يوسف المحيميد.. الغرق في بحر من الدلافين

حجم الخط
0

يوسف المحيميد.. الغرق في بحر من الدلافين

يوسف المحيميد.. الغرق في بحر من الدلافين بيروت ـ من جورج جحا: رواية نزهة الدلافين للكاتب السعودي يوسف المحيميد تعكس في ما تعكسه نفسا شعريا وقدرة علي الوصف التفصيلي ممتعة احيانا وتكاد تكون سينمائية من حيث الحركة والتفاصيل .. لكنها تجعل القاريء يغرق في بحر من الدلافين التي ارادها الكاتب رموزا طيبة تنقذ المشرفين علي الغرق. ومن خصائص هذه الرواية انها في موضوعها الذي ليس كبيرا متشعبا تتشكل من اعادات لحالات ومشاعر وأحداث كأنها لازمة تتكرر في غير تغير يذكر.. وانها بينما تعكس رومانتيكية نفاذة وموحية حينا ترفق كل ذلك باتجاه مغرق في الواقعية يركز علي ما قد يكون نقيضا للحالات الاولي بل تشويها لها دون اي مبرر فني. الرواية وهي تاسع كتب المحيميد منذ سنة 9891 صدرت عن دار رياض الريس للكتب والنشر في 751 صفحة متوسطة القطع. جاء في مقدمة الرواية نقلا عن كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للامام العالم زكريا القزويني والدلفين حيوان مبارك اذا راه اصحاب المراكب استبشروا وذلك انه اذا رأي غريقا في البحر ساقه نحو الساحل وربما دخل تحته وحمله وربما جعل ذنبه في يده ليمشي به الي الساحل وقيل له جناحان طويلان فاذا رأي المركب تسير بقلوعها رفع جناحيه تشبيها بالمركب وينادي.. واذا رأي الغريق قصده . الا ان هذا الحيوان البحري النبيل المبهج والخفيف الظل سرعان ما يتحول عند المحيميد الي رمز او اكثر من رمز وأحد ابرزها الرمز الجنسي. المشكلة ليست في هذا التحول وقد قدمه المحيميد بصيغ ادبية حسنة انما في تكرار كلمات الدلفين مفردا ومثني وجمعا وباستمرار يخلق في النفس شعورا بالضيق وبانطباق شيء علي الصدر يذكر برهاب الاماكن المغلقة. يدور هذا العمل القصصي في معظمه حول ثلاثة اشخاص من بلدان خليجية هم شابان وفتاة يلتقون في القاهرة. تدور احداث الرواية في اماكن عديدة ينقلنا اليها السفر الفعلي او تداعيات تستحضر اسفارا فعلية. السعودية والامارات ولبنان ومصر وبريطانيا وبشكل خاص منطقة ادجوار رود اللندنية التي توصف بانها منطقة عربية في لندن. في الخارج حيث التقي الثلاثة تقوم بين الرجلين والفتاة علاقة غير عادية تبدو من ناحية حبا ومن اخري صداقة ومن ثالثة شهوة جنسية. محور معظم المشاعر والانفعالات هو خالد وهو شاعر من السعودية. انه العاشق والشك يتأكله في ما اذا كانت الفتاة المعشوقة تقيم علاقة ما غير ما يبدو من ابوية علاقتها مع صديقه احمد المثقف والناقد. ومن هنا البداية والنهاية وما بينهما من نقاط تتشابه. ويستمر ذلك الي النهاية حيث يبدو لنا ان ما تتكشف عنه الامور لا يشكل دعامة روائية لنص استطال بل بدت اقرب الي مشكلات مراهقة فيها الكثير من الحب والبراءة والخجل والشهوة والغيرة والمرح وامور اخري. وفي كل ذلك تنزلق الدلافين في مناسبة او دون مناسبة. وما نستشهد به هو غيض من فيض. من بداية الرواية تظهر قدرة المحيميد علي الوصف الانف ذكره. يقول كانوا ثلاثة.. امرأة ورجلين. يمشي الرجل الطويل امامهما متغاضيا عما يحدث بينما الرجل القصير يشبك يده بيد المرأة ويمشيان خلفه. حين يتوقف الطويل ملتفتا مطمئنا او سائلا تفترق اليدان سريعا باتفاق مضمر. تهربان فزعتين كما لو كانت طيورا يحفها الحذر. تهربان فزعتين مثل دلفينين يركضان بانسياب في بهاء الماء. في الطريق الي الحسين حيث لا تنام القاهرة كانوا يضحكون بشغب كما اطفال.. يغنون ويركبون التاكسي للمرة الاولي جميعا في الخلف. في المرات السابقة كان الرجل الطويل كما لو كان ابا صارما ومدبرا يركب بجوار السائق فتركب المرأة والرجل القصير في المقعد الخلفي. لم تكن المرأة الثلاثينية اذ تركب تزحف الي الشباك القصي بل تبقي في الوسط… بينما كفها الساخنة تتسلل في مياه الليل كدلفين انثي تبحث عن ذكرها حتي تتعانق اصابعهما المتلهفة في عناق ابدي . لكن الرجل الطويل فاجأهما هذه المرة وركب في القسم الخلفي فاضطر خالد الي الركوب قرب السائق. وبدأت التصورات او الاوهام ..فعينه اليسري او حواسه تشعر ان دلفينته الصغيرة السمراء تذوب حرارتها في كف ضخمة للرجل الذي يشبه الاب.. . والرجلان صديقان يحب الواحد منهما الاخر كثيرا. افكار خالد تدور به.. هل اللمسات المتصورة ابوية ام غير ابوية. هل مس ظاهر الكف مثلا يعد خيانة.. كان شيئا عابرا ومألوفا ان تفعل ذلك لكن العاشق خالد يراها خيانة بشكل ما . وحين خرجوا لاحقا من الفندق باتجاه النيل كان الطويل يسير امامهم وقد تعانقت يداهما خلفه يسيران بدلفينين يلهوان بمودة يتعانقان في فضاء الشارع وفي عناقهما ذاك كان ظهر دلفينه يرتطم بجانب مؤخرتها… كانت يده كالدلفين الاحدب الخجول يفضل المياه الضحلة… تخلص الدلفين ذو البطن القرنفلي الفاتح من مياه يدها .(رويترز)0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية