الرواية العراقية إلى أين؟

حجم الخط
11

■ لا أريد لهذا المقال أن يكون جردَ حساب لما يربو على قرن من عمر الرواية في العراق، بل أعدُّه مجرد ملاحظات مركّزة أفترض فيها الإخلاص والاستناد إلى قراءات لن أتحرّج من وصفها بالمنهجية والانضباط المعرفي والبعد عن المجاملة والمحاباة وتطييب الخواطر، وتوقّع الهبات وانتظار العطايا. لعل الكثير مما سيرد هنا ينطبق، بشكله المعرفي العام، على مجمل روايتنا العربية، غير أني آثرت التشديد على حال الرواية العراقية الراهنة طلباً للخصوصية، وتجنباً للتشتت ومنعاً للتشعب الذي قد يضر أكثر مما يفيد.
الرواية في العراق اليوم ليست بخير، إلاّ إذا تصورنا الإسراف في الكتابة والمواظبة على نشر الغث والسمين دليلَ عافيةٍ وعلامةَ صحة. روايتنا الراهنة سائرة في طريق معتم مجهول، والقسم الأكبر من كتّابها سادرٌ في غيِّه مسرفٌ على نفسه متبعٌ لهواه، يرفض أن يسمع غير ما يحب ويأبى التوقف هنيهة لالتقاط النفَس ومراجعة التجربة وحساب النتائج. قد يرى بعض المتابعين في هذه الملاحظات شيئاً من قسوة وبعضاً من حدة ليستا مني ولا في طبعي، لكني وجدتهما وقد الزَمتْنيّاهما مسؤوليتي الأخلاقية والمهنية، ضروريتين للتنبيه إلى جدية الأزمة وعظم الخطر.
منذ بداياتها الأولى والرواية العراقية، في الأغلب الأعم من حالاتها، روايةٌ فقيرة على المستوى الفني/التقني، كما على المستوى الثيمي/الإجرائي. أقصد بالمستوى الأول الكيفية التي يأتي بها المعنى ويتشكل وأريد من المستوى الثاني كل ما من شأنه أن يفضي إلى إنتاج الدلالات وتمرير الرسائل وتوليد «الأثر». فنياً، تنتظم الرواية العراقية داخل محددات تقنية شحيحة أصبحت معروفة ومتوقعة لكثرة تكرارها وإعادة تدويرها وتأهيلها. لعل أبرز تلك التقنيات وأقواها حضوراً هي التالية: التضاعف الحكائي، اليوميات والمذكرات (وهذه من تنويعات التضاعف السردي)، المونولوغ بأنواعه، تيار الوعي، التداعي والميتاسرد. هذه التقنيات، على قدَمِ بعضها، ما زالت ثابتة الوجود في نصوص الكثير من الروائيين العراقيين، دون محاولة جادة من قبل هؤلاء للاجتراح والإضافة، أو حتى مجرد التعديل أو التحوير.
من وقتٍ لآخر، يطغى حضور تقنية معينة ويسود على حساب أخرى وفق تغير الزمن وتقلبات الموضة واتجاهات الرواية الأجنبية أو العربية. حالياً، الجميع يخوض في الميتاسرد والتضاعف الحكائي، الذي يجسده وجود مخطوطة أو كتاب تعثر عليه الشخصية «مصادفة» يؤدي إلى إدخال حكاية ثانية في الحكاية الأولى. هاتان التقنيتان هما الأكثر رواجاً في الرواية العراقية الراهنة، إذ يندر فعلاً العثور على نص روائي لا يحتال، بأي طريقة كانت وبشكل غير مبرر غالباً، لكي يفتعل توظيفاً ما لتلكما الطريقتين داخل الحدث السردي. المشكلة أن أكثر منْ ورّط نفسه بهذا الاستخدام القسري للميتاسرد والتضاعف الحكائي لا يفهم الفرق بين الاثنين.
أما من ناحية البواعث السردية المحرِّضة لعالم الرواية العراقية المعاصرة، فهي لا تتعدى: الماضي الخاص أو العام، البحث عن الغائب، التنقيب عن الهوية الفرعية أو الفردية، الزمن والذاكرة. هذه المحددات الفنية والثيماتية، وإن كانت على قدر معين من العمومية، تقوي الشعور لدى الدارس بأن الجميع يكتب الرواية نفسها أو تقريباً، كما أنها ترسخ الانطباع بأن الروايات مكتوبة بطريقة توحي بأن الكتّاب ينقل أحدهم عن الآخر، ما جعل النصوص الروائية تشتبك مع بعضها في ظاهرة تركيبية فريدة قد لا تجد نظيراً لها في تأريخ الرواية العالمية. إذا كانت روايتنا تشكو الفقر وبؤس الحال في منحاها الفني خصوصاً، فذلك لأنّ التقنيات السردية لا تحظى باهتمام السواد الأعظم من كتّاب الرواية في العراق. ما زال أكثرُ أدبنا الروائي ينبع من منطق الحكاية/الحدوتة ويعتبر كل ما عداها تابعاً لها وفي خدمتها. لأنها فقيرة تقنياً ولأنّ أغلب كتّابها إما بلا موهبة حقيقية أو كسالى يؤثرون الركون إلى المتوفر والجاهز، ويقدمون الراحة الفكرية على التعب والبحث، ويستخسرون بذل الجهد في سبيل اختراع الجديد.
لم تستطع روايتنا، منذ ثلاثة أرباع القرن إلى اليوم، امتلاك طابعها الفني الخاص ولا شخصيتها التي تدلُّ عليها وتعرف بها. هذا الأمر مردّه، من جهة ثانية، إلى أن روايتنا قامت، من الأصل، على التقليد والتبعية والنسخ والاستعارة للتجارب الروائية العالمية دون اضفاء سمات الخصوصية المحلية عليها، بشكل يضمن تأصيلها والإضافة إليها وفق ما تقتضيه متطلباتُ الواقع العراقي وسماته التاريخية والثقافية. من جهة ثالثة، إذا ما استثنينا أسماء قليلة جداً وتجارب محدودة لم تكن كافية يوماً لتغيير المسار وقيادة الدفة وتحديد الوجهة، وهي اليوم أعجز ما تكون عن ذلك، أقول إن استثنينا تلك الأسماء وتجاربها المعتبرة فإنه لم يتوفر لروايتنا كتّابٌ ماهرون على درجة مناسبة من الوعي النظري والإدراك التاريخي لمفهوم الرواية ولمعاييرها الفنية التي أرستها تجاربُ الحداثة وما بعد الحداثة. لهذا السبب تحديداً، أعني قلة الوعي بالتنظير وضآلة الاستيعاب لحركة التاريخ، جاءت محاولات روائيينا في تقليد الرواية العالمية والعربية أحياناً فاشلة وبائسة ومهلهلة. أضف إلى ذلك، أن أكثرَ أدبائنا من الروائيين السابقين والحاليين بلا مشروع فني/فكري واضح المعالم، إذ تراهم يتطافرون مَرحين فرحين من شكل كتابي إلى آخر، ومن موضوع إلى ثان تبعاً للموضة، وليس انطلاقاً من متطلبات سياق النص وطبيعة بنائه، وخصوصية معماره الجمالي. أكثر الموجودين حالياً على الساحة الروائية العراقية يكتبون بشكل عفوي خال من المسؤولية لكنه كاف ليفضح محدودية أدواتهم الفنية، ويكشف هشاشة ملكاتهم التعبيرية وعدم اكتمال تقنياتهم السردية وسذاجتها، وضعف ثقافتهم، وقلة قراءاتهم وضيق آفاقهم وضحالة لغتهم وجدب خيالهم. ينبغي أن يفهم هؤلاء، رجالا ونساء، أن الكتابة الروائية ليست عملاً عفوياً يُملأ به وقتُ الفراغ، أو يُجرب فيه العاثرُ حظه ويختبر حسنَ أو سوءَ طالعه، ولا هي شغلُ العاطلين عن العمل، ولا فرصة لتعويض الفشل في مجال آخر. الرواية، زيادةً على سماتها المعروفة، صنعة في الأساس ليست في متناول الجميع، لأنها تتطلب ذكاءً حاداً ومن نوع خاص، وتستوجب فكراً متوقداً وتشترط ذهناً واعياً، بل شديد الوعي إضافة إلى كونها ذوقاً وتجربة واختراعاً وتعباً وقلقاً لا ينتهيان.
إن الخراب الذي يعم أو كاد معظم النتاج الروائي العراقي الراهن الذي يتمثل، من بين مظاهر عديدة، بالإنشائية والسطحية والتبسيط الذي في غير موضعه والتسرع والإسفاف والترهل والعبث والاستخفاف بحرفة الأدب وتعمد تجهيل القارئ والحط من شأنه، هذا الخراب يتحمله الروائيون أنفسهم ويشاركهم المسؤولية فيه ناشرون أميّون بلا قيم ولا ذوق، ناهيك عن متكسبي النقد ومهرجي المناهج وقليلي الموهبة وعديمي الضمير من النقّاد الأكاديميين وغير الأكاديميين. أستثني من كل ما سبق روائيين (من كلا الجنسين) قليلين جداً يعدون على أصابع اليد الواحدة، مثابرين ومجتهدين وذوي وعي فني مقبول إلى حد كبير، ويمتلكون رؤية جمالية ضمنتها لهم مواهبُهم الممتازة ورسختها فيهم مواكبتُهم لمسارات الرواية العالمية، وحرصهم على التأني والاختلاف والتجدد والخصوصية. أعلم أن رأيي بخصوص الرواية العراقية لا يروق لكثيرين قد يرون فيها ما لا أرى لهم، كما لي بالطبع، حقُّ الاختلاف وعليهم، كما فعلت أثناء هذا المقال وسأفعل في مرات لاحقة، تقديم الدليل وبسط الحجة ونشر البرهان. روايتنا الحالية عاجزة بشكل مريع عن إنتاج تحولات نوعية خاصة بها في مجال الكتابة الروائية، وكتّابُنا الحاضرون اليوم وسط المشهد يتخبطون فنياً، فمرة يميناً وأخرى شمالاً، خياراتهم الفنية توجهها الروايةُ التي تفوز بالبوكر هذه السنة أو تلك، ومزاجهم الكتابي تستحوذ عليه بسهولة بالغة مناخاتُ روايات منْ فاز بجائزة نوبل من الروائيين الأجانب، حتى منْ غامر من كتّابنا بالتجريب صدفةً ولم ينجح، عاد القهقرى رافعاً شعار «العود أحمد وأسلم» و«ما تعرف خير وأفضل مما لا تعرف ولا تحسن» موقناً من أن السلامة لا تكمن في غير اجترار تقنيات سنوات منتصف القرن العشرين، في ظاهرة تدل على غياب المشروع وفقدان البوصلة وضعف الإصرار وقوة الاتكال على الحظ في استجلاب النجاح. واقع روايتنا، يا سادة يا كرام، بائس ومستقبلها المنظور محبط ولن ينفع المتحمسين لها وفق دواع مختلفة، التحججُ بفوز رواية هنا وترشح أخرى إلى جائزة هناك. مهما علت قيمتها وكيفما كان مدى الثقة في نوعية لجانها. ليست الجوائز، في نهاية الأمر، عنوانَ نجاحٍ لمسيرة رواية بأكملها ولا دليل حيوية لكتابات أجيال برمتها. جوائزنا المخصصة للرواية فرديةٌ تمنح على أساس نجاح عمل واحد وتميز تجربة واحدة قد لا يكررها صاحبها بالجودة نفسها والإبداع ذاته. هل من داع للتذكير بأن أصحابَ «الرواية اليتيمة» كثيرون في تاريخ السرد الروائي العراقي؟ لا أجد مبرراً لذلك فالقوم أعرفُ مني ببعضهم وأبصرُ، حتى إن ذكّرْت، فمن ذا يضمن أن الذكرى ستنفع؟ ها أنا الآن قد ذكَّرْتُهم بما هم فيه من حال، فهل سيكون هناك من مدّكِر؟ لنجرّب ونرى؟

٭ ناقد وأكاديمي من العراق

الرواية العراقية إلى أين؟

حسن سرحان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عباس محمد عمارة:

    مشكلة النقد الأدبي في العراق معروفة عند القاصي والداني.انه لا يعترف بالانجازات الإبداعية العراقية
    ويرى تنظيراته اكبر من كل أديب .وهو محق في ذلك عندما لا يتحدث بطريقة العموميات مثلما تحدث الناقد والاكاديمي الدكتور
    حسن سرحان.

    1. يقول حسن سرحان:

      الأستاذ عباس محمد عمارة: شكراً على رأيك وتفاعلك. حضرتك تتحدث عن انجازات وأنا اتحدث عن مجمل مسيرة الرواية العراقية وليس هذا كذاك. تقبل محبتي واحترامي

  2. يقول علي السواد:

    تحياتي استاذ حسن سرحان
    شكرا لرصدك الرصين في مايخص
    الرواية العراقية.ولكن بودي اذا تتوفر لك الفرصة
    في المستقبل القريب بأن تتكفل انت مثلا وتختار عينة او مجموعة
    من الروايات العراقية التي تجد انها قد استوفت كل شروط الابداع والتالي
    لكي تقدم الى القارئ الذي قد يفتقد ربما الى قدرة الاختيار الصحيح للمنجز الروائي الذي
    يبحث عنه لانه لايمتلك القدرة على تحديده بسبب ضعفه المعرفي والفني والجمالي والخ من
    الشروط المرافقة للنص، ومن هنا تبدا اهمية الناقد والراصد لانه ممكن ان يوصف بانه الوسيط او الوكيل الايجابي
    بين النص والقارئ،باختصار اتمنى منك كناقد ان تركز جهودك على الاعمال الروائية الجيدة فقط والمهمة التي نحن نحتاج اليها معشر القراء، وبالتالي تاجيل بالنسبة لك النقد الذي يخص المنجز السيء اوالذي لاتتوفر فيه بعد شروط الابداع.لان الكثير من النقاد يركزون فقط على المنجز السيء ولا يركزون او يقدمون المنجز الايجابي ولهذا اتمنى ذلك دمت بخير.

  3. يقول د. حسن سرحان:

    شكرا لتفاعلك أخي الكريم. سأسعى لأن أقدم للقارئ دراسات حول الروايات العراقية الجيدة وقد فعلت ذلك في أكثر من مرة هنا في القدس العربي تحديداً. تقبل خالص مودتي وتقديري

  4. يقول مروان حميد / العراق:

    مشكلة السرد العراقي منذ جيل الستينيات وحتى نهاية التسعينيات هو في الهوس التجريبي، والبحث عن تقنيات جديدة، ما افقد هذا السرد صنع شخصية محلية عراقية راسخة خلال تلك الفترة.
    لا استطيع التحدث عن مقال الدكتور لأنه عمومي، وذو احكام مسبقة، ولا اعلم ان كانت الروايات السيئة التي يراها، هي نفسها التي كتب عنها مقالات، متغنيا بفنيتها الكبيرة. لننتظر ونرى.

  5. يقول خالد عبد المجيد:

    اتمنى ان تتجسد هذه الملاحظات وتغتني وتتخذ الطابع النقدي بدلا من الشكل الانطباعي الذي اتسمت به هذه المقالة. مع التحيات للكاتب

  6. يقول محمد حسين العراق:

    كنت انتظر امثلة صريحة لأسماء روايات .. هكذا يدعم الرأي بقوة

  7. يقول حسن ابوالهيل:

    تحية للجميع وبعد:
    الحديث عن الرواية العراقية هو الحديث عن الجرح والالام والمأسي بكل اشكالها منذ الرعيل الاول للرواية العراقية بدأت ملامح وصورة الرواية العراقية المتمثلة والمثقلة بالجراح العميقة (المخاض. خمسة أصوات .النخلة والجيران. بصقة في وجه الحياة .وقصص عبد الستار ناصر وقصص موسى كريدي وسواهم ولست بصدد ذكر اسماء أورواياتلان القائمة تطول .لكن بأختصار (الرواية العراقية صورة للوجع المزمن والمتزامل دائما وأبدا”)صورة اوجع العراقي رأيت بالرواية العراقية.كما اني اجد هناك تطور واضح للقص العراقي …محبتي لك أستاذ حسن.

  8. يقول د. برهان شاوي - ألمانيا:

    لرواية العراقية إلى أين؟

    “إن الملك عريان..إنه بلا ثوب ..!” هانس کریستیان آندرسن

    نشر الدكتور حسن سرحان مقالا نقديا مهما وعميقا بعنوان ” الرواية العراقية إلى أين؟” في صحيفة ” القدس العربي بتاريخ 1/3/2017. والحقيقة قرأت المقال أكثر من مرة..ووجدت فيه رؤية نقدية صارمة..تتضمن تحديا مبطنا للروائيين وللنقاد العراقيين..وشجاعة أدبية ونقدية وأكاديمية يحمد عليها الدكتور حسن سرحان..

    وعلى الرغم من اختلافي معه في هذا التشخيص أو الحكم النقدي أو ذاك ..لاسيما تأكيده الحاد والصارم حين يكتب (أستثني من كل ما سبق روائيين (من كلا الجنسين) قليلين جداً يعدون على أصابع اليد الواحدة )…إذ ليس من المعقول أن الرواية العراقية على ما يربو من القرن، وهو الزمن النقدي في المقال، لم تقدم سوى (خمسة من الروائيين والروائيات) وهم أصابع اليد الواحدة..!..ناهيك أن التقويمات الفردية والإختيارات الروائية، مهما كان الناقد منصفاً ومستوعباً للتجربة الروائية العالمية، تبقى خاضعة للذائقة الفنية والجمالية الفردية للناقد..لذا نجد الاختلاف في قوائم الروايات العالمية وتفضيلاتها للروايات وللروائيين..فبعضهم يظهر في هذه القائمة ويختفي في تلك..أو يكون في مقدمتها ويكون في أسفلها في قوائم أخرى..!..أقول على الرغم من اختلافي هذا إلا أني أجد أنه كتب مقاله وتوصل إلى استنتاجاته من خلال تشخيصات واستقراء شامل وعام للرواية العراقية..

    شخصيا كقارئ، وليس ككاتب روائي، يتابع الرواية العالمية ويقرأها بلغات مختلفة أعرف ضعف هذا العدد من الكتاب العراقيين الذين يتفوقون على الكثيرين من كتاب المنطقة ويرتقون إلى مستويات تتجاوز جغرافيا المنطقة..بعيدا عن صنمية الأسماء الكلاسكية في الرواية العراقية..!

    المقال يدعو للتفكير..التفكير الجدي بمنجز الرواية العراقية ككل فعلاً..والتفكير الجدي في قيمة النقد الأدبي في العراق وركام ما يدبجه النقاد من مقالات نقدية ودراسات حول المنجز الروائي.. وللأمانة أنه يمس التجربة الروائية العربية بهذا الشكل أو ذاك..

    أحيي شجاعة الدكتور حسن سرحان..وأدعو الروائيين والنقاد العراقيين إلى مناقشة طروحاته ..فليس الصمت عنها من باب التعالي أو الخوف منها سوى تأكيد لما ذهب إليه من قلة الوعي النظري والضعف الثقافي وعدم وعي حركة التاريخ..وغياب أي مشروع فني وفكري لديهم..!

    مقال الدكتور حسن سرحان ذكّرني بقصة للدنماركي هانس أندرسن عن الطفل وثوب الإمبراطور ..حيث صرخ الطفل وحده على خلاف كل الحاشية المنافقة: إن الملك عريان..إنه بلا ثوب ..!

  9. يقول سليم جواد:

    الاستاذ سرحان ..
    الحَياء الروائي :
    إذا كنت تقول ان عدد الروائيين العراقيين لايتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ! فإنني سأُعدُّك من المتفائلين الكبار !.. لماذا ؟ لأن الحقيقة تؤكد ، خلافاًلماذهبتَ إليه ! ان عدد الروايات العراقية التي يمكن ان نعتدَّ بها ونطلق عليها اسم رواية دون ان نكون مضطرين لمعاناة الشعور بأننا نغش وندلس على هذا النوع من الفن ! هي التي لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة ! وَإِنْ يكن مثل هذا القول سيُغضب الكثيرين من الواهمين الذين للأسف ! يملأون المشهد بطنينهم الغوغائي ويغلقون علينا الأُفق بمايثيرونه من الغبار .
    لكنني رأيتك ياأُستاذي ، تطلق المقولات محرراً إياها مماإصطكَّ عليها من كتلها ، دون ان تقدم لنا برهاناً واحداً على صواب ماذهبت إليه مماطرحتْ ! مع ان ماذهبتَ إليه مماطرحت يحتوي على الكثير من الصواب ! .. أَظن ، واتمنى ان لااكون مجانبا الصواب في ظني ، ان النقد عندنا بقي ، هو ايضاً، يستهلك نفسه بلارفعة ولاحياء ، مجتراً مقولات لارصانة فيها وإنما هي شديدة الإلتصاق بالإنطباعات وبالإنشاء مثلما كانت الرواية ولماتزل تفعل .. يستهلك نفسه مجتراً مقولاته البائتة تلك ! إِنْ لم يكن بقدرٍ وكيفيةٍ أكثر تدنياً وإسفافاً ، فبقدر وكيفية مساويتين لما واظبت الرواية على فعله …
    ألا ترى معي استاذ أن قلة الموصوف بالجودة والمحسوب على ماهو رفيع المستوى من الروايات ، يتيح لدارسها، فرصةً عظيمة لتقييمها – اقصد تلك الروايات ؟ فلماذ تقاعس النقد عندنا عن ان يقوم بواجبه إزاء مسألةٍ كهذه حتى الآن ! الأمر الذي كان سيُقنع الكثيرين من الروائيين – لو انه حصل – يوجههم ويضعهم على خط ومستوى من القص رفيعين ، موحياً إليهم – بتفعييله حاسة الحياء فيهم – انهم لا ينبغي ان ينطلقوا إلا من هذا المستوى ! وليس مثلما يفعل أغلبيتهم الآن متخبطين في دبق الحلاوة المغرية للسرد ، كأنهم ذباب واقع في صحن من الدبس ، دون ان يُلهموا فكرة كيفية التخلص من لزوجتهِ المخزية !!
    إن ماينقص الروائيين العراقين ليُحلقوا بالرواية الى عالياً ! هو الشئ الجوهري نفسه ! الذي ينقص النقاد : الحَياء ..
    يجب على من يجلس الى مكتبه ليبتدئ بكتابة رواية ان يدرب نفسه جيدا على الخجل من سوفوكليس مثلا او بروست او ڤرجيينيا وولف او أسخيلوس او النفري ! إذا كتب جملة غير راضٍ عنها ! ومع ذلك قبل على نفسه إبقاءها ، فقراً من عند نفسه ..

  10. يقول محمد:

    هذا حال الرواية العربية وما اولردته يكشف واقعا اسنا وحتى الجوائز معظمها مزيف.وربما كانت السبب في التردي

اشترك في قائمتنا البريدية