■ لقد فاجأنا إمام مسجد سيرجي الكبير الواقع في شمال غرب مدينة باريس، بانه حظي بدعوة الدكتور عدنان ابراهيم لإلقاء محاضرة في 22 ابريل. لكن وقبيل الموافقة النهائية اجتمع مكتب فيدرالية مسلمي سيرجي مع الشباب المتكفلين بترتيبات الزيارة، حيث أعلمتهم وأعضاء المكتب بأن التيار السلفي سيعادينا ويقف ضد فيدراليتنا، ومنهم السعوديون الذين سبق أن وعدونا بالمساعدة المالية لتغطية ديون المسجد، لكننا لم نتوقف طويلا عند هذه النقطة لأن الحكومة السعودية لا تلتزم بعهد او وعد وقد ذهبت وعودهم ادراج الرياح منذ عدة سنوات.
في نهاية المطاف وافقنا على الزيارة لأن أغلبية سلفيي اليوم لا خير يرتجى منهم وأننا نتمتع بالاستقلالية الكاملة عن جميع التيارات الإسلامية المؤدلجة أو المسيسة او المتمذهبة داخل فرنسا وخارجها.
لقد ذكرتني محاضرة الدكتور عدنان في مسجدنا بضرورة التصالح مع التاريخ، ودراسته بتأن ونقدية، من دون خوف أو وجل، خصوصا إبان فترة الفتنة الكبرى التي تلت مقتل عثمان بن عفان «رضي الله عنه»، وما تلاها من أحداث جسام كمعارك الجمل وصفين وكربلاء، بعد أن اضحت تلك الأحداث اليوم بضاعة دسمة للتطرف والإقصاء في العراق وسوريا والسعودية واليمن. يريد البعض الان اعادة كتابة التاريخ او التستر عليه بالقوة عن طريق تكميم الأفواه وسفك الدماء وإشاعة التعصب الأعمى. فعلى الرغم من أن المحاضر لم يتطرق من قريب او بعيد لهذه المواضيع، لكن آراءه المثيرة للجدل حول الماضي والمستقبل كانت هي الحاضرة الغائبة، وهي التي أتت بمئات الشباب لمسجدنا للتعرف على هذه الآراء، علها تسعفهم بالإجابات الشافية لما يشاهدونه بأم اعينهم من قطع للرؤوس وصراعات مذهبية دموية وتعصب وتكفير من البعض للبعض الاخر، بل تكفير جامع وشامل بين عموم مذاهب الامة. انهم يحلمون ويتمنون ان تخرج المنطقة العربية من الظلمات التي تعيش فيها منذ أكثر من قرن من الزمان.
من الطبيعي أن يكون لكل فرد تصوراته لاستثمار نتائج الزيارة، وقد رأيت ضرورة الموافقة على الدعوة للتعرف عن قرب من هذا الضيف، الذي يمتلك أفكارا غير تقليدية في زمن غير اعتيادي هو الآخر. على العموم نحن لا نجهل أفكاره وهي معروفة، وللأمانة ظاهره شخص مؤمن بمبادئ الإيمان الست، وأركان الاسلام الخمس، وبالقرآن وعصمة رسول الإسلام.
اذن ما عدا هذه الثوابت كل شيء يحتمل الاجتهاد والنقاش بما فيها صراعه مع الماضي، من خلال عدم الرضا عن بعض الصحابة، أو حربه ضد المستقبل عندما أنكر الكثير من علامات الساعة.
الخوف من الفتنة بات الان غير مبرر إطلاقا في هذه الظروف، لأننا في عمق أتونها ومآسيها رغم تحاشينا لها. قد يكون خوفنا من قول الحقائق التاريخية هو أحد اسباب انفجار الفتنة العظمى التي تسحق الأخضر واليابس منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 حتى هذه اللحظة، لذا يبقى الدكتور عدنان بالنسبة الى خطنا الإسلامي المستقل أفضل بكثير من بعض مشايخ السلفية والمنظمات الاسلامية الكبرى في فرنسا، كاتحاد المنظمات الإسلامية والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ومسجد باريس، التي سبق ان رفضت مبادرتنا لتقديم مشروع قرار للحكومة الفرنسية يمنع الازدراء بالأديان السماوية ويحافظ أيضا على السلم الاجتماعي فيها.
إن أعظم ما نخشاه ان يكون مشروع الدكتور عدنان مؤقت وقد يهدف لتصفية حسابات ما مع هذا الطرف أو ذاك، لكن بمجرد الوصول الى مبتغاه سوف يبهت ويـــذوب ويتلاشى مع الأيام، او ان يتحول الى مشروع تجاري يكون عرضة للمناقصة وتنافس المتنافسين والمتصارعين، لاسيما السعوديين والإيرانيين او حتى من المحتمل ان تتبناه بعض الدول الغربية هادفة من وراءه دق إسفين دائم بين الشعوب الاسلامية.
