امتلأت شوارع صنعاء يشعارات: «الموت لإسرائيل».. فارتعدت فرائص اسرائيل رعبا من الحوثيين الذين سيزحفون من صنعاء والحديدة وصعدة الى القدس بجيوش جرّارة، ربما عبر البحر الأحمر.
واستبشر أهل فلسطين خيرا وحزموا حقائبهم للعودة الى حيفا واللد وبئر السبع وعسقلان! وكتائب حزب الله أخطأت البوصلة واتجهت شرقا نحو القلمون لا جنوبا. اما جحافل «داعش» فلا تعرف الجغرافيا أيضا، فقد اتجهت شمالا نحو عين العرب (كوباني) والحدود التركية السورية، لا غربا.
أُعلنت دولة الخلافة في العراق والشام، والسؤال الساذج جدا الذي لا أجد له أجابة هو لماذا لم تعلن الخلافة في فلسطين مثلا؟
في ستينات القرن الماضي أرسل عبد الناصر جيشه الى اليمن، ليدعم الثورة اليمنية ضد الرجعية الملكية، من أجل فلسطين، حاربته السعودية من اجل فلسطين أيضا، وتجاهل كلاهما ان فلسطين شمالا تبعد الاف الاميال عن منطقة الصراع. وفي خمسينات وستينات القرن الماضي اجتاحت سوريا والعراق موجة عاتية من الانقلابات العسكرية التي لا تحصى، وكنا نصحو على البيان الاول الذي كان يؤكد دائما ان الانقلاب حدث من اجل فلسطين فقط، إذ لا مآرب شخصية للعسكريين في الحكم البتة، فهم اناس زاهدون في هذه الدنيا الفانية، وكنا نطير جذلا.
احتل الاتحاد السوفييتي افغانستان فانطلقت «القاعدة» لتحرر كابول ومن ثم فلسطين! بعدها جاءت طالبان افغانستان وباكستان وأعلنت حلمها، عن بعد، بتحرير فلسطين، وفلسطين ملّت الوعود والدعاء والانتظار. فكر صدام حسين بفلسطين ملّيا فوجد ان الطريق اليها، ليس غربا، بل شمالا عبر الكويت، واتهمته أمريكا انه سيتوجه بعدها غربا نحو السعودية، ثم ربما شمالا نحو فلسطين، فخاضت ضده حربين وأعدم صبيحة عيد الأضحى على يد جماعات تنادي بالموت لأمريكا واسرائيل، شعار الثورة الايرانية واتباعها في دمشق ولبنان واليمن، الذين ما انفكوا يرددونه منذ اكثر من ثلاثة عقود، وبقيت شعارات رنانة تطرب لها الآذان، وفلسطين تنتظر. حرب ايرانية عراقية دامت ثماني سنوات عجاف، من أجل فلسطين كما يدّعي الطرفان، وحرب أهلية لبنانية دامت 16 عاما تورطت فيها الثورة الفلسطينية وسوريا الاسد الاب، أحرقت الاخضر واليابس. دمّر النظام السوري مخيم تل الزعتر، من أجل فلسطين. قبلها قام العقيد القذافي (الذي كان رائدا يومها) بانقلابه ضد النظام الملكي، من أجل فلسطين، وكذلك فعل البشير في السودان، قام بانقلابه ليس لأي هدف شخصي، ولكن من أجل فلسطين، ليس الا، والله على ما يقول شهيد.
لو صدقت نوايا هؤلاء جميعا، لما اتجهوا الى كل الاتجاهات التي تؤدي بهم بعيدا عن فلسطين التي يدّعون انها قبلتهم وغايتهم ويدعون لتحريرها من على منابرهم السياسية والدينية، آناء الليل وأطراف النهار. يدّعون انهم يتوقون للشهادة، فيسعون اليها في ميادين العواصم والمدن البعيدة والقريبة والغريبة، انه الموت الحقير، وكأني بأبي الطيب المتنبي يخاطبهم
إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم
كم هو حقير الموت من أجل كرسي الحكم، أو منافع حزبية أو طائفية أو مذهبية. امّا ما هو أشد بؤسا ان يقنع هؤلاء أنفسهم بأن فلسطين هي الهدف الأسمى لهم، وفلسطين منهم براء. يتدثرون بشماعة الدين، والطائفة والمذهب عندهم فوق الدين، انها تجارة يظنّونها رابحة. كيف لفلسطين أن تسترد والصراع في الشرق الأوسط كان عربيا واسلاميا – اسرائيليا، فصار الصراع سنيا – شيعيا، أو دينيا – علمانيا، أو سنيا معتدلا – سنيا متطرفا أو مدنيا – عسكريا.
فلسطين كانت ولا تزال قميص عثمان، قد لا يعرف الكثيرون أنه عندما تكاثر الغوغاء وحاصروا عثمان في بيته بعث علي بن أبي طالب بابنيه الحسن والحسين ليحرسا عثمان. تغيرت الامور كثيرا منذ ذلك التاريخ.
هذا السرد التاريخي لن يحل انقسام الامة بين سني وشيعي او سني وسني، ولكنها دعوة للتأمل في حال هذه الأمة التي تشرذمت. في السنوات القليلة الماضية، أضفنا للنكبة الفلسطينية، مأساة في مصر وأخرى في سوريا، وثالثة في ليبيا، ورابعة في اليمن و… هذا ليس دفاعا عن الديكتاتوريات التي هوت أو الاخريات التي ما تزال تفتك بشعوبها، ولكن المصالح الفئوية والطائفية والمذهبية مزقت البلاد شر ممزق. آن لهذه الديكتاتوريات أن ترحل، نعم، ولكن لا ينبغي أن نتناحر بعدها، وننحر معنا الأوطان.
الحوثيون بسطوا سلطتهم على اليمن بسهولة أدهشت الكثيرين، وسط صمت خليجي وأمريكي، كثرت بشأنه التكهنات. ولكن ما أريد لليمن هو الدمار، كما ليبيا، وها هي الحروب بين الحوثيين والقبائل و»القاعدة» انطلقت شرارتها، وستزداد اشتعالا، ولا يعرف أحد متى ستخمد نيرانها.
الطريق الى فلسطين معروف، ولا ينبغي له أن يمر عبر كابول، ولا الكويت، ولا صنعاء، ولا القلمون ولا عين العرب كوباني. هل من أحد يعرف الجغرافيا بين السياسيين والعسكريين في هذه المنطقة المجنونة؟ أو على الأقل، ألا يعرف هؤلاء، في علم الرياضيات مثلا، أن الخط المستقيم هو أقصر الطرق بين نقطتين، أو في علم المنطق أن الطرق الملتوية لا توصلك الى الهدف… أبدا!
٭ كاتب فلسطيني
د. خليل قطاطو
لو زالت إسرائيل لطالب الحكام العرب بعودتها
فبإسمها
يقمعون
يسرقون
يقتلون
مقالاتك رائعة … شكراً جزيلاً لك .
فلسطين الشماعة التي لا تنكسر فحياتنا كعرب مليئة بالشماعات لكن شماعة فلسطين هي من النوع الذي لاينكسرأبدا وغير قابل للكسر فشعار الأنظمة العربية الفاشية أطحن جماجم الأطفال والنساء أقتل البشر دمرالحجر شرد ملايين الناس و… ثم قل من أجل فلسطين !! .
أشعر بالإشمئزاز كفلسطينية عندما أقرأ عن أو أسمع من يدافع عن الطاغية ( بشار ) الذي سحق جماجم الأطفال ويتمهم وشردهم من أجل المقاومة والممانعة ولا أرى عهرا أكثر من ذلك .
ارجو من (الزعماء) العرب والاحزاب العربيه والتنظيمات الدينيه ان يكفو عن المتاجره في القضيه الفلسطينيه لانكم انتم اساس البلاء للفلسطينين وما حل بهم وما زلتم اتركو الفلسطينين وشانهم وابعدو عنهم شروركم