لندن – «القدس العربي»: مع تصاعد أحداث العنف بمنطقة الشرق الأوسط واحتقان الأمور بزيادة الاقتتال الداخلي فضلا عن ظهور التكتلات الدولية لمحاربة مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، يتبادر إلى الذهن حال الطفل العربي وسط هذه الأجواء المتوترة، وتأثيرها على نفسيته وكذلك على تحصيله الدراسي.
ربما يكون الطفل العربي هنا هو أول الخاسرين لأن الضربات العسكرية من كل الأطراف غالبا تقصف المدارس، وتقتل وتصيب الأطفال، والأرقام التي تبثها نشرات الأخبار صباح مساء تؤكد ان أطفال سوريا والعراق يعيشون معاناة قاسية بسبب حالة الحرب التي تشهدها بلادهم، فالطفل الذي لا تقتله أو تصيبه الضربات تؤذي نفسيته نشرات الأخبار ومشاهدها الدموية فضلا عن أصوات المدافع وصرخات الضحايا.
السؤال هنا: كيف يتعامل الطفل العربي مع هذه الظروف غير الإنسانية؟ وكيف يمكن للأسرة ان تخفف من وطأة تلك الظروف على الطفل؟
الاجابة بالتفصيل يسردها البروفيسور راينهارد تاوش، العالم النفسي في جامعة فرانكفورت الأمريكية والذي اهتم في بحوثه بهذا الملف، ويقول: «إن تصرف الوالدين أمام طفلهما في هذه الظروف له تأثير كبير على سلوكه بالتبعية، وبإمكانهما تقليل مخاوفه إلى حد تبديدها، وبإمكانهما أيضا مضاعفة مخاوفه إذا كان رد فعلهما يثير قلقه. لذلك على الأبوين التحلي بالرصانة وضبط النفس أمام طفلهما أثناء الحديث عن الحرب وإظهار روح تفاؤلية قدر المستطاع بأن الحرب إلى زوال وانها على وشك الانتهاء لأن لذلك تأثيرا إيجابيا كبيرا على نفسية الطفل.
النقطة الثانية التي يركز عليها تاوش هي ضرورة عدم إبعاد الطفل عن نشرات الأخبار لأن الممنوع مرغوب وإذا تم حجب الأخبار عن الطفل فسوف يتحايل على الوصول إليها ولن يهدأ إلا حينما يدركها، وإذا أدركها من مصادر لا تخاف على نفسيته فقد يصاب بانزعاج شديد يكون له تأثير سلبي كبير على نفسيته وعلى تحصيله الدراسي. ويؤكد تاوش: ان «الطفل يجب ان يدرك ان الحرب لا تدور في بلاد أخرى غير بلده، الخطر ليس في مجرد معرفته بأن هناك حربا دائرة على مقربة منه، إنما الخطر يكمن في كيفية توصيل المعلومة له وكيف يمكن تخفيف وطأة ذلك الأمر عليه.
النصيحة الثالثة لأي والدين لديهما طفل ويعيشان ظروف حرب هي ان يحاولان توفير بيئة ترفيهية له قدر المستطاع كأن يذهبان به إلى مكان آمن يهوى اللعب فيه لأن الحركة تزيل التوتر .
النصيحة الرابعة هي ان يحاول الوالدان القيام بدور بديل للمعلم إذا فقده الطفل، ففي بعض الأحيان يضطر الطفل بسبب ظروف الحرب للمكوث بالمنزل وعدم الخروج. في هذه الحالة ينبغي على الوالدين تنظيم وقت الطفل بشرح دروسه بشكل منتظم ودوري وثابت لحين عودته إلى المدرسة.
النصيحة الخامسة والأخيرة يوجهها تاوش للمعلمين في المدرسة وهي إذا كانت الظروف مواتية لاستئناف الدراسة ينبغي على المعلم ان يبث روح التفاؤل في نفوس تلاميذه لأن التوتر والقلق يقلل من استيعابهم للدروس. وينصح المعلمين أيضا بعدم الكذب على الأطفال بتزييف أخبار لاخفاء الحقائق وإنما ينبغي تحري الصدق، وفي الوقت نفسه الابتعاد عن الأخبار الصادمة قدر المستطاع ومشاغلة الطفل بأحواله الدراسية، ومحاولة توفير ملاعب له أو بيئة رياضية لأن حركة الطفل وممارسة الرياضة تؤثر على صحته البدنية ومن ثم العقلية كما ان حركته أثناء الرياضة تزيل توتره النفسي.
جهاد مجدي
راينهارد تاوش هو بروفيسور الماني وعالم نفس الماني ياريت تصححو المعلومة.
مو امريكي.