الموصل ـ «القدس العربي» ووكالات: اشتبكت القوات العراقية، أمس الإثنين، مع مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، لإخلاء الطريق إلى مطار الموصل، في اليوم الثاني من هجوم بري لتحرير الجزء الغربي من المدينة. وقالت مصادر عسكرية مطلعة لـ«القدس العربي» إن «استعدادات كبيرة تجري في مناطق الساحل الأيسر لاستقبال النازحين من الجانب الأيمن الفارين من المعارك. وأشارت إلى «هجوم واسع شنته القوات العراقية على قرية البو سيف جنوب الموصل التي تتمتع بموقع استراتيجي يشرف على مطار الموصل الدولي، ومساحات واسعة من الساحل الأيمن». وتنوي القوات العراقية تحويل المطار إلى قاعدة دعم للهجوم على الشطر الغربي من الموصل.
وتقصف طائرات هليكوبتر تل البو سيف لتطهيره من القناصة، فيما تمكنت القوات التي تتقدم في المنطقة، من إبطال مفعول سيارة ملغومة استخدمها عناصر «الدولة» لعرقلة القوات المهاجمة. ونوهت المصادر إلى أن «تنظيم الدولة قد هيأ تحصينات ومواقع دفاعية قوية مما يعني أن معركة تحرير القرية المذكورة ستكون شرسة».
وذكرت أن «الهجوم لم يتضمن، حتى الآن، مد جسور عائمة على نهر دجلة لانتقال القوات العراقية من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن، وذلك لقيام عناصر التنظيم بقصف أي تحركات عبر النهر، ولكن الجسور سيتم استخدامها في مرحلة لاحقة».
وأضافت المصادر أن «الطائرات والمدفعية الأمريكية الذكية تقوم بدور مهم في قصف مواقع التنظيم في الجانب الأيمن لدعم الهجوم عليه».
وانتشرت، وفق المصادر، في شوارع الجانب الأيسر، قوات عراقية من الفرقة 16 من الجيش العراقي مدعومة بمقاتلي الشرطة والحشد العشائري تحسبا من قيام خلايا نائمة للتنظيم بتنفيذ هجمات. وكانت قيادة الشرطة الاتحادية أعلنت عن حصيلة عملياتها في محور جنوب الموصل، خلال اليوم الأول من المعركة. إذ ذكر بيان قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت أن «حصيلة عمليات الشرطة الاتحادية في محور جنوب الموصل أسفرت عن قتل 79 إرهابياً وتدمير 13 آلية ملغمة و30 عبوة ناسفة وتدمير 3 أنفاق و5 أحزمة ناسفة والاستيلاء على مستودع للمقذوفات».
في الموازاة، حذرت مصادر من داخل الساحل الأيسر المحرر من الموصل، من تدهور الوضع الأمني في المدينة، نتيجة انتشار مقار الميليشيات وحملات اعتقالات المواطنين من قبل بعض الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة بهدف الابتزاز أو الانتقام، ما ينذر بعودة الأوضاع فيها إلى مرحلة ما قبل ظهور تنظيم «الدولة».
وأكد النائب عن نينوى، الشيخ محيي الدين المزوري لـ«القدس العربي»، أن «أوضاع الموصل ليست بخير، وما يتم تداوله في الإعلام شيء والواقع شيء آخر»، مشيراً إلى أن «المواطنين داخل الساحل الأيسر المحرر يعيشون في معاناة ولديهم تخوف من التعرض للاعتقال والابتزاز من قبل الجماعات المسلحة المختلفة».
وأوضح أن «الجيش أدى واجبه بصورة صحيحة بتحرير المدينة، لكن بعض المحسوبين على المؤسسة العسكرية، وميليشيات، وبعض عناصر الأجهزة الأمنية الموجودة داخل المدينة، يعيدون الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ظهور تنظيم «الدولة»، حيث يجري إلقاء القبض على المواطنين الأبرياء ولا يطلق سراحهم إلا بدفع الأموال».
وأضاف: «لقد استبشرنا بالخير بعد تحرير المدينة ومسك الأرض من قبل القوات المسلحة، والمجتمع مهيأ للتعاون مع الأجهزة الأمنية، ولكن تكررت حوادث اعتقال المواطنين ثم ابتزازهم مادياً أو إطلاق سراحهم بعد فترة وإبلاغهم بالأشخاص الذين بلغوا الأجهزة الأمنية عليهم، وهذا يتسبب بكارثة، إذ يخلق عداوات ومشاكل كثيرة بين أهل المدينة».
وتابع «أبلغت وزير التربية الدكتور محمد إقبال عند زيارته المدينة مؤخراً بهذه الأمور، وأن الكثير من المواطنين يطلبون فتح الحدود لهم لمغادرة الموصل تخلصا من هذه الأوضاع، كما أن بعضهم عاد إلى مخيمات النازحين». وأشار إلى أن «الاعتقالات تقوم بها جماعات مسلحة وميليشيات، والدولة غير موجودة حالياً، كما رأينا في قيام مسليشيا (بابليون) باعتقال المواطنين مؤخرا بدافع الانتقام».
وحسب النائب العراقي فإنه خلال عمليات التحرير كانت هناك قيادة عسكرية وأمنية موحدة تقود الوضع الأمني وتدقق المعلومة والقانون يأخذ مجراه، و»لكن في الموصل الوضع مختلف الآن»، على حدّ تعبيره.
وعن تواجد الميليشيات داخل المدينة المحررة، ذكر النائب أن «الميليشيات مثل العصائب، دخلت بين الحشود العسكرية وفتحت لها مقار في المدينة رغم الاتفاق على عدم دخول الحشد إلى الموصل». إنهم موجودون في الحي العربي والرشيدية وسادة وبعويزة وحي عدن وغيرها، بحجة الترويج للانتخابات ولكنهم يقومون بأعمال أخرى»، وفق المزوري. وأعتبر أن «بعض الميليشيات لديهم غايات في أنفسهم وقسم من عناصرها غير مدربة وغير واعية ولديهم روح الانتقام، وبعضهم يرتب أوضاع أحزابهم على الانتخابات، وبعضهم يعمل لغير الانتخابات ويقومون بأعمال ليست ضمن الواجب الوطني». وطبقاً للمصدر نفسه، فإن «أهالي الموصل تحملوا معاناة حقيقية من خلال تقديم آلاف الضحايا الذين قتلهم داعش، والآلاف الذين قتلوا أثناء معارك التحرير، وستبدأ أيضا الثارات والانتقام بين أهالي المدينة بعد التحرير على خلفية الجرائم التي نفذها عناصر التنظيم».
وقال المزوري «طرحنا على الأوقاف تغيير أصحاب المنابر والاستعانة بالشباب الواعين من الأكاديميين وعلماء الدين المعتدلين بعيداً عن العقليات التي عايشت داعش».
وشدد كذلك على «الحاجة إلى جهد وطني تشارك فيه الحكومة وشيوخ الدين والعشائر والأحزاب لإعادة بناء الإنسان الذي تعرض للكثير من التضليل خلال ثلاث سنوات من حكم الدولة»، داعياً الحكومة إلى «عدم تهميش المحافظة لأن الموصل ليست كأي محافظة، ولها خصوصيتها ومكانتها».