صمود وقف إطلاق النار في سوريا واستعدادات لأعمال إغاثة

حجم الخط
0

عواصم ـ وكالات ـ «القدس العربي»: صمد بشكل أساسي امس الثلاثاء وقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه الولايات المتحدة وروسيا وبدأت بحذر استعدادات لأعمال إغاثة هناك حاجة ملحة لها في المناطق المحاصرة بما فيها مدينة حلب. ودخلت الهدنة في سوريا والتي وصفت بأنها «الفرصة الأخيرة» للسلام حيز التنفيذ في اول يوم كامل امس الثلاثاء، حسبما افاد سكان في عدد من المناطق، موضحين انهم قضوا ليلة هادئة هي الأولى منذ اشهر.
وتوقف صوت المدافع مع بدء سريان اتفاق الهدنة بموجب اتفاق امريكي روسي عند مغيب شمس الاثنين. ومن المتوقع ان يتبعها خطوة ثانية تتمثل بتوزيع مساعدات انسانية عاجلة للسكان. وانتهز السكان فرصة الهدوء وتوقف القتال للخروج إلى الشوارع والاحتفال باول ايام عيد الاضحى حتى منتصف الليل. واكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ان جبهات القتال الرئيسية في حلب ودمشق وادلب «كانت هادئة تماماً».
وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري للصحافيين في الخارجية الامريكية «نعتقد ان الحل الواقعي والممكن الوحيد للنزاع هو حل سياسي في نهاية المطاف»، لكنه رأى أن «من المبكر جداً الخروج بخلاصات» حول الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ قبل ساعات. وأضاف «أحض جميع الأطراف على دعم (الاتفاق) لانه قد يكون الفرصة الأخيرة المتوافرة لإنقاذ سوريا موحدة».

«تمكنا من النوم»

وعم الارتياح في عدد من المدن والبلدات وبخاصة تلك التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وشهدت قصفا يومياً. ففي مدينة تلبيسة (ريف حمص) التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وتعرضت في الفترة التي سبقت الهدنة لقصف عنيف، اكد الناشط حسان ابو نوح ان القصف توقف. واكد لفرانس برس «في العادة نسهر طوال الليل مع الطائرات، لكن نشكر الله، نمنا هذه الليلة».
كما اكد ناشط اخر من ريف ادلب (شمال غرب)، حيث اسفرت الغارات عن مقتل 13 شخصاً الاثنين، ان الليلة كانت هادئة ايضاً. وقال الناشط في مدينة سلقين (ريف ادلب) نايف مصطفى «النوم كان مريحاً هذه المرة، والليلة كانت مميزة». الا انه عبر عن تحفظه لان «الناس يتوقعون أن يستمر الهدوء خلال فترة العيد فقط».
واعلنت الأمم المتحدة «عن استعدادها لإيصال مساعدات انسانية بصورة عاجلة لمستحقيها بعد دخول الاتفاق حيز التطبيق»، حسبما افادت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
ولم تعلن المعارضة والفصائل المقاتلة التي تكبدت خسائر ميدانية خلال الفترة الاخيرة، موقفاً حاسماً من الهدنة. وطلبت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم ممثلين عن اطياف واسعة من المعارضة السياسية والمسلحة «ضمانات» من حليفها الامريكي حول تطبيق الاتفاق، مبدية «تحفظها» على «الاتفاق المجحف». لكن المهمة تبدو صعبة لان النزاع معقد ومتشعب الأطراف. ورغم التوصل إلى اتفاق الهدنة، اكد الرئيس السوري بشار الاسد «تصميم الدولة على استعادة كل المناطق» في سوريا، مستبعداً أي أفق لحل سياسي سريع. وليلاً أصدرت فصائل المعارضة المسلحة بياناً عددت فيه «جملة من تحفظاتها على هذا الاتفاق المجحف» بدون ان ترفضه رسمياً.
وأخذت الفصائل على الهدنة خلوها من «اي ضمانات حقيقة او آليات مراقبة او عقوبات واضحة وزاجرة» واستثناءها «جبهة فتح الشام في حين غضت الطرف كليا ًعن الميليشيات الطائفية الاجنبية التي تقاتل مع النظام (..) وهو ما نعتبره ازدواجية مريبة ومرفوضة للمعايير».
وبموجب الاتفاق، يمنع القيام بأي أعمال قتالية لمدة 48 ساعة يعاد تجديدها في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة باستثناء المناطق التي تتواجد فيها «جبهة فتح الشام» وتنظيم «الدولة».
ويجب ان يمتنع النظام السوري بحسب كيري، عن القيام بغارات «على المناطق التي تتواجد فيها المعارضة والتي تم الاتفاق عليها». إلا ان مقاتلي الفصائل المسلحة متحالفون في عدد من المناطق مع «جبهة فتح الشام» التي تعتبرها واشنطن وموسكو «ارهابية». الا ان مسؤولاً في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) صرح بانه حتى اذا صمدت الهدنة لسبعة ايام فان ذلك لا يعني بدء التعاون بشكل تلقائي. وقال ان «المهل قصيرة لكن الريبة كبيرة».
ويستثني الاتفاق الجماعات الجهادية من تنظيم «الدولة الإسلامية» وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد، على غرار الاتفاق السابق الذي تم التوصل اليه شباط/فبراير الماضي واستمر لاسابيع.

«الريبة كبيرة»

وسيؤدي الاتفاق في حال استمرار تطبيقه إلى تعاون غير مسبوق بين روسيا والولايات المتحدة لمواجهة التنظيمين الجهاديين.
وتسعى راعيتا الاتفاق موسكو حليفة النظام وواشنطن التي تدعم الفصائل المقاتلة عبر تطبيق الاتفاق إلى التشجيع على استئناف المحادثات بين النظام والمعارضة لوضع حد للنزاع الذي اسفر عن مقتل 290 ألأف شخص ودفع العديدين للهجرة او النزوح وبروز تنظيم «الدولة».
وأقام عسكريون روس نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو محور الطرق الأساسي لنقل المساعدات الغذائية إلى احياء فصائل المعارضة في حلب كبرى مدن شمال سوريا، كما ذكرت وكالتا الانباء الروسيتان «انترفاكس» و»ريا نوفوستي» اللتان لديهما صحافيون في المكان. وقالت الوكالتان ان عسكريين اتخذوا موقعاً واقاموا «مركز مراقبة متحرك».
ولم توضح الوكالتان ما إذا كان الجيش السوري الذي يسيطر على هذا الطريق قد انسحب. وينص الاتفاق الروسي الامريكي الذي تم التوصل اليه الجمعة على ممر انساني بلا عراقيل للمناطق المحاصرة كما في حلب، وخصوصاً عبر جعل طريق الكاستيلو «خالياً من السلاح».
وصرح الكولونيل سيرغي سابيستين المسؤول في المركز الروسي لمراقبة وقف اطلاق النار «ستكون هذه الطريق السبيل الرئيسي لايصال المساعدات الإنسانية إلى حلب»، حسبما نقلت عنه وكالة «انترفاكس».
واشار موقع «المصدر نيوز» المطلع والموالي للنظام ان قيادة الجيش السوري اصدرت الاوامر لقوات النخبة المنتشرة على هذه الطريق بالتراجع لمسافة كيلومتر إلى شمال الطريق لافساح المجال امام الجنود الروس لاقامة ممر انساني على طول هذه الطريق.
وكان الجيش الروسي اعلن مساء الاثنين انه سيتم نشر مجموعات مماثلة من العسكريين الروسي في مشرقة (شمال محافظة حلب) وحماة (وسط). وحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس الثلاثاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على مواصلة اعتبار «جبهة النصرة» التي غيرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام» منظمة إرهابية وتنفيذ ضربات على مواقعها.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي «لدي مهمة ملحة للغاية الآن وهي عدم السماح بخفض قائمة (المنظمات الإرهابية).» وأضاف «لا يوجد لدي سبب لعدم الثقة في (وزير الخارجية الأمريكي) جون كيري لكن ما نراه على الأرض (في سوريا) هو أن التحالف يحجم بشدة عن قصف مواقع جبهة النصرة.»
وقال لافروف إنه سيطلب نشر الاتفاق الروسي الأمريكي الذي تم التوصل إليه في 9 أيلول/سبتمبر بشأن وقف الأعمال القتالية في سوريا كاملاً.
واكد مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الاثنين ان «المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا سيدعو جميع الأطراف (للمحادثات) في بداية تشرين الاول/اكتوبر على الارجح».

صمود وقف إطلاق النار في سوريا واستعدادات لأعمال إغاثة
روسيا تدعو التحالف الدولي لقصف «النصرة»… وتنشر عسكرييها في حلب للمراقبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية