بغداد – «القدس العربي»: بدأ مغامرته مع الدراما مُمثلا ضمن المسرح المدرسي عام 1954 في مسرحية «معن بن زائدة»، ثم دخل صباح عطوان عالم الكتابة عام 1960، شكل بعدها جماعة المسرح الشعبي في محافظة البصرة جنوب العراق، التي أنجزت آنذاك مسرحية «حسن أفندي».
قدمت له مديرية الفنون الجميلة في بغداد والفرق المسرحية الأهلية والمسرح العمالي في السبعينيات سلسلة أعمال مسرحية، هي «رصيف الغضب، الأضراب، عرس الأرض، الغارقون، اللاهثون، أصوات من نجوم بعيدة، المحطة، مملكة الشحاذين». كتب عطوان خمسة عشر فيلما تلفزيونيا طويلا والكثير من الأعمال والبرامج. يعتقد أن سبب ابتعاد الأعمال العراقية عن الرومانسية، هو ما حل ببلده من كوارث ومآسٍ. قال في حديث سابق إضافة إلى الكتابة: أعشق فن الرسم والصيد والشعر، وسأجمع ما كتبه من شعر شعبي قريبا. تحدثنا إليه، فكان الحوار التالي:
■ لو عدنا معكَ إلى الماضي قليلًا نستذكر بعض الأعمال الفنية: برأيك لماذا نجح مسلسل «جرف الملح»؟
□ بالنسبة إلى مسلسل «جرف الملح» الذي عرض عام 1974 ، فقد بدأت بكتابته عام 1973 وكان مسلسلاً ريفياً، يتناول الصراع العشائري وقضية الفصل والنهوة أي الاعتراض على الزواج من قبل ابن العم، حتى إن لم يبلغ الحلم، فيمنع زواج ابنة عمه، ومشاكل الثأر وأمور زراعية وخلاف الفلاحين مع الدولة وهم يقادون من متعصبين جاهلين، أعني شيوخ العشائر آنذاك.
حقق المسلسل نجاحا بين أوساط الشعب، وسُميت أكثر من خمس عشرة مدينة رسميا باسمه حتى الآن، وصارت نواح أو أقضية ودخلت التاريخ كمدن ونواح باسم هذا المسلسل. حقق المسلسل بجزئه الثاني المتمردون الذي صوره سعيد شيمي المصري وأخرجه إبراهيم عبد الجليل المصري سينمائيا نجاحا آخر، لقد تحقق ذلك لأنني أول من كتب المسلسل الطويل للتلفزيون عن المسائل الفلاحية في العراق بطريقة علمية، وفقاً لخصائص فن السيناريو الذي درسته وكنت متخصصا فيه، ولربما نظرا لثقافتي الغربية في هذا المجال، فقد درست وهضمت التاريخ السينمائي ومدارسه من أيام بورتر وجريفث إلى ارنيهيم وبودفكين وإيزنشتاين، لقد دخلت التلفزيون كدم جديد وكان يعتمد مشاهد تمثيلية غير مترابطة عن مختار الطرف وفتاح الفال والعرضحالجي وغيرها، واكتسب اسمي بعد ذلك شهرة في العراق آنذاك.
■على الرغم من مرور سنوات طويلة على عرض مسلسل «الدواسر» هل تعتقد بأنه كان نبوءة لحالنا الآن؟
□ جاء مسلسل «الدواسر» بعد «جرف الملح» أي عام 1975 وموضوعه الأساس هجرة الفلاحين من قراهم إلى المدن ليشكلوا عشوائيات على أطرافها. نجح هو الآخر نجاحا مميزا، ولا زال كل عراقي يذكره، ولا يكاد يمر يوم من دون أن يذكر عمل من العملين في إعلامنا ولقاءاتنا.
■ لمَ اختفت الواقعية العراقية في نصوصك، خاصة بعد مسلسل «فتاة في العشرين»؟
ـ فتاة في العشرين، كان أول عمل رومانسي عرض في سوريا والأردن وكل دول الخليج وكتبوا عنه، وأعتقد أن هذا درس لمنتجي الدراما العربية كي يتعلموا منه، وجاء بعده «أعماق الرغبة» فعرض، أيضًا، بنجاح ساحق. والمسلسلان تربت أجيال على قيمهما الجمالية والواقعية ولازالت حتى اليوم تكتب الناس عنها. قلب صفحتي في «الفيسبوك» ستجد أناسا يتكلمون عنهما، ويذكرونني بهما.
■ ما هي حدود اقتباسك من الأدب العالمي، وهل هناك ظروف أجبرتك على الترميز والتلميح في نصوصك؟
□ لم أقتبس من أي أحد شيئا إطلاقا. كتبت 71 مسلسلا تلفزيونيا و91 تمثيلية سهرة وفيلما تلفزيونيا دراميا و5 أفلام طويلة للعرض و30 مسرحية وأكثر من ألف نص للإذاعة وعشرات المقالات للصحف وأصدرت ثمانية كتب نفدت من الأسواق وطبعت لمرات، ولا أزال عضوا عاملا في نقابة الصحافيين من عام 73 فهل كل هذا كان ليحصل بالاقتباس؟ وهات لي عملا واحد اقتبست فكرته؟ الموهوب لا يقتبس.
■ كيف يمكن للدراما العراقية منافسة الدراما العربية؟ وما الذي يحتاجه المشاهد العراقي من دراما الآن؟
□ الدراما العراقية حجمتها السياسة. فرض الحصار على العراق 12 عاما وكان دخول صدام حسين الكويت كارثة وطنية أدخلت العراق في قنينة وضعوا السدادة عليها بينما كانت الدراما العراقية أعوام السبعينيات والثمانينيات وأوائل التسعينيات هي من يتسيد سوق التوزيع العربي لجودتها.
■ كيف تجد الوضع الثقافي في العراق بعد 2003، خاصة الفني؟
□ الوضع الثقافي في العراق كارتوني كاذب رث، لا يعبر عن واقع حياة الناس، إنه واقع استمالة لقوى لا تحب الثقافة، ولا تألف الفنون ولا تقر الدراما، ولا تعترف بالحضارة، ولا يوجد اسم كبير في العراق الآن، كل الكُتاب رحلوا إما عن الحياة، أو عن العراق نظرًا لظروف كثيرة، شخصياً، أقيم الآن وأسرتي في هولندا رغم أنني اكتب لبعض الفضائيات أعمالا.
عدنان الهلالي