من الجوانب السلبية التي لاحظناها نحن، مسؤولي الفيدرالية وجمهور الحاضرين والمعجبين، أن الشيخ الدكتور محاط ومع الأسف الشديد ببطانة سيئة تعطي انطباعا بأنها تؤلهه ومثل هذه البطانة ستصنع منه بالتأكيد وفي المستقبل القريب ديكتاتورا لا يتحاور مع أحد ويتهيئ له انه يمتلك الحق الكامل دون غيره، علما بأن ضيفنا، لا يزال بعيدا كل البعد عن هذه الصفة الذميمة. انه شخص متواضع يقول ما في قلبه ويعاشر الناس بكل يسر ويمتلك العلم الغزير، وليس هناك أثر للإعجاب بنفسه.. فعلى الرغم من تعبه الشديد من آثار السفر وبرنامجه المليء بالمواعيد الكثيرة المتقاربة، فقد كان على سبيل المثال يحاول ان يرضي الجميع، من الصحافة وبهرجها الى الناس العاديين البسطاء الذي منحهم حيزا كبيرا من وقته وهذه كلها من مكارم الأخلاق التي كان يتحلى بها.
أما المحاضرة نفسها فقد استمرت لحوالي ساعة ونصف الساعة حسب طلبنا، وقد ألقيت باللغة العربية وترجمها بعض الاخوة ترجمة ممتازة، لم تخل بمقاصد المحاضر من المحاور المطروحة. فقد تحدث عن الآيات القرآنية التي تدعو المسلمين الى العدل والقسط والانصاف، ليس مع المسلمين فحسب، إنما مع المخالفين والكفار والمشركين. لقد اعطى حيزا مهما للآية القرآنية القائلة «ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى»، ثم تطرق الى مواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الاعداء وإنصافه لهم رغم نشوب الحروب معهم، وتعامله الرحيم مع الأسرى ومعاملاته مع اليهود، الذين اعتبرهم أمة واحدة مع المسلمين في صحيفة المدينة، ثم تحدث عن اخلاق المسلمين اليوم وانحرافهم عن الاسلام بحيث باتوا عامل تنفير لغير المسلمين من الإسلام. ان سياسة قطع الرؤوس ليست من الاسلام في شيء، وما انزل الله بهذه الجرائم المروعة من سلطان، فالتمثيل محرم في الإسلام حتى مع الكلب العقور. في نهاية محاضرته عبر عن حلمه الجميل المتعلق بأمنية واحدة طالبا من محبيه ومناصريه وعموم المسلمين تحقيقها. وهي ان يتعاملوا مع المخالفين لهم بالاحترام والتقدير والتسامح، عندها أكد لمستمعيه أن هذا الدين سينتشر بسرعة مذهلة سلما لا حربا في ارجاء المعمورة.
ان محاضرة الدكتور فتحت آمالا عظاما في اختيار طرق اخرى قد توقظ النائمين المسلمين من سباتهم وتمنحهم الامل في الخروج من سياسات العنف والعنف المتبادل، الذي كان ولا يزال أبناء الاسلام حطبه، التي انتهجت في نهاية المطاف نهج الطائفية المقيتة والقتل وقطع الرؤوس والتهجير والاختطاف والاقصاء والتهميش. ان وصول اعداد هائلة من الشباب في مؤتمر نظم على عجل في عدة ايام يبشر بخير. فالأمة لا تزال حية وتنتظر الفكر القويم الذي يعيدها الى المنهج النبوي الشريف.
هناك مؤشر واضح أدركه شباب الامة اليوم وهو أن التعويل على المشاريع الامريكية في البلدان الإسلامية لن يمنحنا الاستقلال الناجز ولن يجلب لنا الديمقراطية الحقيقية المنشودة، وأبعدنا أكثر من أي وقت مضى من السير في ركاب التقدم والتنمية لعموم منطقتنا. في حين أعادنا الى عصور الظلمات وولد في بلداننا «داعش» و»حاشد» وغيرهما من التنظيمات المنتمية الى جميع المذاهب والاعراق.
٭ كاتب عراقي
نصيف الجبوري
الدكتور عدنان ابراهيم عالم وباحث جليل
ويعتبر نفسه تلميذا للعلامة القرضاوي
ومع هذا فهو مدرسة متجددة بالدين
المشكلة بالدكتور عدنان ابراهيم هي بقلة مناظريه
هل بسبب كشفه لحقائق مدفونة بالكتب
أم هو بضعف حجة مخالفيه
يتهموه بالاعتماد على الضعيف من الأحاديث ولا يناظرونه بالقوي منها
تمنيت لو يناقشوه نقاشا علميا حتى نعرف الحقيقة بدون ارتياب
لكنهم يهاجموه وبقسوة ولا يحترمون علمه وعقله
هناك أمور أختلف فيها مع الدكتور عدنان ابراهيم لكني أحترمه كعالم
ولا حول ولا قوة الا بالله
علماء الفتن والنفاق والحروب والتحريض على القتل والتنضير للتكفير هناك اسلام واحد لامعتدل ولامتطرف الاسلام الابراهيمي المحمدي فقط لاتخريف للسنن ولا للتشيع