«أم بي سي» تتحدث عن بطولات الجيش السعودي في حرب فلسطين… وولادة صباح فخري جديد في «ذا فويس كيدز»

 

أتفهم أن يزل لسان ضيف ما على الهواء في معلومة خاطئة، بل ربما يمكن تحمل الخطأ ذاته في المعلومات من الضيف في حلقة مسجلة، إذا كان الضيف وحده يتحمل مسؤولية كلامه، لكن أن تتبنى محطة كاملة بطواقم إعدادها المحترفين افتراضا معلومة خاطئة وتذيعها على لسان معلق من المحطة، فهذه ليست زلة لسان ولا خطأ، بل تضليل متعمد، وإن كان التضليل في معلومة تاريخية فهو تشويه، وإن كان معلومة ملفقة حد السخرية، فهذا تزوير مضحك، يجعل محطة بحجم «أم بي سي» ميدان تهريج، من محطة تسوق نفسها على أنها لكل العرب، كما تدعي.
الأسبوع الماضي، وفي صحوة إعلامية تأخرت قليلا «ربما بانتظار التوجيهات»، انضمت محطة «أم بي سي» لجوقة المحتجين الفضائية على قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس، وتفرغ برنامجها «صباح الخير يا عرب» بتعداد بطولات الجيش السعودي في حرب فلسطين، وقد كان الجيش السعودي من ضمن الجيوش العربية، التي شاركت في حرب فلسطين، التي خسرتها كل تلك الجيوش أيضا، وكان الجيش السعودي معسكرا في الكرك جنوب الأردن، ولم يشارك على خطوط التماس، لكنها مشاركة في المحصلة، واستضافت «أم بي سي» عبر برنامجها الصباحي العسكر القدامى من الجيش السعودي ليتحدثوا عن ذكرياتهم، ومن بينهم عجوز طيب، كان قد حارب في صفوف الجيش الأردني، الذي كان على خط التماس الفعلي، بل وفي القدس تحديدا، وأشار الرجل الطيب ابن القبيلة البدوية الممتدة أفرادها على طول الصحراء بين الأردن والسعودية إلى مشاركته تلك، لكن معلق التقرير في المحطة، والذي لا ينطق عن هواه ولا على هواه، قال بالنص إن تسعين بالمائة من الجيش العربي الأردني كانوا مواطنين سعوديين!!
لن نختصم على هزيمة، ولن نتنافس على نكبة، لكن للشهداء والمحاربين حق علينا، وتاريخهم مهما اختلفنا لا يجب المساس به، وتعليق مثل هذا على محطة تفرض وجودها على كامل مساحة الخريطة العربية هو تزوير، لكن مضحك، ولا يليق بالمحطة ذاتها.

نجاح في الترفيه ورسوب في السياسة

لكن تبقى المحطة الكبيرة سيدة الترفيه بلا منازع، وربما لو تفرغت له وتركت مناكفات السياسة لارتاحت وأراحت، وقد تابعت بشغف الحلقة الأخيرة من موسم «ذا فويس كيدز»، والذي كلما انتهت حلقة منه تفطر قلبي ودمعت عيني على كل تلك القلوب الصغيرة، التي انكسر خاطرها ولم تحظ «ببرمة» أي من الكراسي الحمراء الوثيرة الدوارة.
كنت أسلفت بالقول مرة إن برنامج «ذا فويس» هو الأكثر خصوبة في المادة الفنية على جانب الترفيه، الذي يقدمه دون سواه من برامج تنتجها «أم بي سي»، والسبب أن هذا البرنامج بطبيعته يعتمد الخامة الصوتية، وهذا ينسحب أيضا على نسخته المصغرة والمحببة «ذا فويس كيدز»، وحين نتحدث عن موسيقى عربية شرقية وخامة صوت وأذن مجبولة على التقاط همس الوتر للوتر فإننا نتحدث عن بطولة حلبية بلا منازع، وهذا ما وثقه التاريخ عن حلب الشهباء منذ كانت، بأن أهلها مجبولون على الموسيقى والطرب.
في الموسم الحالي، وكما هي عادة حلب في رفد العالم بمعجزات الطرب، كان الطفل يمان قصار، الذي غنى وأطرب بموال قصير وبصوت عذب انساب انسياب نهر قويق أيام مجده، وهو ما يعيد إلى الذاكرة الموسم الماضي من البرنامج، والطفل الأسطورة عبدالرحيم الحلبي.
مؤسف أن الفنون الرفيعة في الموسيقى والطرب تنتهي تعليبا في برامج الترفيه دون متابعة من مؤسسات موسيقية محترمة ومعاهد ترعى هؤلاء أكاديميا وتأخذ بيدهم منذ لحظة بزوغهم في برامج كتلك لصقلهم كمحترفين نقدمهم على العالم كمساهمة ثقافية رفيعة المستوى، بدل أن نبقى في عيون العالم بنمطية مشوهة تقدم صور الموت والإرهاب.

فضاء السودان المظلوم

وبعيدا عن فضاء مشرقنا العربي، فقد حظيت باشتراك تلفزيوني وسع من مساحة الفضائيات وعددها عندي على القائمة، فتفاجأت بحجم المحطات العربية، والتي بدأت بالتوقف عند السودانية منها، وكنت أعرف فقط قناة السودان الرسمية وفضائية «الشروق» التي تعجبني، لأجد أن في الفضاء السوداني ما يكفي للتعريف أكثر بهذا البلد الجميل، وناسه الأجمل، وهو المظلوم في الفضاء العربي الشقيق من الترويج اللائق.
تلك الفضائيات تشعر بحجم الإمكانيات والطاقة الكامنة فيها لو تمتعت بسقوف حرية أكبر، حتى في البرامج الحوارية هناك رشاقة في الحوار تديره مذيعات جريئات لولا إحساسك كمشاهد بوجود رقيب ما خلف الكواليس.
كنت قرأت مرة أن الحياة الحزبية الحقيقية كانت الأكثر ازدهارا في السودان قبل انقلاب جعفر النميري في السبعينات، وانتهاء بالحكم الحالي للرئيس عمر البشير.
أتخيل لو أن الحرية الديمقراطية بكل معناها الحقيقي الفاعل تعود لهذا البلد، فإنني اتخيل فضاء تلفزيونيا سودانيا لا ينافسه أي فضاء عربي ولا أفريقي.

قصة فيروز مع جارها

وكالعادة، قنوات النوستاجيا، التي تقدم كل ما كان في زمن الفن الجميل هي الشغف الأكبر، وفي إحداها يتم عادة بث فقرة من مقابلة قديمة مع فيروز، والتي تقول فيها (..لما كنت إسمع الموسيقى اللي هي من عند الجيران، الجيران كانوا في الطابق العالي وأنا في المطبخ وباب المطبخ بيعطي على شباك جار بيشتغل بالليل وبينام بالنهار، وأنا في المطبخ عم بشتغل بالنهار بس تطلع الموسيقى بلش أنا رافقها وعيه يوعى هو ويفتح الشباك ويبلش يعيط ويسب انو ليش ما بيجوا يفتحوا الاذاعة هون شو هيدا! هيدى كانت يومية هاي القصة لغاية ما فليت من البيت ارتاح مني كلياً).
أتساءل عن هذا الجار اليوم، أتمنى لو كان حيا لأسمع رأيه اليوم في ما قالته السيدة… وأي حظ رفسه الجار المزعوج ويتمنى ملايين جيلا بعد جيل أن يكونوا هذا الجار لجارة القمر؟!

إعلامي أردني يقيم في بروكسل

«أم بي سي» تتحدث عن بطولات الجيش السعودي في حرب فلسطين… وولادة صباح فخري جديد في «ذا فويس كيدز»

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مراقب حر:

    تلك المحطة التافهة إم بي سي بعد أن إعتقل صاحبها من قبل إبن سلمان أصبحت لسان حاله و ليس غريباً أن تفبرك بطولات كرتونية عن مشاركة الجيش السعودي في حرب فلسطين!!
    هذا الشاب المستهتر لا يعدم حيلة محاولاً التطبيل لنفسه في الاعلام لكن يأخذ البلاد أكثر فأكثر إلى الحضيض!!!

  2. يقول الكروي داود:

    ” لأجد أن في الفضاء السوداني ما يكفي للتعريف أكثر بهذا البلد الجميل، وناسه الأجمل، وهو المظلوم في الفضاء العربي الشقيق من الترويج اللائق.” إهـ
    تعرفت بحكم الغربة بعدة شعوب كان الشعب السوداني (الزول) الأطيب بإمتياز
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول عربي في الغربة:

      من خلال غربتي وتعاملي مع مختلف الجنسيات العربية “المصطنعة” وجدت ان الاخوة السودانيون من ارقى الشعوب. تحية للسودان العربي الجميل!

  3. يقول فثحي:

    بالنسبة لمشاركة الجيش السعودي يا اخي كانت حقيقية ولا ينكرها احد يجب اعطاء كل ذي حق حقه فالجيش السعودي شارك بحمله الاسلحة المغشوشة الفاسدة التي لا تصلح لشيئ فلماذا تنكر عليهم ذلك
    شلوم سلمونا على طويل العمر

  4. يقول علي القحطاني ... نيو كالادونيا:

    حملتم اسلحة تطلق للخلف وثرثرتم ورقصتم كالدببه…كوني عاقر ارض فلسطين من الان …كوني عاقر ام الشداء من الان …فهذا الحمل دميم ومخيف….يا خونة : اتركوها دامية ستقيء الحمل عليكم ستقيء الحمل على عزتكم،عروشكم…وستغرز اصبعها في اعينكم …انتم مغتصبيي …سيكون حرابا. سيكون خرابا سيكون خرابا.

  5. يقول لورنس:

    ” قنوات النوستاجيا”، واضح المقصود النوستالجيا، لنقل انها زلة اصبع. لكن اين المهنية.. اليس هناك مراجع لما يكتب؟! الخطأ انساني، لكن الامعان شيطاني، رجاءا، لا تتحدثوا عن مهنية، فلا مكان لها بين ناطقي لغة الضاد.

اشترك في قائمتنا البريدية