سعي إسرائيلي لإبعاد الفلسطينيين عن المحكمة العليا وطرح مشروع قانون يسمح للشرطة باحتجاز جثامين الشهداء

حجم الخط
0

رام الله – «القدس العربي» : على مدار 40 عاما مضت كان يمكن للفلسطينيين الضالعين في خلاف حول الأراضي مع المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، التوجه الى المحكمة العليا والالتماس ضد السيطرة على أراضيهم الخاصة. لكن وزيرة القضاء الإسرائيلية ايليت شكيد، تبادر حاليا الى خطوة ستبعد الفلسطينيين، في غالبية الحالات عن المحكمة العليا، وتجبرهم على التوجه أولا الى المحكمة المركزية في القدس.
وبررت شكيد خطوتها هذه بأنها تأتي لمنع تسييس الصراع على الأراضي في الضفة، وتوضح انه في حالات معينة يمكن للفلسطينيين التوجه الى العليا. لكن المعارضين لمبادرة شكيد يعتقدون ان المقصود هو «خطوة سياسية واضحة» بل «خطوة على طريق الضم»، لأنهم يدعون ان المحكمة العليا تحكم بناء على معايير مهنية فقط، وليست سياسية.
وبالنسبة لشكيد، التي تستكمل حاليا إعداد مسودة مشروع القانون، فإن الهدف من نقل صلاحيات من المحكمة العليا الى محاكم الشؤون الإدارية هو تحقيق ثلاثة أهداف: الأول: تطبيع الضفة الغربية، والثاني: وقف التمييز المتبع حسب ادعائها، إزاء سكان الضفة الغربية الذين «لا يحظون» مثل بقية سكان دولة الاحتلال بمناقشة قضايا الصراع على الأرض في محاكم الصلح والمركزية، في الإجراءات المدنية والجنائية الاعتيادية.
وتدعي انه في هذه المحاكم بالذات سيحظى الملتمسون من الضفة – اليهود والفلسطينيون – بإجراء فحص اعتيادي للأدلة والحقائق، وهي مسألة لا يحظون بها دائما في المحكمة العليا. ووفقا لادعائها فإنه في الوضع الحالي انقلبت الأمور: فبدلا من ان يتحمل المدعي عبء الإثبات، ينتقل هذا العبء الى المدعى عليه، أي دولة الاحتلال. وهذا هو السبب، كما تدعي شكيد، الذي أخرج المستوطنين من الأراضي المتنازع عليها بقرار من المحكمة العليا، كما حدث مثلا في عمونة ونتيف هأبوت.
اما الهدف الثالث فهو تخفيف العبء عن المحكمة العليا، التي تعالج اليوم حوالى 2000 إجراء في هذا الموضوع فقط، ويجري تقديم المئات منها من قبل الفلسطينيين الذين يلتمسون ضد أوامر الهدم للمباني غير القانونية. وقالت شكيد إنه يجب على المحكمة العليا رفض الكثير من هذه الالتماسات نهائيا. ومن خلال الخطوة التي أقوم بها الآن سنخفف من أعباء المحكمة العليا.
بالإضافة إلى ذلك، تقترح شكيد نقل صلاحيات إضافية من المحكمة العليا إلى المحكمة الإدارية، بما في ذلك: التماسات بشأن حرية المعلومات، والالتماسات ضد قرارات الدخول إلى إسرائيل ومغادرتها، وأوامر القيود، بمعنى أنه سيكون بإمكان المستوطنين والفلسطينيين، الذين تصدر ضدهم أوامر تقيد دخولهم الى مناطق في الضفة الغربية القدرة على الطعن أمام المحكمة الإدارية وليس أمام المحكمة العليا.
ولم يتوقف الأمر بالنسبة لشكيد عند هذا الحد، بل قدمت ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان، مشروع قانون يسمح لشرطة الاحتلال بالامتناع عن إعادة جثامين الشهداء الى عائلاتهم. ويسعى الوزيران الى تشريع صلاحية الشرطة باحتجاز الجثامين من أجل تحديد شروط دفنها.
يأتي هذا في أعقاب قرار صادر عن المحكمة العليا، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ينص على أنه لا يجوز لدولة إسرائيل احتجاز جثامين الشهداء لغرض المساومة عليها في المفاوضات، نظرا لعدم وجود قانون محدد وصريح يسمح لها بذلك.
ونشر اردان وشكيد مذكرة لتعديل قانون «محاربة الإرهاب»، تحدد انه يمكن للشرطة الأمر بتأخير تسليم جثامين الفدائيين والشهداء الى ان يتم ضمان تنفيذ شروط دفنها من قبل المسؤولين عن الجنازة. كما يمكن للشرطة تفعيل صلاحيتها في حال «وجود تخوف ملموس من المس بحياة البشر خلال الجنازة او التحريض على الإرهاب او تنفيذ عمل إرهابي، او التحريض خلال الجنازة».
ووفقا للمذكرة يسمح القانون للشرطة بتقييد مسار الجنازة وتاريخها وعدد المشاركين فيها وهويتهم – بما في ذلك منع مشاركة شخص معين ـ وكذلك وضع قائمة بالبنود المحظورة خلال الحدث. وفي حالات خاصة، يجوز للشرطة أيضا أن تحدد مكان الدفن. وتنص المذكرة أيضا على أنه إذا خشيت الشرطة من «الإضرار بالسلامة العامة» أو «اظهار التماثل مع منظمة إرهابية أو التحريض على الإرهاب، فإنها ستتمكن من أمر أسرة الشهيد بإيداع ضمان مالي لضمان الوفاء بالشروط التي حددتها».
وقال اردان إن جنازات الشهداء أصبحت مظاهرات تحريض ودعم للإرهاب ما يزيد من فرص وقوع المزيد من الهجمات». واضاف «لسوء الحظ، قضت المحكمة العليا بعدم وجود سلطة للنظام بالاحتفاظ بجثامين الشهداء حتى يتم استيفاء شروطه، وعلينا ان نفعل كل ما هو ممكن حتى تتم الموافقة على القانون سريعا وإعادة سلطة الشرطة لمنع التحريض».
وقالت شكيد»إننا نعمل على طرح حل بطريقتين: الأول هو الطلب الذي تم تقديمه في الأيام الأخيرة الى المحكمة العليا لمناقشة الموضوع في هيئة موسعة بعد ان منعت احتجاز الجثامين للمفاوضات. والثاني هو مذكرة هذا القانون، التي ستسمح بتأخير تسليم الجثامين حتى يتم ضمان السلامة العامة ومنع التحريض الذي يقود إلى العنف».

سعي إسرائيلي لإبعاد الفلسطينيين عن المحكمة العليا وطرح مشروع قانون يسمح للشرطة باحتجاز جثامين الشهداء

فادي أبو سعدى

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية