الجزائر ـ «القدس العربي»: أثارت صور جنازة رئيس الحكومة الجزائري الأسبق رضا مالك جدلا واسعا، خاصة تلك التي ظهر فيها سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره الخاص، والرجل القوي في النظام إلى جانب علي حداد رجل الأعمال ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات، وهما يتبادلان الهمسات والضحكات ، فيما وقف رئيس الوزراء عبد المجيد تبون متجهم الوجه بعيدا عن الرجلين، فيما وقف زعيم المركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد بالقرب من سعيد بوتفليقة وعلي حداد يراقب المنظر بسرور.
الصورة كانت ستبدو عادية لو جاءت في ظروف أخرى، لأنها ليست المرة الأولى التي يظهر فيها حداد إلى جانب شقيق الرئيس، ولكن ما جرى خلال الأسابيع من صراع شبه معلن بين رئيس الوزراء عبد المجيد تبون ورجل الأعمال علي حداد، بلغ مستويات جعل «المتفائلين» يعلنون أنها حرب على الفساد، وعلى رجال الأعمال الذين استفادوا من أموال الخزينة، ووصل هؤلاء حد توقع سقوط مدو لعلي حداد، على شاكلة مع جرى لامبراطوريات مالية سابقة هوت إلى أسفل سافلين، بل وبلغ الأمر حد انطلاق دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إنشاء لجان مساندة لرئيس الوزراء، والنزول إلى الشارع في مظاهرات تأييد لعبد المجيد تبون، لكن الصور التي التقطت خلال جنازة الراحل رضا مالك أصابت هؤلاء بصدمة.
صحيح أن النظام الجزائري له طقوس معينة في الجنائز، فالمقابر تجمع في كثير من الأحيان الأضداد والأعداء في السياسة، فقد شوهد قبل أشهر رئيس الحكومة الأسبق المعارض مولود حمروش وهو يسلم بحرارة على سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، وكلاهما مبتسم وسعيد، رغم أن حمروش من المعارضين لنظام بوتفليقة، بل يقال إن بعض المسؤولين أقيلوا من مناصبهم، لمجرد الاشتباه أنهم كانوا يترددون على بيته، كما ظهر أيضا رجل الأعمال إيسعد ربراب وهو يسلم أيضا بحرارة على سعيد بوتفليقة مؤخرا، رغم كل ما جرى خلال السنوات الأخيرة، فقد منع رجل الأعمال من شراء مجمع «الخبر» الإعلامي، وهو قرار يقال إنه اتخذ على أعلى المستويات، لكن ما حدث أمس الأول في جنازة رضا مالك رئيس الحكومة الأسبق يصعب المرور من دون التوقف عنده، خاصة وأن سعيد بوتفليقة وعلي حداد كانا في غاية التناغم والانسجام، فيما وقف رئيس الوزراء عبد المجيد تبون عابسا بعيدا عنهما، وقد استرق سعيد بوتفليقة النظر إلى تبون بشكل يمكن أن تعطى له أكثر من قراءة.
الأمور لم تتوقف عند مشهد الهمسات والضحكات، بل عندما انتهت الجنازة مشى سعيد بوتفليقة وعلي حداد معا إلى غاية مكان وجود سياراتهما، يرافقهما مدير البروتوكول برئاسة الجمهورية والحرس الخاص، وعندما سلم حداد على بوتفليقة واستعد للمغادرة، أصر شقيق الرئيس على أن يركب علي حداد معه في السيارة نفسها، سيارة رئاسة الجمهورية، وغادرا معا المقبرة تحت الأنظار، فيما بقي رئيس الوزراء عبد المجيد تبون بعيدا، محاصرا بالأعين وألف سؤال وسؤال، فهل غرر به، أم أنه كان جزءا من العملية؟ لأن اعتقاد أنه تصرف بمبادرة شخصية أمر شبه مستحيل.
الصور التي خرجت من الجنازة فتحت الباب أمام عدة تساؤلات، وأثبتت بالنسبة للبعض أن فصل المال عن السياسة أو السياسة عن المال ما هو إلا شعار رفعه رئيس الوزراء لأسباب تبقى غامضة، صحيح أن تبون كسب شعبية كبيرة خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، لكن لقاءه مع علي حداد في وقت أول داخل قصر الحكومة، وتأكيده على أنه شريك أساسي، ثم ما جرى في الجنازة عند حضور شقيق الرئيس ومستشاره الخاص، سيفقده الكثير من الأسهم التي كسبها، وسيزيد في إضعاف مصداقية السلطة، التي تعودت الخروج بقرارات وتصريحات ثم الرجوع عنها، لكن ليس بهذه الطريقة الاستعراضية، وليس أمام رئيس الوزراء حلول كثيرة، فالاستقالة غير واردة في قاموس السلطة الحالية، لكن العزل ( لرئيس الوزراء طبعا) وارد في أول فرصة، إذا استبعدنا فرضية المسرحية الصيفية التي صدق فيها الجمهور أو جزء منه أن ما يحدث أمامهم هو أمر واقع.
يقلون أن السعيد بوتفليقة هو الذي يحكم إذن هو من عين رئيس الوزراء تبون وهو في نفس الوقت يتآمر ضده مع رجل الأعمال حداد إذن لماذ اختاره اصلا كان بالإمكان وضع رجل مقرب من حداد وكفاهم الله شر القتال.
أزمة الجزائر الإقتصادية ليست في إنخفاض أسعار البترول ولكن في الفساد المستشري في أركان الدولة !
ولا حول ولا قوة الا بالله
كان عليهم احترام مراسيم دفن السيد رضا مالك. …