يا عرب إستعدوا لدفع التعويضات لإسرائيل

حجم الخط
19

أعدت حكومة إسرائيل الحالية، ملفا لمطالبة الدول العربية وإيران بتعويضات تبلغ قيمتها 250 مليار دولار، عن أملاك اليهود التي تركوها في هذه الدول، وهاجروا بسبب الصراع العربي الصهيوني.
مبدئيا يحق لكل إنسان يملك أرضا أو بيتا أو عقارا ولم يبعه، أو أرغم على تركه، أن يعود إليه، أو أن يحصل على تعويض عنه بحسب رغبته، هذا منطق إنساني، يجب أن يطبق على كل بني البشر، في كل مكان في العالم. قضية هجرة اليهود من الدول العربية، تختلف جوهريا عن هجرة يهود أوروبا، فالدول العربية، كانت كلها تحت سيطرة استعمارية، والمؤامرات كانت تحاك على الشعوب العربية وعلى فلسطين وشعبها، كذلك على اليهود الذين رغبوا مواصلة العيش في بلدانهم العربية، فهناك تقاطع مصالح بين الحركة الصهيونية والاستعمار، ومع هذا النظام العربي أو ذاك، وهذا سبّب علاقات اتسمت بالمد والجزر بين اليهود ومجتمعاتهم العربية، وذلك مع بدء الهجرة اليهودية المكثفة إلى فلسطين، التي بلغت أوجها مع وقوع نكبة الشعب الفلسطيني.
بدون الدخول في التفاصيل، وهي كثيرة ومعقدة، وسواء هاجر اليهود من الدول العربية تحت وطأة الخوف والتخويف والتفجيرات المشبوهة والتحريض والمضايقات، أو بمحض إرادتهم، فإن هذا لا يلغي ملكية أحد على أملاكه، فهي ملكه ما دام أنه ورثها أو اقتناها من ماله، وليس من حق أحد أن يصادرها أو يتنكّر لأصحابها. هذا القانون يجب تطبيقه على الجميع، على اليهودي والفلسطيني والسوري واللبناني والأردني والمصري والتركي، وكذلك على مال الله، الذي هو مال وقف لهذه الطائفة أو تلك، فلا يعقل أن تصادر إسرائيل أموال الوقف الإسلامي كلها والكثير من الوقف المسيحي، التي تشكل أكثر من 83% من عقارات مدن فلسطين، ثم تحرم المسلمين منها، بادعاء أن أموال الله تعامل مثل أموال الغائبين، لأن الله غائب، هذا ما فعلته إسرائيل وأقرّته قانونيا بعد النكبة.
أن أترك بيتي لأي سبب كان، لا يعني أبدا أن أفقد ملكيته، ومن حقي العودة إلى أملاكي، أو تعويضي إذا لم أرد العودة، وأن تنتصر عليّ في الحرب، لا يعني أن تطردني وتسرق بيتي وحديقتي وشجرتي وأرضي وعقاراتي وعقارات الوقف التابعة لطائفتي. سيقول الإسرائيليون إن اليهود في الدول العربية لم يحاربوا، بل كانوا مدنيين، هذا المنطق ينطبق أيضا على 99% من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين شُرّدوا من ديارهم، فهم أيضا مدنيون خافوا على أرواحهم، ومن حق الإنسان أن يخاف على أسرته وروحه، خصوصا إذا لم يكن مسلحا، هذا نراه في هذه الأيام من خلال هجرة ملايين البشر، من عرب وغير عرب إلى أمكنة أكثر أمنا من أوطانهم، فهل هذا يلغي ملكية الناس لعقاراتها؟ هذا ينطبق أيضا على من دافع عن بلده ووطنه بالسلاح، فكونه محاربا لا يلغي حقوقه في أملاكه حتى لو خسر الحرب.
شر البلية ما يضحك، تقوم حكومة إسرائيل في هذه الأيام وليس قبل سبعين عاما، بمصادرة ما تبقى من أراضي الفلسطينيين، وتخرّب أملاكهم وتقطّع أشجارهم وتمنعهم من دخول أراضيهم وتجرّفها، وتقطّع أوصالهم بالجدران أمام كاميرات العالم بلا أي رادع، وكأننا في عصر قبائل السلب والنهب والغزوات الهمجية.
يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين وأسرهم داخل إسرائيل بحوالي 300 ألف إنسان، صحيح لا توجد مخيمات داخل إسرائيل، ووضع هؤلاء تحسن ماديا، واستقر معظمهم في قرى ومدن وطنهم باستثناء قراهم ومدنهم الأصلية، ولكن لهؤلاء أيضا أملاكهم التي طردوا منها، وبعضها على مسافة مئات الأمتار وليس كيلو مترات من مكان إقامتهم الجديد، وقسم من هؤلاء أخرجوا من بيوتهم بعد انتهاء الحرب، مثل بعض قرى الحولة وإقرث وبرعم. قبل أيام زرت مسنّا أصله من قرية إقرث من عائلة أشقر، يقيم كلاجئ في قرية معليا في الجليل الأعلى منذ بُعَيْد النكبة، يدنو من التسعين من عمره، حدّثني تارة بغضب، وتارة بسخرية بالقصة المعروفة، كيف أن الجيش الإسرائيلي أمر الناس بالخروج من القرية بعد احتلالها بأسبوعين، الجيش طمأن الناس ونصحهم بأن لا يأخذوا معهم سوى غيارات ملابس، وأن يتركوا كل شيء في بيوتهم كما هو، لأنهم سيرجعون إليها بعد أسبوعين، بل إن الجيش طلب منهم إبقاء بعض الشبان لحراسة الممتلكات والبيوت ريثما يعودون، معظمهم لم يصدّقوا هذا الكلام، ولكن ماذا يمكن أن يفعلوا أمام القوة المسلحة الغاشمة، وقد رأوا قرى جارة لهم تنسف ويطرد أهلها ويقتل بعضهم مثل الدير والقاسي وتربيخا ومروحين والنبي سبلان وغيرها.
ما زال أهل إقرث ينتظرون حتى يومنا هذا، رغم أن قضيتهم وصلت إلى بابا الفاتيكان منذ الستينيات من القرن الماضي، وسكانها من المسيحيين الكاثوليك، وأكثر من هذا، فقد حصلوا هم وأهالي كفر برعم القريبة على قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية عام 1951، يتيح لهم العودة إلى بيوتهم وأملاكهم، ورغم ذلك منعوا من العودة، بل إنهم إذا زرعوا شتلة نعناع (حقيقة وليس مجازا)، يأتي موظفو دائرة أراضي إسرائيل، ويقتلعونها في اليوم التالي.

حكومة إسرائيل تصادر ما تبقى من أراضي الفلسطينيين، وتقطّع أوصالهم بالجدران أمام كاميرات العالم بلا أي رادع

بعد خروج أهل إقرث ربما بعام واحد من قريتهم، توفي أحد رجالهم في قرية الرامة، فقرروا دفنه في إقرث مسقط رأسه، نقله بعض الرجال سرا في الليل في طرق وعرية على حمار ودفنوه، ولكن الجيش الإسرائيلي انتبه لهم، وأمرهم بإخراج الجثمان والعودة به من حيث أتوا، فحملوه على حمار مرة أخرى، ومضوا به تحت المطر، في طرق وعرية إلى أقرب قرية عليهم، وهي قرية فسّوطة، فدفنوه في مقبرتها.
يفكر الإسرائيليون ضمن ما يسمى صفقة القرن بالمقايضة، تعويضا مقابل تعويض، وسيطرحون الأموال المذكورة مقابل أموال الفلسطينيين وأملاكهم، رأسا برأس، إلا أن هناك من قدّر أملاك اللاجئين الفلسطينيين بمئة مليار فقط، وهذا يعني أن على العرب الاستعداد لدفع الفارق المقدّر بمئة وخمسين مليارا.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    تحية طيبة مباركة (أستاذ سهيل كيوان)
    إنّ رائعتك هذه تستحق أن تكون مذكرة مرافعة عبر محاكم الدنيا والمحافل الدولية لما فيها من مرافعات مثبتة بالبيّنة والدليل المادي
    تستحق أن تكون درس نموذجي للمحامين لتكون لهم سند قانوني وتاريخي يستندون إليه من أجل استرداد حق…
    تستحق هذه الرائعة أن تدرج في مناهج طلّابنا في مختلف المستوايات ليتعلموا منها غطرست اليهود ونكبات الشعب الفلسطيني
    نداء: إلى المخلصين من رجال الإعلام –ليس المتزلفين الطبّالين-أن يرفعوا هذه الرائعة عنوانين في مقالاتهم الصحفية-,استسمح رائد الكلمة الأستاذ سهيل-أن أصرح لهم أن ينسبوها لأنفسهم ولكن فقط نشرها لما فيها من قيّم وكشف عورات العدو….
    أمّا مطالبة اليهود من العرب-عفوا من حكام العرب-الدفع مقابل التعويضات وهل لم يدفعوا بعد …ولنا في مصر(س.س) وما دفعه من كرامة المصريين بأن شارك اليهود في ضرب مواطنيه مقابل الحفاظ على كرسيه…ولنا في (أمير الحرمين-أبو منشار) معلم حيث إشترى صمت الجبابرة بدفع المال وأمضى على صك بياض فلسطين مقابل العرش…ولنا ولنا في حكّامنا الأسوء والأسوء في التخلي عن قضية الأمة-فلسطين
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    ندفع ولكن بشرط: أن يخرجوا من فلسطين, كل فلسطين !! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول Suzan Hijab:

      مضبوط هيك الازم يصير

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    يا أُمة الجهاد إصحوا من سباتكم! ضاعت الأندلس على يد ملوك الطوائف, وها أنتم تُضيعوا فلسطين الأرض المقدسة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

    سكان البيت اخي سهيل عندما يشعرون بالسارق, ب لصوص الليل, عليهم ان ينهروه ليخيفوه من استمرارية الاقتحام والسيطرة على ما يملكون, وهذا ما يجب على الدول العربية فعله تجاه هذا المتغطرس الوقح والا ؟؟!!
    كان احد سكان قرية اقرث المهجرة مديرًا لمدرستنا الابتدائية (عسفيا),وقد عمل مديرًا فترة تزيد عن الاربعون عامًا!! وفي كل هذه الفترة لم يقبل شراء او حتى قطعة ارض هدية له من سكان قريتي عسفيا لبناء بيت له, تحت ذريعة العودة الى قريته اقرث , ولقد غادر هذه الدنيا ولن يتحقق حلمه بالرجوع !!!
    هكذا نعيش نحن الفلسطينيون عرب الداخل كما نسمى, نرنو الى بساتيننا دون السماح بدخولها , نقترب من بيوتنا المهدمة لاخذ حجرًا واحدًا للذكرى من احد حيطانها, فنمنع حتى من لمس ترابها, وهكذا اخوتي القراء نحمل معاناتنا ونصبر على الم جراحنا ويستمر الانين من وطأة ظلم السنين,!!
    حتى لو لم يبقى مخلوق واحد يقف لنجدتنا (نحن الفلسطينيون) فسيبقى الواحد الاحد نصيرًا لنا , انه سميعٌ قريب مجيب الدعوات والسلام.

  5. يقول Suzan Hijab:

    لكن ياناس فيه فرق تخرج وتحصل علي تعويض وفرق ان تحتل بلد بكامله -الطرد في كلتا الحالتين فرق- الفلسطينين ما طلع لهم اللي راح شئ- اليهود كل شئ- مثل ما جحا يقول: قديش حق فلسطين – الوطن شئ والملك شئ اخر- اليهود عم يضحكون عليكم- طيب قولو لهم يرجعون-

  6. يقول زياد سمودي-المانيا:

    طرحت هذا الموضوع كمشاهد في قناة الجزيرة فبل فترة طويلة، طبعا الطرح يهدف الى عودة اصحاب الحق الى ديارهم وليست عملية مقايضة كما هو مطروح في المقال. لكل صاحب حق حقه. بالاضافة الى ذلك يجب معاملة موضوع التعويضات التي حصل عليها اليهود من اوروبا وتطبيق نفس المبدأ على فلسطين اي ان تعوض الحكومة الاسرائيلية والبريطانية الفلسطينيين كما عوضت المانيا يهود المانيا.

  7. يقول عبد العالم:

    معلومة تاريخية لليهود ان كانوا مازالوا يمارسوا الابتزاز البلطجي الرخيص والمفضوح.
    لقد اجبر الامام في اليمن اجبر اليهود على بيع ممتلكاتهم بصكوك واضحة وهي نظرة ثاقبة وحكيمة من امام اليمن وبالتالي ليس لليهود حقوق في اي مكان فقد باعوا ممتلكاتهم وهاجروا في كل مكان من بقاع الارض
    ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

  8. يقول كمال - نيويورك:

    مقال ممتاز، نحن اللاجئون من الجيل الثالث في الأقطار العربية ذقنا الأمرين و ما زلنا نعاني من قسوة العيش و إهانة البلد المضيف حتى أصبحنا نكره ان نستضاف عند احد. ماذا سيعوضون الجيل الأول الذي اندثر و الجيل الثاني على و شك الاندثار؟ الجيل الثالث لا يعرف الا القليل عن فلسطين و الرابع لا شيء تقريبا

  9. يقول عبد الله الشيخ:

    يقول الكاتب: إلا أن هناك من قدّر أملاك اللاجئين الفلسطينيين بمئة مليار فقط، وهذا يعني أن على العرب الاستعداد لدفع الفارق المقدّر بمئة وخمسين مليارا.
    هذا الكلام لصالح إسرائيل، ولست أدري كيف وقع الكاتب بهذا الخطأ الجليل؟ إن سعر الأراضي التي استولى عليها الصهاينة إن عرضت اليوم للبيع بالسعر الموجود حالياً “الأراضي فقط” فسيبلغ الرقم أكثر من 100 ترليون، على سعر المتر بـ 100 دولار، فكم يبلغ ثمن البيوت، وهي بمئات الآلاف؟ وكم يبلغ ثمن المعامل والمحلات وووو؟ عندئذ سيتجاوز المبلغ أكثر من 1000 ترليون، ستفلس إسرائيل وستدفع لمئتي سنة قادمة

  10. يقول ختام قيس:

    صباح الخير
    دائما سنتمناه ما دمنا نتنفس هواء هذه الارض،اعتقد ان العالم مقسم الى قسم بحيث من يملكون القوه ومن تمارس ضدهم القوه معادله ظالمه تمنح القوي السيطره الكامله في التصرف بما يشاء ويفرض سيطرته الفعليه ويشرع ما يشاء بحق من يشاء ،القوه تجرد نفسها من الذنوب وتضع نفسها فوق جثث المعذبين وتدعي ما يحلو لها،تمارس الظلم وهي في موقف الضحيه،لا عجبا ان يكون هذا المطلب او ذلك،حين تنصب فئه نفسها على عرش القوة فانها تبيح لنفسها وتحرم على غيرها..
    الزمن لا يعود ولكن يكتب من جديد.
    صباحك قلم حر استاذ سهيل
    احترامي

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية