إن إحدى سمات حكم البعث الأساسية منذ انقلابه إلى دكتاتورية فردية، وقد تم ذلك في سوريا في ظل قيادة آل الأسد، هي الشعارات الكاذبة. فمن «وحدة، حرية، اشتراكية» التي هي كناية عن شوفينية قطرية واستبداد تعسّفي وتملّك عائلي للدولة، وهو شعار حوّله الرأي العام السوري بحكمته التهكّمية إلى «وحدة حرامية نشترية» («النشترية» كلمة عامّية تعني «النشّالين»)، إلى ذلك الشعار العملاق الذي كان ينتظر القادمين إلى سوريا من لبنان على نقطة الحدود الرئيسية بين البلدين والقائل إن «البعث تمرّدٌ على الحدود» بينما يُضطرّ الناس إلى انتظار طويل وممّل لإنجاز المعاملات البيروقراطية والمخابراتية قبل اجتياز الحدود، إلى «الممانعة» التي قد يظن من يسمع بها للمرة الأولى أنها كلمة تنتمي إلى قاموس العلاقات بين الزوجين بينما هي التسمية الجديدة لذلك «الصمود» الذي كان هو شعار زمن التحالف ضد أنور السادات (أيام «جبهة الصمود والتصدّي» التي لم تصمد ولم تتصدّ)، والحال أن النظام السوري إن مانع شيئاً إزاء الدولة الصهيونية جارته فهو شنّ الكفاح المسلّح ضدّها انطلاقاً من الأراضي السورية بالرغم من أن قسماً هاماً من هذه الأراضي محتلٌّ منذ ما سوف يبلغ نصف قرنٍ بعد ستة أشهر من الآن: كلّها شعارات تُطلق لتشير إلى عكس ما تعلنه على طريقة ما يسمّيه علم اللغة والأسلوب «التعبير المعكوس» (antiphrasis).
بيد أنه لا بدّ لنا من أن نعترف لعَبَدة آل الأسد وأزلام نظام البعث السوري أنهم خرقوا القاعدة وصدقوا في شعار واحد على الأقل. ومن عظيم المفارقة أن يكون الشعار الذي به صدقوا هو تحديداً الشعار الذي ظنّه معظم الناس مبالغةً قصوى وتهديداً أجوف عندما سمعوه للمرة الأولى في بدايات الانتفاضة على نظام آل الأسد، ألا وهو شعار «الأسد أو نحرق البلد». وإنه لشعارٌ متميّزٌ حقاً بدرجة تخلّفه المذهلة، ينمّ عن عقلية تُشهر ولاءها لعائلة حاكمة بتفضيلها على بلد بأسره، بل بتوعّدها بالقضاء على البلد إن لم يتسنّ للعائلة الحاكمة أن تبقى متربّعة على حكمه وأرزاقه. وها نحن بعد ما يناهز الست سنوات من انطلاق الانتفاضة السورية أمام بلاد تمّ حرقها وتدميرها إلى حدّ مرعب بغية الدفاع عن استمرار تملّكها من قِبَل آل الأسد. وقد أدرك السوريون وأدرك جميع المراقبين معهم منذ سنة 2012 على الأقل أن ذلك الشعار، الذي ظنّوه لوهلة أولى مجرّد تشبيح من قبل «شبّيحة» النظام، إنما هو أصدق شعار صدر عن النظام وأزلامه منذ أن استولى حافظ الأسد على حكم سوريا بالانقلاب العسكري في عام 1970.
أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما فقد انتظر انتهاء ولايته الفعلي (قبل الرسمي)، غداة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كي يُصرِّح، يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الأخير وفي مؤتمر صحhفي عقده في عاصمة البيرو أثناء زيارة رسمية، أن بشّار الأسد «رجلٌ قرّر أن تمسّكه بالحكم يستحقّ تدمير بلاده وتحويلها إلى ركام وتشريد أهلها أو قتلهم، بينما كان أمامه خيار الإطلاق السلميّ لمرحلة انتقالية كان بوسعها أن تُبقي على البلاد سالمة». وإنه لتشخيصٌ صحيحٌ ودقيق، بالرغم من أن الرئيس الأمريكي قد تغافل عن أنه هو أيضاً لم يبالِ لتدمير سوريا وتحويلها إلى ركام وتشريد أهلها أو قتلهم في حين كان بوسعه الحؤول دون هذه الكارثة الهائلة. غير أن لا مبالاة أوباما، المُراقِب من بعيد، وإن كانت وصمةَ عار عظيمة على جبينه تُشركه بمسؤولية الجريمة النكراء التي حلّت بسوريا وشعبها، إنما تختلف نوعياً عن لا مبالاة من هم من أهل البلد.
سلوك آل الأسد في تفضيلهم حرق سوريا على التخلّي عن حكمهم لها يذكّرنا بالرواية التوراتية الشهيرة عن حكمة الملك سليمان لمّا جاءته امرأتان مات طفل إحداهما وتدّعي كلّ واحدة منهما أن الأخرى سرقت طفلها الحيّ. «فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. فقال الملك ائتوني بسيف. فأتوا بسيف بين يدي الملك. فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفاً للواحدة ونصفاً للأخرى. فتكلّمت المرأة التي ابنها الحي إلى الملك، لأن احشاءها اضطرمت على ابنها، وقالت استمع يا سيدي، اعطوها الولد الحي ولا تُميتوه. وأما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك، اشطروه. فأجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فإنها امه».
إن آل الأسد وأزلامهم جماعة ادّعت الحرص على سوريا وهي على أتمّ الاستعداد لحرقها وشطرها إن خشت أن تخسر تملّكهم لها. لكنّها وبغياب مرادف عالمي لسليمان الحكيم يقرّر إعادة سوريا لأصحابها الشرعيين، ألا وهم مواطنوها، جماعةٌ استباحت البلد شطراً وحرقاً ولم تترك لخصومها سوى ثلاثة خيارات: ترك البلد، أو الموت على أيديها، أكان بطيئاً في معتقلاتها أم سريعاً، أو الدفاع عن النفس. وقد برعت الجماعة في فنون المكيدة، تساعدها الرجعية الإقليمية ولو من منطلق العداء لها، كي تخنق صوت «الربيع العربي» التقدّمي في سوريا وتحفز صعود قوى غارقة في الرجعية في الصفوف المقابلة لها بحيث توفّر لها ولحلفائها ذريعة التدمير، مثلما غدت جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) ذريعةً للإجهاز على حلب. ولن تنهض الثورة السورية من جديد سوى باستعادة منحاها التقدّمي وتحصينه ضد النظامين المحلّي والإقليمي وضد كافة القوى الرجعية التي أفرزاها.
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان
جلبير الأشقر
المشكلة هي أنه تم حرق البلد وبقى الأسد !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
الوطن السوري الذي تحول بقدرة قادر في عهد الاسد الأب إلى ” مزرعة عائلة الاسد” حسبما يروى على لسان المواطن السوري حينذاك ، حيث تلمس العديد منهم أن الأسد الأب أعاد إنتاج الدولة والمجتمع بطريقة اتضح معها انه فرض طغيان أفراد من طائفته على مفاصل الدولة السورية بعد أن تفرد بإصدار الدستور ثم اختيار مجلسا ” للشعب” في المرة الاولى ،وربط أطراف كافة التعيينات في المؤسسات المهنية كالنقابات والمنظمات الشعبية بنفسه، منفردا، وإقرار السياسة الخارجية للدولة وتكليف رئيس للوزراء وتعيين جزء كبير منهم، يعني ، كان يرتب ” شؤون مزرعته ” في معظم أحوالها منفردا، ولم يمانع في تعميم عبادة الفرد وتاليهه شخصيا، وحكم البلاد عن طريق مؤسسات الأمن والاستخبارات التي فتكت بالعباد وشردت خيرة مواطنيها مع السعي لإقامة ماسماه سلاما مع دولة الكيان الغاصب تفريطا بحقوق أبناء الشعب الفلسطيني الوطنية في العودة وتقرير المصير .فلا عجب أن يكون الاسد الابن قد ورث كل هذه المعرفة والثقافات في إدارة شؤون الوطن والمجتمع من أبيه مع إضافات تطبيق “الاستبداد مضاعفا” بفهم ” نيروني – من نيرون / حاكم اسبرطة الرومانية “لدرجة اكتشاف شعار ” الاسد أو نحرق البلد” وتطبيقه على أرض الواقع ومراقبة الشهود من الأسرة الدولية !!!!
