الفضاء التلفزيوني العربي طرف في أزمات الشرق الأوسط: الحريري مثالا:وتهنئة ماكرون بعودته بالسلامة من السعودية

 

كان الفضاء العربي المتلفز وما زال طرفا في الأزمات الإقليمية الشرق أوسطية بلا منازع، وصارت المحطات العربية عموما واللبنانية خصوصا، موزعة الآن بين أجندات أطراف الصراع الذي بلغ ذروته بإستقالة متلفزة لرئيس الوزراء اللبناني أقل ما يُقال فيها إنها كانت مسرحية سياسية مرتبكة حد الإدهاش، لتبدأ رحلة المتابعة غير المنقطعة على المحطات اللبنانية والعربية واستوديوهات التحليل والاتهامات المتبادلة بين فريق الرياض وفريق طهران وفريق أخف صوتا كان يبحث عن لبنان في كومة القش المحترقة.
المتابع العربي يوزع نفسه على مدار القنوات اللبنانية بين «أم تي في» و«الجديد» وقناة «المستقبل»، طبعا مع زيارات مكوكية للقنوات الإخبارية العربية الكبرى أو بالأحرى القنوات الدولية الناطقة بالعربية للوقوف على الحقائق دون رتوش قدر الإمكان.
طبعا، للمغرمين بأفلام التشويق كانت قناة «الجديد» مبدعة في تجاوز الخبر المهني أحيانا بلمسات التشويق والأكشن، ولعل تقريرها المباشر، الذي تابعت فيه طائرة مشابهة بالنوع لطائرة الحريري عبر برنامج خاص بمتابعة الطائرات، وقد تابعوها من الرياض إلى مطار بيروت كان من أكثر اللحظات تشويقا وتربة خصبة لبناء فرضيات كثيرة، لكن الخيبة كانت كبيرة للقناة ومشاهديها أيضا، حين تبين أن الطائرة التي ضاعت ساعات البث في متابعتها واستنزفت الكثير من التحليلات والأعصاب تعود لرجل الأعمال الأردني علاء الخواجة!! وتلك كانت ثغرة واسعة التقطتها القنوات المنافسة للهجوم على «الجديد»، والفكرة التي انتهجتها القناة في المتابعة كانت مبتكرة وذكية، لكنها وطاقمها وقعوا في فخ التحمس الشديد وتخلوا عن الحذر المطلوب في أخبار من هذا النوع.
لكن يسجل لها أنها مثلا استضافت مدير البرامج السياسية والأخبار في قناة «المستقبل»، التي يملكها سعد الحريري نفسه ليتحدث ويجيب عن كل الأسئلة المستفزة، التي طرحتها القناة المضيفة عليه، وقد بذل الرجل جهدا كبيرا لتفسير ما لا يمكن تفسيره.
الذروة التلفزيونية كانت مع الوزير السعودي ثامر السبهان، الذي انفلت عقاله إلى درجة أنه استفز حتى تيار المستقبل المؤيد للسعودية بتصريحاته التي تضمنت إهانات لامست وجدان اللبنانيين، فكان الهجوم المضاد عليه شرسا وطبيعيا، ولعل ردا سياسيا من العيار الثقيل بحجم إيلي فرزلي على قناة «أل بي سي» كان كافيا لتوضيح حجم الحالة الوجدانية لعموم اللبنانيين أمام المساس برموزهم التي استهان بها بعض السياسيين السعوديين بحسابات خاطئة ومتعجرفة وغير مسبوقة تاريخيا.
في المقابل، وفي سياق الردح ذاته، كان برنامج وليد عبود في إحدى حلقاته نموذجا لأكثر من خطيئة في عالم الإعلام والمهنية، فقد كانت أول التجاوزات من ضيفه المحلل حبيب فياض، المحسوب على حزب الله، والذي لم يحتمل اتهامات وردح الوزير السعودي السبهان لحزب الله بالإرهاب، فقاطعه بالردح والشتم دون الرد بموضوعية أو رد التهمة على الرياض مثلا (وهذا سهل)، هذا الردح من حبيب فياض والشتم غير الموضوعي والمسيء لم يجد رد فعل سريعا من وليد عبود، مقدم البرنامج، بل بعد فاصل نتخيل فيه أن الرجل تلقى تعليمات بطرد ضيفه فياض من الاستوديو على الهواء، وهذا كان مسيئا أيضا، فكان الأجدى أن تتم تسوية الأمر مع الضيف أثناء الفاصل تحت الهواء لا انتظار الهواء المباشر لإهانته.
اللطيف أن فياض أثار الفضول للبحث عنه في أرشيف اليوتيوب لنجد أنه موهوب بحالات الطرد من الاستوديو أو ترك الاستوديو احتجاجا على أي سؤال لا يعجبه، وهذا يعني أن الرجل مناسب لبرامج الترفيه السياسي لا أكثر.
باختصار، ولدارسي الإعلام، فإن حصيلة ما بثته القنوات اللبنانية في الأيام الماضية تكفي كوسائل توضيح عملية لكثير من النقاط الإعلامية التي يتعلمها الدارسون، سواء من ناحية إيجابية أو سلبية.
وباختصار، هذه الحادثة تكشف منسوب سقوف الحرية في الإعلام اللبناني على تنوعه وتعدديته.

الفضائيات الغربية ليست حيادية هنا

وإذا كانت الفضائيات اللبنانية انهمكت بتتبع أخبار رئيس وزرائها «المخطوف» فان باقي المحطات الرسمية العربية تعاملت مع الأمر بموضوعية مريبة على غير عادتها، إما خوفا من الاحتكاك بالسعودية أو إيثارا للسلامة المغلفة بالحيادية.
لكن العجيب كان في تغطية وسائل الإعلام الغربية وخاصة الفضائيات التي كانت تمر على هذا الموضوع باعتباره عاديا في منطقة كل غرائب الدنيا فيها صارت عادية، ولهذا لا تجد برنامجا أو تعليقا عما يحصل، وكأنها تتبع وسائل الاعلام الأمريكية في تغطيتها المقننة للموضوع باعتباره قد يكون حصل على ضوء أخضر أمريكي!
ووصل الأمر أن فرنسا، التي تربطها علاقات تاريخية بلبنان وهي مسؤولة استعماريا عنه لم تستطع تجاوز أخبار التحذير فقط، بل وصل الأمر بالمتفكهين لتهنئة الرئيس الفرنسي – الذي ذهب الى الرياض وعاد في وقت لاحق الى باريس – بالسلامة باعتبار أن السلطات هناك لم تقبض عليه أيضا.
ما يحدث في المنطقة قد يكون «عاصفة صحراء» حقيقية و الإعلام سيكون مسرحا كبيرا لها في المقبل من الأيام.

إسعاد يونس و«صاحبة السعادة»

بعيدا عن كل تلك المتاهة السياسية الشرق الأوسطية وصداع الفضائيات الإخبارية، نحاول الهرب قليلا بحثا عن أي مادة ترفيهية الصعبة في هذه الحالات، فكانت «سي بي سي» المصرية وبرنامج «صاحبة السعادة» للسيدة إسعاد يونس، وهي التي بددت عمرها في فن التمثيل وكانت في مستوى مقبول، لكنها أضاعت موهبتها كإعلامية ومحاورة ممتازة تجذب المشاهد في أي حوار تديره.
كان ضيفها الكوميديان محمد هنيدي، والذي كرسته السينما المصرية في التسعينيات أحد أكبر نجوم الكوميديا الشابة الجديدة.
الرؤية لهنيدي الذي لم نكن نرى فيه معجزة في التمثيل اختلفت بسبب حوار السيدة إسعاد يونس معه، ولكن فيلما مثل «صعيدي في الجامعة الأمريكية» ليس نموذجا للفيلم الجيد، وقد يكون انعكاسا لفترة زمنية لا أكثر.
ما يلفت في برنامج السيدة إسعاد يونس، أنه يداعب بعض النوستالجيا بتفاصيل صغيرة مثل شارة التتر أو اللوغو في البرنامج، بالإضافة إلى سهولة وبساطة السيدة في الحوار والمداخلات، التي تدفع بالضجر بعيدا.
في الأحوال كلها، هذه رؤية شخصية وليست نقدية.
إعلامي أردني يقيم في بروكسل

الفضاء التلفزيوني العربي طرف في أزمات الشرق الأوسط: الحريري مثالا:وتهنئة ماكرون بعودته بالسلامة من السعودية

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ما يجري في لبنان الآن هو الهدوء قبل العاصفة !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول سنتيك اليونان:

      الى الاخ الكروي
      القصة انتهت. ايران ستسحب حزب الله من سوريا واليمن بعد ان وعدتها أوروبا بالضغط على دونالد ترامب بان يحل عن ضهر ايران لذالك كان حديث الحريري المتلفز غير شكل عن خطاب الاستقالة الناري

  2. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    الامم المتحدثة اخدت قرار في الاجماع على كل رئيس وزراء او ملك قبل ان يذهب الى مملكة ال سعود كتابتة استقالته في بلده قبل الزيارة

اشترك في قائمتنا البريدية