باريس ـ «القدس العربي»: تشكك السياسة الفرنسية في «نية» طهران الالتزام بالاتفاق النووي، وجاء هذا الشك على لسان وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، الذي أكد «وجوب اليقظة» لضمان وفاء إيران بالتزاماتها بالاتفاق النهائي الذي تم توقيعه في 14 تموز/يوليو في العام 2015.
وقال على هامش مشاركته في «القمة العالمية لطاقة المستقبل» في أبوظبي ان «رفع العقوبات بموجب الاتفاق أمر جيد، لكن علينا ان نكون صارمين بشدة على مراقبة وضعه أثناء التنفيذ»، مشدداً على ان فرنسا ستكون «يقظة للغاية».
ويأتي الموقف الفرنسي بعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، لأسباب تتعلق في رؤية السياسة الخارجية الفرنسية إلى تصرفات إيران في المنطقة العربية، خصوصاً في تدخلاتها الدائمة في الأزمتين السورية واليمنية. وتأمل باريس ان تشكل هذه القرارات «انعكاسات إيجابية» حول الموقف الإيراني حيال أزمات المنطقة. ويأمل فابيوس في أن تكون الظروف التي أدت للتوصل إلى هذا الاتفاق ذات انعكاسات ايجابية على الموقف العام لايران في المنطقة»، موضحاً ان «المفاوضات بين طرفي النزاع السوري المؤمل عقدها نهاية كانون الثاني/يناير الجاري تشكل مناسبة اولى لاختبار نيات طهران».
فإيران التي ذهبت في خيارها الداعم لنظام بشار الأسد على مدى خمس سنوات من تفاقم الحرب السورية، ودعمته لوجيستياً وعسكرياً، تجد نفسها محرجة اليوم في كيفية تعاملها مع المرحلة الجديدة، التي سيفرضها رفع العقوبات المتزامن مع المفاوضات السورية. حيث من المفترض ان تعود الشركات الغربية إلى العمل في طهران، وستشكل السوق الإيرانية مكاناً جذاباً لشركات متعددة الجنسيات، وهو ما يتفاءل به الايرانيون، ويأملون ان يشكل مساراً مختلفاً في خيارات حكومتهم، السياسية والإقتصادية، والديبلوماسية على حدّ سواء.
ويتزايد الحديث في فرنسا، حول الدور الإيراني المتوقع في الحل السياسي المقبل في سوريا، اذا ما التزمت إيران بخطوات جدية في مفاوضات حثيثة لتجنيب سوريا المزيد من الدم والنار، حيث يمكن لطهران ان تفرض على الأسد المرحلة القادمة.
وشدد فابيوس على وجوب طرح «كل المواضيع» في المفاوضات، ومنها شكل الحكم وانهاء الحصار والقصف العشوائي على مدن سورية عدة، مشيراً إلى «الدور الإيراني» المأمول به في الضغط على نظام الأسد في الحل السياسي القادم.
وتستبعد الأوساط السياسية في فرنسا أي وساطة خارجية يقوم بها فابيوس، في السعودية من أجل إعادة العلاقات الديبلوماسية بين طهران والرياض، والتي قطعت منذ شهر كانون الثاني / يناير الماضي، على خلفية إعدام الشيخ الشيعي نمر النمر.
وقال فابيوس رداً على سؤال عن امكان تدخل فرنسا في الازمة بين السعودية وايران ان «وساطة (بين البلدين) ليست المفردة الدقيقة، وسنتحدث مع كل منهما»، ملمحاً إلى الصداقة التاريخية التي تجمع فرنسا والسعودية، ومؤكداً ان «لدى فرنسا مواقف معروفة. لديها صداقات معروفة، وفي الوقت نفسه، هي دولة مستقلة تبحث عن السلام والامن».
ومن المرجح أن تعيد العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران عمل شركات فرنسية في طهران، منذ بداية شهر شباط/فبراير. فشركة «بيجو»، لصناعة السيارات و»توتال» النفطية من كبار اللاعبين في السوق الإيرانية، لكن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على طهران في العام 2011 أبعدت هذه الشركات عن هذه السوق.
وهبطت الواردات الفرنسية من إيران إلى 62 مليون يورو فقط في العام 2013 مقارنة مع 1.77 مليار في العام 2011، فيما هبطت الصادرات الفرنسية إلى إيران إلى 494 مليون يورو فيالعام 2013 من 1.66 مليار يورو في العام 2011، وذلك وفق تقديرات وزارة الخارجية الفرنسية.
وتم فرض غرامة قدرها نحو تسعة مليارات دولار على بنك «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي في 2014 بسبب معاملات انتهكت الحظر الأمريكي.
صهيب أيوب