ولاية ثالثة للسيسي تودع “القاهرة”.. وتحديات اقتصادية في انتظارها

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرة- “القدس العربي”:

من مقر البرلمان الجديد في العاصمة الإدارية، يؤدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قسم اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، اليوم الثلاثاء لولاية رئاسية ثالثة وأخيرة تبدأ اعتبارا من 3 أبريل/ نيسان الجاري وتستمر لمدة 6 سنوات.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يشهد مقر البرلمان الجديد في العاصمة الإدارية، التي شيدها السيسي خلال سنوات حكمه ولاقت انتقادات واسعة حول جدواها والأموال التي انفقت فيها، أداء اليمين الدستوري.

وكان من المخطط أن تكون العاصمة الإدارية محافظة مستقلة بذاتها عن “القاهرة” عاصمة مصر منذ عام 969، إلا أن الدستور المصري الذي ينص على وجود مقار الحكم في العاصمة، أجبر السلطة في مصر على اعتبار العاصمة الإدارية الجديدة، تابعة إداريا إلى القاهرة.

وخلال الأشهر الماضية، سعت الحكومة المصرية إلى نقل موظفيها إلى المقرات الجديدة في العاصمة الإدارية، وإخلاء المقرات الموجودة في القاهرة، تمهيدا للاستفادة منها ببيعها لمستثمرين أجانب.

وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أعلن إغلاق المباني القديمة للوزارات نهائيا، والاكتفاء بأعمال التأمين والصيانة لها، حتى تنتهي مجموعات العمل المكلفة بدراسة الاستغلال الأمثل لهذه الأصول التي تمتلكها الدولة من خطة أعمالها.

وتعد الولاية الجديدة هي الثالثة للسيسي، حيث وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، وفاز في انتخابات عامي 2014 و2018، بأكثر من 96% من الأصوات.

وبعد ذلك أجرى السيسي تعديلا دستوريا لتصبح ولايته الثانية 6 سنوات بدلا من أربع، تمكن من خلاله من الترشح لولاية ثالثة.

وفاز السيسي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات وقتها أنه حصد 39,7 مليون صوتا، بما يعادل 89,6% من إجمالي عدد الأصوات.

وخاض السباق إلى جانب السيسي 3 مرشحين آخرين هم حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، الذي احتل المركز الثاني بحصوله على نسبة 4,5% من الأصوات، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي في المركز الثالث وحصد نسبة 4% من الأصوات، وفي المركز الأخير حل عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد بنسبة 1,9%.

وواجهت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مقاطعة عدد كبير من أحزاب المعارضة، بعد إعلان البرلماني السابق ورئيس حزب الكرامة السابق أحمد الطنطاوي أنه منع من الترشح، من خلال التضييق على مؤيديه في مرحلة جمع التوكيلات الشعبية.

وكانت محكمة مصرية، قصت بمعاقبة الطنطاوي ومدير حملته المحامي بالحبس سنة وكفالة 20 ألف جنيه لوقف تنفيذ الحكم لحين الاستئناف، فيما قضت بمعاقبة باقي المتهمين بالحبس سنة مع النفاذ فيما عرف إعلاميا بقضية “التوكيلات الشعبية“.

وتضمن الحكم حرمان الطنطاوي من الترشح للانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات.

وقبل ساعات من انطلاق حفل التنصيب، قدم مجلس المحافظين، استقالة جماعية إلى السيسي.

وكان عضو البرلمان المصري والإعلامي المصري مصطفي بكري، كشف عن أن هناك معلومات تتردد عن احتمال تعيين نائب أو أكثر للسيسي حسب المادة 150 مكرر من الدستور، عقب أدائه اليمين الدستورية.

وقال إن المادة 150 من الدستور تنص على أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته”، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تقدم الحكومة استقالتها عقب أداء الرئيس اليمين الدستورية، مؤكدا أن عددا كبيرا من الوزراء سيشملهم التغيير خاصة بعض وزراء المجموعة الاقتصادية.

الأزمة الاقتصادية

وتعد الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر هي التحدي الأكبر للسيسي في ولايته الثالثة، حيث شهدت مصر في الشهور الأخيرة موجات متتالية من ارتفاع كافة أسعار السلع خاصة الغذائية، أثرت على قدرة الطبقات المتوسطة والفقيرة على توفير احتياجاتها، كما انخفضت قيمه الجنيه المصري أمام الدولار، ليسجل سعر الدولار في البنوك 47.15 جنيها، بحسب آخر تحديث للبنك المركزي المصري، كما ارتفعت معدلات الديون الخارجية إلى مستوى غير مسبوق.

ولجأت الحكومة المصرية، لبيع أصول الدولة، لعلاج أزمة شح النقد الأجنبي، وخلال الشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي توقيع اتفاق استثماري مع دولة الإمارات لتأسيس شركة لاستثمار منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي، يتم بموجبه تخصيص 170 مليون متر مربع، تمتد مسافة 50 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط، مقابل 35 مليار دولار، مقسمة إلى 24 مليار دولار ثمن الصفقة، إضافة إلى 11 مليار دولار تنازل عن ودائع لها في مصر على أن تستردها الإمارات بالعملة المحلية للإنفاق على المشروع.

كما تمكن النظام المصري من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على رفع قيمة القرض من 3 إلى 8 مليار دولار، إضافة إلى الحصول على حزمة تمويل من الاتحاد الأوروبي قدرها 7.4 مليار دولار على 4 سنوات.

رأس الحكمة

وفي الوقت الذي سوق فيه الإعلام الموالي للسلطة في مصر، صفقة رأس الحكمة باعتبارها إنجاز اقتصادي كبير يعالج الأزمة، أعلنت أحزاب معارضة مصرية رفضها للصفقة، وقالت إن بيع منطقة رأس الحكمة للإمارات تفريط في الأمن القومي واستمرار لمسار اقتصادي مهلك.

وشهدت منطقة رأس الحكمة قبل ساعات من حفل التنصيب، تظاهر المئات من أهالي رأس الحكمة رفضا لتهجيرهم القسري من منازلهم، بحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان.

وقالت الشبكة في بيان، إنها رصدت قيام العشرات من أهالي مدينة رأس الحكمة وضواحيها بالتظاهر ضد قرار السلطات المصرية بتهجيرهم قسرا من منازلهم دون تعويضهم التعويضات المناسبة ورافضا لخطة التهجير القسري من منازلهم التي عاشوا فيها منذ عشرات السنين.

وأضافت الشبكة: كان عناصر من الجيش المصري حاولوا إزاله وهدم منازل العشرات من المواطنين دون أن يتم التفاوض معهم وتعويضهم عن الأضرار التي ستلحق بهم نتيجة المشروع التي قامت مصر بتوقيعه مع دولة الإمارات، والتي بموجبه سيتم التنازل عن المئات من الكيلومترات من الأفدنة والأراضي المصرية لصالح المستثمر الإماراتي مقابل مبلغ مالي وصل إلى 35 مليار دولار.

وأعلنت الشبكة المصرية رفضها سياسة التهجير القسري التي تمارسها باستمرار السلطات المصرية مستخدمة فيها سياسة العصا الغليظة والقوة الغاشمة والاعتقالات والتهديد بالاعتقال لكل من يرفض التهجير.

ولفتت الشبكة، إلى أن السلطات المصرية وعلى مدار السنوات الماضية قامت بالفعل بانتزاع ملكية الآلاف من الأفدنة من المواطنين المصريين في مشروعات استثمارية مع مستثمرين معظمهم إماراتيين، كما حدث في شبه جزيرة سيناء وغيرها من المدن الأخرى، وكما حاولت السلطات لسنوات مع أهالي جزيرة الوراق والتي استخدمت فيها السلطات المصرية كل وسائل القمع والتهديد، ولكنها فشلت في إجبار الأهالي على التخلي عن منازلهم وأراضيهم.

فترة حرجة

إلى ذلك دعا محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية ونجل شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات، إلى اعتبار هذه الفترة أكثر الفترات حساسية وحرجة في تاريخ الدولة المصرية.

وأكد السادات أن هناك تحديات كبرى تنتظر البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي والإقليمي، ومستوى تغيرا واضحا في مزاج الشعب وأولويات ومتطلبات عديدة يجب التعامل معها على الفور، حتى نتمكن سويًا من تخطي الصعاب والتحول من حالة اليأس إلى حالة الأمل.

ودعا السادات الرئيس السيسي لاختيار حكومة قوية ومتوازنة تغير الأسلوب النمطي في اختيار القادة والكفاءات، وتعمل على تشكيل حكومة سياسية واقتصادية رشيدة يمكنها تقديم حلول جدية للأزمات، بدلا من الأساليب التقليدية في تعيين رؤساء الوزراء والوزراء والمحافظين التي أثرت سلبا على الفكر والإبداع والابتكار.

وأكد ضرورة أن تكون للحكومة صلاحيات كاملة لتحقيق رفاهية الشعب والالتزام بتطلعات مصر المستقبلية.

وطالب السادات في بيانه، التوقف المؤقت عن الصرف في المشروعات القومية الضخمة ذات المكون الدولاري، وإقامة مشروعات قومية في مجالات الزراعة والصناعة لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجيًا، وتعزيز الصناعة المحلية وتشجيع الفلاحين وحماية حقوق العمال، والعمل على إلزام الحكومة بالرؤية الذي دعت إليها.

وشدد السادات على أنه يجب استعادة مشاركة القطاع الخاص بفعالية في الاستثمار ووقف إنشاء كيانات اقتصادية وشركات احتكارية، وتوفير منافسة عادلة مع الشركات الأجنبية التي تتمتع بامتيازات سيادية لجذب الاستثمار الأجنبي.

وأكد على وجوب العمل على تنمية القطاعات الاقتصادية المبتكرة والتكنولوجية وتعزيز روح ريادة الأعمال والابتكار، لتعزيز فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى توفير التعليم والتدريب المهني المناسب وتشجيعهم على تطوير مهاراتهم والمساهمة في تنمية البلاد.

وقال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، إنه يجب أن يكون هناك تركيز خاص على تحسين الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم والنقل والإسكان، وضمان توفرها بجودة عالية وبأسعار معقولة لجميع المواطنين، كما ينبغي أن يكون هناك جهد مكثف لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة، وتحسين الأداء الحكومي وتقديم الخدمات بشكل فعال وعادل.

ودعا السادات إلى ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية في عملية صنع القرار ومراقبة الحكومة، وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع في الحياة السياسية والاجتماعية، وأن يكون هناك حرية التعبير وحقوق الإنسان وسيادة القانون مضمونة ومحمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو البراء:

    المصريون أكرمهم بخير الناس فلم يصبروا عليه وتآمروا عليه وانقلبوا عليه ظلما وعدوانا فأبدلهم الله بشر خلق الله يسومهم العذاب تلو العزاب حتى أصبح رغيف الخبز حلما عند بعضهم.

اشترك في قائمتنا البريدية