الى أن يسقط الأسد “إن كان رأسه مايزال مطلوبا ..!!!”. سيظل شعار حرق البلد هو كما تفضلت استاذ جلبير ،الشعار ربما الأصدق والأكثر فاعلية من بين كل الشعارات التي رفعت على مدى سنوات الربيع العربي”المؤجّل”.
شاهدت في احدى القنوات الفرنسية
مقطعا من سلسلة les Guignols الساخرة
حيث يظهر بشار الأسد بعد سنيين مديدة في صحراء قاحلة ودمار هائل ،يبحث عنه احد الصحفيين فيخرج له من بين الدمار أشعث أغبر يرفع العلم على ما أذكر ويتحدث عن النصر المؤزر الذي حققه!!.
شكرا أستاذ جلبير الاشقر على قلمك النابض بالحرية،تحية لك وتحية لقراء ومعلقي قدسنا الغراء.
مع الأسف مقال السيد الأشقر ليس ضد حكم الأسد، وانما يصب ضد الشعب والوطن السوري . والسبب أن معارضة حكم الأسد حق للشعب السوري إذا كان بوسائل شعبية لا تستعمل العنف ولا تدمر سوريا، ولا تسفك دماء مئات الآلف من السوريين، ولا تهجر ملايين السوريين. وكل من يتابع بدقة ما يحدث على تراب الوطن السوري، يعرف تماما، بأن ما يحدث ليس سوى خطة ممبرمجة بدقة هدفها تدمير سوريا. فكيف يوافق السيد الأشقرأن يدخل سوريا ما يسمى ” بالمجاهدين من 40 دولة” للقتل والتدمير وبدعم فاضح من عدد من الدول الغربية والعربية. وطبعا، هذا الهجوم الشر على سوريا، أجبر الدولة السورية بالإستعانة بأصدقاءها للدفاع عن كيانها. وهذا حق شرعي حدث عندما أستعانت فرنسا وبريطانيا بأمريكا أثناء الحرب العالميةالأولى والثانية، كما حدث عندما أستعانت الكويت والسعودية بعدد من الدول الغربية والعربية للوقوف ضد العراق بعد إحتلاله الكويت. المهم، ما يحدث في سوريا ليس لإنهاء حكم الأسد أو اقامة ديموقراطية وحرية في سوريا، وأنمما بالحقيقة لتدمير سوريا كبلد عربي مستقل،وبدعم إسرائيل لتكون الدولة الوحيدة المسيطرة على منطقة الشرق العربي، وتنهى مخططها لإحتلال باقي فلسطين.أتمنى أن يقراء السيد الأشقر كتابات الأكاديمي الأمريكي- الصهيوني برنارد لويس ليعرف حقيقة ما يجري من حرب في سوريا والعراق .
أنا حلب .. يا عرب
جسدي المباح في الصاخور والشعار بعد الجراح
من الروس والمجوس
ليس لمن غلب
دمعي في عيني طفل على أم تحت الركام يبكي
ومن اغتصب القاضي أمه على ملأ من فرنجة وعرب
لمن يشتكي
وما للقتل، والقصف، والعصف، والتنكيل سوى الحرية
يا عرب
صدري لمهج تركت كالجمر تحت الركام،
وأهلي ساروا مع الفجر في دروب القهر
ليحشروا كالحشرات في الخيام
يا أصحاب الشهامة والفخامة، وأنتم نيام
يا من عجب يا عرب
أصختم تسترقون السمع على فض بكاراتي
في ساحاتي وحاراتي
خائفين، صامتين، خانعين والمجوس والروس
يحتفلون على جثث ضحاياي في طرب
وهل تسكت مغتصبة
يا أولاد ….لا أستثني أحدا من عجم، وفرنجة، وروس ومجوس وعرب
أنا حلب، أنا حلب، أنا حلب
رحم الله مؤسسي الحزب الرواد ميشيل عفلق وصلاح البيطار.لو قدر لهم أن يتنبأوا بهذا الوضع الرهيب المأساوي لما قاموا بتأسيس حزب البعث ليصبح حزب العبث.
أستاذ جلبير ما قلته هو الحقيقة بعينها ومن يعمى عنها فعن غاية خبيثة، ومن يدافع عن المجرم الأسد فهو مجرم أيضا في حق هذا الشعب العظيم الذي يضحي بدمه وماله في سبيل الحرية من نظام جرده من كل الحقوق خلف شعارات جوفاء أشربونا إياها عنوة صباح مساء، ” أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” فإذا بهذه الأممية التي تشدقوا بها تتحول إلى تمزيق النسيج الاجتماعي السوري، ” وحدة حرية اشتراكية” فلا وحدة ولاحرية ولا اشتراكية ، مزقوا الوطن، وقمعوا الحريات، ونهبوا البلد،
” الأسد إلى الأبد ” هذا المجرم يريد أن يجعل من عائلة الأسد ( الوحش سابقا ) إسم على مسمى سلالة حاكمة إلى الأبد أو بالطبع ” أن نحرق البلد” وحرقها قولا وفعلا. فأين هي الممانعة واسرائيل تدخل وتخرج كما تريد في سورية، وكيف يمكن لهذا ” الوطني الغيور” أن يأتي بالجيش الروسي والباسدران المجوسي، وحزب اللات، وكل الميليشيات الشيعية الحاقدة إلى سورية ليقتلوا الشعب السوري ويدمروا مدنه ثم يطردوه من دياره ليحتلوها وحسب آخر شعار للمجرم بشار ” الأرض لمن يحميها وليس لساكنيها” فكيف يتجرأ شخص ما أن يعمى عن هذه الحقيقة الفاقعة رحم الله المتنبي الذي قال
وهبني قلت هذا الصبح ليل أيعمى العالمون عن الضياء
الواقع انه انحرق البلد كما نعلم جميعا و ايضا سقط الأسد لان من يحكم سوريا الان ليس الاسد فهو مجرد دميه و واجهه لتحكم الإيرانيين و حزب الله و روسيا و تركيا بالبلد. و عسى ان تركرهو شيء و هو خير لكم.
لم يبقى لنا يا فقيدتنا سوريا الا الترحم على ذكراك , ولعنة الباقين من مغتصبيكِ , لقد عكرت جِراء الاسود!! ماءك يا بردة ولُوِث فضائكَ برائحة البارود , ما فائدة النواح؟! وكل ما على ارضك مستباح !! واصبحنا قساة , لكثرة مشاهدات الجراح !
اتوجه اليك يا حاكم يا… كوني انسان لاقول لك ..
مشدوه انا ..
من حيثيات القرار…
ليس في طبعي التجني
لا … ولا من شِيَمّي الفرار !!
يا قاضيَ الشؤم ..
كيف تحلل ذبحي ويستباح الحرام؟!
وكيف تأنف صوت الهديل
وتنتشي … بانتفاض الحمام؟!
******
مكروه انت بما جنيت..
ومشدوه انا بما رأيت
وما بين كرهك والتجني..
وما بين شدهي والتأني …ينعطف المسار.
مع تحياتي للاستاذ الاشقر وقراء القدس العربي الحبيب والسلام