جئت إلى أمريكا من أجل الحرية… وأغادرها من أجل حريتي

الكثيرون هاجروا إلى أمريكا، بلد الأحلام والفرص والإبداع والحريات. الحريات فيها موضع تساؤل، خاصة إذا تعلق الأمر بالشأن الفلسطيني.
نعم، الحرية موجودة، تستطيع انتقاد الكونغرس والرئيس والحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولكن القاعدة الشرعية هنا: تنتهي حريتك إذا تعرضت من قريب أو بعيد لإسرائيل. عندها تنهال عليك المصائب من كل حدب وصوب لتواجه تهم الإرهاب وتتوه في أروقة المحاكم وزوايا الزنازين وعتمة السجون لسنين عجاف.
د. سامي العريان، استاذ جامعي في هندسة الكمبيوتر في جامعة جنوب فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية. ناشط سياسي، أسس مركزا للدراسات الإسلامية. دعم الرئيس جورج دبليو بوش الابن في انتخاباته الاولى مقابل آل غور، وأقنع بوش بمعارضة قانون الأدلة السرية المثير للجدل. كان مع قيادات اسلامية أخرى، على موعد مع الرئيس بوش في البيت الأبيض، ولكن هذا الاجتماع لم يحصل أبدا، لأن موعده كان هو الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
بالطبع بعدها دعم بوش قانون الأدلة السرية مع قانون المواطنة وكل قوانين مكافحة الإرهاب، وكان العريان من اوائل ضحايا هذه القوانين فقد وظيفته في الجامعة، في عام 2003 وجهت إليه 17 تهمة متعلقة بالارهاب واتهامه بانه على صلة بمنظمة الجهاد الاسلامي الفلسطينية التي تصنف أمريكيا كمنظمة ارهابية. برأه المحلفون من تسع تهم، وانقسم المحلفون بشأن التهم الثمانية الباقية.
سجن عدة سنوات، اعترف بتهمة واحدة مقابل اتفاق مع المدعي العام لإطلاق سبيله، ثم طلبوا منه الشهادة ضد منظمات إسلامية اخرى بتهم الارهاب، فرفض وواجه عقوبات السجن والاقامة الجبرية. يئس من حلم الحرية الامريكي الذي أصبح كابوسا ثقيلا، فاختار الإبعاد عن امريكا ليكون حرا في مكان آخر من هذا العالم الواسع. في الرابع من الشهر الحالي رحّل من قبل الأدارة الامريكية الحالية إلى تركيا، ليكون حرا بعيدا عن بلد الحريات المزعوم.
حوكم العريان، وكذلك مؤسسة الأرض المقدسة، تحت قانون الأدلة السربة. أي ان محاميهم لا يستطيعون الاطلاع على هذه الادلة، بحجة المحافظة على الأمن القومي الامريكي. ضمن هذه الادلة تسجيلات صوتية ومرئية، سجلت من دون اذن قانوني، وأدلة من اجهزة الاستخبارات الامريكية، ووثائق وشهادات استخباراتية اسرائيلية، لا يملك اعتى اساتذة القانون الطعن بها لانهم ببساطة لا يعلمون محتواها. نعم هذا يحدث في امريكا، بلد الحريات المطلقة
كل الجرائم والتهم يدلل عليها بالشهود والوثائق المتاحة لمحامي الدفاع لتفحصها والطعن فيها قانونيا. اما عندما يتعلق الامر باسرائيل، فلا بأس أن يضرب بمفهوم العدالة عرض الحائط، لتكون المحاكم الامريكية مسخا، تماما، كالمحاكم في الشرق الأوسط، كمصر، التي تنتقدها الادارة الأمريكية، على استحياء، وتصفها بأنها محاكمات غير عادلة، وهي كذلك، ولكن أليس من الاولى ان ينظر الامريكيون في المرآة اولا.
القضاء المستقل هو أهم لبنة في بناء الديمقراطيات الحديثة. يخسر القضاء مصداقيته وعدالته عندما يسيّس. هذا بالضيط ما يحصل في القضاء الامريكي عندما تكون اسرائيل طرفا في القضية. القضية سميت «أمريكا ضد العريان»، وكان الاولى أن تسمى «اسرائيل ضد العريان»، وبالطبع في امريكا اسرائيل دائما تكسب.
أمريكا بلد الحريات والعدالة واحترام حقوق الانسان، للجميع، عدا العرب والمسلمين، وخاصة الفلسطينيين، عندما يكون الخصم اسرائيل. هنا في القضاء الامريكي اسرائيل خط احمر، والنتيجة معروفة سلفا وإن طال النقاش.
أنه من المخجل حقا أن يلجأ  الدكتور العريان إلى أمريكا، باحثا عن الحرية،  ويعيش فيها اربعين عاما، ليكتشف وهمه، ويغادر امريكا تاركا اهله واصدقاءه وطلابه، من أجل حريته. ولكن عزاؤه انه حر هناك، وأقرب إلى يافا، مسقط رأس والديه.
وخزة: قال بنيامين فرانكلين، الأمة التي تضحي بحريتها من أجل أمنها، لا تستحق ولن تنعم بأي منهما. يبدو أن أمريكا نسيت ما قاله الأجداد، واسرائيل وراء هذا النسيان الارادي، الزهايمر امريكي، ولكنه اختياري.

٭ كاتب فلسطيني

د. خليل قطاطو

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو حديد سوريا:

    اخي الكريم الذي انشأ المحاكم في الشرق الأوسط هم و بالأحرى ليست المحاكم فقط بل و الحكام. فقد ذكر مؤلف كتاب لعبة الامم ان السي اي آيه عثر على ضابطين من نظام مخابرات هتلر في أمريكا الجنوبية فتم الاتفاق معهم اما التعاون بإنشاء نظام مخابراتية في مصر او المحاكمة و السجن، و قد قرأت من فترة وفاة احد الضباط مخابرات هتلرفي سوريا عن عمر تجاوز ال٩٤ عاما طبعا كانت له نفس المهمة

  2. يقول سوري فلسطيني ألمانيا:

    ممتاز

  3. يقول ياسر ابو العز:

    اخالفك الراي يا ايها الكاتب. انا ارفع العلم الفلسطيني امام بيتي و اعبر عن رايي وداذما انتقد اسرائيل على ما تفعله. تخيل اني ارفع علمي الفلسطيني في الاردن الذي يدعي الوقوف مع قضيتنا!!!!!!!

  4. يقول Dr.Daad Bakir Katato - America:

    أمريكا بلد الحريات والعدالة واحترام حقوق الانسان، للجميع، عدا العرب والمسلمين، وخاصة الفلسطينيين، عندما يكون الخصم اسرائيل. هنا في القضاء الامريكي اسرائيل خط احمر، لذلك صادروا جنسيته الامريكيه وحرم من العمل هنا في امريكا لان الجامعه تتدعي انها تخاف عليه وحماية له لا تريد ان ترجعه الى الجامعه التي كان يعمل بها كدكتور بروفسور .
    والنتيجة معروفة سلفا وإن طال النقاش.
    أنه من المخجل حقا أن يلجأ الدكتور العريان إلى أمريكا، باحثا عن الحرية، ويعيش فيها اربعين عاما، ليكتشف وهمه، ويغادر امريكا تاركا اهله واصدقاءه وطلابه، من أجل حريته. ولكن عزاؤه انه حر هناك، وأقرب إلى يافا، مسقط رأس والديه.
    وخزة: قال بنيامين فرانكلينرئيس امريكي سابق ، الأمة التي تضحي بحريتها من أجل أمنها، لا تستحق ولن تنعم بأي منهما. يبدو أن أمريكا نسيت ما قاله الأجداد، واسرائيل وراء هذا النسيان الارادي، الزهايمر امريكي، ولكنه اختياري

  5. يقول S.S.Abdullah:

    من وجهة نظري هذا مقال رائع يمثل ثقافة الـ أنا في طريقة فهم كل شيء حوله، والتي تؤدي إلى عدم رؤية كامل الصورة، فلذلك الانطباع الذي سيخرج به لن يكون له علاقة بالواقع، بل هو دعاية للكيان الصهيوني على حساب أمريكا مع الأسف، فمثلا لو كانت أمريكا بلد الحريات من الذي قتل مارتن لوثر كينغ ومالكوم أكس وحتى الرئيس كيندي وأخوه الذي كان في منصب المدعي العام، وهل القضاء حقّق العدالة في قضاياهم؟ على سبيل المثال لا الحصر، ولماذا احتفل السود بطريقة عاطفية جدا في موضوع وصول باراك أوباما إلى رئاسة الجمهورية؟ وهناك الكثير من التيارات التي تعاني من مشاكل حقيقية في أمريكا وفرنسا والتي لا تعتبرها النخب الحاكمة في الدولة من ضمن ثقافة الـ أنا ولذلك تحاربها كما حاربت محاكم التفتيش في اسبانيا مع المسلمين واليهود وكل من لا يتبع ثقافة الـ أنا الكاثوليكية، والتي الثورة الفرنسية اقتبست أدواتها من أجل فرض ثقافة الـ أنا للنخب الحاكمة على الشعب في الدولة الحديثة، في كل الدول الأعضاء في نظام الأمم المتحدة البيروقراطي.

    وهذا ينقلني إلى مشكلة أخرى لها علاقة بنفس الموضوع، حيث كل من له انتماء يُطالب بتعريب العلوم، ولكن السؤال هو تعريب العلوم كيف؟ هل بطريقة ساطع الحصري التي كان اساسها النقل الحرفي “النقحرة” أو بمعنى آخر النقل الببغائي، كما حصل مع مصطلح الديمقراطيّة/الديكتاتورية/البيروقراطيّة، في تلك الحالة سيكون هذا التعريب هو اساس المشكلة كما حصل في عهد الثنائي جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل في حين تجربة حافظ الأسد أو تجربة أحمد حسن البكر وصدام حسين اختلفت كثيرا، من حسن حظنا أن اسلوب الترجمة في عصر العولمة اعتمد اسلوب التوطين، ووطن اللغة العربية يتجاوز حدود سايكس وبيكو، ولكن مشكلة من تعلّم علم اللغة في أوربا والتي لغاتها أساسها التأويل، اعتمد اسلوب اللهجات ومن هنا تفهم حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي الآن على استخدام اللهجة المصرية في خطاباته، في تجاوز علني على لغتنا.

    حيث حكمة العرب لخصت طريقة تعاملنا مع كل شيء حولنا من خلال قولين الأول”كل إناء بما فيه ينضح” يمثل المعنى الباطن والثاني يمثل المعنى الظاهر “كلٌّ يُغنِّي على ليلاه” في طريقة فهمه لأي شيء، ولكن الفضفضة شيء، يمكنك أن تعمله مع نفسك أو مع من تمون عليه، ولكن أن تنشره على أنْ يتم اعتباره من ضمن حرّية الرأي فهي الطامة الكبرى، فهي سبب 90% من مشاكلنا مما لاحظته، وخصوصا في المجتمع الذي يجمع الذكر والأنثى، ويُزيد الطين بلّة هو عندما نقول لهم هذا ثور، وتدخل امرأة وتقول احلبوه، والأنكى يدخل ذكر للتغطية عليها، بحجة أنَّه لا يُمانع في حلب الثور، وسينتج لنا حليب في كل الأحوال، كيف يمكنك تمييز الألوان في تلك الحالة؟ لأنّه سيُصاب الجميع بعمى الألوان، عندما يتعامل الجميع مع كل شيء على انّه رمادي، فقط لإرضاء فلان أو فلانة، وهذا بالضبط معنى الديمقراطية/الديكتاتورية.

    من وجهة نظري اللغة العربية تختلف عن لغات التأويل الاوربية واللاتينية، فهي مثل اللغة الصينية لغة استقراء واستنباط، ولذلك أنا اختلف مع الكاتب في اساس فرضياته التي بنى عليها وجهة نظره.

    ما رأيكم دام فضلكم؟

  6. يقول kamal:

    مثال اخر لتجنيد القضاء الامريكي لخدمه اسرائيل والحركه الصهيونيه هو قرار المحكمه في نيويورك بتذنيب السلطه الفلسطينيه في قتل اسرئيليين يحملون الجنسيه الامريكيه في فلسطين أثناء الانتفاضه الثانيه. وهؤلاء هم اصلا هناك اما كمستوطنين او مجندين . هذه المحكمه تجاهلت الآلاف الفلسطينيين الذين قتلوا أو جرحوا بنفس الفتره، هذا عدا عن الدمار الهائل في الممتلكات الذي أحدثته آله الحرب الإسرائيليه. كل خزينه اسرائيل لن تكفي لتعويض هؤلاء.

اشترك في قائمتنا البريدية