البنزين يغلي في مصر

في خطوة متوقعة، أعلنت الحكومة المصرية رفع اسعار البنزين والغاز الطبيعي، في محاولة يائسة لتخفيف العجز في الميزانية المصرية التي تصل الى حافة الافلاس، ومحاولة انقاذ الاقتصاد المصري المتهالك الى حافة الانهيار. قد نتفق مع البعض بأن سعر البنزين في مصر ارخص من معظم بلاد العالم المتقدمة والنامية، وذلك يعود الى دعم الحكومة المصرية لأسعار المحروقات. ونتفق أيضا على ان الحكومة بحاجة الى رفع هذا الدعم، ولو جزئيا، لانقاذ اقتصادها. الغريب في الامر ان سعر البنزين من فئة 80 بالمئة اوكتان ارتفع من 0.9 الى 1.6 جنيه/ لتر، أي بزيادة قدرها 78 بالمئة، اما البنزين من فئة 92 بالمئة اوكتان فقد ارتفع من 1.85 الى 2.6 جنيه/ لتر اي ان الزيادة بنسبة 40 بالمئة. والبنزين من فئة 95 بالمئة اوكتان ارتفع من 5.85 الى 6.25 جنيه/لتر أي بزيادة 7 بالمئة فقط! صحيح ان البنزين من فئة الأوكتان المنخفض هو الاكثر استعمالا من عامة الشعب، وأن زيادة سعره سيملأ خزائن الدولة، ولكن ربما ارهق هذا كاهل المواطن المسكين الذي يمــــلك السيارة المتواضعة والميزانية المحدودة جدا التي تقسّم حسب مستلزمات الحياة الاساسية، ومن ضمنها البنزين. هذه الزيادة في السعر ستحدث خللا في توزيع الميزانية لصالح البنزين على حساب الخبز او الخضار او اللحوم، اذا تيسّرت.
الأوكتان عالي النسبة يستخدم من قبل السيارات الفارهة، والغريب ان نسبة زيادة الاسعار ضئيلة، اي ان الزيادة جاءت رحيمة بالأثرياء وسياراتهم، ربما لأن سعر بنزينهم مرتفع نسبيا مقارنة بالبنزين العادي، ولكن النقطة ان الاثرياء قادرون على تحمل زيادة اكبر في الاسعار، على عكس المواطن العادي المسكين الذي يترنح تحت وطأة ارتفاع  الاسعار.
هل لاحظ احد ان هذه هي اول انجازات حكومة الرئيس السيسي، وربما سيتلوها ارتفاع اسعار الكهرباء، ثم يأتي الدور على الرغيف. وهل لاحظ أحد ان مرسي لم يرفع الاسعار، ولكن ظهرت في عهده ازمة عدم توفر البنزين التي تبخرت، بقدرة قادر، بعد الانقلاب مباشرة، في اشارة واضحة الى تورط وزراء مع الجيش والفلول في اختلاق هذه الازمة لتحريض الرأي العام على مرسي والاخوان، والتمهيد لتقبل فكرة الاطاحة بهم، وقد حصل.
اهم اكبر انجازات الرئيس السيسي وحكومته الجديدة هي احكام سجن صحفيي الجزيرة، غير المنطقية، بالأضافة الى احكام الاعدام المتتالية على زعماء الاخوان، وأحدثها احكام الاعدام على مرشد الاخوان محمد بديع والبلتاجي وآخرين في قضية قطع الطريق في قليوب وطريق القاهرة – الاسكندرية. النكتة ان هؤلاء القادة كانوا في تموز/ يوليو 2013 في ميدان رابعة وليس في قليوب، والدليل انهم حوكموا على وجودهم في رابعة بتهم التحريض والعنف والقتل والارهاب، وكأن السيد البلتاجي هو الذي قتل ابنته الشابة ذات الثمانية عشر ربيعا. النكتة الاخرى ان المشير السيسي عندما يسأل عن هذه الاحكام الجائرة يجيب بانه لا يتدخل في احكام القضاء المصري المعروف باستقلاله ونزاهته، عن جد، والا بتمزح؟
المشير السيسي كان، للحق، واضحا مع شعبه، اذ قال لهم اننا سنواجه اياما صعبة، يقصد عقودا، وان الازمة الاقتصادية قد تستغرق جيلا او جيلين  لحلها. ما عليكم أيها المصريون الا الصبر، وستصبحون مثلا يحتذى في الصبر بدلا من ايوب ويونس وقبلهما آدم.
المصريون مطالبون بقسم الرغيف الى اربعة، والآن بوضع سياراتهم العطشى (لمن يمتلكها)  جانبا بسبب غلاء البنزين، وان يلتزموا بيوتهم مغبة القتل او الاعتقال اذا تظاهروا، وان ينتظروا الاعدام اذا حوكموا امام القضاء النزيه المستقل. في الجانب الآخر يعيش كبار ضباط الجيش والامن المتنفذين في سعة من العيش بفضل مشاريع الجيش الاستثمارية المنتشرة في طول البلاد وعرضها. اما آن لهذا الليل أن ينجلي؟
دبوس: منجزات «ثورة» الثلاثين من يونيو/حزيران والثالث من يوليو/تموز 2013 للمصريين عظيمة، وما عليهم الا انتظار المزيد، أو أن يجدوا طريقا لكسر القيود.

٭ كاتب فلسطيني

د. خليل قطاطو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول radwan:

    GOOD ANALYSIS AND GREAT ARTICLE ABOUT THE CORRUPTED REGIME

  2. يقول سمير الاسكندرانى...... لابد لليل ان ينجلى:

    كالعادة كلام فى الصميم يادكتور خليل ، لن تكون هناك اى منجزات على الارض للانقلاب ولا للشاويش ابو ساعة اوميجا خضراء وسيف احمر وعجلة ( دراجة هوائية )علشان يبقى اسمة سوسو شايل سيفة…
    لان الشاويش سوسو لم يخطط إلا للانقلاب والانقضاض على الحكم..
    ولم يخطط لما بعد الانقلاب ، تماماً مثل العسكر بتوع الانقلاب الاول سنة 1952.
    62 سنة من حكم العسكر ادت بالمحروسة الى قاع الهاوية …
    وبعد كل دة ييجى احدهم يمجد فى جيش الكفتة اللى مدخلش معركة إلا وانهزم فيها شر هزيمة!!
    يسقط جيش الكفتة
    ويسقط حكم العسكر.
    كل الشكر للقدس العربى.

  3. يقول د عبدالله:

    قبل ماتقدموا نصائح ياريت تروح تصطلحوا مع بعضكم وتقدموا لينا القدوة لكى نتبعكم
    اترك مصر لاهلها فهم ادرى بها مرسى وجماعته فشلوا والشعب لفظهم باستناء جماعتهم المنتمية بالولاء الاعمى الشعب ازاح مبارك والان السيسى يحكم مصر واذا اراد الشعب عزله فسوف يفعل والشعب المصرى وحده هو صاحب هذا الحق

  4. يقول محجوب عون تونس:

    تحليل عميق يكشف عن فهم واضح لعورة النظام المصري الحالي الذي قام بانقلاب لا يعرف عاقبته..لأول مرة أقرأ لخليل قطاطو وأنا أحييه على هذا المقال الناري الذي أشعل نيران الغيرة في صدر د عبدالله الذي لم يجد ما يرد به سوى اتهام السيد قطاطو بأنه فلسطيني وأن ساسة بلده مختلفون وكأن الدكتور عبد الله ــ قلت دكتور؟؟؟ــ لا يعرف أن الشعوب في واد وأن الساسة في واد آخر..المصيبة المصرية ليست شأنا مصريا يا عزيزي بل عربيا صرفا بل هي قضية رأي عالمي وكأن السيد إياه لا يعرف منزلة مصر في قلوبنا. ولن يستطيع السيسي العودة بعقارب الزمان إلى الوراء وزواج السيسي من السلطة باطل باطل وما بني على باطل فهو باطل…النصر لأهل الحق والذل والهوان للخونة..وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..تحية تقدير متجددة إلى السيد خليل قطاطو…ولطمة عار على جماعة الكفتة الذين جعلوا من مصر نكتة

  5. يقول Moulay:

    قال السيسي الناس بيقولو انت ليه بطيئ في الكلام أنا بطيئ في الكلام لان كلامي يمر على فلترات(هي ليست فلترات الزيت او الهواء) فلتر الصدق ( فعلا هو مفيش زيو في الصدق قام بالانقلاب وقال أنا مش هاترشح للرئاسة وهو اليوم رئيس وقال مش هارفع العم المخصص للفقراء واليوم اول قرار اتخذه هو رفع العم هذا هو الصدق ولا بلاء) و فلتر الأمانة (ولهذا خان رئيسه الذي عينه وانقلب عليه وزج به في السجن ) والفلتر الثالث هو فلتر الحق (هذا الفلتر يجعل الانسان صاحب الباطل يتوهم انه على حق وان صاحب الحق على باطل) وفي الأخير وفوق كل دا هل هذا يرضي ربنا أأول ولا ما اولش( السيسي قتل الآلاف من الأبرياء واعتقل وسجن عشرات الآلاف وانتهك الحرمات وقضاؤه يصدر الأحكام على المئات بالإعدام والسجن المؤبد ومصادرة أملاك الناس واغتصاب حرائر مصر في أقسام الشرطة والسجون وتكميم الأفواه وتسخير علماء وأعلام السوء معا في تشويه صورة الشرفاء الأحرار وتحويلهم الى إرهابيين وخونة وبلطجيته الى وطنيين وأبطال كل هذا ويقول انه يبطئ في كلامه ليرضي الله هذه التقوى والورع ولا بلاش عيش اتشوف وعيش تسمع)

  6. يقول ibrahim egypt:

    بعد مراجعة الاسعار اصبحت نسبة الدعم على بنزين 95 صفر%
    اى ان الاغنياء لا يتلقوا اى دعم نحن نتوقع من دكتور ان يكون موضوعى فى نقل الاخبار ثم بعد ذلك يحلل ويناقش كيفما شاء

  7. يقول نور الدين البشير/ تشاد:

    بدأنا نحس العنصرية من شعب السيسي وليس الشعب المصري، فحينما يتحدث كاتب في مقال أو يعلق قارئ على السياسة العشوائية التي يمارسها الانقلابيون في مصر تسمع من يقول لك خليك في حالك وسيب مصر لأهلها، طيب ما هو الناس اللي تظاهر وتقتل وتسجن بالآف كمان من أهل مصر!! أم أن مصر الجديدة للسيسي وأنصاره؟؟؟ أخبرونا يرحمكم الله!!!1

اشترك في قائمتنا البريدية