يد المشاريع الاستثمارية تمتد إلى المحميات الطبيعية في مصر

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ « القدس العربي»: لم تسلم المحميات الطبيعية في مصر من الاعتداءات، فباتت أرضها مستباحة للمستثمرين، في مخالفة واضحة للدستور والقانون المصري.
وشهدت البلاد، الأيام الماضية، جدلا واسعا على خلفية الاعتداء على محمية وادي الجمال في محافظة البحر الأحمر، شرق مصر.
وتعود الأزمة إلى يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما فوجئت جمعيات حماية البيئة، بمعدات ثقيلة في شاطئ «حنكوراب» في محمية وادي الجمال، تنفذ أعمال حفر لإنشاء مطاعم واستراحات، وغرف تبديل ملابس، ودورات مياه، ومركز غوص، في واحدة من أغنى المناطق بالتنوع البيولوجي والبيئي في مصر.
وحسب مصادر، فإن المعدات تتبع شركة «إمباكت للاستثمار السياحي» المملوكة لرجل الأعمال حسن وهدان، شقيق عضو مجلس النواب وأحد وكلاء تأسيس حزب الجبهة الجديد» سليمان وهدان. والهدف تأسيس مشروع تجاري سياحي داخل المحمية.
وتحت عنوان «كنز مصر البيئي في خطر» أطلق عدد من جمعيات حماية البيئة في البحر الأحمر، حملة مناصرة لإنقاذ شاطئ «حنكوراب».
وقالت إن الشاطئ المصنف عالميا كوجهة رئيسية للسياحة البيئية والغوص، ويحتضن أنظمة بيئية نادرة من الشعاب المرجانية، وأماكن تعشيش السلاحف المهددة بالانقراض، أصبح اليوم مهددا بسبب مشروع تجاري يجري تخصيصه لحساب منشآت خاصة على حساب البيئة وحق الناس في الوصول إليها. ودعت الجهات الفاعلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذا الكنز الطبيعي من أي تهديدات.

تحركات برلمانية

ووصلت أزمة المحمية الى أروقة البرلمان، إذ تقدمت النائبة سميرة الجزار عضوة لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، ببيان عاجل دعت فيه لإنقاذ محمية وادي الجمال حماطة في جنوب مرسى علم وإنقاذ كنز طبيعي نادر موجود على أرض مصر.
وقالت إن الاعتداء الذي يحدث حاليًا على محمية وادي الجمال، يعكس مدى الفساد الذي بلغ أقصاه، بعد التحدي الواضح لسيادة الدولة والدستور أيضا الذي يقر قوانين هامة مرتبطة بالحفاظ على المحميات الطبيعية، ولا سيما القرارات الوزارية الخاصة برفض الأمر.
وأضافت: تشهد المحمية اعتداء مؤسفا وسريعا بمعدات المقاولات لبناء فندق لصالح مستثمر وفرض الأمر الواقع بالقوة على قوانين الدولة المصرية.
وتساءلت: أين محافظة البحر الأحمر وأين أجهزة الدولة، وأين شرطة البيئة ووزارة البيئة؟
وقالت إنها حصلت على معلومات تؤكد أن مصر ستفقد الآن كنزا طبيعيا متكاملا ونادرا جدا داخل محمية طبيعية على سواحل البحر الأحمر الصادر لها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 143 لسنة 2003 وهي محمية وادي الجمال حماطة جنوب مرسى علم، والتي تتمتع بموقع مذهل.
وزادت: حسب المعلومات، فإن المنطقة المستهدفة هي «رأس حنكوراب» داخل محمية وادي الجمال والمحمية بقرارات وزارية، وبالتالي الكارثة التي تحدث الآن هي الاعتداء الكامل وعمليات التدمير للكنوز الطبيعية النادرة، فهل يستجيب المجلس لإنقاذ كنوزنا من التدمير؟ فمن يتصدى للفساد ويحمي محمية وادي الجمال وحماطة من التدمير؟
وطالبت بسرعة التحرك والتنسيق مع الجهات التنفيذية في الحكومة لوقف التعدي على المحمية.
كذلك قدمت مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب ونائبة رئيس الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» بطلب إحاطة بشأن التعديات على محمية وادي الجمال.

حملة بيئية لإنقاذ شاطئ «حنكوراب»… وتحركات برلمانية

وذكرت أن هناك تقارير إعلامية تؤكد وجود تعديات جسيمة على منطقة «رأس حنكوراب» داخل محمية وادي الجمال جنوب مرسى علم، التي تم إعلانها محمية طبيعية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 143 لسنة 2003، وبينت أن تلك التعديات لا تشكل فقط خطرا بيئيا جسيما، بل تثير أيضًا العديد من التساؤلات حول مدى الالتزام بتطبيق القوانين المنظمة للمحميات الطبيعية، ومدى قدرة الجهات المعنية على فرض سيادة القانون ومنع أي مخالفات تمس الثروات القومية للبلاد ومدى أفضلية الفكر الاستثماري في مواجهة مقدرات الدولة وثرواتها الطبيعية.
وأكدت أن محمية وادي الجمال، وبالتحديد منطقة «رأس حنكوراب» تُعد واحدة من أهم المحميات الطبيعية في مصر، نظرًا لما تحتويه من تنوع بيولوجي نادر، وشواطئ بكر، ونظم بيئية متكاملة تجعلها وجهة سياحية وبيئية عالمية، وقد تم تصنيف هذه المنطقة ضمن المحميات الطبيعية لما تحويه من كنوز بيئية يجب الحفاظ عليها وفقًا للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر لحماية التنوع البيولوجي، غير أن التقارير العالمية الأخيرة تفيد بوجود عمليات إنشائية مكثفة لإقامة منشآت فندقية وسياحية في قلب هذه المحمية لصالح أحد المستثمرين، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لتوازنها البيئي.
ولفتت إلى أن هذه التطورات تدفعنا لطرح العديد من التساؤلات الهامة التي تستوجب إجابات واضحة من الجهات المعنية، فكيف يتم تنفيذ هذه الأعمال داخل محمية طبيعية مصنفة رسميًا بقرار حكومي دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة؟ وما هو موقف وزارة البيئة ومحافظة البحر الأحمر وشرطة البيئة من هذه التعديات؟ ولماذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لوقفها؟ وهل تم إصدار تصاريح رسمية لإنشاء هذه المنشآت داخل المحمية؟ وإذا كانت هناك تصاريح، فهل تمت وفقًا للضوابط القانونية؟
وزادت: هل هناك دراسات أثر بيئي تم إجراؤها قبل الشروع في تنفيذ هذه الأعمال، وفقًا للقانون رقم 102 لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية؟ وما هي خطة الدولة لحماية هذه المحمية من المزيد من التعديات وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً؟
ولفتت عضوة البرلمان المصري إلى أن ما يحدث في «رأس حنكوراب» اليوم قد لا يكون حادثا فرديا، بل يعكس مشكلة أوسع تتعلق بعدم الالتزام بتطبيق القوانين المنظمة للمحميات الطبيعية، والسماح بحدوث تجاوزات قد تؤدي إلى فقدان مصر لمواقع طبيعية لا تقدر بثمن، كما أن الحفاظ على هذه المحميات هو مسؤولية وطنية تتطلب تدخلاحاسمًا، خاصة في ظل سرعة تنفيذ هذه التعديات بالشكل الذي يثير القلق، ويعطي انطباعًا بأن هناك محاولة لفرض الأمر الواقع على الجهات المسؤولة.
وتابعت: سبق وشهدت هذه المحمية تعديات أخرى في فترات سابقة، وتم الإعلان عن إجراءات قانونية ضد المخالفين، إلا أن استمرار هذه التعديات يشير إلى أن الإجراءات السابقة لم تكن كافية لردع المخالفين أو منع تكرار هذه الاعتداءات، أو أن الفكر الاستثماري الذي لا يرى سوى الأهداف الربحية فقط قد أصبح أقوى من إنفاذ القانون، وعليه فإن هناك حاجة ماسة لمراجعة مدى فاعلية القوانين الحالية وآليات تنفيذها لضمان حماية هذه المناطق من أي استغلال غير قانوني.
وواصلت: ما يثير القلق أكثر هو أن هذه التعديات لم تعد محل نقاش داخلي فقط، بل لفتت انتباه وسائل الإعلام العالمية، التي بدأت في تسليط الضوء على هذه القضية، ما قد يضر بسمعة مصر فيما يتعلق بالتزاماتها الدولية لحماية البيئة والحفاظ على التراث الطبيعي، كما أن هذا الملف أصبح الآن محل اهتمام دولي، وهو ما يضعنا أمام مسؤولية مضاعفة للتحرك بسرعة وحسم لمعالجة هذه المخالفات قبل أن تتحول إلى أزمة تتجاوز حدود الإقليم المصري.

حماية مقدرات الدولة

وشددت على أن الحفاظ على هذه المحميات ليس مجرد قضية بيئية، بل هو قضية تتعلق بحماية مقدرات الدولة، وضمان احترام القوانين، وتعزيز دور المؤسسات في الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، فهذه المحميات ليست مجرد أراضٍ، بل هي إرث وطني يجب أن نحرص على صيانته بكل قوة، وأي تهاون في هذه القضية قد يفتح الباب أمام المزيد من التعديات التي لن يكون من السهل التعامل معها في المستقبل.
وطالبت النائبة بإيقاف تلك الأعمال فوراً مع تقديم توضيح شامل حول ما يحدث في محمية وادي الجمال، والإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن، والخطوات المقبلة لضمان عدم تكرار هذه التعديات، «كما نطالب بعرض هذا الملف بشكل عاجل للمناقشة داخل المجلس الموقر، واستدعاء المسؤولين المعنيين لتقديم إيضاحات واضحة حول ما تم من إجراءات».
وأكدت على ضرورة التعامل مع هذه القضية بكل جدية وحسم، واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية محمية وادي الجمال من أي تعديات، وضمان تطبيق القوانين على الجميع دون استثناء تغليب مصلحة الوطن ومقدراته على مصلحة الاستثمارات والمستثمرين.
وخلال السنوات الماضية وُجّهت انتقادات واسعة للاعتداءات على الأماكن الطبيعية والتاريخية تحت شعار التطوير، أو لتدشين جسور أو مشروعات استثمارية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية