تنعكس الأدوار والأطوار العائلية بشكل مضحك ذي شجن كوميدي في الفيلم الذي تم عرضه في اليوم الأول بعد الافتتاح ضمن مهرجان طرابلس للأفلام 2018 المستمر بفعاليته، بعنوان Kids for rent)) «أطفال للإيجار» للمخرجة «تيزيا ليغيمونتسيفا»، التي استطاعت منح المشاهد التحرر الملائم لأبطالها الذين تآلفوا مع كل مشهد حبكته بفنية سينمائية استخرجت منه المعنى عبر المواقف البصرية المرتبطة طفوليا بمشاكسات إزدواجىة بين عائلتين أو أفراد تربطهم صفات مشتركة هي أشكال من الفن السينمائي الهادف إلى تحقيق الهدف النفسي، الذي تعالج به الأوضاع العائلية، بروح كوميدية هي صنيعة الصدفة التي جمعت الأضداد مع بعضها البعض.
ليتم إيجاد الحل عبر رحلة البحث التي تنطلق من الأولاد واللحاق بهم، حيث الطرق والبراري والأمكنة المتعددة والمواقف الكوميدية المرافقة لذلك، وتعارفهم مع أشخاص أخرين لكل منهم صفات خاصة نتعرف عليها بتنوع البيئة، التي يعيشون فيها من خلال براءة الطفلة وعفويتها في تحقيق هدفها. لتجمع مشاهد الفيلم رحلة الصغار والكبار في معاكسات لا يمكن توقعها، من أجل إبراز علم النفس الكوميدي بتوليف بين مواقف ترتبط بالتحليل المضحك، وغير المتوقع من الجمهور كردة فعل شبيهة بأفلام الكرتون. إلا أنها موجودة في الحياة، خاصة وأن تتر الفيلم مضحك أيضا يحمل الكثير من الإثارة.
فالطفلة المشاكسة لأمها تعيش مع الأب الذي لا هم له إلا أعداد المعجبين على صفحات التواصل الإجتماعي، وبالتالي هو غير قادر حتى الاهتمام بنفسه التي يهملها غالبا. ليبقى على تواصل دائم عبر الانترنت. فكيف سيهتم بفتاة تحب الشغب ولا تتقيد بنظام؟
إنه فيلم مبني على الكوميديا الهادفة إلى تصحيح الأوضاع النفسية لأفراد عائلية بالتجربة المشوقة والفاعلة في تحقيق العلاج الغريب، الذي وصفه الطبيب الأسري. ليعطي للعائلتين قيمة التجربة المبنية على تبادل الرؤى. مما أعطى قيمة اجتماعية للفيلم إلى جانب المواقف المضحكة، وإن بمبالغات غالبا مبنية على تقنيات شبكات التواصل أيضا، وأهميتها في معرفة ماذا يفعل الأشخاص الذين نحبهم والذين يستبدلون الوجود الواقعي بالوجود الافتراضي، لتعويض فقدان أهميتهم عند الآخرين. في فيلم سينمائي معاصر كتابة واخراجا ومونتاجا، وحتى في ديناميكية التمثيل خاصة الطفلة وجاذبيتها الطافحة بالفطرة والعفوية وامتلاك الدور التمثيلي، رغم صعوبته لأنه يعتمد على التعبير السريع.
فيلم كوميدي طويل اهتم بالعائلة والتغيرات النفسية، التي تصيب كل فرد فيها والتغلغل إلى عمق الشخصية، وملاحقة الأسباب ومعرفة ماهيتها لتتم معالجتها بأسلوب عفوي وكوميدي «فينوس فتاة متمردة في العاشرة من عمرها. تسبب لوالدتها العاقلة المحامية أوليانا العديد من المشاكل في المقابل يجبر الشاب ماكس على التصرف مثل الكبار والاعتناء بوالده غير المنظم والساذج كوستيا، البعيد عن الواقع والذي يكرس معظم وقته لمدونته على الانترنت. عندما يصبح التوتر غير محتمل. يطلب كلا الزوجين المساعدة من المعالج الأسري الذي يقدم لهما نصيحة غير متوقعة. يجب على الوالدين تبادل أطفالهما لبضعة أسابيع لفهمهما بشكل أفضل. وهذا ما حدث في نهاية الفيلم، وبمنطق نفسي يميل إلى الغرابة نوعا ما، ولكن دون سريالية. إذ بدت المحامية لكثرة عقلانيتها بحاجة لرجل يمتلك روح الدعابة والمرح، والعكس الصحيح بالنسبة للطفلين فكل واحد منهما يكمل الآخر.
لعبت موسيقى «ايفان سيفاستيوف» دورها في الفيلم. فالموسيقى التصويرية للمشاهد الكوميدية حساسة جدا لما تحمله من معان تحاكي لب المشهد والحركة السريعة والبطيئة. إضافة إلى الفرح في النغمة والتي تلامس المواقف وتترجمها بالموسيقى نفسها، مما يزيد من شغف الجمهور بالمتابعة، خاصة أن المونتاج لعب الدور الأهم في ايقاع الفيلم وتقطيعاته من حيث التقديم والتأخير والتتابع والدمج، الذي ينقلنا إلى مشاهد مختلفة، خاصة أن التصوير في أغلبيته في الخارج، وضمن مساحات ضيقة جدا ومساحات واسعة جدا. وتقنية هذا الفيلم إخراجيا ليست بالسهولة، لكثرة المشاهد السريع فيه، كما أن كتابته بصرية في غالبها، لأنها تعتمد على التعبير التصويري في المشاهد وبراعة الممثلين، وهذا ملموس في هذا الفيلم، الذي تم عرضه في مهرجان السينما وعلى مسرح بيت الفن ميناء طرابلس بحضور حشد من المهتمين بأفلام السينما والنقاد وغيرهم.
كاتبة لبنانية
ضحى عبدالرؤوف المل