الجنازات اليومية للجيش التركي تهدد حظوظ «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية المقبلة

حجم الخط
2

إسطنبول ـ «القدس العربي»: في مشهد بات شبه يومي منذ قرابة الشهرين، تتصدر الصفحات الأولى للصحف ونشرات الأخبار عبر الفضائيات التركية أخبار وصور جنازات جنود الجيش وأفراد الأمن الذي يقتلون برصاص مسلحي حزب العمال الكردستاني، في لوحة باتت تشكل تهديداً حقيقياً لحظوظ حزب العدالة والتنمية بالفوز أو تحقيق تقدم في الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وبات التململ واضحاً لدى الشارع التركي بكل فئاته وأحزابه من هذه الحالة اليومية، حيث مراسم وداع القتلى من قبل عائلاتهم وما يرافقها من بكاء وعويل ومشاهد مؤثرة، يتخللها لقاءات مع عائلات الضحايا الذين يصبون جام غضبهم على المتمردين الأكراد بجانب الحكومة والرئاسة والتركية.
ومنذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو/حزيران الماضي، استمرت الحكومة السابقة ـ حكومة يقودها العدالة والتنمية برئاسة أحمد داود أوغلو- في تسيير أمور البلاد، وقبل أيام شكل داود أوغلو حكومة جديدة ـ معظم وزراءها من العدالة والتنمية- لتسيير أمور البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وحاول جاهداً «داود أوغلو» ضم ممثلين عن الأحزاب الثلاث الأخرى الممثلة في البرلمان لـ»حكومة الانتخابات» من أجل تحميل جميع الأحزاب مسؤولية ما يجري في البلاد خلال هذه الفترة، لكن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية رفضا ذلك، من أجل تحميل «العدالة والتنمية» هذه المسؤولية لوحده وبالتالي التأثير على توجهات الناخبين الذين سيحاسبون الحزب على أخطاء هذه المرحلة.
وعملت وسائل الإعلام التابعة للمعارضة التركية بكافة أطيافها على استغلال هذه المشاهد في خطوة بدت وكأنها حملة انتخابية مبكرة أتاحتها ظروف البلد غير المستقرة، وشنت حملة اتهامات واسعة ضد العدالة والتنمية بدعوى أنه يحاول استغلال دماء القتلى في حملته الانتخابية. ويقول معارضون إن حزب العدالة والتنمية يحاول من خلال سياساته الأخيرة في البلاد أن يوصل رسالة إلى الشعب التركي أن البلاد بدونه سيعمها الفوضى والقتل، وأن لا خيار أمام الشعب التركي سوى إعادة انتخابه لكي يعيد الاستقرار إلى البلاد، لكن الحزب وقياداته نفوا دائماً هذه الاتهامات، إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعاد التأكيد مؤخراً على أن الشعب التركي سيختار في الانتخابات المقبلة بين «الاستقرار والفوضى».
وفي أحدث الهجمات، قتل الأحد ثلاثة من رجال الأمن التركي، حيث قتل شرطي في هجوم لحزب العمال الكردستاني، في بلدة سيلوبي بولاية شرناق جنوب شرقي البلاد، كما قتل شرطيان في هجوم لـ»بي كا كا» على سيارة لشرطة المرور بولاية ديار بكر جنوب شرقي البلاد.
وبحسب التقارير الرسمية، قتل 66 من أفراد الأمن والجيش التركي جراء هجمات «العمال الكردستاني»، خلال 55 يوماً ( بين 7 تموز/يوليو و30 أغسطس/آب)، فضلاً عن مقتل 19 شخصاً مدنياً، أحدهم يحمل الجنسية الإيرانية، وإصابة 267 شخصاً، بينهم 3 إيرانيين.
وبينما يرى محللون أن «العدالة والتنمية» سيتمكن في الانتخابات المقبلة من كسب أصوات شريحة من القوميين الأتراك بسبب الحرب التي يشنها ضد مسلحي «العمال الكردستاني»، يرى آخرون أن الحزب سيخسر في المقابل شريحة من الإسلاميين الأكراد الذين كانوا يصوتون للحزب في السابق وذلك بسبب تزايد أعداد القتلى في العمليات التي يشنها الجيش ضد المتمردين الأكراد.
ويقول الجيش التركي إنه تمكن من القضاء على 943 مسلحاً من منظمة «بي كا كا»، منذ 22 تموز/يوليو الماضي، خلال العمليات ضد المنظمة داخل تركيا وخارجها ( في إقليم شمال العراق).
وبعد فشل الأحزاب في تشكيل حكومة ائتلافية تخرج البلاد من حالة الفراغ السياسي، حدد أردوغان الأول من تشرين ثاني/نوفمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، سيسعى من خلالها حزب العدالة والتنمية الذي حصل في الانتخابات الماضية على 41٪ من أصوات الناخبين، إلى رفع نسبته لكي يتمكن من تشكيل حكومة بمفرده.
وبحسب قانون الانتخابات التركي، فإن العدالة والتنمية لن يكون مطالب بالحصول على 50٪ من أصوات الناخبين، ويتوقع مراقبون أن يتمكن الحزب من تشكيل حكومة بمفرده في حال حصوله على قرابة 44٪ من أصوات الناخبين، وهي النسبة التي يشك كثيرون بقدرة الحزب على كسبها بالانتخابات المقبلة. وبينما تقول استطلاعات للرأي إن العدالة والتنمية تمكن من استعادة جزء من شعبيته التي فقدها في الانتخابات الماضية، اظهر استطلاع أجرته مؤسسة «كيزيجه» أن الحزب لن يحصل على أصوات كافية لتشكيل حكومة بمفرده في الانتخابات المبكرة، موضحاً أن نسبة تأييد الحزب بلغت 38.9٪، أي أقل من النسبة التي حصل عليها في انتخابات 7 يونيو/ حزيران، وكانت 40.7٪.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لقد خاب ظن من انتخب غير حزب العدالة والتنمية بتركيا
    والآن سيرجع حزب العدالة أقوى بسبب تآمر الأحزاب الأخرى عليه

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول بسام مصر:

    حفر الاتراك حفرة للأكراد ولكن الاتراك هم الذين وقعوا فيها.

اشترك في قائمتنا البريدية