لقي الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي اسستقبالاً متميزاً بحرارته من قِبَل نظيره الأمريكي عند زيارته لهذا الأخير في البيت الأبيض يوم الإثنين الماضي، وقد أثنى دونالد ترامب على ضيفه واصفاً ما قام به بالخارق للعادة (fantastic). وليت أبا الطيّب ألحق بيته الشهير عن المذمّة بمرادف عن التقريظ. فإن حصول أي رئيس عربي على تقريظ من رجل حاز على لقب أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي وهو لم يكمّل مئة يوم في منصبه، رجل هو في مطلق الأحوال أكثر رؤساء أمريكا يمينيةً وعداءً للإسلام وأكثرهم حماساً في تأييده لأقصى اليمين الصهيوني الذي يحكم دولة إسرائيل، إن حصول أي رئيس عربي على تقريظ من مثل هذا المصدر إنما يدعو للتساؤل عن الصفات التي يشترك بها المقرَّظ به مع المقرِّظ.
لكن المسألة أخطر بكثير مما التقريظ شهادةٌ به ومن الصفات المشتركة بين الرجلين التي نظرت في أمرها كبرى الصحف الأمريكية. فإن غاية الرئيس الأمريكي من الحفاوة «الخارقة للعادة» التي استقبل بها نظيره المصري واضحة جليّة. إنها التأكيد على أن مراعاة واشنطن للاعتبارات المتعلّقة بحقوق الإنسان، ألتي كانت تقيّد الرؤساء الأمريكيين السابقين ولو بشكل محدود وعديم الانسجام، إن تلك المراعاة قد طُويت صفحتها في ظل الإدارة الجديدة لتحل محلّها عودةٌ إلى سياسة التأييد الأمريكي السافر للأنظمة الدكتاتورية، وذلك بحجة أولوية «الحرب على الإرهاب». وتستند تلك السياسة إلى الفكرة العنصرية القائلة إن الشعوب المسلمة تحتاج إلى الاستبداد كي لا تولّد الإرهاب الذي يفرزه الإسلام بطبيعته، وهي فكرة تتغافل عمداً عن الحقيقة وهي أن الاستبداد والعوز والطغيان الأجنبي، وليس الإسلام الحنيف، هي التي تولّد الإرهاب. ومن هذا المنطلق فإن التعاطف مع «الربيع العربي» الذي أبداه الرئيس باراك أوباما، ولو محدوداً وعديم الانسجام هو أيضاً، لا مجال له مع خلَفه ترامب الذي يؤيد موقف تدعيم الاستبداد في وجه الانتفاضة. وقد كانت المملكة السعودية قد تزعّمت هذا الموقف في عام 2011 وبات عبد الفتّاح السيسي رمزاً له منذ تولّيه الرئاسة. أما درجة الصرامة في صون النظام الاستبدادي في وجه المطالبة بالديمقراطية فإن خير محكّ لها هو الموقف من أهم قطب سياسي في المعارضة في المنطقة العربية، ألا وهو المتمحور حول جماعة الإخوان المسلمين. فإن هذا القطب لا يفصل بينه والنظام القديم سوى القليل مقارنةً بالقطب المتمثّل بالقوى التقدّمية واليسارية. وبالتالي فإن رفض التعايش معه سلمياً وشمله بذلك «الإرهاب» الذي تُخاض الحرب ضده، إنما يدلّان على رفض فسح أي مجال لتعدّدية حقيقية، حتى ولو كان مجالاً ضيقاً كما شهدته مصر في عهد حسني مبارك.
كانت المملكة السعودية أشدّ المتمسّكين بهذا الموقف، بما فيه عداءٌ مطلق للجماعة تفاقم منذ القطيعة بين الطرفين إزاء أزمة الكويت والحرب الأمريكية الأولى على العراق، مما حدا الرياض إلى تأييد عبد الفتّاح السيسي بحماس عند إطاحته بمحمد مرسي وتولّيه الحكم. غير أن موقفها قد انعطف في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي منح التصدّي لإيران أولوية مطلقة بحيث آثر التعامل مع الإخوان المسلمين من باب توحيد الجبهة السنّية. وهذا ما قد تجلّى في الموقف السعودي من حربي سوريا واليمن حيث تدعم المملكة أعداء النظام القديم المتمثل بآل الأسد وآل صالح من منطلق التصدّي لإيران ومن يتعاون معها، بالرغم من الدور المميّز الذي تلعبه جماعة الإخوان المسلمين في الطرف المناهض في البلدين.
وفي هذا الصدد، كان عبد الفتّاح السيسي أكثر تشدّداً في إعطاء الأولوية لعدائه للجماعة حتى على حساب التصدّي لإيران بما في ذلك موقفه من حربي سوريا واليمن، وهو ما قد أدّى إلى التوتّر الذي شهدته في الفترة الأخيرة علاقات القاهرة بالرياض. وها أن دونالد ترامب جاء يوحي بأنه ينوي التوفيق بين الطرفين والموقفين، بين مصر والمملكة والعداء للإخوان ولإيران. بيد أنه لم يحسم بعد موقفه من الجماعة نظراً للتناقض القائم بين ما يدفع إليه في هذا الصدد مستشاروه الأكثر تطرّفاً وبين سياسة الانفتاح التي اتبعتها واشنطن إزاء الإخوان منذ عهد جورج دبليو بوش.
وهنا يأتي أخطر ما في لقاء السيسي وترامب. فقد جاء على لسان «مسؤول كبير في الإدارة» في المؤتمر الصحافي الذي عقده في البيت الأبيض يوم 31 آذار/ مارس، أي قبل الزيارة بثلاثة أيام: «يهمّ الرئيس [ترامب] سماع آراء الرئيس السيسي في مسألة الإخوان المسلمين. وهذه بالطبع مسألة حازت على الكثير من الاهتمام. نحن، ومعنا العديد من البلدان، يساورنا بعض القلق حيال نشاطات مختلفة قامت بها جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة. لكن هذا نقاشٌ سوف يتطوّر بيننا ومصر».
وحيث لا مجال للشكّ في طبيعة الآراء التي أفصح عنها الرئيس المصري أمام نظيره الأمريكي، فهذا يعني أن القاهرة باتت في منطقتنا أكبر المدافعين عن صيغة الحل القمعي في وجه الحل التوافقي كالذي تشهده تونس حالياً والذي شهده اليمن بعد اتفاق تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، ذلك الاتفاق الذي انهار بسبب مكائد علي عبدالله صالح المعجب بالرئيس السيسي هو أيضاً.
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان
جلبير الأشقر
ويبقى ملف الإخوان المسلمين بمصر ناصع البياض بالرغم من الحقد الأسود من طغاة العرب ومن مشى بركابهم من المستنفعين
ولا حول ولا قوة الا بالله
هناك إرهاب في مصر .وعلى الدولة المصرية أن تضرب بيد من حديد .لكن بدون أي تحالف مع أميركا .
هذا التحالف او التقارب او التفاهم تحت عنوان مكافحة الارهاب هو حقيقة لمقاومة الاحرار والوطنيين في كل ارجاء العالم العربي . وكلمة ارهاب تم تطويرها واستخدامها بدلا من كلمة التطرف سبقا .
عن اي ارهاب تتكلم وما هو تعريفة اعلم ايضا ان هناك ارهاب يسمي ارهاب دول…….