشترك في قائمتنا البريدية