في مواجهة تظاهرات سلمية، تستدعي السلطوية الحاكمة في مصر كافة أدوات السيطرة الأمنية على المجتمع وإخضاع المواطن.
انتشار شرطي مكثف في الميادين، سلب حرية شباب وطلاب وبعض أعضاء الحركات الاحتجاجية والكيانات الحزبية، حملات إعلامية مستمرة للتشهير بالمعارضين، خطاب رسمي سماته الاستعلاء الأبوي وادعاء احتكار الحقيقة (لا تستمعوا إلا لي) وتجريد الناس من حقهم الأصيل في مناقشة الشأن العام (لا تتحدثوا في هذا الأمر بعد الآن) وإطلاق مكارثية الرأي الواحد على المجتمع؛ بين ثورة يناير 2011 واليوم لم يتعلم الحكم شيئا.
في مواجهة سلطوية حاكمة تتراجع معدلات قبولها الشعبي، يستدعي طيف واسع من المعارضة المصرية مكارثية بديلة تتجاهل مقتضيات النظر العقلاني للشأن العام وتتورط في الترويج للرأي الواحد وفي تخوين المختلفين معها وتترك الناس دون بدائل مقنعة للقمع والفشل.
خطاب لتعبئة «الجماهير» مفرداته تأجيج المشاعر الوطنية وإطلاق اتهامات بيع الأرض باتجاه الحكم، إسقاط للمضامين الديمقراطية من خطاب المعارضة فلا حديث عن الانتهاكات المروعة للحقوق والحريات ولا عن سطوة المكون العسكري-الأمني، تقسيم البلاد إلى فسطاطين فسطاط معارضي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية الأخيار وفسطاط الآخرين الأشرار، مجددا كارثة مطالبة المكون العسكري-الأمني بمواصلة التدخل في شؤون الحكم واستبدال «جنرال بجنرال» في تماهي مريض مع السلطوية التي تدعي أن بلادنا لا يقدر عليها غير الجنرالات؛ بين ثورة يناير 2011 واليوم لم تتعلم المعارضة شيئا.
في مواجهة تأجيج المشاعر الوطنية على خلفية مسألة «الجزيرتين» (تيران وصنافير)، يمتنع حملة أختام الديمقراطية والحرية وسيادة القانون عن إعمال مبادئهم لترشيد النقاش العام وجر الخطوط الفاصلة بين مقاومة السلطوية الحاكمة بسبب مظالمها وانتهاكاتها وبسبب عصفها بقواعد الشفافية والمساءلة والمحاسبة وبين توظيف ادعاءات زائفة واتهامات مرسلة كأساس لرفض السلطوية والبحث عن بدائل لها.
يسقط مجددا مواطنون برصاص عناصر الأجهزة الأمنية في قتل خارج القانون فلا يهتم غير قليلين، تتدهور الحالة الصحية لبعض المسلوبة حريتهم في السجون وأماكن الاحتجاز بفعل المعاملة غير الآدمية التي يلقونها فلا يكترث غير قليلين، تواصل الحكومة شراء السلاح وتوقيع صفقاته مع حكومات غربية وشرقية فلا يساءل عن التكلفة الحقيقية والتفاصيل الكاملة والنتائج المستهدفة غير قليلين، تغرد بعض الأصوات المدافعة عن الديمقراطية والحرية بعيدا عن السرب رافضة لكيل الاتهامات المرسلة ببيع الأرض ومطالبة بتحفيز الناس على مقاومة السلطوية الحاكمة بحثا عن الحق والعدل والحرية فيستبعدون تارة كحمقى وأخرى كخونة؛ بين ثورة يناير 2011 واليوم لم يتعلم حملة أختام الديمقراطية والحرية شيئا.
في مواجهة حراك شعبي تعود مشاهده اليوم بعد غياب، يتحلق حول «الجماهير» طوائف من الكتاب والإعلاميين والشخصيات العامة وممارسي العمل الحزبي الذين مارسوا الاستعلاء على إرادة «الجماهير» حين عبرت عن نفسها في استفتاءات وانتخابات 2011-2013، وانقلبوا عليها في صيف 2013 حين طالب كثيرون بانتخابات رئاسية مبكرة ليجدوا خروجا شاملا على الإجراءات الديمقراطية، وبرروا القوانين القمعية (قانون التظاهر بين قوانين أخرى) التي أقرت تهجير «الجماهير» من الفضاء العام وأضفوا بمقولات من شاكلة بطل الإنقاذ الوطني والرئيس الضرورة شرعية زائفة على السلطوية وحكم الفرد.
تتحلق هذه الطوائف اليوم حول «الجماهير» بمقولات وطنية زاعقة (مصر مش للبيع، الجزيرتان مصريتان إلى الأبد، الأرض عرض) بحثا عن استعادة مصداقية ضائعة دون اعتراف بخطأ دعم السلطوية أو محاولة لتصدر مشاهد الحراك الشعبي الراهن دون اعتذار عن الصمت دهرا على المظالم والانتهاكات منذ صيف 2013 أو صراعا من أجل موطئ قدم في خريطة مجتمعية مصرية يرون تغيراتها دون تقدير لاستحالة البناء على التغيرات الراهنة باتجاه ديمقراطي ما لم تتراجع المقولات الوطنية الزاعقة والمشاعر الوطنية الشوفينية.
أيضا طوائف المتحلقين لم تتعلم شيئا، شأن المتحلقين هنا شأن السلطوية الحاكمة والطيف العريض في المعارضة وحملة أختام الديمقراطية والحرية. جميعا يصرون على تكرار الأخطاء، الآفة العضال.
٭ كاتب من مصر
عمرو حمزاوي
مقالة تضرب بالعظم
وإعتراف بأن ما حدث بيوم 30-6-2013 لم تكن ثورة بل كانت خديعة للمصريين
نعم لقد خُدع كل من تظاهر ضد الرئيس الشرعي الوحيد لمصر الدكتور مرسي
ولا حول ولا قوة الا بالله
الجهل هو المرض المستشرس في الدول العربية