باريس ـ «القدس العربي»:يصطف هادي ورفيقاه سيبستيان ورينيه، أمام نصب ساحة الجمهورية. ينتظرون أدوارهم مع شلة من لاعبي الـ»سكايت بورد» للتزحلق بخشباتهم شبه المحطمة. انها العاشرة صباحاً. ولا تزال الساحة تستقبل روادها من المتظاهرين. الخيم ممتلئة ببعض المعتصمين، وطلاب الجامعات، يتجمعون في حلقات نقاش وسط ساحة تضم أيضاً لاجئين لم يجدوا مأوى لهم. فيما الصبية، لا يعنيهم مما يجري سوى «الزحلقة». يقول سيبستيان، انه يأتي إلى هنا من أجل التسلية، «استمع إليهم وهم يصرخون عبر مكبرات الصوت، وحين يتلاطمون مع عناصر الشرطة لا نكترث إلا حين تبدأ الشرطة برشهم بخراطيم المياه أو بغاز مسيل للدموع فنهرب».
لم يكن سيبستيان وأصدقاؤه، يكترثون بالوقت الذي يقضونه خارج منازلهم وهم يتنافسون في تطبيق حركات غريبة عبر خشباتهم، «كنا نأتي إلى حين اغلاق المترو عند الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، الآن نلعب صباحاً ونغادر عند الظهيرة. الوضع في باريس ليس على ما يرام. نشعر بالخوف دوماً. ونتزحلق بين ضجيج الخوف. نعم الناس دوما خائفة، خصوصاً بعد الهجمات التي حصلت لم نعد نشعر بالأمان، وعائلاتنا تبقى متوترة إلى حين عودتنا».
يغادر هادي بيتهم في المنطقة الـ19، في باريس، عابراً محطات الـ»مترو» برفقة خشبة الـ«سكايت» التي اشتراها بعد توفيره مالها من عمل صيفي، «عملت في مطعم لبيع الكباب كنادل، واشتريتها مع حذاء فانس»، يقول هادي الفتى المغاربي، الذي يحكي بضع كلمات من العربية، اكتسبها من جدته رقية، «كانت جدتي تعلمني بعض الكلمات، خصوصاً الكلمات البذيئة»، يضحك الشاب، فتبان أضراس محطمة، يقول انها جراء مشاجرة مع بعض فتية من حي «ساندوني»، «كنا نلعب هناك دوماً مع رفاقي، لكن يتعرض لنا فتية مشاكسون، ويسرقون منا خشبات السكايت، وما نملك من نقود. وضربونا في احدى المرات، فكسرت أضراسي بسببهم. وقررنا ان نلتحق بلاعبين هنا في ساحة الريبوبليك». ممارسة الـ«سكايت بورد» في باريس، لم تعد فقط للهواة والفتيان الذين يطمحون بمتعة التزحلق على الأدراج، أو فوق ساحات عامة مليئة بالناس والخطوات التي لا تنتهي، بل أصبحت احدى الرياضات التي تشتهر بها المدينة. ينظم «نادي السكايت» الباريسي العديد من الاحتفاليات والفعاليات المتخصصة باللعبة. وتتنافس فرق وأفراد على ألقاب، تصل بهم إلى العالمية، خصوصاً ان أكثر ممارسي الهواية تحولوا إلى محترفين على أدراج العاصمة وبين أبنيتها الكوزموبوليتانية. جيلبير لومون (31 عاماً)، أحد منظمي مسابقات السكايت على درج قصر «دو توكيو» المقابل لبرج ايفيل، يقول ان «المسابقة تضم مئات من المتزحلقين المحترفين والهواة، يأتون كل شهر للتسابق. هذا الدرج هو أحد أمتع الأماكن لممارسة الزحلقة، كونه طويل، ويربط القصر بأحد جسور النهر»، مشيراً إلى ان هذه اللعبة تحقق سياحة لباريس، فيأتي زوار من مناطق أوروبية»، موضحاً، انه على الرغم من كل شيء فلا تزال باريس تستقطب هواة هذه اللعبة المميزة، لما توفره بيئتها وأماكنها، من جسور ومحطات مترو، وشوارع ملتوية، وساحات كبيرة وحدائق ضخمة، مساحات لهؤلاء حتى يمارسوا هوايتهم بكل تحد وحماس».
صهيب أيوب