فلسطينيو الداخل يسخرون من اعتذار ونفاق نتنياهو لهم

حجم الخط
0

الناصرة – «القدس العربي» : تعامل فلسطينيو الداخل بسخرية مع تصريحات منافقة أطلقها رئيس حكومة إسرائيل بنيأمين نتنياهو حول احترامه مواطنتهم ومكانتهم ودورهم.
فبعد أقل من سنة ونصف على تصريحه العنصري ضد العرب في يوم الانتخابات في مارس/ آذار 2015، توجه نتنياهو اليهم من خلال شريط فيديو نشره على الشبكة الاجتماعية، واعتذر فيه مرة أخرى عن قواله، وفي استعارة لذلك التصريح الذي قال فيه إن العرب يهرولون بحشودهم لصناديق الاقتراع، من أجل تحريض اليهود على العرب، دعاهم نتنياهو للانضمام الى المجتمع الإسرائيلي «بحشودهم».
واستهل نتنياهو حديثه بعبارة بالعربية لفظها بصعوبة وزعم إنه اعتذر قبل مدة عن «سوء فهم» تصريحاته وقال إنه يريد التقدم خطوة أخرى إلى الأمام. وتابع بمناورة العلاقات العامة الجديدة «أيها المواطنون الإسرائيليون نريدكم أن تلعبوا دورا في مجتمعنا الإسرائيلي، بأعداد كبيرة.
اعملوا بأعداد كبيرة. أدرسوا بأعداد كبيرة. حققوا الازدهار بأعداد كبيرة. إسرائيل قوية بسبب تنوعنا وتعدديتنا، وليس رغمهما. أكثر من % 20 من المواطنين الإسرائيليين هم عرب. لقد حققتم إنجازات عظيمة، أنتم قضاة في المحكمة العليا ونواب في الكنيست وأدباء مشهورون ومبادرون وأصحاب أعمال في مجال التكنولوجيا العليا وأطباء وصيادلة. افتخر بالدور الذي تلعبونه في النجاحات التي حققتها إسرائيل».
نتنياهو الذي كرر تحريضه الدموي على المواطنين العرب مجددا عقب عملية نشأت ملحم في تل أبيب مطلع العام الحالي دعاهم أمس لأن يلعبوا دورا أكبر فيها. مدعيا أن احترام الأقليات هو النهج الصحيح الذي يجب القيام لأنه أيضا حيوي بالنسبة لتقدمنا ولتطورنا.»

مناورات لفظية

وفي محاولة استباقية لتنفيس بالون تصريحاته، قال نتنياهو أيضا إن الحديث عن المساواة في الفرص والاستثمارات لا يكفي.العمل هم المهم، زاعما أن حكومته مررت مؤخرا قرارا يقضي باستثمار موارد هائلة في البلدات العربية «لأن مستقبلكم هو مستقبلنا .» ولم يتورع عن الكذب السافر فقد قام بنفسه بتعليق الخطة الاقتصادية للاستثمار في البلدات العربية وإفراغها من مضمونها. ورغم تفشي الجريمة في البلدات العربية واستنكاف الشرطة الإسرائيلية عن محاربتها من منطلق «فخار يكسر بعضه» ادعى نتنياهو أن الحكومة تعمل على توفير الأمن والأمان بإشارته لقانون جديد « يعزز بشكل ملموس الأمن والأمان في البلدات والقرى العربية. إن المواطنين العرب يتمنون أن يتحرروا من عبء الإجرام والعنف».

لسانه يناقض يديه

نتنياهو الذي لا يفوت فرصة لتحريض اليهود على العرب واستخدامهم منديلا أحمر لترهيبهم لغاية بنفسه وخدمة لخطة البقاء بالحكم زعم أنه على اليهود والعرب أن يمدوا أيديهم إلى بعضهم البعض وأن يتعرفوا على بعضهم البعض وعلى عائلات بعضهم البعض، وأن يصغوا إلى بعضهم البعض. وخلص إلى القول في خطاب يبدو متسامحا وغير مسبوق بلهجته «يجب على اليهود والعرب أن يتعاملوا مع بعضهم البعض في نفس الاحترام والعدالة اللذين كنتم تريدون أن يتم التعامل بهما مع عائلاتكم. أرضنا أصغر وأغلى من أن تمتلئ بالخلافات والكراهية. فلنعمل معا يهودا وعربا سويا كي نمضي قدما في سعينا النبيل إلى تحقيق المساواة والكرامة للجميع. هذه هي رؤيتي وأنا متأكد أنكم تؤمنون بذلك ايضا».
وسجل نتنياهو الشريط باللغتين العبرية والانكليزية، وفي بدايته قال كلمات تحية بالعربية. ويشمل الشريط بنسخته التي نشرت على صفحة ديوان رئيس الحكومة في الفيسبوك ترجمة الى اللغة العربية. مع ذلك لم يتم نشر الشريط في الصفحة الرئيسية لنتنياهو التي يديرها حزبه اليميني الليكود. هذا الكلام المعسول لم ينطل على فلسطينيي الداخل الذين دعوه ويحق «للتخييط بغير هالمسلة» لأن الامتحان الحقيقي يكمن بما تصنعه أيدي نتنياهو ووزرائه لا ما تلهج به ألسنتهم.

بلا ماء وكهرباء

وسخر رئيس القائمة العربية المشتركة النائب أيمن عودة من نتنياهو وقال له إن نحو مئة الف مواطن عربي في القرى غير المعترف بها في النقب لم يسمعوا خطابه لأن منازلهم غير مربوطة لا بشبكات الكهرباء ولا الماء تنقصهم حتى حبة الدواء. وشدد على أن فلسطينيي الداخل اجترحوا المكاسب رغم أنف العنصرية الإسرائيلية. وأضاف «تفاجأت عند سماعك تقول بأنك تفتخر بالكتاب والشعراء الذين تمنعوننا من دراستهم في المدارس، وحتى انك تفتخر بالنواب العرب، النواب ذاتهم الذين اتهمتهم بأنهم يسيرون مع أعلام داعش، وفقط قبل أسبوع سنّنت قانونا خاصا بنا حتى اننا لم نخالف أي قانون، يستطيع النواب طردنا من الكنيست».
وردا على سؤال «القدس العربي» يشدد عودة على فلسطينيي الداخل لا يريدون أن يكونوا مواطنين درجة ثانية في دولة عنصرية ومحتلّة. وتابع «نحن أبناء الوطن، ونحن بالمجمل نريد العيش في دولة ديمقراطية ومتساوية، تعترف بالحقوق المدنية والقومية لمواطنيها. دولة فيها نكون مواطنون متساوون ونحيا باحترام وبشراكة مع المواطنين اليهود»
.
أشوف عمايلك استعجب

وقال النائب احمد الطيبي (القائمة المشتركة) إن تصريح نتنياهو يذكره بالمثل العربي الذي يقول «اسمعك واصدق، فأرى اعمالك اتعجب». واكد ان الفجوات في البنى التحتية بين البلدات العربية واليهودية ضخمة. واتهم نتنياهو بترسيخ هذه الفجوات. وقال إن «توجه نتنياهو هو مجرد كلام، مناورة أخرى»، لافتا إلى غياب الخرائط الهيكلية والتمثيل العربي في القطاع العام، وفوق هذا ما يتعرض له العرب من عنصرية وكراهية. وتابع «العرب يسمعون نتنياهو ويضحكون».
وهذا ما أكده زميله النائب عبد الحكيم حاج يحيى الذي اتهم نتنياهو بمحاولة تحسين صورته أمام العالم عن طريق استعمال الكلام المعسول والعبارات الطنانة. وردا على سؤال «القدس العربي» طالب حاج يحيى من نتنياهو وحكومته تحمل مسؤولياتهم وترجمة الأقوال الى أفعال .

«خيط بغير هالمسلة»

هذا الخطاب المخادع لا يقدم ولا يؤخر في تحسين الخدمات للجمهور العربي لأنه لا يتعدى الكلام الفارغ من مضمونه. وحمل النائب حاج يحيى نتنياهو وحكومته معاناة فلسطينيي الداخل من الفقر والبطالة والإسكان واستفحال الجريمة وسلب الحقوق الفردية والجماعية للجماهير العربية من خلال سن عشرات القوانين العنصرية التي تستهدف العرب قيادة وشعباً. وخلص للقول «إن على نتنياهو وغيره التوقف عن محاولات (استهبال) العرب لأن الجماهير العربية تملك من الوعي السياسي والاجتماعي ما يعطيهم القدرة على التمييز بين الغث والسمين، وَيَا نتنياهو خيط بغير هالمسلة».
ويعكس يحيى موقف فلسطينيي الداخل الذين يرون وبحق تصريحات نتنياهو المعسولة واعتذاراته محاولة مفضوحة لعلاقات عامة بهدف وضع «ميك أب» على وجهه ووجه الاحتلال أمام العالم.
وبشأن التوقيت ربما تأتي هذه التصريحات تمهيدا لإعلان اتصالات وتفاهمات سرية بين إسرائيل وبين جهات عربية بغية توفير نوع من الغطاء لهذه الجهات.
ويرى النائب مسعود غنايم أن خطاب نتنياهو كما يبدو موجه لجهات خارج البلاد والمعني بالرسالة من وراء الخطاب هي منظمة OECD والرأي العام الأوروبي. وتابع في بيانه «يصدق في خطاب وكلام نتنياهو حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : صدقك وهو كذوب».

فلسطينيو الداخل يسخرون من اعتذار ونفاق نتنياهو لهم

وديع عواودة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية