أتخيل إيمان خليف وهي تركض في شوارع باريس، بينما عمر كريمليف يطاردها. يود أن يقتص منها، يريد أن يرجم امرأة. هكذا هو رئيس اتحاد الملاكمة الدولي، تنازل عن الانشغالات كلها، هذه الأيام، وحول بندقيته صوب ملاكمة في سن ابنته. جند اتحاداً دولياً بأكمله، بما يتوافر عليه من ترسانة إعلامية، ومن بروباغندا على السوشيال الميديا، قصد الطعن في إيمان خليف. يشكك في أنوثتها مثل مختل يربط شرف المرأة بغشاء بكارتها. أباح عن ميسوجينية غير مسبوقة، تفضح نوايا هذا الرجل، الذي تعلم وكبر في دوائر البيروقراطية الروسية. لم يمارس الرياضة إلا قليلاً لكنه مارس الإدارة على الطريقة السوفييتية. هذه الإدارة التي أوصلت الكرملين إلى مستنقعات يصعب عليه الخروج منها، وأودت بالبلاد إلى سياسات خطرة، جعلت من كريمليف رجلاً حاسماً في محيط بوتين، وأوصلته إلى استلام وسام الاستحقاق في وطنه. هذا الوسام التي يمنح في الغالب إلى كبار الفنانين والمثقفين الروس، وصل إلى كريمليف كذلك. كيف يعقل أن بلداً بعراقة روسيا وتاريخها الحصين، يتنازل على أعلى تشريف ويمنحه إلى رجل بيروقراطي؟ الفضل في ذلك يعود إلى اليد الطويلة للمعني في اتحاد الملاكمة الدولي، الذي تحول إلى دكان خدمات، يخدم روسيا لا رياضة الملاكمة. فبعدما منع هذا التنظيم إيمان خليف من لعب نهائي بطولة العالم، العام الماضي، ولم يتح لها الحق في تقديم طعن، قرر أن ينقل جهوده إلى باريس ويحرمها من لعب الدورة الأولمبية. لكن اللجنة الأولمبية الدولية انحازت إلى العقل وساندت الرياضية، وهذا الصدام الحاصل، الذي تدفع خليف ثمنه، ليس سوى حلقة جديدة من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتوريط الرياضة في السياسة وسوف نأتي على ذكر التفاصيل.
ضد إيمان خليف دفاعاً عن روسيا
قبل عامين، شنت روسيا حرباً على أوكرانيا، وقررت منظمات دولية معاقبة الروس، بمنعهم من التظاهرات الرياضية، وكذلك فعلت اللجنة الأولمبية الدولية، التي لم تسمح للروس بالمشاركة في ألعاب باريس هذه الصائفة. لكن هذا القرار بالمنع لاقى رفضاً في اتحاد الملاكمة الدولي، لأن الذي يرأس الاتحاد روسي، رجل أعمال ومقرب من الكرملين. فدخلت اللجنة الأولمبية وهذا الاتحاد في صراع، وكي يكسب عمر كريمليف الكفة لصالحه استعان بالمال، كان عليه أن يعثر على مانحين يمولون تنظيمه، وعثر على ضالته في شركة غازبروم الروسية. صارت هذه الشركة هي الداعم الأساسي لاتحاد الملاكمة، بما يخالف تشريعات اللجنة الأولمبية، التي تفرض على الاتحادات الاستقلالية، ثم تكررت فضائح اتحاد الملاكمة في التحكيم، فتقرر في النهاية شطب اسمه من اللجنة الأولمبية الدولية. لجأ عمر كريمليف إلى المحكمة الرياضة وحكمت بدورها لصالح اللجنة الأولمبية. وصار هذا الاتحاد ممنوعاً من تنظيم كل دورات الملاكمة التي تتعلق ببطولات أولمبية. هذا الأمر من شأنه أن يغضب عمر كريمليف، وهذا ما يبرر نشاطه المحموم، في الأيام الأخيرة، ضد إيمان خليف. فالمقصود ليس حرمان هذه الرياضية من المشاركة، بل يود الانتقام من اللجنة الأولمبية الدولية، يود التشويش عليها، وتشويه صورتها في العلن، انتقاماً من قرارها بشطب اسم الاتحاد الذي يرأسه.
مشكلة عمر كريمليف مع إيمان خليف تعود إلى العام الماضي، فبعدما كسبت التأهل إلى المنازلة النهائية، تقرر إقصاؤها، بحجة «فرط الأندروجين». وهي حالة معروفة بيولوجيا، تتعلق بزيادة إفراز هرمونات ذكورية في خلايا المرأة. سبق للعداءة الجنوب افريقية كاستر سيمينيا، بطلة العالم في سباق 800 متر، أن واجهت تهمة مماثلة، لكن المحكمة في سويسرا حكمت لصالحها، وأبطلت التهمة ضدها. كما لم يسبق أن سمعنا حالة غش واحدة في الرياضات النسوية، لم نرَ أو نسمع عن رجل متخفٍ يلعب في بطولة نسوية، لكن إيمان خليف لم يتح لها أن تتقدم بطعن إزاء قرار الاتحاد، ثم دخلت تصفيات الدورة الأولمبية، ودخلت الحلبة في باريس، بعدما اجتازت الفحوصات بنجاح، كغيرها من الملاكمات الأخريات، لكن عمر كريمليف لم يرضه الأمر، ظن أن إيمان خليف تتحداه، وصيرها محل نيران، بل جعل منها واسطة في الانتقام من اللجنة الأولمبية الدولية والطعن في صحتها. ولا بد أن يحظى بوسام تكريم آخر في موسكو، فقد نجح في مهمته في شيطنة اللجنة الأولمبية، بعدما أدت آلة البروباغندا عملها على أتم وجه.
إيمان في الحلبة
ما يحصل مع إيمان يذكرنا بما حصل، قبل قرن من الآن، عندما كسب جاك جونسون، بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل عام 1910، فاندلعت أعمال شغب عمت الولايات المتحدة الأمريكية، قادها ذوو البشرة البيضاء ضد ذوي البشرة الملونة، ظناً منهم أن انتصار ملاكم ذي بشرة ملونة من شأنه أن يتيح مساواة بين الطرفين، كذلك نتخيل حال عمر كريمليف، يظن أن فوز إيمان خليف في الحلبة، يقلل من شأنه إزاء اللجنة الأولمبية الدولية وإزاء زملائه في اتحاد الملاكمة، لذلك يفعل كل ما بوسعه إنقاذاً لسمعته على حساب سمعة الفن النبيل. يتهمها أنها متحولة جنسياً، وهو يعلم أنها من بلد يعيش فيه المثليون في تضييق، يتهمها أنها ليست امرأة، ولا دليل له (لماذا لم ينشر الفحوصات التي يظن أنها تدينها؟)، يوجه إليها كل أصناف الاتهامات، ولكنه في النهاية انهزم بالضربة القاضية من اللجنة الأولمبية الدولية، التي طعنت في قرارته وفي تصرفاته في الاتحاد الذي يرأسه.
كان يفترض أن يقوم عمر كريمليف بزيارة إلى الجزائر كي يعرف من هي إيمان خليف، هي فتاة يمكن أن نلاقي مثيلات لها في كل حي سكني، هي تلك الفتاة المشاكسة، التي تقارع الذكور، دفاعاً عن حقها وحق أخواتها. اختارت الملاكمة والملاكمة تفترض قسوة وانضباطاً في التمرين، بالاستيقاظ باكراً، كل صباح، قصد الجري ثم القفز على الحبل، ثم الخضوع إلى حصتي تدريب كل يوم، وهذا النظام التدريبي من شأنه أن يفرض تحولات بيولوجية على الجسم، وتغيرات هرمونية، والثابت فيها أن الملمح ونبرة الصوت وحدهما لا يتغيران، عدا ذلك فكل شيء قابل للتغيير، لكنه لا يصل إلى اتهام الرياضية بأنها ليست امرأة. لقد سبق أن واجهت العداءة الهندية دوتي تشاند، بطلة سباقات 100 متر، تهمة مماثلة، ومرة أخرى برأتها المحكمة. هل يمتلك عمر كريمليف جرأة في التوجه إلى المحكمة والطعن في الهوية الجندرية لإيمان خليف؟ كلا! والدليل أنه لم يفعل شيئاً ـ لحد الساعة ـ سوى إطلاق تصريحات، ووعد كل رياضية تنسحب من النزال ضد إيمان بمكافأة مالية معتبرة. ولا يسعنا في الأخير سوى تذكر مقولة وردت على لسان مؤرخة فرنسية: عندما يكسب رجل منافسة رياضية، نصفق له ونصفه بالبطل، وعندما تكسب امرأة نشكك فيها ونعتقد أنها رجل.
كاتب جزائري
اخطاء سهمك الرمية في الاخير بجعلها معركة بين الرجل و المراءة و الامور بخواتيمها
السؤال هو من وراء تكالب هذا المسؤول على ايمان خليف و هل هي المستهدفة ام الجزائر من وراء ذلك؟
“يشكك في أنوثتها مثل مختل يربط شرف المرأة بغشاء بكارتها” هذا عندنا نحن ، اما عندهم فقد تولت شركات الجنس بتجريدها من الاثنين.
ان اتهام عمر خركييف ايمان خاليف دون دليل هي ادانة له وللهيئة التي يمثلها واخلاقيا يستقيل او يقال فيما يتعلق بالملاكمة الجزائريةلو علم بالمنطقة التي تسكنها انا على يقين انه سيتراجع عن اقواله واهل المنطقة اغلبهم لا يعرف التحول الجنسي.
قضية إيمان خليف وصلت مجلس الأمن الدولي….لاأعتقد أن روسيا بجلالة قدرها لاتعرف ماذا تفعل……هناك أمور في الخفاء تغيب عنا ويعرفها فقط الكبار
المهم ربي نصرها على القوم الظالمين و كانت صفعة ليهم
مبروك للشابة الجزائرية ايمان. ومزيدا من الشجاعة والثبات