وزيرة العدل التونسية ترفض إعادة قضاة للعمل… وسياسيون يطالبون الرئيس بعزلها

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: أثار قرار وزارة العدل التونسية “رفض” القرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية والقاضي بإعادة 50 قاضياً مُعفى للعمل، جدلاً حقوقياً وسياسياً واسعاً، حيث اعتبر البعض أن القرار يهدف لـ”توريط” الرئيس قيس سعيد وقد يتسبب بفوضى في البلاد، ودعوا سعيد للإسراع بإقالة وزيرة العدل ليلى جفال.
وأعلنت وزارة العدل، في بيان مقتصب مساء الأحد، أن “القضاة المشمولين بالإعفاء هم محل إجراءات تتبعات جزائية”، في إشارة إلى أن الوزارة ترفض تنفيذ قرار المحكمة الإدارية، الذي أوقف قرار الرئيس سعيد عزل 50 قاضياً بتهم تتعلق بالفساد وحماية الإرهابيين.

وقال عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين، كمال بن مسعود، إن “وزيرة العدل أصدرت، الاثنين، تعليمات إلى المديرين الجهويين للعدلية المكلّفين بالتصرّف اللّوجستي في المحاكم، بتغيير أقفال أبواب القضاة الذين أذن القضاء بإعادتهم إلى العمل. وهذا أمر مخجل، خاصّة أن القرارات الصادرة بإيقاف التنفيذ لا تقبل أي طعن ولو بالتعقيب”.
وأضاف في تصريح إذاعي: “لا أعتقد أن رئيس الجمهورية الذي يرفع شعار “الشعب يريد” و “لا أحد فوق القانون” يسمح لوزيرة العدل بالوقوف عنوة أمام تنفيذ أحكام القضاء الصادرة باسم الشعب. ووزيرة العدل غالطت رئيس الجمهورية وقدمت له قائمة فيها معلومات خاطئة حول القضاة”، مؤكداً أن “الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء يُشكّل جريمة على معنى الفصل 315 من المجلة الجزائية يعاقب عنها بالغرامة وبالسجن”.
وكتب يوسف بوزاخر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء: “هذا البلاغ لا قيمة له سوى أنه يقيم القصد الجنائي الخاص لجريمة الفصل 248 من المجلة الجزائية (الادعاء بالباطل)”.
ودون القاضي المستشار في محكمة التعقيب عفيف الجعايدي: “وزيرة العدل نهاية الأسبوع بتاريخ 11-8-2022 وجهت ملفات للنيابة تعلقت بقضاة أعفوا من العمل (أي بعد صدور قرارات إيقاف التنفيذ ووقوع الإعلام بها)، والملفات بعضها شكايات مجردة سبق حفظها، وبعضها بطاقات أمنية، وهذه التتبعات والملفات طلبت منها المحكمة الإدارية تقديمها وأمهلتها شهراً كاملاً، لكنها لم تفعل”.
وأضاف: “وفي ضوء هذه المعطيات، وجب أن نبين أن إدارة وزارة العدل تتسم بارتجال غير مقبول، فوزيرة العدل التي لم تقدم للمحكمة الإدارية جوابها وملفاتها تعود بعد صدور أحكام باتة لتدعي أن لها ملفات، وفي هذا أحد أمرين لا ثالث لها، أولهما أن تكون تمسك ملفات حقيقية وفرطت في حق الدولة فترة المنازعة القضائية، أو أنها تلفق الملفات الآن، وفي الحالتين هي مقصرة. كما أن وزيرة العدل لا يحق لها إثارة دعوات عمومية خارج الفصل 23 من مجلة الإجراءات”.
واعتبر أن وزيرة العدل “تتجه بإرادة واضحة لعدم تنفيذ أحكام قضائية باتة وتبحث عن مبررات لذلك، وهنا وجب التنبيه لكون القانـون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 يتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين الذي عرف الفساد اعتبر أن عدم تنفيذ الأحكام القضائية منه (عدم تنفيذ حكم قضائي فساد، والفساد موجب للمؤاخذة). مرة أخرى، يتوضح للجميع أن دولة القانون والمؤسسات تواجه عبثاً مدمراً من واجب كل من يؤمن بالدولة التصدي”.

إقالة وزيرة العدل

وكتب المحامي عماد بن حليمة: “ما قامت به وزيرة العدل من تقديم شكايات بعد صدور قرارات إيقاف التنفيذ في موضوع القضاة هو طعنة مباشرة لرئيس الجمهورية تهدف إلى إضعافه وإظهاره في وضع المستهتر بالمؤسسات، وذلك كرد فعل على توليه تجميدها”.
وأضاف في تدوينة أخرى: “لا بد من إخضاع وزيرة العدل للإقامة الجبرية في انتظار إقالتها”. ودون عدنان منصر، الأمين العام السابق لحزب الحراك: “وزيرة العدل مجرد امرأة عابثة في الدولة وبمرفق العدالة. هذا في التوصيف البسيط. أعتقد أنها في مقدمة أولئك الذين دفعوا قيس سعيد لارتكاب أفحش الأخطاء ورموا به في معارك كانوا يعرفون أنها خاسرة. مسؤولية قيس سعيد فيما يحصل أكيدة، ولكن أمثال وزيرة العدل لا يفعلون سوى مزيد تلويثه وإظهاره في مظهر الرجل الذي يطأ القانون وأحكام القضاء بقدميه”.
وأضاف: “كان يمكن لقرار المحكمة الإدارية أن يمثل مخرجاً معقولاً يحفظ ماء وجه الجميع، بالإضافة إلى أنه قرار قضائي يفترض في الجميع، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ووزارة العدل، أن يقوموا بتنفيذه حالاً. إطلاق تتبعات جزائية ضد عدد من القضاة المشمولين بإيقاف التنفيذ، يوم الأحد، هو مجرد احتيال وتجاوز للسلطة (لم يكن هناك أي تتبع لأي قاض من المشمولين بالعزل إلى حد اليوم، مثلما زعمت الوزيرة المحترمة جداً). هذه الوزيرة وآخرون لن يتركوا قيس سعيد حتى يسقطوا عنه ما بقي له من مصداقية”.
واعتبر الحزب الجمهوري أن بلاغ وزارة العدل “يعتبر تصعيداً لا مبرر له من قبل وزارة العدل وسلطة 25 يوليو/تموز وإمعاناً منها في مزيد توتير الأوضاع وتأزيمها بالإصرار على تحدي التشريعات الجاري بها العمل وعدم احترام قرارات المحاكم، ما من شأنه تعريض استقرار البلاد والسلم الأهلي للخطر”.
وطالب الرئيس قيس سعيد “باعتباره المعني الأول بتنفيذ قرار المحكمة الإدارية بالإعلان عن احترامه لأحكام القضاء والإذن بتنفيذها فوراً والاعتذار للقضاة الذين أعفوا من العمل لما نالهم من مس بمكانتهم، وبرد الاعتبار لهم والتخلي نهائياً عن محاولات إخضاع السلطة القضائية أو توظيفها”، محذراً من “سياسة إضعاف وتفكيك مؤسسات الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية