القاهرة تستخدم حفتر لمنع التسوية الليبية

حجم الخط
22

شهدت الأزمة الليبية تطوّرا جديدا تمثّلت بإعلان دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية استعدادها لتسليح حكومة «الوفاق» الليبية، فيما تراجع خيار التدخل العسكري الغربيّ المباشر (رغم وجود قوّات خاصة أمريكية وأوروبية على الأراضي الليبية). وبعد استلام حكومة طرابلس أغلب مقرّات الوزارات أعلنت أسماء وزرائها وبدأت القوّات المحسوبة عليها بالاشتباك مع قوّات تنظيم «الدولة الإسلامية»، التي تشكّل مركز اهتمام القوى الغربية، وباستعادة مناطق ونقاط تفتيش ومراكز حدودية.
نقطة الاستعصاء التي تواجه الحكومة المذكورة هي إقرار برلمان طبرق المعترف به لشرعيّة الحكومة، ورغم وجود أغلبية من النوّاب الموافقين على ذلك والذين وقعوا بيانات وأعلنوا رغبتهم الصريحة بإقرار الحكومة، فإن اجتماعهم ما زال ممتنعاً لأسباب ليست خافية على أحد.
يتعلّق الأمر بالطبع بالسيطرة العسكرية لـ«القائد العام للجيش الليبي» خليفة حفتر على المنطقة الشرقيّة من ليبيا التي يقع مجلس النواب ضمن جغرافيّتها، كما يتعلّق، من الناحية الإقليمية، بموافقة السلطات في مصر والإمارات، وهما الراعيتان الفعليّتان للجنرال، على خطة العبور الدولية هذه من الحرب الأهلية إلى التسوية.
في تصريح أخير له لقناة تلفزيونية ليبية قال الجنرال إنه «لم يسمع بتأسيس حكومة في ظل الإرهاب». والمقصود طبعاً هو حكومة «الوفاق»، كما قال إن «لا علاقة له بالحوار السياسي» وأن ما يهمه هو «فرض الأمن والاستقرار وتخليص ليبيا من الإرهاب والإخوان المسلمين»، وأن «الديمقراطية لا بد أن تمر عبر أجيال» وأن حفتر يؤمن بها لأنه عاشها 25 سنة في الغرب!
تصريحات حفتر تناقض بعضها البعض وتفكّك أي مصداقيّة لقائلها لأنها في مجموعها تعبّر بوضوح وصراحة عن ازدراء هائل لشركائه المفترضين في الوطن، في رفضها للحوار السياسي وفي إقرارها بوجود حلّ وحيد يفرضه هو بقوّته العسكرية ويقضي على «الإخوان المسلمين»، وبعد إقراره الأمن والاستقرار فلا بأس بوعد الليبيين (أو من بقي منهم) بديمقراطية «يعرفها هو وحده لأنه عاش في الغرب 25 عاما»… ولكن بعد أجيال!
والحقيقة أن تصريحات الفريق أول حفتر هذه، على كاريكاتوريتها، لا تخرج عن سيناريو الفريق أول، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي كان حفتر وما يزال، يأمل في السير على هدى خطاه في الانتقال من السيطرة العسكرية على الأرض والحكومة ومجلس النوّاب إلى رئاسة ليبيا، وهو الأمر الذي استعصى، ببساطة لأن ليبيا ليست مصر، ولأن الحلّ الاستئصاليّ لم ينجح، وهو ما دفع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في النهاية، إلى اللجوء إلى سيناريو التسوية الحالي.
أدّى دعم خيار حفتر الليبي عمليّاً إلى مآس كبيرة لحقت بالدولة والمجتمع الليبيين، مما عزّز التيار السلفيّ المتشدد الممثل بتنظيم «الدولة الإسلامية»، وساهم في قلقلة أمن دول الجوار القريب وأوروبا، وفي تمكين عصابات المهرّبين من الاتجار بالبشر الراغبين في اللجوء إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
السبب الوحيد لاستمرار هذا الخيار فاعلاً على الأرض الليبية هو أن سقوطه سيكشف تهافت النموذج المصريّ الذي تأسس عليه.
… وهو الأمر الذي تحاول القاهرة تأجيله ما أمكن.

القاهرة تستخدم حفتر لمنع التسوية الليبية

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr. Walid Khier:

    يا أخ سامح لا يوجد ديكتاتور عسكري قدر المسئوليه. لأنه لو كان قدر المسئوليه ما إحتاج لإغتصاب السلطه و قمع معارضيه.

  2. يقول Dr. Walid Khier:

    إلي محمد صلاح ليتك تقرأ المقال و تستوعب ما جاء فيه قبل إن تدع هوس الاخوان يسيطر عليك. المقال يقول صراحة أن حفتر هو العقبه أمام التسويه في ليبيا، و هذا الحفتر يتمتع بدعم اماراتي و مصري، فإين تري للإخوان المسلمين دوراً في تفرقة الليبيين و المصريين؟ بل ما دخل المصريين كشعب بما جاء في المقال و أحداث ليبيا أساساً ؟

  3. يقول سامي -uk:

    انا اشاطر الراي مع الاخ سامح من الاردن ،ولكن مصر السيسي بدها اللعب بالقظية الليبية للحصول علي المال الخليجي وخاصة الامراتي فهم يخشون ان يكونوا الاخوة في لبيا نمودج ديمقراطي يجمع كل الالولن ويشمل الاخوان ،لانهم يعتبرونهم منافسا اديولوجي وخطر علي حكم الممالك و هدا خطء ،فلابد ان تكون الشعوب العربية حرة في من يحكمهم

  4. يقول سالم ابراهيم المدهون -ليبيا:

    كما قالالسيد الكروي داوود من النلرويج–اخوان ليبيا ليسو اخوان مصر–اخوان ليبيا عندهم قوة عسكرية ضخمة على الارض –بل اطراف اخرى عندها قوة عسكمرية غير الاخوان تقاتل حفتر فهو يشعر انهسيسي –لكن شعب مصر يميل للسلمية اما الليبيين يميلون للعنف وخاصة السلاح منتشر وحفتر عجوز في الخمس سبعين عاما سيداس باقدام الاخوان وغيرهم وسترونه كالقذافي يستجدي

  5. يقول سالم ابراهيم المدهون -ليبيا:

    صدقت الاخ -داوود كراون من النترويج–انا ليبي واعرف حفتر شخصيا –ان اخوان ليبيا ليسو اخوتن مصر اخوان ليبيا مسلحين بالسلاح الثقيل والطيران وعلى الاقل هم في خندق واحد مع من يمتلكون الطيران والسلاح –لن يحكم حفتر ليبيا –وخاصة انه هرم وشيخ كبير (عمره 75 سنة) هو يحاول حرق المراحل لان عمره لا يسامح بالتاخير واستخدام الاسترتيجية الصحيحة –لن يحكمها ليبيا نار وجمر ومحرقة للدكتاتورية بل للجيش المصري لو اراد الدخول والله كلام واقعي لليس للمزايدة ولا عنترية — قتل من حفتر اكثر من اثنى عشر الف جندي وصحوة -وتم بتر اطراف ستة الالاف تابعين لحفتر وجرح 24000 شخص تابع لحفتر ليبيا نار على الدكتاتوريين

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      اللهم انصر ثوار ليبيا الذين ثاروا على ظلم القذافي وبذلوا الغالي والنفيس لتحرير ليبيا الحبيبة
      اللهم صفي نياتهم ووحد قلوبهم وصفوفهم واهزم أعدائهم
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول سمير الإسكندرانى / الأراضى المصرية المحتلة ! ... لابد لليل ان ينجلى:

    غباء العسكر فى دولنا العربية المنكوبة بجيوشها وعسكرها يُضرَب بة الأمثال ، بل وربما يُدَرس فى الأكاديميات العسكرية حول العالم !
    نفس الغباء ونفس عقلية البكباشى عبناصر كبيرهم الذى علمهم السحر واللى على على ايدية وايديهم رجعت دولنا العربية على الأقل 200 سنة سواء فى مصر او فى ليبيا او سوريا او اليمن او الجزائر ..
    لن يتمكن حفتر من الإستيلاء على السلطة فى ليبيا كما فعل قدوتة فى مصر واللى اتضح لة انها كبيرة اوى علية !
    هو انا مش قلتلك مصر كبيرة عليك ياعبدة !!
    وكما قال الأخ من ليبيا مصير القذافى فى انتظارك ياحفتر ..

  7. يقول رزان سرت:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقال أصاب كبد الحقيقة في كثير من جوانبها، ردود بعض الإخوة رائعة وتدل على متابعة دقيقة للشأن العربي عامة والليبي بشكل خاص،

  8. يقول احمد سعيد:

    سبب استمرارالإقتتال والأزمة بين اليبيين يعود بالأساس إلى وجود “حفتر”كقائد للجيش، حيث أٍراد العبور الى السلطة على حساب جثث الليبيين
    أما تجاهله لحكومة “الوفاق الوطني” أعتقد فلن يستمر طويلا ويلقى مصير سابقيه.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية