حلب – «القدس العربي» : أثار سحب هيئة التفاوض السورية لبيان بعد دقائق من نشره تساؤلات حول الأسباب التي دفعتها لذلك، في حين عزا مراقبون تحدثت إليهم «القدس العربي» ذلك إلى الانقسامات الحاصلة داخل هيئة التفاوض.
فقد أصدرت هيئة التفاوض السورية بياناً عقب اجتماعها الأخير في الرياض أدانت فيه الاعتداءات الإسرائيلية، وقالت إن العدو الصهيوني هو عدو لكامل الشعب السوري، ونرفض أي محاولة لتحويل سوريا إلى ساحة للنزاعات الإقليمية. كما أكدت على أهمية التهدئة في عفرين، وضرورة إزالة الإرهاب الذي يحول دون تنفيذ مناطق «خفض التصعيد»، بينما أعادت تأكيدها على مطالبتها بالخروج الفوري للقوى الأجنبية كافة من سوريا.
وفي هذا الصدد، يرى عضو الائتلاف السوري المعارض السابق سمير نشار، أن بيان هيئة التفاوض الذي تم سحبه، كتب من قبل أشخاص من منصة موسكو مما عكس وجهة نظرها بخصوص القصف الوحشي الذي تعرضت له محافظة إدلب وغوطة دمشق في الآونة الأخيرة. وأشار في حديث «القدس العربي» إلى أن سحب البيان جاء للتخفيف من عزلة هيئة التفاوض التي تعاني منها نتيجة انضمام منصة موسكو إليها من خلال مؤتمر الرياض، واصفاً المنصة بأنها «مندوبة النظام السوري وروسيا».
وأوضح أن مؤتمر الرياض وما نتج عنه من انضمام منصة موسكو قد حول روسيا من دولة محتلة، دمرت أغلب المناطق السورية، خصوصاً مدينة حلب، إلى دولة صديقة، وعلق قائلاً «لقد عبرت عن ذلك صورتها التذكارية مع وزير الخارجية الرسوي سيرغي لافروف التي كان لها ردود فعل قاسية من قطاعات واسعة من الشعب السوري» . واعتبر أن إصدار البيان وسحبه يعكس أزمة هيئة مؤتمر الرياض2 المكبوتة حتى الآن .
وقال الناشط السياسي السوري درويش خليفة، «منذ اللحظات الأولى لمؤتمر «الرياض2» كان واضحاً الانقسامات الجديدة في المعارضة السورية، خاصة بعد إدخال منصة موسكو إلى الهيئة». وأردف في حديث لـ»القدس العربي» أن طريقة المحاصصة التي حصلت بين المنصات والاختلاف حول المخرجات من المؤتمر، إضافة إلى الخلاف في رؤية الحل السياسي السوري بالرغم من استنادهم لمخرجات «جنيف1» والقرارين الدوليين 2118- 2254، خاصة فيما يتعلق بالانتقال السياسي الذي يتخلله تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة وصياغة دستور جديد للبلاد، كشفت مدى الانقسام داخل هيئة التفاوض.
واستطرد قائلاً، «من خلال متابعتنا لهيئة المفاوضات اتضح بأنه يوجد تصدع داخل جدارها أحدثته منصة موسكو التي تعمل على عرقلة أي بيان أو تصريح يدين إجرام النظام بحق الشعب السوري، وآخرها اتهام رئيس منصة موسكو قدري جميل للإعلام الثوري والغربي بتزوير الوقائع التي تجري في الغوطة الشرقية وإدلب». وتابع، إذا عدنا لنهاية الشهر الماضي نلاحظ شق صف الهيئة وبشكل فعلي عبر ذهاب منصة موسكو إلى مؤتمر سوتشي بخلاف القرار الصادر عن الهيئة والذي ينص على عدم حضور المؤتمر.
ورأى خليفة، أن هذا التزاوج والتوليفة الهشة التي أحدثتها تفاهمات دول إقليمية ودولية بين المنصات «لن يدوم طويلاً لأن الرأي العام الثوري والقوى السياسية رافضة له بالمطلق» كما قال.
وفي الشأن ذاته دعا الناشط السياسي هيئة التفاوض السورية إلى أن تدرك بأن دورها وظيفي تفاوضي وأن عليها التنسيق مع القوى السياسية والعسكرية لأنها تعبر عن تطلعاتهم، وليس عن تطلعات الدول المتداخلة في الشأن السوري.
عبد الرزاق النبهان